أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2016
2764
التاريخ: 19-7-2016
2085
التاريخ: 16-8-2017
3948
التاريخ: 19-7-2016
44527
|
الاضداد هو نوع من المشترك اللفظي ويتصل به اتصالا وثيقا لان المشترك اللفظي يقع على شيئين ضدين وعلى مختلفين غير ضدين ، فالذي يقع على الضدين :
الجون والجلل(1).
وقد اهتم اللغويين بهذه الظاهرة كونها ترد في القران الكريم ، لذلك سعى بعضهم الى بيان مقاصدها وتوضيحها لمن لا يعرف اسرار العربية ، وفي ذلك رد على
ص232
الشعوبيين الذين يرمون العرب بكل نقيصة(2).
ان لمعرفة متناكر الدلالة خيارين مشروعين ، يمكن ان تأخذ بأحدهما دون الاخر :
الاول : يقتضي ان يكون مجيئه متغايرا بسبب الواضع على اختلاف ، ونعني بالواضع مجموعة اشخاص ، فالذي عناه بالأول بالجون عناه الثاني ولكن على خلاف في التخصيص ، والمقصود عند الطرفين هو اللون ولكن التغاير او التضاد حاصل في تخصص اللون ، فهو عند الاول ابيض وعند الثاني اسود . اما معرفتنا بقصد المتكلم ، يكون الجواب هو ان كلام العرب يصحح بعضه بعضا ، ويرتبط اوله باخره ، ولا يعرف معنى الخطاب الا باستيفائه واستكمال جميع حروفه ....(3).
الثاني : اذ يحمل على محل التورية في التعبير بمقتضى حكمة الواضع الذي شاء ان يكون هذا الضرب ضربا للترميز الى ما يخشى عليه من خصم او حسد او نشر – ما كان متفقا على كتمانه ، ناهيك بما لهذا الضرب البلاغي من نكتة لطيفة تقتضي التعبير عن الشيء السيء بالحسن ، والاسود بالأبيض ، والاعمى بالبصير ، والجاهل بالعالم ، وربا يكون اساس وضعه بقصد التفاؤل بإصلاح الشيء(4).
الكتب المصنفة في الاضداد
من صنف تحت عنوان الاضداد
محمد بن المستنير " قطرب " " 206 هـ "
ابو زكريا ، يحي بن زياد الفراء " 207 هـ "
ابو عبيدة معمر بن المثنى " 210 هـ "
ابو سعيد عبد الملك بن قريب الاصمعي " 216 هـ "
ابو عبيد القاسم بن سلام الهروي " 224 هـ "
ابو محمد عبد الله بن محمد التوزي " 233 هـ "
ابو يوسف يعقوب بن اسحاق ، ابن السكيت " 244 هـ "
ابو حاتم سهل السجستاني " 248 هـ "
ص234
ابو العباس احمد بن يحي ثعلب " 291 هـ "
ابو بكر محمد بن القاسم بن الانباري " 328 هـ "
ابو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي "351 هـ "
ابو الحسن بن فارس بن زكريا الرازي " 395 هـ "
ابو البركات عبد الرحمن بن الانباري " 577 هـ "
اما من صنف في ابطال الاضداد :
ابن درستويه ابو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد " 347 هـ " الذي يؤمن بقدسية اللغة وحكمة واضعها وهو الله عز وجل ، وانه لا يمكن ان يضع الحكيم العليم الفاظا تكون سببا في الالباس والتعمية ، يقول : " ليس ادخال الالباس في الكلام من الحكمة والصواب ، وواضع اللغة عز وجل حكيم عليم ، وانما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني ، فلو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على معنين مختلفين ، او احدهما ضد الاخر، لما كان ذلك ابانة بل تعميه وتغطية "(5).
الحسن بن بشر المعروف بالآمدي " 370 هـ " ، فقد ذكر له كتاب عنوانه " الحروف الاصول في الاضداد " ، اذ سلك فيه سبيل ابن درستويه ، وكان من متابعيه حتى في منهجه الذي سعى من ورائه الى ابطال الاضداد ، اذ كان يرجع معنيي الضد الى معنى واحد يصلح ان يكون اصلا لكلا المعنيين ، يقول " واما ما ذكر من ان " دون " تأتي بمعنى خلف وامام ، وانها عند اهل العربية من الاضداد ، مثل " وراء " ، فقد اخبرتك ان معناها عند اهل اللغة " التقصير عن الغاية " ، واذا كان الشيء وراء الشيء او امامه او يمنه او شأمة ، صلح في ذلك كله ان تقول : هو دونه .... فليس هذا من الاضداد في شيء وانما جعلها قوم من الاضداد لما رأوها تستعمل في هذه الوجوه لما فيها من الابهام ، وكذلك " وراء " انما هي من المواراة والاستتار ، فما استتر عنك فهو وراء ، خلفك كان أم قدامك ... "(6).
ان المدقق في نصي ابن دستوريه والآمدي يرى بحثهما يقوم على اصول الكلمات في وضعها الاول ، وليس الى ما ألت اليه فيما بعد ، وهذه النظر تنسجم مع ما يسنى حديثا بالمنهج التاريخي .
ص234
وهذا الانكار حمل جماعة من اللغويين على الرد والقول بالتضاد ، ومنهم ابن فارس الذي قال : " وانكر ناس هذا المذهب وان العرب تأتي باسم واحد لشيء وضده ... وهذا ليس بشيء ، وذلك ان الذين رووا ان العرب تسمى السيف مهنداً ، والفرس ، طرفا ، هم الذين رووا ان العرب تسمى المتضادين باسم واحد ، وقد جردنا في هذا كتابا ذكرنا فيه ما احتجوا به وذكرنا رد ذلك ونقضه "(7).
