أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-2-2020
1893
التاريخ: 28-7-2016
1657
التاريخ: 2-3-2020
1464
التاريخ: 28-7-2016
1542
|
ما بين عامي 1789 و 1815،عرفت أوربا حروبا مستمرة تخللها بعض الاستراحات هنا وهناك. في هذه الفترة أصاب فن الحرب تحولات عميقة. بدأ التحول مع Lazare Carnot الذي أخذ بوضع استراتيجية جديدة لم يوضحها إلا بملاحظات و كتابة مختصرة جدا. أما مؤلفه الأكبر فقد عالج موضوعا أكثر تحديدا: "الدفاع عن المراكز القوية" وكتبه في عام 1809،ترجم إلى العديد من اللغات الأوربية. في هذه الفترة عرف الإنتاج الفرنسي قوة اكبر: مع كتاب "مدخل إلى دراسة فن الحرب" وضعه Roche-Aymon بين عامي 1802ـ1804 وتحدث فيه عن التكتيك فقط؛ ثم كتاب "المعالجة الأساسية للفن العسكري" كتبه Simon-François Gay في عام 1805 وترجم لمختلف اللغات العالمية. بعد ذلك جاء كتاب Reveroni de Saint-Cyr وهو كتاب غني جاء تحت عنوان" دراسات حول آلية الحرب" كتبه في عام 1808 وقد نشر فيما بعد بعنوان جديد هو "سكونيه الحرب أو مبادئ الاستراتيجية والتكتيك" وذلك في عام 1826.
المقاربة الهندسية للفكر الاستراتيجي وصلت إلى ذروتها مع كتاب Prussien Dietrich الذي نشر في مدينة هامبورغ الألمانية كتابه " Geist des neuern Kriegs Systms" (روح نظام الحرب الحديثة) في عام 1799، ويتحدث فيه عن طرح مسلمات أو بديهيات معينة يمكن الحصول عليها بالمنطق و الاستدلال ثم توضيحها فيما بعد بواسطة التجربة .وفي كتابه الثاني يتحدث الأسبقية الفكرية عند نابليون بونابرت. جاء الكتاب تحت عنوان" Lehrsätze des neuen Krieges oder reine und angewandte Strategie" (نظريات الحرب الحديثة أو الاستراتيجية الخالصة والمطبقة) ووضع الكتاب في عام 1805.
أيضا في ألمانيا، كتب الأرشيدوق Charles العديد من المؤلفات : " Grundsätze der grosse Kriege" (مبادئ الحرب الكبيرة) في عام 1808، " Grundsätze der Strategie erläutert durch die darstellung des Feldzugs von 1796 in deutschland" (مبادئ الإستراتيجية المطورة من خلال حملة 1796 في ألمانيا) في عام 1813.
ـ الآباء المؤسسون للفكر الاستراتيجي المعاصر.
أولا ـ Jomini : وهو Henri-Antoine Jomini الذي سيعمل على الموافقة بين إرث كتاب القرن الثامن عشر وتعليمات المأخوذة من نموذج نابليون. ومعه بدأ بشكل حقيقي يتأسس علم الاستراتيجية المعاصر(1). ولد في سويسرا عام 1779 خدم في الجيش الفرنسي وأصبح رئيس أركان المارشال Ney في عام 1805. وفي هذا العام نشر كتابه الأول "معالجة التكتيك الكبير أو علاقة حرب السنوات السبعة" ،وهو في الواقع تطوير لعمل سابق كان قد كتبه الجنرال Tempelhof من بروسيا في عام 1783، والذي كان بدوره تطويرا لعمل سابق هو للجنرال Lloyd وكان يحمل العنوان "تاريخ حرب السنوات السبعة".
الفرق بين هذه المؤلفات هو أن Jomini أدخل تعديلات مبنية على مقارنات مع العمليات التي حضرها او شارك فيها. في السنوات التالية نشر العديد من المؤلفات التي تحلل الحروب النمساوية ثم حروب "ثورة الإمبراطورية" ،وفي النهاية وصل مؤلفه إلى ثمانية أجزاء كان آخرها في عام 1816، وقد عاد ليعيش في فرنسا ،ثم توفي في عام 1869 عن عمر 90 عاما. ( من كتاب تاريخ الاستراتيجية، Hervé Bégarie الصفحة 200 إلى 210).
