أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-2-2017
2566
التاريخ: 23-2-2017
5970
التاريخ: 2023-05-31
1495
التاريخ: 2023-05-06
1235
|
إن الغاية من تعريف عقدٍ ما، هي لإمكان إدخاله في فئة من الفئات القانونية التي حددها المشرع، لتيسير تكييف العقود على اختلافها، بغية تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق عليها.
ولغرض تعريف عقد العمل فإنه من المناسب تسليط الضوء على تعريف هذا العقد لغةً، ومن ثم اصطلاحاً وفقاً للقانون العراقي والتشريعات المقارنة.
- التعريف لغةً:-
إن مصطلح العمل بالمعنى اللغوي، يقصد به "الجهد الانساني أياً كان نوعه، عضلياً أو ذهنياً، فنياً أو إدارياً، وسواء كان يحتاج لمهارة خاصة أو لا (1). وعمل عملاً أي فعل فعلاً عن قصد(2). أما العقد "فهو اتفاق بين طرفين يلتزم بمقتضاه كل منهما تنفيذ ما اتفقا عليه، وعقد العمل.. هو عقد يلتزم بموجبه شخص أن يعمل في خدمة شخص آخر لقاء أجر(3).
- التعريف اصطلاحاً:-
أولاً:- في التشريع العراقي:
عرفت المادة /900 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 عقد العمل بما يأتي (عقد العمل، عقد يتعهد به أحد طرفيه بأن يخصص عمله لخدمة الطرف الآخر ويكون في أدائه تحت توجيهه وإدارته مقابل أجر يتعهد به الطرف الآخر. ويكون العامل أجيراً خاصاً). يتضح من هذا النص ان عقد العمل في القانون المدني العراقي يتضمن ثلاثة عناصر رئيسية(4). وهي العمل – وهو محل التزام العامل(5). وسبب التزام صاحب العمل (6). والأجر – وهو محل التزام صاحب العمل وسبب التزام العامل -، والتبعية وتتمثل في خضوع العامل لإدارة وإشراف صاحب العمل. كما عَرّفت المادة /29 من قانون العمل العراقي(7) – النافذ – رقم 71 لسنة 1987 عقد العمل بما يلي (عقد العمل هو اتفاق بين العامل وصاحب العمل، يلتزم فيه العامل بأداء عمل معين لصاحب العمل تبعاً لتوجيهه وادارته ويلتزم فيه صاحب العمل بأداء الأجر المتفق عليه للعامل). يتضح من هذا النص بأن المشرع – وكما هو الحال في القانون المدني – قد ذكر عنصر العمل والتبعية والأجر، إلا انه أهمل اصطلاح الأجير الخاص على العامل، ويبدو ان هذا الاهمال مقصود لذاته، فهو يتفق مع ما يذهب اليه الفقه من انه لا يسلتزم لقيام عقد العمل ان يعمل العامل لدى صاحب عمل واحد فقط، بل يجوز له ان يبرم اكثر من عقد مع اصحاب عمل متعددين، ولا ان يعمل بمقتضاه كل الوقت، بل يجوز ان يقتصر عمله على جزء منه. وبهذا يمكن ان تتعدد عقود العمل التي يكون احد اطرافها عامل واحد، متى توافرت في كل منها عناصر عقد العمل. نستظهر مما سبق أن عقد العمل في التشريع العراقي(8). يعد من عقود القانون الخاص من حيث الاصل، إلا ان له صفة خاصة تميزه عن هذه العقود كونه يقضي بخضوع شخص لاشراف وتوجيه شخص آخر، وهذه الصفة تجعله يشبه الى حدٍ ما العقد الاداري الذي بموجبه يعمل الشخص لحساب الادارة وتحت اشرافها وتوجيهها. وعليه فان عقد العمل هو عقد كسائر العقود الأخرى لا يتم إلا بتوافق إرادتين وتلاقيهما على عناصر ذلك العقد. ولصحة هذا الاتفاق يجب أن تتوفر أركانه وهي الرضا والمحل والسبب(9). مع مراعاة الأحكام الآمرة المنصوص عليها في كل من قانون العمل والقانون المدني(10). هذا ويستثنى من نطاق عقد العمل – في القانون العراقي – كل من الموظفين والعاملين في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي(11). بصورة مطلقة، ويستثنى كذلك عمال الزراعة وعمال الخدمة المنزلية وذلك بالنسبة لساعات العمل فقط(12). وكذا كل من ينص القانون على عدم خضوعه لقواعد قانون العمل. وبعد أن إنتهينا من بيان موقف المشرع العراقي من تعريف عقد العمل بقي أن نشير إلى موقف التشريعات المقارنة، العربية منها والأجنبية.
