المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06

توزيع السرعات الجزيئية
3-7-2016
Erdős Squarefree Conjecture
1-8-2020
تفسير الآية (90-91) من سورة ال عمران
15-3-2021
تجارب مندل
18-10-2015
حكم من نوى الإفطار بعد انعقاد الصوم.
20-1-2016
سوء حال بلاد الأكاسرة والقياصرة.
2023-08-12


أصل الخط العربي  
  
11417   02:10 مساءاً   التاريخ: 28-7-2016
المؤلف : د. عبد الحسين المبارك
الكتاب أو المصدر : فقه اللغة
الجزء والصفحة : ص135- 144
القسم : علوم اللغة العربية / فقه اللغة / الخط العربي / الخط العربي وأصله، اعجامه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2016 8596
التاريخ: 28-7-2016 6826
التاريخ: 28-7-2016 3376
التاريخ: 28-7-2016 11418

اختلف المؤرخون من عرب ومستشرقين في أصل الخط العربي ومنشئه اختلافاً كبيراً، وظهرت من خلال البحث والتحري آراء متناقضة، لعل مردّها الى قلة النصوص المكتوبة التي وصلت الينا لتكون دليلاً مؤكداً أصل هذا الخط وعائديته.

ان في القرآن الكريم إشارات الى معرفة العرب القراءة والكتابة، ففي قوله تعالى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ  الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾(1) وقوله تعالى : ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾(2) وقوله تعالى : ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾(3) دليل على تلك المعرفة، وأن اللغات كلّها توقيفيه من الله سبحانه وتعالى، وتبعاً لهذا يكون الخط توقيفاً كذلك.

ويكون آدم حسب هذا المعتقد أول من خط بالقلم من البشر، ولكن لا يدري ما نوع ذلك الخط الذي خطه، ولا متى ؟ ولا أي لغة كتب بها ؟ غير انه جاء في الفهرست(4) : (ان اول من وضع الكتابة العربية، والفارسية، والسريانية، والعبرية، وغيرها من الكتابات آدم عليه السلام. وضع ذلك قبل موته بثلثمائة سنة، وكتبه في الطين وطبخه، فلما أصاب الأرض الطوفان سلم فوجد كل قوم كتابتهم فكتبوا بها ).

وبقيت الكتابة العربية الى ان خصّ الله بها اسماعيل فأصابها وتعلمها(5).

ص135

ان ما وصل الينا من خيوط المعرفة عن الكتابات الجاهلية، ونوع ابجديتها، والأقلام التي خطت بها كلها ترجع الى قلمين، هما : -

القلم المسند الذي دوّنت به الكتابات المعينية، والسبئية، والحميرية، والقتبانية، والأوسانية، وكلها لهجات جنوبية.

والقلم المشتق من الخط الارمي المتأخر، وهو خط النبط، وبهذا القلم كتبت النصوص الخمسة التي هي أقرب الكتابات الجاهلية لهجة الى لهجة القرآن الكريم. أما النصوص الثمودية، والصفوية، واللحيانية فإنها مدوّنة بقلم مشتق من القلم المسند، ولذلك فهي من تلك الدوحة، ومن ذلك الأصل.

والذي نعرفه عن القلم المسند أنه اقدم عهداً من القلم الثاني، ويتكون القلم المسند من تسعة وعشرين حرفاً كلها صامتة (وهي في نظر علماء الساميات الفرع الجنوبي للخطوط السامية)(6).

