المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

حسن تخلص
25-3-2018
الأهمية الجغرافية للأزمنة الجيولوجية
10-5-2016
التين الشوكي (الصبر)
2023-11-12
استخدامات الغازات النبيلة
27-5-2018
عدم إظهار الحب والعطف على الأولاد
12-1-2016
Electrochemical energy
17-4-2021


تشابه القصة والمسرحية واختلافهما  
  
16969   12:15 مساءاً   التاريخ: 4-7-2016
المؤلف : عثمان موافي
الكتاب أو المصدر : من قضايا الشعر والنثر في النقد العربي الحديث
الجزء والصفحة : ج2،ص:94-113
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / النثر /

هناك أوجه تشابه واختلاف بين القصة والمسرحية في كثير من النواحي الفنية.

ذلك لأن المسرحية، تعد في الحقيقة لونا من ألوان الفن القصصي، فهي قصة ممثلة أو ممسرحة، تشتمل على أهم عناصر. الفن القصصي ، كالحادثة والفكرة والشخصية، ومع هذا، فهي تختلف عن القصة من بعض الوجوه الفنية الأخرى، وبخاصة من ناحية البناء الفني والصياغة التعبيرية.

والحوار ، هو أهم ما يميز الصياغة التعبيرية للمسرحية ، وذلك لأنه يعد في الواقع أداة المسرحية، وعليه تقع أعباء فنية كثيرة، فليست مهمته أن يروى ما حدث لأشخاص (ولكن مهمته أن يجعلهم يعيشون حوادثهم أمامنا مباشرة دون وسيط أو ترجمان) (1).

فإذا قام الحوار بهذه المهمة، فإن واجبه لم ينته بعد، فنحن لا يكفينا منه في المسرحية، أن يكشف لنا عن حوادث ومواقف، بل عليه فوق ذلك، أن يلون لنا هذه الحوادث، وهذه المواقف ،باللون الموافق لنوع المسرحية ، فإذا كانت مأساة ، تخير من الألفاظ ما يثير في نفوسها الرهبة والجزع والجلال، والخشوع وإن كانت ملهاة انتقى من العبارات ما يشيع في قلوبنا روح الفكاهة والمرح والسخرية والعبرة.

فالحوار في يد المؤلف المسرحي كالريشة في يد المصور، وهي المنوط بها الرسم والتلوين والتكوين وكل ما يوضع على اللوحة من فن) (2).

ومن المعروف أن اليونان ، هم أسبق الأمم القديمة معرفة للفن المسرحي، ويرجع لنقادهم ومفكريهم الفضل الأكبر في إرساء قواعد هذا الفن، وتحديد خصائصه وسماته الفنية الدقيقة.

ويظهر أن هذا الفن كان في بداية نشأته عند اليونان يكتب شعراً لا  نثراً. ومصداقاً لهذا قول أحد نقادنا المعاصرين ، ممن عنوا بدراسة هذا الفن ونقده (وللشعر في المسرح تاريخ أعرق من تاريخ النثر، فلم يكن يدور بخلد أرسطو، أن المسرحية تكتب نثراً، بل إنه حصر الشعر المعتمد به عنده في المسرحيات والملاحم ، ولم يعبأ لذلك بالشعر الغنائي ) (3).

وهذا لا يمنع من القول ، بأن بعض أدباء اليونان قد كتبوا ألواناً من الفن المسرحي نثراً لا شعرا، كفن الملهاة (4).

ولكن المأساة وهي الفن الغالب على الكتابة المسرحية آنذاك ، ظلت تكتب شعراً لفترة طويلة من الزمن، حتى ظهرت الواقعية في العصر الحديث، مذهباً أدبياً وطغت على معظم الفنون والانواع الأدبية بما في ذلك القصة والمسرحية.

ويبدو أنها وجدت في النثر الفني، زيها الملائم لطبيعتها الفنية (5) ، لما يتسم به من وضوح ، ودلالة مباشرة في التعبير ، ومقدرة فائقة على الوصول إلى عقل القارئ وفكره بسهولة ويسر.

وقد كان هذا في رأي، أحد العوامل، التي أدت  إلى هيمنته النثر الحديث على الكتابة المسرحية.

يضاف إلى ذلك عامل آخر، يتعلق بقضية التطور الحضاري والثقافي في العصر الحديث، وظهور التخصص العلمي، في كل فرع من فروع العلم والمعرفة، والفن كذلك.