في الشكل النهائي لمؤلفه يمكننا ملاحظة جزأين رئيسيين : " تحليل العمليات العسكرية الكبرى" وقد كرّسه لحروب فريدريك الثاني؛ ثم " تاريخ النقدي والعسكري لحروب الثورة" ويتألف من 15 مجلدا. ربما يكون هذا المؤلف الكبير منسيا إلا أنه من أهم الآباء المؤسسين للفكر الاستراتيجي المعاصر(2). لقد كان له تأثير كبير على جميع منظري الفكر الاستراتيجي من روسيا إلى الولايات المتحدة ومرورا بالقارة الأوربية، وقلما تجد لغة لم يظهر فيها كتاب عنه أو ترجمة لأعماله. وبشكل خاص كان له تأثير واضح على الكتاب الأوائل للفكر الاستراتيجي الأمريكي الممثل بكل من William Duane و John Armstrong ،ثم Dennis Hart Mahan أستاذ التكتيك في West Point ، و Alfred Thayer Mahan ( ابن Dennis)، و المعروف بتحليله للقوة البحرية والذي ستتحول تعليماته و أفكاره إلى استراتيجية بحرية. ولم يعرف تاريخ الثقافة الاستراتيجية الأمريكية تأثرا بكاتب آخر كما عرف تأثره بالكاتب Jomini(3).
ثانيا ـ Clausewitz. يعتبر اليوم الأشهر من بين جميع المفكرين العسكريين. وضع كتابا شهيرا تحت عنوان Vom Kriege وهو يقابل كتاب "الأمير" عند ميكيا فلي، ولقد أصبح مرجعا لمعظم المفكرين الاستراتيجيين، وقلما نجد كتابا استراتيجيا لم يأخذ منه. ولد Clausewitz في عام 1780(4). لديه خبرة عسكرية طويلة وتجارب من خلال مشاركته في الحروب. أول كتابة استراتيجية له كانت بعنوان " نقد عميق لنظام الحرب عند von Bülow. في عام 1806 بدا بالإعداد لأكبر مؤلف له ثم بدأ كتابته بعد عام 1815، عندما وصلت حياته العسكرية إلى طريق مسدود.
كتب العديد من المؤلفات التاريخية حول الحملات العسكرية لكل من Turenne, Frédéric II و ثورة الإمبراطورية. ومن خلال القاعدة التاريخية التي يمتلكها استطاع وضع كتابه opus magnum ويضم ثلاثة كتب هي: تحليل للحرب الكبرى أو الاستراتيجية، تحليل للحرب الصغرى، وأخيرا تحليل للتكتيك. بسبب موته المفاجئ، لم يستطع Clausewitz إكمال هذا المشروع الضخم حول الفكر الاستراتيجي .فمن كتاب "تحليل التكتيك"، لم يبق إلا بعض الصفحات التي لم تشد انتباه أحدا .إما كتاب "الحرب الصغرى" قد فقد بكامله، ولم يبقَ منه سوى المحاضرات التي ألقيت عنه في Kriegsakademie في عام 1810. وأخيرا كتاب "تحليل الحرب الكبرى" فقد استطاع إكماله، ولكنه يشير في أعلى المخطوطة وبوضوح: إلا أن الفصل الأول من الكتاب هو وحده كامل أو منجز من الناحية الفكرية.
ووفق ملاحظة تمت كتابتها في 10 تموز عام 1827، Clausewitz حقق مرحلة جديدة في تفكيره الاستراتيجي، حيث تركز على الحرب كاستمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى وعلى قاعدة التمييز بين الشكلين أو وجهي الحرب. وأخيرا نقول بان القراءات الدوغمائية للفكر الاستراتيجي عند Clausewitz أدت إلى تعليقات و تحليلات مختلفة ومتغايرة ومن ثم إلى نتائج مختلفة زادت من تعقيد نظريته. و نضيف أخيرا أن كتابه السابع كان حول "الهجوم"، وكتابه الثامن حول "مخطط الحرب"، وهما غير مكتملين.