أما التحديد التاريخي لوقت ظهور الكتابة وانتشارها عند العرب فلم تعطنا الروايات التاريخية صوره عن تطورها أو الأصل الذي وقفت عنده، والتاريخ لا يسعفنا بالدليل المادي المجمع عليه بتعيين ذلك  الوقت. غير اننا نعرف عن العرب في العصور السابقة للإسلام. وكما أشرنا اليه من قبل أنهم كانوا (يكتبون) وهذا الدليل على رقيّهم الحضاري، وشواهدنا على ذلك ما ورد في شعرهم من اشارات تعضد هذا الرأي، فقد ورد في شعر حاتم الطائي قوله :

أتعرف أطلالاً ونوياً مُهِدّما            كخطّك في رقّ كتاباً مُنمْنما(7)

وقول عبيد بن الأبرص :

لمن الدار أقفرت بالجناب             غير نوّي ودمنةٍ كالكتاب

غيّرتها الصبا ونفح جنوب            وشمالٍ تذرو دقاق التراب(8)

ص136

وقوله كذلك :

لمن دمنة أقوت بَحرّة ضرغد                     تلوح كعنوان الكتاب المجدّدِ

وقول عنترة : -

الا يا دار عبلة بالطوي                     كرجع الوشم في رسغ الهدي

كوحي صحائف من عهد كسرى          فأهداها لأعجم طمطمي(10)

وقول لبيد بن ربيعة العامري : -

وجلا السيول عن الطلول كأنها               زبر تجد متونها أقلامُها(11)

وقول المرقش الأكبر : -

الدار قفر والرسوم كما                   رقش في ظهر الاديم قلم(12)

(فمما لا شك فيه ان عرب الجاهلية عرفوا الكتابة والقراءة، والموا بكثير من ثقافات الامم المجاورة، ولكن تاريخ هذه الكتابة، أو بعبارة أخرى الأصل الذي انحدر منه الخط العربي ما زال يكتنفه كثير من الغموض على الرغم من تلك النقوش التي اكتشفت في اماكن عديده من انحاء الجزيرة العربية(13).

كما لا تفصح الاشارات التي تدل على استعمالهم الكتابة عن الأصول الأولى للخط العربي، وان أقرّ العلماء ان القلم المسند هو قلم العرب الأول.

ص137

اما مادة الكتابة فقد كانت المعادن، والاحجار، والصخور والخشب عند العرب الجنوبيين، يقول الدكتور جواد علي(14) :

" ولم اسمع ان احدا من الاثاريين حتى الان عثر على كتابات بالمسند مدونة بالحبر على القراطيس والجلود والرق على نحو ما كان يفعله المصريون وغيرهم.... ومرد السبب في عدم وصول شيء من الكتابات المدونة على تلك المواد الى قابلية هذه المواد للتلف، وحاجتها الى العناية الشديدة ".

غير ان ما وصل الينا من الشواهد الشعرية ثبت معرفتهم الكتابية - كما مر - وكقول عبد الله بن عنمة الضبي :

فلما رأيت الدار قفرا سألتها فعي علينا نؤيها ورمادها فلم يبق الا دمنة ومنازل كما رد في خط الدواة مدادها

وكقول سلامة بن جندل :

لمن طلل مثل الكتاب المنمق خلا عهده بين الصليب فمطرق اكب عليه كاتب بدواته وحادثه في العين جدة مهرق (16)

وقول ثعلبة بن عمرو العبدي :-

اكب عليه كاتب بدواته يقيم يديه تارة ويخالف(17)

وقد اشتق من الخط المسند كل من الخط الثمودي، واللحياني، والصفوي كما ذكرنا من قبل - بدليل ما وجد منه في الكتابات الثمودية واللحيانية، والصفوية في المناطق التي كانت تحت حكم السبئيين والمعنيين.

وقد عدل اهل اعالي الحجاز في الخط المسند ولم ينقلوه نقلا تاما، ولهذا قسم كاسكل werner kaskel كتابات القلم اللحياني الى قسمين ؟ كتابات لحيانية متقدمة، وكتابات لحيانية متأخرة(18).