وما ترتب على هذا، من استقلال بعض فروع العلم والفن عن بعض، كاستقلال فن التمثيل ــ مثلاً ــ عن بعض الفنون المصاحبة له مثل الموسيقى والغناء والرقص، وما استتبع ذلك من تخصص بعض هذه الفنون في فروع جديدة من الفن المسرحي، كالأوبرا أو الأوبريت بالنسبة للموسيقى والغناء والباليه بالنسبة للرقص (6).

والواقع أن المسرحية العربية الحديثة، لم تكن بمعزل عن هذا التطور الفني الذي تعرضت له المسرحية في الآداب الاوربية ، ولكنها كانت على صلة به، وقد حظيت منه بنصيب كبير.

وربما يرجع هذا إلى أنها مدانة في نشأتها لهذه الآداب الأوربية (7). يقول أحد مؤرخي هذا الفن في أدبنا الحديث (وإذا نظرنا عامة للمسرح في هذه الحقبة ، التي أرخناها ، وجدنا الأدب المسرحي، قد بدأ مقتبسا من آداب الغرب ، يقتبس كل شيء يصلح للتمثيل، لا يهمه مدرسة بعينها ، فينقل عن المدرسة التقليدية تارة، والإبداعية تارة، والطبيعة والواقعية وهكذا (8).

والمتأمل الواعي، في تاريخ نشأة هذا الفن في أدبنا الحديث يلحظ أن أول محاولة جادة، لكتابة المسرحية ، على هدى من أصول هذا الفن كانت شعراً (9).

وقد تطورت كتابة المسرحية الشعرية بعد ذلك على يد شوقي، وعزيز أباظة ثم دخلت بعد ذلك ميدان النثر، واستطاع بعض روادها في هذا المجال ، أن يعالجوا من خلالها، كثيراً من مشكلات الحياة والمجتمع ، وأن ينحوا في ذلك مناحي مختلفة.

ويبدو هذا بوضوح في مسرح توفيق الحكيم، الذي جمع فيه بين كافة المذاهب والاتجاهات الأدبية لهذا الفن. فقد كتب في المسرح الاجتماعي، والذهني، والنفسي واللامعقول ... (10).

ويرجع له الفضل الأكبر في ارساء قواعد وأصول المسرحية النثرية في أدبنا الحديث (11) ، وفي شيوع هذا اللون من الأدب المسرحي النثري، الذي أصبح السمة الغالبة على الكتابة المسرحية في العصر الحديث (12).

وعلى أية حال ، فواضح من هذا كله ، أن المسرحية قد وجدت في النثر الحديث مجالاً أرحب من مجال الشعر، شأنها في هذا، شأن القصة.

وعلى الرغم من اتفاق المسرحية مع القصة في هذه الناحية، فإنها تختلف عنها في الأثر الذي ترتب على دخولها ميدان الشعر.

وذلك لأنها عندما دخلت هذا الميدان ، لم تفقد أخص خصائصها الشعرية، فصحيح أنها فقدت الاطار أو الشكل الموسيقي للقصيدة الشعرية، ولكنها لم تفقد جوهر الفن الشعري، أو روحه ، وإنما ظلت في كثير من الأحيان محافظة على هذا الجوهر وتلك الروح الشعرية. ويبدو هذا بوضوح ، في مسرحيات ذوي الحس المرهف والأصالة الفنية من كتابنا المعاصرين.

يقول احدهم معلياً من شأن الروح الشاعرية ، في النص المسرحي (لا شك ان العنصر الشاعري يزيد من قوة المسرحية وجمالها، لأن الشيء الزائد عن اطارها المادي، وحتى المسرحية الواقعية، أو الفكاهية، أو أي نوع مسرحي آخر، لا يفترض فيه وجود الشاعرية، إذا تضوعت منه ــ رغم واقعيته أو هزله وضحكه ــ رائحة شعرية، فإن ذلك يزيد قطعاً من القيمة الأدبية والفنية للمسرحية )(13).

وتبدو هذه الروح الشاعرية واضحة كذلك في كثير من المسرحيات التي كتبها بعض شعراء الشعر الحر (14) ، على الرغم مما وجه من انتقادات إلى بعض أعمال روادهم في هذا المجال.

مثل افراطهم في إظهار هذه الروح الشاعرية ، وضياعها أحيانا ، وسط ضجيج النزعة الخطابية ، التي تتسم بها لغة الحوار عندهم، أو لتسخيرهم أحياناً البناء الدرامي لتسجيل واقع الأحداث تسجيلاً مباشراً (15)، تطبيقاً للنص الحرفي للمذهب الواقعي، لا روحه وفحواه.