ثانياً:- في التشريعات العربية:
لقد وردت عدة تعاريف بصدد عقد العمل في التشريعات العربية، حيث عرَّفت المادة/674 من القانون المدني المصري عقد العمل بأنه (العقد الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر، وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر)، كما عرفته المادة /42 من قانون العمل المصري رقم 91 لسنة 1959 بأنه (العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب العمل وإشرافه مقابل أجر) (13). ويظهر بأن التعريفين يؤكدان على تعهد بأداء عمل مقابل أجر، أي أن التعريفين قد أشارا إلى ثلاثة عناصر لعقد العمل، وهي العمل والتبعية والأجر. وعرفت المادة/38 من قانون العمل البحريني رقم 23 لسنة 1976 عقد العمل بأنه (عقد بين صاحب عمل وعامل يتعهد الأخير بموجبه أن يعمل تحت إدارة صاحب عمل وإشرافه مقابل أجر، ويتضمن شروط العمل المتفق عليها بينهما وذلك لمدة محددة أو غير محددة أو من أجل القيام بعمل معين). (14). كما عُرِّف عقد العمل في الفقرة الثانية من المادة /12 من قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 بأنه (اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه وإدارته مقابل أجر، ويكون عقد العمل أما لمدة محدودة، أو غير محدودة أو لعمل معين أو غير معين) (15). فعقد العمل وفقاً لهذين التعريفين يقصد به أن يقوم شخص بأداء عمل لحساب آخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر معين ولمدة معينة.
ثالثاً:- في التشريعات الأجنبية:
لقد تباين موقف مشرعو الدول بصدد تعريف عقد العمل فمنهم من تولى مهمة التعريف بنفسه ومنهم من ترك هذه المهمة للفقه والقضاء. ففي القانون الفرنسي نجد أن المشرع قد ترك مهمة تعريف عقد العمل للفقه والقضاء، إذ لم يرد في القانون المدني ولا في قانون العمل الفرنسيين أي تعريف لعقد العمل بشكل يسمح بتحديد معالمه أو إظهار عناصر وخصائص هذا العقد(16). مما أدى إلى ظهور عدة تعاريف بهذا الصدد. حيث عرف جانب من الفقه الفرنسي(17). عقد العمل بأنه (الاتفاق الذي يلتزم بموجبه شخص – العامل – بوضع نشاطه تحت تصرف وتوجيه شخص اخر – صاحب العمل – مقابل دفع مبلغ من المال) واشاروا بأن هنالك ثلاثة عناصر لعقد العمل يمكن استظهارها من التعريف، وهي: ان يكون هناك عمل بشري، وأن يكون هذا العمل مقابل دفع مبلغ من المال ذلك لأن عقد العمل من عقود المعاوضة الملزمة للجانبين، والعنصر الثالث يتمثل في الإشراف والخضوع الذي يمتاز بأنه ذو صفة شخصية، فالعامل يضع نفسه تحت إشراف شخص آخر، الأمر الذي يبرر التدخل الضروري للمشرع بالأحكام الآمرة لتنظيم هذا العقد لضمان احترام أمن وكرامة العامل. في حين تذهب الأستاذة (Boulanger) (18). إلى ادخال فكرة الزمن في تعريفها لعقد العمل، وتعده من العناصر