ص138

" والبحث في اصل المسند مثله في اصل الخط ما زال موضع الجدل بين العلماء الباحثين في العربيات الجنوبية، فمنهم من يرجع اصله الى الخط الفيقي، ومنهم يرجعه الى كتابات سيناء، حيث عثر فيها على كتابات قديمة جدا، يعدها الباحثون اقدم عهدا من الكتابات اقدم عهدا من الكتابات العربية الجنوبية. وقد وجد بين بعض حروف هذه الكتابات وحروف المسند شبه جعلهم يذهبون الى اشتقاق المسند من خطوط سيناء.

ومنهم من يذهب الى اشتقاق المسند من الخط الكنعاني للتشابه بين بعض حروف الخطين"(19) ان التاريخ يحدثنا عن القبائل التي كانت تسكن اليمن وبقية انحاء الجزيرة  العربية، ولكن لا توجد ادلة تجزم بأصل الخط او الوقت الذي تفرقت فيه القبائل في مناطق وجودها الجديدة وحملت معها كتاباتها، واثرت في مناطق سكناها، لاختلاف العلماء في حل رموز نقوشها التي وجدت حيث لم يفلحوا في الوصول الى نتائج حاسمة لكونها " اجزاء من نقوش لا نقوش كاملة، وجل كلماتها واصطلاحاتها في غاية الابهام "(20).

غير ان تلك الكتابات عربية حيث يوجد فيها حرف الذال والضاد والتاء والغين، كما يوجد فيها افعل التفضيل وعلامة التنبيه التي هي من الخصائص البارزة للغة العربية"(21).

ان ما يقره الواقع ان الخط النبطي جاء في اعقاب الخط المسند حيث انصرف العرب عنه ومالوا الى القلم النبطي الذي كان اسهل في الكتابة من المسند، ونحن نعلم ان اليهودية والنصرانية كانتا منتشرتين في الجزيرة العربية، وقد عدتا من " جملة العوامل التي ساعدت على انتشار هذا الخط بين العرب"(22)

وفيما يلي نجمل القول عن الروايات المختلفة التي تحدثت عن نشأة الخط العربي استنادا الى ما اورده الدكتور جواد علي(23) منها :-

ص139

1. كان منشأ الخط العربي في اليمن، ومنها انتقل الى العراق حيث تعلمه اهل الحيرة، ومنها انتقل الى الانبار، ومنها الى الحجاز، وهو الخط المسند الذي أخذته قريش واهل الطائف عن الحيرة.

2. ان الخط الذي دون به القران الكريم هو القلم المعروف ب " الجزم " سمي بذلك لان مرامر بن مرة، واسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة. وهم من طيء من " بولان " سكنوا الانبار واجتمعوا فوضعوا حروفا مقطعة، وموصولة، فأما مرامر فوضع الصور، واما عامر فوضع الاعجام، وقد تعلمه اهل الكوفة(24).

3. وارجع بعض العلماء علم اهل مكة بالخط الى اياد من اهل العراق. قالوا انهم كانوا يكتبون، ورووا في ذلك شعرا نسبوه الى امية بن ابي الصلت، منه : -

قوم لهم ساحة العراق اذا              ساروا جميعا والخط والقلم

4. اول من وضع الكتاب العربي اسماعيل، وضعه على لفظه، ومنطقه موصولا حتى فرق بينه ولداه هميسع وقيذر(25).

5. اول من وضع الكتاب نفيس، ونضر، وتيماء، ودومة، هؤلاء ولد اسماعيل، وضعوه منفصلا، وفرقة قادور بن هميسع بن قادور.

6. اول من وضع الخط العربي ابجد، وهوز، وحطي، وكلمن، وسعفص، وقرشت، وهم في رأي الاخباريين قوم من الجبلة الاخرة، وقيل : انهم بنو المحصن بن جندل بن يصعب بن مدين، وكانوا نزولا في عدنان بن اد فكان " ابجد " ملك مكة، وما يليها من الحجاز، و " كلمن " و " سفعص " و " قرشت " ملوكا بمدين، وقيل ببلاد مضر، فوضعوا الكتاب على اسمائهم، ثم وجدوا بعد ذلك حروفا ليست من اسمائهم، وهي : التاء، والخاء، والدال، والظاء، والسين والغين، فسموها الروادف فترجع هذه الرواية اصل الخط الى جماعة من اهل مدين اي الى شمال الحجاز، لا العراق.