ذلك لأن الواقعية في روحها وجوهرها لا نصها الحرفي (لست) نقل الواقع ، بل تصوير الشخصيات متجاوبة مع هذا الواقع، ومؤثرة فيه (16) وهذا يفسر لنا، سر فزع بعض نقادنا المعاصرين ، من طغيان اللغة التقريرية أحياناً على الحوار النثري ، واهتزاز البناء الفني للمسرحية نتيجة لذلك.

يقول (وإن يكن الحوار النثري له أيضاً عيوب تتربص به، على نحو ما كانت الغنائية تتربص بالحوار الشعري، فالحوار النثري ممكن ، ان ينزلق من الدرامية المرتبطة بالموقف والمطورة للحدث، إلى أسلوب غير درامي، بل متناف مع الدرامية ، كأسلوب الخطابة والمناقشة الذهنية الراكدة ، أو الجدل العقلي العقيم.

وهذه الأخطار تظهر بنوع خاص عند الكتاب الهادفين إلى فكرة أو رسالة، أو مذهب أو أسلوب خاص من أساليب الحياة الاجتماعية (17) .

ولهذا السبب يرى بعض رواد المسرحية النثرية في أدبنا الحديث، ان الحوار المسرحي، ملكة أو موهبة ، وليس شيئاً مكتسباً، ثم إن لغته أقرب إلى لغة النثر، نظراً لما يتصف به من تركيز وإيجاد، وإشارة ولمحة دالة (18) ، وهذه بعينها هي صفات لغة الشعر، التي أهم ما يميزها، كونها لغة تركيبية(19).

ومهما يكن من أمر، فصحيح أن النثر الحديث ، قد استطاع أن يستحوذ على الكتابة المسرحية، ويجعلها أحد فنونه ، لكن نجاح المسرحية ظل ــ كما يبدو للمتأمل لأدبنا المسرحي ــ متوقفاً على ظهور الروح الشعرية فيها، التي هي في الواقع روحها الأصلية.

فقد نشأت المسرحية كما أشرنا في رحاب الشعر ونبتت بذورها في أرضه.

وهذا يفسر لنا سر، اطلاق كثير من الآداب الاوربية على المؤلف المسرحي ، اسم الشاعر ، حتى وإن كان ناثراً (20) . وينطبق هذا على توفيق الحكيم رائد هذا الفن في النثر العربي الحديث.

ولعل من أبرز ما تتسم به الكتابة المسرحية عند هذا الرائد غلبة الطابع ، الفكري عليها، ويتضح هذا من قوله :

(مسرحي فكري حيث إنه يقوم على أفكار ، ويمكن ان نعتبره عقلياً ، وهو بالضرورة رمزي؛ لأن الرمز ما هو إلا لعمومية الفكرة التي تقوم عليها المسرحية )(21).

ويطلق بعض النقاد على هذا اللون من الكتابة المسرحية اسم المسرح الذهني (22).

ومن اهم أعماله المسرحية في هذا المجال، أهل الكهف، وشهرزاد وبجماليون، والسلطان الحائر، عودة الشباب ، رحلة الغد .... وتوضيحاً لهذا سنقف عند عملين من بين هذه الأعمال ، وهما أهل الكهف وشهرزاد.

أما عن أهل الكهف فمن المعروف أن توفيق الحكيم اقتبس فكرتها عن قصة أهل الكهف التي ورد ذكرها في القرآن الكريم (23) والتي تتلخص في أن بعض الفتيان الذين اعتنقوا المسيحية في عهد الملك الروماني دقيانوس، هربوا من بطش هذا الملك الوثني الطاغية ، واختبأوا في كهف خارج المدينة، ثم غشيهم النعاس، وراحوا في سبات عميق ثلاثة قرون من الزمان وتسع سنين ثم أوقظوا من نومهم وبعثوا إلى الحياة من جديد بعد هذا الزمن الطويل.

وقد اختلف في عدد هؤلاء الفتيان، وقد رجح توفيق الحكيم الرأي الذي يرى أنهمم ثلاثة علاوة على كلبهم قطمير، وهم مشلينا، ومرنوش وزيرا الملك، ويمليخا راعي الغنم. وتتألف هذه المسرحية من أربعة فصول.