ثالثا ـ New- clausewitziens. إن Clausewitz لم ينشر شيئا من دراساته وهو على قيد الحياة، لأنه كان يعتقد بأنها لم تصل بعد إلى مرحلة الإتمام والكمال. وبعد وفاته عمدت زوجته إلى نشر مخطوطاته في عشر أجزاء ما بين عامي 1832 و 1837. ردة الفعل حول فكره الاستراتيجي كانت متغايرة كما أشرنا سابقا، وهذا لم يساعد في نفاذ 1500 نسخة من كتاباته كانت قد طبعت خلال 15 عاما. في فرنسا مثلا لم يكن معروفا بشكل جيد إلا بين قلة من الأفراد. وفي عام 1880 نشر بحث عنه في دورية فرنسية شهيرة le Spectateur militaire من قبل ضابط من أصول بولونية وهو Louis de Bystrzonowski .
وسننتظر حتى عام 1870 حتى نرى انطلاقة Clausewitz وانتشار سمعته كمفكر استراتيجي، ويعود هذا لأسباب قومية أكثر منها أسباب فكرية. فالإمبراطورية البروسية المنتصرة في Sadowa عام 1866 وفي Sedan عام 1870،كانت تبحث عن شرعية نظرية لتفوقها الميداني ودراسات Jomini التي تحدثنا عنها سابقا لم تكف هذه الإمبراطورية أو ترضيها، خاصة لأنه سويسري وكان في الوقت نفسه منظرا للاستخبارات و المعلومات عند نابليون، ونضيف أنه كان ينتقد فريدريك الثاني من وقت لآخر. Clausewitz كان بروسيا حقيقيا ورأى فيه فريدريك الثاني نموذجا له، كما كان مرضيا للقراء الألمان.
إذا بعد الانتصارات الألمانية، حاولت الكثير من البلدان تقليد النموذج الألماني والمعلم الجديد للنظرية الاستراتيجية. من هنا تمت ترجمة Clausewitz للكثير من اللغات. وفي ألمانيا نفسها أصبح Clausewitz مرجعا قانونيا لهذا الفكر، أما كتابه Vom Kriege فقد قام أكبر القادة آنذاك Schlieffen بكتابة مقدمة له، وذلك في عام 1905. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن تركيز Clausewitz على السياسة كحل ومن ثم ثانيا على الدفاع تم رفضه من قبل الكثيرين أو تم تجاهله. فالمعجبين بكتاباته بحثوا فيها عن الحجج التي تدعم أفكارهم في الهجوم أثناء المعارك الفاصلة.
في فرنسا التي كانت ضحية لألمانيا وخصما مصنفا في أي حرب جديدة، أظهرت الكثير من المصلحة في قراءة Clausewitz وخاصة بعد هزيمة عامي 1870/1871. ومنذ عام 1880 إلى 1905، ستظهر فيها موجة عارمة من أنصار مدرسة Clausewitz. وكانت البداية مع قائد الجيوش Cardot في "المدرسة الحربية العليا" حيث حاضر عن Clausewitzمنذ عام 1884، وبعد ذلك من خلال دراسة للكابتن Georges Gilbert في عام 1887. وقامت المدرسة الحربية فيما بعد بترجمة معظم الحملات العسكرية التي كتبها Clausewitz. أما الكتاب الألمان والفرنسيون فقد اختلفوا حول شرح حروب نابليون من قبل Clausewitz، فالفرنسيون يقولون أن الاستراتيجي الألماني لم يحلل نابليون بشكل كاف أو صحيح، والألمان يباركون هذا الشرح والتحليل.
بالنسبة للعالم الأنكلو ـ سيكسوني فقد بدا أنه أكثر تحفظا وتكتما تجاه كتابات (5). Clausewitz.ففي عام 1834 ترجمت وفي مرجع إنكليزي وآخر أمريكي بعض الصفحات التي لم تتجاوز العشرين والتي أخذت من كتاب Vom Kriege. أما الأعمال الكاملة فلن تترجم إلا مع العقيد Graham في عام 1873 وسوف يتخلل الترجمة الكثير من الأخطاء والتي ستصحح على يد F.N Maude في عام 1908. لكن هذه الأعمال أصابها فشكل كبير في العالم الأنكلو ـ ستكسوني، حيث لم يطبع منها سوى 69 نسخة خلال 12 عاما.