7. وهناك من روى ان النفر الثلاثة من طيء وهم : مرامر واسلم، وعامر انما

ص140

وضعوا الخط في العربية قياسا على هجاء السريانية، وهذه النظرية هي اقرب آراء اهل الاخبار الى رأي اغلب المستشرقين.

8. كانت الكتابة قليلة في الاوس والخزرج قبل الاسلام، وقد دخلت بينهم من اليهود، وكان يهودي من يهود مكة قد علمها فكان يعلمها الصبيان، فجاء الاسلام، وفيهم بضعة عشر يكتبون منهم : سعيد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وابي بن كعب وزيد بن ثابت، ورافع بن مالك.... وغيرهم، وكان زيد يكتب الكتابة بالعربية، وبالعبرانية، او السريانية، وكان يقرأ على النبي(ص) كتب يهود ويجيبهم عنه.

9. كان الخط العربي من عمل ثلاثة نفر من طيء من بولان وهي قبيلة سكنت الانبار(26). وهم مرامر بن مرة، واسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة اجتمعوا فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه منهم قوم من اهل الانبار، وكان بشر بن عبد الملك اخو اكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة الجندل يأتي الحيرة فيقيم فيها الحين، وكان نصرانيا، فتعلم بشر الخط العربي من اهل الحيرة، ثم اتى الى مكة في بعض شأنه فرآه سفيان بن امية بن عبد شمس وابو قيس بن عبد مناف بن زهرة من كلاب يكتب فسألاه ان يعلمهما الخط، فعلمهما الهجاء، ثم اراهما الخط فكتبا.

ومجمل هذه الآراء ان اصل الخط من العراق من الحيرة او الانبار ابتكره رجال من العرب، او وصفوه قياسا على ابجدية السريان، ومن ثم انتقل الى الحجاز في عهد لم يكن بعيدا عن الاسلام، غير ان الدكتور جواد على(27) يقول : " واشتقاق الخط الحيري، او خط اهل الانبار من القلم المسند قضية لا يمكن الاخذ بها، فبين الخطين تفاوت كبير في الشكل، وهو تفاوت ينفي وجود صلة بينهما، ويثبت على العكس ان ذلك الخط من الخطوط التي اشتقت من اقلام الشمال، اي من الافلام التي كانت شائعه في العرق وفي بلاد الشام".

ان الكتابات القديمة التي وصلت الينا في بلاد الشام توضح انها كانت مأخوذة من قلم بني ارم وهي متأثرة بالثقافة النبطية، واقدم نص يعود الى 250

ص141

للميلاد في موضع يدعى ام الجمال، ونقش آخر هو نقش النمارة ويرجع تاريخه الى 328 للميلاد، ونقش زيد ويعود تاريخه الى 512 للميلاد، ثم كتابة حران وتاريخها 568 للميلاد.

وعن طريق المقارنة بين هذه الخطوط ودراستها امكن التوصل الى معرفة تطور الخط العربي، واشتقاقه من الخط النبطي.

وخلاصة تلك المقولات تعطي تفسيرا واضحا، وبخاصة كتابة ام الجمال الاولى، ان العرب كانوا يستعملون لغة النبط في كتابتهم، والنص الثاني، اي نقش النمارة هو نقش عربي نبطي، اما نقش حران فهو النص الوحيد الذي تحرر من لغة النبط، وكتب بلغة عربية شمالية وهي من اللغة التي انزل فيها القران، اي لغة القرن الاول الهجري.