وتدور أحداث الفصل الأول في الكهف، حيث استيقظ الفتيان الثلاثة وكلبهم ودار بينهم حوار حول نومهم العميق في الكهف الذي استغرق حسب ظنهم عدة أيام، وطلبوا من احدهم وهو يمليخا أن يذهب إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وعاد صاحبهم بعد لحظات مرتعدا.

فقد أثار دهش بعض الذين رأوا معه نقوداً من عهد دقيانوس أي منذ ثلاثة قرون، وهو لا يدري سر هذه الدهشة، وخوش الناس منه.

وينتهي هذا الفصل بدخول جماعة من الناس إلى الكهف لمشاهدة هذه المعجزة الإلهية.

وتدور أحداث الفصل الثاني في قصر الملك الذي بعث في طلب هؤلاء الفتية ، وأحسن استقبالهم وعاملهم على انهم قديسون.

وكانوا يظنون في بداية الأمر، ان امور الدولة تغيرت في هذه الأسابيع القليلة التي مكثوها بالكهف وأطيح بالملك الطاغية دقيانوس، وجيء بهذا الملك الصالح الذي يبدو أمامهم نصرانياً لا وثنياً.

ولكن صاحبهم يمليخا حين خرج من القصر يبحث عن غنمه والمكان الذي تركهم فيه، ادرك أن كل شيء تغير وأنهم لم يلبثوا في الكهف أياماً قليلة بل قرونا ...

ولذا عاد بسرعة إلى صاحبيه ليطلعهما على هذه الحقيقة ، ويبدو هذا بوضوح من خلال هذا الحوار .

(يميليخا : أين مشلينيا ؟ أين مشلينيا ؟؟

مرنوش : ما بك يا يمليخا ؟

يمليخا : أدع مشلينيا على عجل ! ولنذهب .. ولنذهب..

مرنوش : إلى أين نذهب ؟

يمليخا : إلى الكهف ثلاثتنا وقطمير معنا كما كنا ..

مرنوس : لماذا ؟ ماذا فعلت ؟ ماذا حدث ؟

يمليخا : إلى الكهف، ثلاثتنا وقطمير معنا كما كنا ..

مرنوش : لماذا يا يمليخا ؟ أجب ..

يمليخا : هذا العالم ليس عالمنا.

مرنوش : ماذا تعنى ؟

يمليخا : أتدري كم لبثنا في الكهف ؟

مرنوش : أسبوعاً (يمليخا يضحك ضحكات عصبية هائلة) شهراً على حسابك الخرافي ؟

يمليخا : (على نحو مخيف) مرنوش إنا موتى !! إنا أشباح !!

مرنوش : ما هذا الكلام يا يمليخا ؟

 

 

 

يمليخا : ثلثمائة عام تخيل هذا ثلثمائة لبثناها في الكهف.

مرنوش : مسكين أيها الفتى.

يمليخا : هذا الفتى عمره نيف وثلثمائة عام لقد مات دقيانوس منذ ثلثمائة عام، وعالمنا باد منذ ثلاثة قرون.

مرنوش : لعالمنا باد وأين نحن إذن.

يمليخا : هذا الذي ترى دنيا اخرى ليست لنا بها صلة.

مرنوش : أشربت شيئاً يا يمليخا ؟

يمليخا : لست بشارب ولا بمجنون إلى أقول لك الحقيقة أخرج وطف بهذه المدينة وانت تفهم.

مرنوش : أفهم ماذا؟

يمليخا : تفهم أننا لا ينبغي أن نمكث بين هؤلاء الناس لحظة واحدة.

مرنوش : ما الذي يخيفك من هؤلاء الناس يا يمليخا ؟

أليسوا بشراً ؟ أليسوا من الروم ؟

يمليخا : كلا إنهم ناس لا يمكن أن نفهم من هم ولا يمكن أن يفهموا من نحن ..

مرنوش : وما يضيرك / تجنبهم وامكث بين أهلك ... (متذكراً) ولكنك ذكرت لنا أن ليس لك أهل يا يمليخا.

يمليخا : وإن كان لي اهل فهل تحسبني واجدهم بعد ثلاثمائية سنة ؟

مرنوش في رعدة : ماذا تقول أيها الشقي ؟؟

يمليخا (في صوت كالعويل) : اجل .. إنا أشقياء أشقياء ، نحن ثلاثتنا وقطمير معنا لا أمل لنا الآن في الحياة إلا في الكهف ، فلنعد إلى الكهف هلم يا مرنوش)(24).

ولم يصدقه صاحباه، لأنهما لم يبرحا القصر بعد ولازالت هناك روابط عاطفية تربطهما بالناس والحياة حسب تصورها.