وثمة من يرى ان الشعوبيين الذين كانوا يزرون بالعرب ويرمونهم بكل نقيصة هم الذين قالوا ، بعدما وقفوا على الاضداد ، ان لغة العرب خالية من الحكمة ومفتقرة الى الدقة والبلاغة في اطلاق الالفاظ وتحديد المعاني ، وهؤلاء هم الذين اطلق عليهم ابن الانباري في كتابه الاضداد " اهل البع والزيغ والازراء بالعرب "(8).
والواضح من هذا ان ابن الانباري يريد ان يثبت حقيقة الاضداد والوجوه التي تنصرف اليها ليجيب عن الحجج التي ابداها الشعبيون ، يقول : " لا يراد بها حال التكلم والاخبار الا معنى واحد فمن ذلك :
كل شيء ما خلا الموت جلل والفتى يسعى ويلهيه الامل
فدل ما تقدم قبل جلل وتأخر بعده على ان معناه : كل شيء ما خلا الموت يسير ولا يتوهم ذو عقل وتمييز ان " الجلل " ها هنا معناه " عظيم "(9).
وعلى هذا الاعتبار ففكرة التضاد تجيء نتيجة للتطورات الحاصلة من الاستعمال والدلالات الجديدة ، لذلك تعد دراسة الاضداد ، كالمجاز ، من الموضوعات اللغوية التي يجب ان تدرس من ناحية الدلالة التاريخية ، وبهذا يمكن ان نرد كثيرا مما عد من التضاد الى هذه الحقيقة في التطور والاستعمال ، واذا ما رجعنا الى الالفاظ التي اشتهرت بالضدية ، ندرك حقيقة هذا التطور الذي افاد اللغة توسعا وشمولا(10).
اسباب نشأة الاضداد
ما جرى بالوضع / اي ان اصل الاضداد جرى بالوضع الاول للدلالة على معنيين متضادين ، وهذا رأي ضعيف لم يقبله اللغويون كونه لا يتفق وقوانين تطور الدلالة .
ص235
اختلاف اللهجات / ويشترط في ذلك ان يكون استعمال اللفظ في لغة واحدة " اي لهجة واحدة " ، ويقوا ابن دريد : الشعب : الافتراق ، والشعب : الاجتماع ، وليس من الاضداد ، وانما هي لغة قوم(11).
الاقتراض اللغوي / وهذا ليس بكثير في لغة العرب ، ومثال ذلك كلمة " بسل " المستعارة من العبرية والآرامية وتدل فيهما على غير الصالح او غير الجائز ، وبذلك غدت تدل على الحلال كما هي في العربية وعلى الحرام بعد الاقتراض(12).
جوانب صوتية / من ذلك تحديد كلمتين في صيغة من الصيغ يثير دلالة ضدية ، مثل : ضاع : اختفى وظهر وضاع في الاصل جاءت من اصلين : ضيع : اختفى وضوع : ظهر فانقلبت الياء والواو الى الالف فأصبحت : ضاع .
ومثله في الابدال / لمق : المحو والاثبات ، والاصل فيهما : لمق : محا .... نمق : كتب . فأبدلت النون لاما .
ومثله في القلب الكاني / قالوا : تلحلح : اقام وذهب ، فأن المعنى الثاني في الاصل لكلمة اخرى هي : تحلحل ، ثم حدث قلب مكاني فقدمت اللام واخرت الحاء .
الصيغة الصرفية / استعمال صيغة فعيل للفاعل وللمفعول نحو " الغريم " للدائن والمدين . " والقنيص " للقانص والمقنوص.
ما تبعثه العوامل النفسية والاجتماعية / ما اطلق تفاؤلا نحو : القافلة إذ تطلق على الجماعة الذاهبة مع ان الأصل هو إطلاقها على الراجعة من السفر ، وكذلك كلمة (السليم) للديغ ، و (المفازة) للصحراء والقياس (المهلكة)
ما اطلق لأجل التأدب ، مثل كلمة (بصير) للأعمى و (المولى) للعبد .
ويلاحظ ان الخوف والحسد يدفعان الى استعمال كلمات تصف الجميل بالقبح والحسن بالبشاعة ، ومن ذلك إطلاق كلمة (بلهاء) على المرأة كاملة العقل ، مع أن البله نقصان في العقل . وإطلاق لفظة الأعور على الحديد البصر ، وهو في الأصل لمن ذهبت احدى عينيه(13).
ص236
وما يستعمل للتهكم كقوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم)
وما يترشح عن الاستعمال المجازي ، فكلمة (الناهل) تطلق على العطشان والريان على ما سيكون ، لأن الناهل هو العطشان الذاهب الى الشراب .
وهناك إضافة الى ما ذكر عوامل ترجع الى سبل التطور الدلالي كالتخصيص ، كلفظة (طرب) التي تخصصت بالدلالة على الفرح ، وكذلك لفظة (المأتم) للنساء المجتمعات في الحزن .
ص237
____________________
(1) ينظر المزهر : 287:1.
(2) ينظر مقدمة ابن الانباري في كتابه الاضداد .
(3) ينظر كتاب الاضداد : 2.
(4) ينظر : قول ابي حاتم السجستاني في كتاب الاضداد : 99.
(5) المزهر : 385:1.
(6) الصاحبي في فقه اللغة : 66 – 67.
(7) المصدر نفسه : 66 – 67 .
(8) الاضداد : 1.
(9) الاضداد : 2.
(10) في فقه اللغة العربية ، محمد فريد عبد الله : 346 – 347.
(11) المزهر 1: 396 .
(12) علم الدلالة ، احمد مختار : 205 .
(13) ينظر فصول في فقه اللغة : 351 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|