ومن النتائج التي يخلص اليها البحث في هذا الموضوع يتضح مقدر الشبه ودرجة القربى بين الابجديات السامية المختلفة، وبالتالي فإنها تعود الى ابجدية واحدة اعتمدتها جميع الشعوب السامية. غير ان تقادم العهد وابتعاد تلك الشعوب بعضها عن بعض في الفترات التاريخية ادى الى ذلك الاختلاف في الابجديات.

وبالرغم من المتناقضات في الآراء في الربط بين الخط العربي والخط السرياني(28)، أو الخط العربي والمسند فأننا نرى أن شكل الخط العربي، وتركيب الكلمة العربية تختلف اختلافاً كبيراً عن الحرف المسند الحميري أو فروعه التي عرفت عند الثمودين والصفويين واللحيانيين(29).

أما عن اتصال الحيرة بمكة وبقية مدن الحجاز فأمر بعيد بعد الحيرة عن مكة، غير ان ما يمكن الاطمئنان اليه هو التقدم الحضاري في الحيرة، اذا ما علمنا أن أهلها كانوا يدينون بالنصرانية، ويكتبون بالسريانية، أو ما يقابلها... ولابد في مثل هذه الأمور الحضارية من اتصال مباشر ودائم، ولم يكن الامر كذلك بين مكة والحيرة(30).

ص142

ان الدراسات المقارنة توصلت الى أن الخط العربي هو شكل من أشكال الخط النبطي، فعنه أخذ صوره، ومنه بدأ تطوره.

لقد قيل الكثير عن جهل العرب أمور الكتابة، وبخاصة قبل الاسلام حيث كانوا أمة بدوية حسبما حاء في الروايات التاريخية، غير أن هذه الحالة لا تعني أن جميع العرب كانت حياتهم بعيدة عن التحضر والاستقرار. فقد كان في الحجاز من عرف الكتابة واتصل بالامم المحيطة بهم من الذين خلفوا نقوشا كتابية كثيرة كثيرة. فالانباط الذين هم بالأصل عرب الشمال كتبوا بالخط النبطي، وحمير باليمن كتبوا الخط المسند(31). وهذان الخطان في نظر المورخين أصل الخط العربي لا سيما الخط النبطي الذي أيدته النقوش، وأكدته الآراء غير أننا لا نبعد آراء المستشرقين الذين رجح بعضهم نشأة الخط العربي من الخط المصري القديم المعروف بالهيروغليفي. كما أرجعه بعضهم الى الخط المسماري البابلي، ومنهم من توصل الى ان اصل الحروف الهجائية من طور سيناء، ومنه تفرعت بقية الخطوط. "ولم يعثر حتى الآن على النصوص جاهلية تعين العلماء على معرفة تطور الخط العربي قبيل الاسلام، وكل ما هنالك أنهم يقومون بملاحظة خطوط الابجديات وتركيبها بغية التوصل الى نتائج أقرب الى الاسلوب العلمي، ومن ذلك ملاحظتهم أن العرب في صدر الاسلام كانوا يعلمون أولادهم الكتابة على طريقة: أبجد، هوز، حطي، كلمون، سعفص، قرشت، والتي كانت يتبعها السريان، واليهود . كما استدل العلماء على أن الخط العربي الشمالي مأخوذ من بني أرم، وذلك بتعبير الكتاب عن الأرقام بالحروف..."(32).

وهكذا تتوزع الآراء والاجتهادات في نشأة الخط العربي، غير أنها تقف عند حد تجعل معه حلقة مفقودة من سلسلة التطور لهذا الخط قبيل الاسلام مما يجعلنا نذهب الى القول: إن الخط العربي بدأ يتضح شيئا فشيئا ليكون السمات العربية البعيدة عن الخط النبطي، كالذي وجدناه في نقش النمارة، ونقش حراّن.