لذا لم يجد يمليخا بدا من الذهاب إلى الكهف بدونهما مصطحبا معه كلبه، وذلك بعد أن ودعهما بهذه الكلمات التي تكشف عن الحقيقة المختلفة عن بصريتهما. (هذا أنا ، وهذا كلبي قطمير في هذه الحياة الجديدة  أما انتما فأعميان لا تبصران، أعماكما الحب، فلا أستطيع بعد أن أريكما ما أرى !!

القيا إذن ما شئتما في هذا العالم، لقد صرت وحيداً فيه، وليس يربطني إليه سبب.

وغن كنتما لم تحسا بعد الهرم فإني بدأت احس وقر ثلثمائة عام ترزح تحتها  نفسي ..

الوداع يا إخوان الماضي، اذكرا عهدنا الجميل.

عهد دقيانوس.

والأن استودعكما الله هاتين بشباب قلبيكما في حياتكما الجديدة.

ويذهب في بطء وكآبة على حين تتبعه انظار مشلينيا ومرنوش في صمت حتى يختفي)( 25).

اما الفصل الثالث بتدور أحداثه في بهو الأعمدة بقصر الملك ، حيث طلب الوزير مشلينا رؤية بريسكا ابنة الملك التي يتوهم أنها خطيبته مع أنها في الحقيقة حفيدتها لكنها تشبهها في كثير من الملامح ، والغريب أنها كانت تعلق على صدرها الصليب الذي أهداه هذا الوزير العاشق لجدتها.

مما جعله يوقن بأنها هي خطيبته وأنها لم تتغير كثيراً خلال هذه الفترة الزمنية التي يتصور أنها قصيرة.

وبعد لحظات يعود صاحبه مرنوش من خارج القمر الذي كان قد غادره على أمل أن يرى أسرته.

ولكنه لم يعثر لها على اثر ولا على منزله، وأردك الحقيقة التي أدركها من قبله يمليخا، وحاول ان يقنع صاحبه مشلينيا بالعودة معه إلى الكهف، ولكن مشلينيا رفض ذلك في بداية الامر، وتمسك بالبقاء في القصر لأن صلاته العاطفية به وبالحياة تدفعه إلى ذلك.

وما دامت "بريسكا" خطيبته موجودة ــ كما يتوهم ــ فإن صلته بالحياة ، تظل قوية، وليس هناك ما يدفعه إلى الهروب من هذه الحياة إلى الكهف.

ولكن هذا التصور لم يدم طويلاً، فقد اكتشف في نهاية الامر ومن خلال لقائه مع بريسكا الحقيقة . ولذا لم يطق البقاء في القصر ، وهرب إلى الكهف.

وبهذا ينتهي الفصل الثالث.

أما الفصل الرابع فتدور أحداثه بالكهف الذي وجد فيه هؤلاء الفتية ملاذهم الأخير ثم ينتهي بذهاب بريسكا إليهم في الكهف ، واخيارها البقاء معهم.

ويقال إن توفيق الحكيم يهدف من وراء كتابة هذا العمل الأدبي إلى تصوير الصراع بين الإنسان والزمن. فمشلينا بطل هذا العمل الأدبي، لا يمثل شخصاً بعينه وإنما هو نموذج بشري يمثل كما يقول توفيق الحكيم (كل الناس في مواجهتهم ومقاومتهم للزمن ونضالهم بأمل تحقيق الحياة خارج الزمن ، أي الخلود )(26) .

ومما تجدر ملاحظته هنا، هو أن صراع الإنسان مع الزمن صراع أبدي ودائم، ما بقيت الحياة.

ويبدو أن توفيق الحكيم لم يهدف من وراء كتابة هذا العمل الادبي إلى تصوير هذا الصراع في حد ذاته بل الإشارة كذلك إلى الصراع الذي كان محتدما في المجتمع المصري آنذاك ، بين الجيل القديم والجيل الجديد.

ويلمح توفيق الحكيم إلى أنه ظاهرة طبيعية، تحدث في كل عصر، وبين الاجيال المتعاقبة.

ومن الصعب أن يعيش الإنسان عصراً غير عصره ويحيا بلا روابط تربطه بالناس والحياة التي من حوله ، سواء أكانت روابط مادية، أم معنوية، لأن الحياة المجردة من مثل هذه الروابط ، هي والعدم سواء.