فالشكل الفلسفي لأعمال Clausewitz اصطدم بالبراغماتية البريطانية. فبالنسبة للاستراتيجي Corbett الذي أيد المقاربة التي وضعها Clausewitz حول الاستراتيجية البحرية ،فقد بقي حالة استثنائية. أما Fuller و Liddell Hart،وبعد قراءة Clausewitz لم يجدا العناصر التي تتوافق مع نظريتهما(6). في الولايات المتحدة كان هناك ازدراء عام لكتابات الاستراتيجي Jomini وبقي هذا الوضع قائما حتى النصف الثاني من القرن العشرين. وقد كتب "ريمون آرون" في عام 1976 عن هذه الوضع قائلا:" من بين الأسماء الكبيرة التي تعمل في الحقل الاستراتيجي في الولايات المتحدة، فقط Bernard Brodie هو الذي قرأ Clausewitz بشكل عميق(7).
في إيطاليا، لم يقرأ Clausewitz إلا بشكل قليل في القرن التاسع عشر. واكتشافه بشكل حقيق كان على يد الكاتب الاستراتيجي Emilio Canevari،عندما كتب عنه مؤلفه " Clausewitz e la guerra odierna" (Clausewitz و الحرب اليوم) (8). وفي إسبانيا، كان العقيد Banus Comas في كتابه "Estrategia" الصادر في عام 1887 واحدا من النادرين الذين قرأوا Clausewitz. وسوف ننتظر حتى عام 1908 لنرى ظهور أول ترجمة لأعماله في الإسبانية. أما الترجمة الكاملة فلم تظهر ألا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ولم يصبح Clausewitz معروفا في هذا البلد بشكل جيد حتى عام 1970. وبعد هذا العام انتشرت ترجمته إلى معظم اللغات الأوربية، وحتى الصينية، العبرية ،الاندونيسية، والعربية بشكل بسيط أو جزئي. أما الروس فقد أولوا اهتماما خاصا لكتاباته وكان له تأثير كبير على المكتبة الإستراتيجية الروسية(9).
_________________________________________________
1ـ انظر: Bruno COLSON، " حروب الثورة 1792 1797"،بالفرنسية ، باريس، دار نشر hachette و Pluriel 1998.
2 ـ ظهرت العديد من المؤلفات عنه أهمها : " عظمة و تراجع Jomini"، لمؤلفه Emile MAYER،بالفرنسية؛ وكتاب John I ALGER " Jomini : A Bibliographical Survery" ، صادر عن US Military Academy، 1975.
3ـ انظر : Bruno COLSON، " الثقافة الاستراتيجة الأمريكية، تأثير Jomini" ، بالفرنسية ، صادر في باريس، دار نشر Economica، المكتبة الإستراتيجية.
4ـ أفضل تأريخ له كتبه Peter Paret، " Clausewitz and the State"، Princeton University Press،1976.
5ـ انظر : Christopher BASSFORD،" Clausewitz in English : The Reception of Clausewitz in in Britain and America 1815-1945، نيويورك، مطابع جامعة أكسفورد، 1994.
6ـ Jay Luvaas،" Clausewitz, Fuller and Liddell Hart"، من كتاب Michael Handel،" Clausewitz and Modern Strategy" ، من الصفحة 197 حتى 212.
7ـ Raymond ARON،" التفكير بالحرب"، بالفرنسية، الصفحة 347.
8ـ أيضا ظهرت الترجمة الإيطالية للاستراتيجي البروسي على يد الجنرال Bollati، ثم كتاب Ferruccio Botti " Clausewitz في إيطاليا"، من مجلة Stratégique الأعداد ، 78ـ79، 2000ـ2/3.
9ـ انظر : Olaf ROSE ،" Carl von Clausewitz, Wirkungsgeschichte seines Werkes in Russland und der Sowjetunion 1836-1995"، ميونخ، دار نشر Oldenbourg Verlag، 1995، (Clausewitz تأثيره في روسيا والاتحاد السوفييتي).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|