إن تعدد تلك النقوش واختلاف كتابها لا يعني أن أصلها أو أصولها مختلفة "فالظواهر اللغوية التي تتفق فيها كل اللغات السامية لابد أنها موروثة في كل هذه اللغات المختلفة عن أصل واحد مشترك، وهذا الأصل الواحد المشترك هو تلك اللغة التي وجدت في جزيرة العرب قبل هجرة الجماعات السامية التي عرفت في العراق

ص143

فيما بعد باسم الأكاديين، أي ان هذه الخصائص المشتركة ترجع الى ما قبل 2500 ق. م. وبمعنى هذا انه اذا اتفقت كلمتان أو صيغتان صرفيتان في العربية والأكادية فهذا يعني بالضرورة ان اللغتين الأكادية والعربية قد ورثنا هذا الشيء المشترك عن اللغة السامية الام)(33).

ان الحروف العربية الاولى التي تطورت عن الحروف الهجائية الارامية دخلها تحوير جديد لم يكن موجوداً فيها من قبل، فقد أضيف اليها حروف أسماها العرب (الروادف)، وسلكوا في ترتيبها مسلكين هما : الترتيب أو التسلسل الابجدي.

وهو : -

أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص، ق، ر، ش.

جمعتها الفاظ ست هي : أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت. ثم أضيف اليها الحروف الخاصة بالعرب وهي : ث، خ، ذ، ض، ظ، غ التي سميت الروادف، وبجمعها لفظتان، هما (ثخذ، و (ضظخ). وسمي بالترتيب الابجدي لبدئه بلفظه (أبجد).

أما الترتيب الآخر فهو :

أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي.

وعدد أحرفه ثمانية وعشرون حرفاً، وهذا هو التسلسل الذي اعتمد التشابه في صور الحروف أساساً، وقد استخدمه العرب بعد استخدام الاعجام.

ص144

___________________

(1) سورة العلق - الآيات 1-5.

(2) سورة القلم - الآية الأولى.

(3) سورة البقرة - الآية 31.

(4) الفهرست 7، وانظر كذلك : أدب الكتاب للصولي 28.

(5) أدب الكتاب - للصولي 28.

(6) تاريخ العرب قبل الاسلام د. جواد علي 7/36 وما بعدها.

(7) ديوان حاتم الطائي 233.

(8) ديوان عبيد 41.

(9) المصدر نفسه 65.

(10) ديوان عنتره 268.

(11) ديوان لبيد 151.

(12) الفضليات - ط دار المعارف 2/ 37.

(13) السمات الحضارية في شعر الأعشى 300.

(14) تاريخ العرب قبل الاسلام 7 / 5.

(15) الاصمعيات 226.

(16) ديوان سلامة بن جندل 155 - 156.

(17) المفضليات 281.

(18) تاريخ العرب قبل الاسلام 7 / 54.

(19) تاريخ العرب قبل الاسلام 7 / 55.

(20) تاريخ اللغات السامية 177.

(21) المصدر نفسه.

(22) تاريخ العرب قبل الاسلام 7 / 55.

(23) المصدر نفسه 7 / 56 - 70.

(24) الفهرست 7 ومقدمة ابن خلدون 468.

(25) الفهرست 8 ومروج الذهب 1 / 380.

(26) الفهرست 7 وصبح الاعشى 3 / 151.

(27) تاريخ العرب القديم 7 / 61.

(28) ينظر بشأن ذلك : فتوح البلدان 3/579، وأصل الخط العربي يحيى نامي 4، وأصل الخط العربي - سهيلة الجبوري 26-27.

(29) نشأة الخط العربي قبل الاسلام - د. صلاح الدين المنجد 12.

(30) نشأة الخط العربي قبل الاسلام 12.

(31) انتشار الخط الغربي في العالم الشرقي والعالم الغربي – عبد الفاتح عيادة 7.

(32) السمات الحضارة في شعر الأعشى 306.

(33) اللغة العربية عبر القرون 24.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.