وهذا يفسر لنا سر عودة أبطال أهل الكهف إلى الكهف حين اكتشفوا ، عدم وجود أي رابطة تربطهم بالحياة والعصر، وأنهم في عصر غير عصرهم .

أما عن مسرحية شهرزاد : فقد استلهم موضوعها من قصة ألف ليلة وليلة، التي تقوم أصلا على حكاية الملك شهريار مع زوجته التي اكتشف أنها تخونه مع عبد أسود ، فقتلها وقتله.

ثم أمر بان تختار له كل ليلة فتاة عذراء يتزوجها ثم يقتلها في الصباح، إلى أن وقع الاختيار على شهرزاد ابنة وزيره.

ويبدو أنها كانت تتمتع بذكاء حاد ولباقة ، علاوة على حسنها وجمالها، وتحفظ كثيراً من الأخبار والنوادر والحكايات ، ولذا فقد حاولت أن تفيد من مواهبها هذه أحسن فائدة، فعرضت عليه أن تحكي له حكاية من هذه الحكايات الكثيرة التي تحفظها، وأدركها النعاس قبل أن تكمل الحكاية ولما كان شهريار في شوق شديد لمعرفة نهاية الحكاية فقد طلبت منه ان يبقى على حياتها ليلة اخرى حتى تكمل له هذه الحكاية، وأذن لطلبها.

وفي الليلة الثانية فعلت معه كما فعلت في الليلة الأولى ، وبدأت حكاية جديدة لم تكملها إلا في الليلة التي بعدها وهكذا استمرت معه على هذا الحال ألف ليلة وليلة.

ولكن قصة الليالي لم تكتمل أحداثها، فلم تخبرها عما حدث لشهريار بعد ان سمع هذه الحكايات الكثيرة !!

وهل قتل شهرزاد ، أو أبقى على حياتها  ؟

ومن هنا يأتي توفيق الحكيم محاولاً اتمام أحداث هذه القصة ، فيضيف ليلة إلى الألف ليلة وليلة.

ويقدم لنا شهريار وشهرزاد وجها لوجه في أكثر من مشهد ومن خلال ذلك يتضح لنا، حقيقة كل منهما في نظر الآخر، وفي رأي الكاتب ، كما يقدم العبد الأسود في أول مشهد وفي آخر مشهد مع شهرزاد.

وتقع هذه المسرحية في سبعة مناظر او مشاهد تدور معظمها باستثناء الفصل الأول والسادس في قصر الملك شهريار.

وأهم شخصيات هذه المسرحية هي : شهريار ، وشهرزاد ، والوزير قمر، والعبد الأسود. وهي تعد في الواقع الشخصيات الرئيسية.

وهناك شخصيات فرعية ، مثل الساحر، والجلاد ... وقد أشار بعض النقاد إلى أن هذه الشخصيات تعد تجسيداً لبعض نواحي الحياة الإنسانية ، أو اتجاهات النفس البشرية (27).

والمتأمل الفطن في هذا العمل الأدبي يدرك حقيقة هذا الأمر، فشخصية "شهريار" مثلاً نراها هنا على نحو آخر مختلف عن تلك التي كانت عليه قبل أن يسمع قصص شهرزاد.

فقد كان ملكاً جباراً، سفاكا لدماء الأبرياء من النساء، لعقدة الخيانة الزوجية المتأصلة في نفسه.

أما في هذه الليلة الثانية بعد الألف والليلة فيبدو إنسانا ً آخر استنفد كل متع الحياة، ومل كل شيء فيها، مل الطعام والشراب ، ونوازع الجسد، وحتى العاطفة نحو الجنس الآخر ... وأصبح عقلاً خالصاً ، ويبدو هذا بوضوح من قول شهرزاد له ورده عليها.

(شهرزاد : كل البلاء يا شهريار ، أنك ملك تعس فقط آدميته وفقد قلبه ...

شهريار : إني براء من الآدمية ... براء من القلب ... لا أريد أن أشعر ... أريد أن أعرف ) (28).

لكن ما هذا الأمر الذي يشغل باله ... ويود أن يعرفه ؟؟

إنه في الحقيقة شهرزاد ، هذه المرأة التي هذبت من طباعه الخشنة ، ونقلته من طور اللعب بالأشياء ، إلى طور التفكير في الأشياء.

يقول لها: أنت لست امرأة ككل النساء.

فترد عليه أتمدحني أم تذمني.

فيجيب : لست أدري .. بل قد لا تكونين امرأة.

فتقول له : أرأيت إلى اي  حد أصابك الخبل.

فيرد عليها رداً مفحماً بقوله : (قد لا تكون امرأة من تكون ؟ هي السجية في خدرها طول حياتها تعلم بكل ما في الأرض كأنها الأرض، هي التي ما غادرت خميلتها قط .. تعرف مصر والهند والصين ، هي البكر تعرف الرجال كامرأة عاشت ألف عام بين الرجال، وتدرك طبائع الناس من سامية وسافلة .. هي الصغيرة لم يكفلها علم الأرض فصعدت إلى السماء تحدث عن تدبيرها وغيها كأنها ربيبة الملائكة ، وهبطت إلى أعماق الأرض تحكى عن مردتها وشياطينها وممالكهم السفلى العجيبة كأنها بنت الجن، متى تكون تلك التي لم تبلغ العشرين قضتها كأترابها في حجرة مبدلة  السجف ؟ ما سرها؟  أعمرها عشرون عاماً ؟ أم ليس لها عمر ؟ أكانت محبوسة في مكان أم وجدت في كل مكان .. إن عقلي يغلي في وعائه يريد أن يعرف .. أهي امرأة تلك التي ما في الطبيعة كأنها الطبيعة) (29) ثم تسجيل أمامه عقلاً كبيراً.

يقول لها شهريار : ما أنت إلا عقل عظيم.

فترد عليه باسمه : انت يا شهريار تراني في مرآة نفسك.

فيقول لها : إني أرى الحقيقة (30).

والواقع ان هذه الرؤية ليست حقيقة عامة، ولكنها حقيقة خاصة تمثل وجهة نظر شهريار ، أو رؤية  الخاصة فهو يراها كما يرى نفسه عقلا عظيماً.

أما وزيره "قمر" فإنه يراها في صورة أخرى صورة القلب يقول لها قمر (لن أصدق أكان هذا منك  تدبيرا ؟ أكان كل هذا منك حساباً ؟ كلا ما أنت إلا قلب كبير)

فترد عليه باسمة : إنك تراني في مرآة نفسك.

فيقول لها: إني أرى الحقيقة (31).

أما امام العبد الأسود ، فتبدو شهرزاد جسداً جميلاً.

يقول العبد لها:  ما اجملك ما أنت إلا جسد جميل.

فترد عليه : حتى أنت أيضاً تراني في مرآة نفسك ويعقب على ذلك يقوله إني أرى الحقيقة (32).

وعلى هذا يرى أحد نقادنا المعاصرين أن شخصية العبد تجسد النزعة الجسدية ، وتعد شخصية قمر تجسيداً للنزعة العاطفية ، أما شخصية شهرزاد ، فتنعكس في كل منهما حسب طبيعته (33) ، فهي تبدو عند قمر قلباً ، وعند العبد جسداً أما عند شهريار فتبدو أحياناً عقلاً، ولكن ليس هذا على الدوام فقد تبدو أحياناً اخرى أمام ناظريه جسداً وقلباً (34).

ومع هذا فإن "شهريار" يبدو في الفصل الأخير من هذه المسرحية عقلاً ، تخلص من آدميته وتوازع الجسد، والعاطفة ، بدليل أنه حين رأى العبد الأسود مع شهرزاد لم يأبه به، ولم يحاول قتله.

ولكن هل استطاع "شهريار" بالعقل وحده أن يحل مشكلته الكبرى شهرزاد ؟؟ أو ان يحيا بالعقل وحده ؟؟

لقد وصفت شهرزاد حالته التي وصل إليها ، بقولها (أنت إنسان معلق بين السماء والأرض ينخر فيك القلق ، ولقد حاولت ان أعيدك إلى الأرض فلم تفلح التجربة).

فرد عليها بقوله : لا أريد العودة إلى الأرض (35).

اما عن المغزى الحقيقي لهذه المسرحية ، فهو يختلف في رأيه عن مغزى أهل الكهف ، فمغزى أهل الكهف  كما أشرنا اجتماعي يتمثل في قضية الصراع بين القديم والجديد ، أما المغزى هنا فهو شخصي يتعلق بتوفيق الحكيم نفسه وموقفه آنذاك من المرأة ، وعزوفه عن الزواج مع تقدمه في السن.

وهذا يفسر لنا، سر هذا الغموض الذي أحاطه بشخصيته شهرزاد ، التي هي في الواقع حواء ، التي كانت تمثل مشكلة كبرى في حياة توفيق الحكيم آنذاك.

أما شهريار المعذب القلق، الذي يحاول بالعقل وحده معرفة سر شهرزاد فهو في رأي ، توفيق الحكيم ، الذي كان حتى هذه الفترة من حياته لا يزال يعيش للآداب والفن ولم يستطع من خلال ذلك معرفة كنه حواء.

لكنه أدرك في النهاية أن شهريار الحقيقي، ليس عقلاً وحسب ، وإنما هو عقل وعاطفة وجسد ، ولا يوجد إنسان على ظهر الأرض يستطيع أن يحيا بدون ذلك.

ولذا نرى كاتبنا بعد فراغه من كتابة هذه المسرحية التي يسخر فيها من نفسه وموقفه من المرأة، يغير موقفه منها ، ويقترن بواحدة من بنات حواء.

والواقع أن هذا العمل الأدبي، والعمل الادبي السابق يوضحان لنا، منحى هذا الرائد في الكتابة المسرحية، الذي أهم ما يميزه علاوة على الطابع الفكري، والأبعاد الرمزية، لغته الأدبية التي هي أقرب شبها بلغة الشعر، والحوار  المتفنن الذي يحاول الحكيم من خلاله نقل أفكاره وتقديم شخصياته بملامحها الفنية الدقيقة، ونقل ما يدور بداخلها من أفكار، وتصوير انفعالاتها . ناهيك بهذه الروح الشاعرية التي تفوح من بين ألفاظه وأساليبه التعبيرية.

وعلى أية حال ، فهذا كله يؤكد لنا صحة القول بأن النثر الحديث قد تمكن من بسط ظله على الحياة الادبية، ببعض فنونه الضاربة بجذورها البعيدة في أرضه كالقصة، أو الوافدة عليه كالمسرحية التي كانت في بداية  أمرها فنا شعرياً ، ثم تحولت إليه.

وبشيوع القصة والمسرحية في الحياة الأدبية الحديثة، وطغيانهما على كافة الفنون الأدبية علا صوت النثر على صوت الشعر وطغى الفن الأول على الفن الثاني .

ويبدو أن هذا الطغيان لم يقف عند حد سلب النثر الشعر بعض فنونه ولكنه تعدى ذلك إلى زلزلة الشكل الموسيقي للشعر كما رأينا وإلى صبغ طبيعة هذا الفن الوجدانية ، بصيغته العقلية والفكرية أحياناً.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في النقد الأدبي ص216 – 233 ، في القند المسرحي ص250 ، الأدب وفنونه لعز الدين اسماعيل ص250 – 252.

(2) توفيق الحكيم الفنان ص112.

(3) في النقد المسرحي ص51.

(4) المرجع السابق والصفحة.

(5) عن خصائص المذهب الواقعي راجع: في النقد الأدبي الحديث لغنيمي هلال ص329 – 348 ، فن الشعر لإحساس عباس ص121-137.

(6) الأدب وفنونه لمندور ص76.

(7) في المسرح المعاصر ص29-30.

(8) التسريحية لعمر الدسوقي ص49.

(9) الاتجاهات الأدبية ص394.

(10) المسرح النثري (المقدمة) ص2.

(11) المسرحية ص49.

(12) في النقد الأدبي ص242 ، الأدب وفنونه لعز الدين اسماعيل ص288.

(13) أحاديث مع توفيق الحكيم ص145.

(14) مثل عبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، وسميح القاسم.

(15) منهج عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته جميلة، راجع في النقد المسرحي ص58 – 59.

(16)  المرجع السابق ص56.

(17) الأدب وفنونه لمندور ص124.

(18) توفيق الحكيم الفنان ص109.

(19) فن الشعر لإحسان عباس ص197.

(20) توفيق الحكيم الفنان ص111.

(21) أحاديث مع توفيق الحكيم ص109.

(22) محمد مندور، مسرح توفيق الحكيم ص26 دار نهضة مصر.

(23) راجع سورة الكهف.

(24) توفيق الحكيم ــ اهل الكهف ص63-65.

(25) المرجع السابق ص77.

(26) أحاديث مع توفيق الحكيم ص109.

(27) مندور ، مسرح توفيق الحكيم ص66.

(28) شهرزاد ص69.

(29) المرجع السابق ص72.

(30) المرجع السابق ص75.

(31) ص55 المرجع السابق.

(32) المرجع السابق ص112.

(33) مندور مسرح توفيق الحكيم ص66.

(34) مسرحية شهرزاد ص80-81.

(35) المرجع السابق ص166.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.