الاساسية في هذا العقد. بينما يؤكد الفقيهان (Rivero) و (Savatier) (19). على فكرة التبعية أو الخضوع عند تعريفهم لعقد العمل، حيث يعدون هذا العنصر هو الأساس في تعريف هذا العقد وهو الذي يميزه عن العقود الأخرى. هذا على صعيد الفقه في فرنسا، أما القضاء فأنه قد أكتفى بتفريق عقد العمل عن العقود الشبيهة به بتطبيق معايير التعاريف والتي بوجودها تعد الرابطة عقد عمل(20). أما في انكلترا بلد القانون غير المقنن فإن المشرع لم يتولَّ مهمة تعريف عقد العمل بل ترك مهمة التعريف هذه إلى القضاء، الذي عرّف عقد العمل بأنه (عقد لإجارة الخدمات يتعهد بمقتضاه شخص بالاشتغال مقابل أجر تحت أوامر شخص آخر يتعهد بتشغيله)(21). أما في القانون السويسري فإن المشرع قد أورد تعريفاً لعقد العمل في المادة /319 ف1 من قانون الالتزامات السويسري، بأنه (عبارة عن اتفاق يعد بمقتضاه شخص – المستخدم – بتقديم عمله لآخر – صاحب العمل – لمدة محدودة أو غير محدودة مقابل أجر) (22). ويؤخذ على هذا التعريف بأنه لم يذكر عنصر التبعية ، وهذا العنصر يعد من العناصر الأساسية لعقد العمل. وأياً كان أمر التعاريف السابقة، فإننا نجد بأن تعريف عقد العمل ينبغي أن يكون شاملاً لجميع عناصر هذا العقد الأساسية(23). كي يكون تعريفاً جامعاً مانعاً قدر الإمكان. وعلى كل حال فإننا يمكن أن نعرف عقد العمل وبنص جامع بأنه (عقد يتعهد به أحد طرفيه بأن يخصص عمله للطرف الآخر، الذي قد يكون شخصاً طبيعياً أو معنوياً(24). لخدمة معينة أو لمدة محددة أو غير محددة، ويكون في أدائه تحت توجيهه وإدارته، مقابل أجر).
_______________________
- نديم مرعشلي، وأسامة مرعشلي، الصحاح في اللغة والعلوم، المجلد الثاني، دار الحضارة العربية، ط1، بيروت، 1974، ص160.
2- د. إبراهيم أنيس، ود. عبد الحليم منتصر، وعطية الصوالحي، ومحمد خلف الله، المعجم الوسيط، ج2، المجلد الثاني، دار الفكر، ص628.
3- المصدر نفسه، ص628.
4- ويشار بهذا الصدد بأن هناك جانباً من الفقه يضيف عنصراً رابعاً لعقد العمل وهو عنصر الزمن.
انظر في هذا الرأي: د.جلال القريشي، المعايير القانونية لعقد العمل، مطبعة حداد، البصرة، 1969، ص103.
5- يقصد بالعامل كل من يؤدي عملاً لقاء أجر ويكون تابعاً في عمله لإدارة وتوجيه صاحب العمل. أنظر: المادة /8 ف2 من قانون العمل العراقي النافذ رقم 71 لسنة 1987.
6- يقصد بصاحب العمل كل شخص طبيعي أو معنوي يتخذ من العمل الذي يزاوله حرفة أو مهنة ويستخدم في عمله عاملاً أو أكثر لقاء أجر. أنظر: المادة/ 8 ف2 من قانون العمل النافذ.
7- وتجدر الإشارة الى ان المادة/13 من قانون العمل الملغي كانت تعرف عقد العمل بأنه (اتفاق حر، بين العامل وبين الإدارة أو صاحب العمل، يلتزم فيه العامل، بأداء عمل معين للجهة صاحبة العمل، وتبعاً لادارتها وتوجيهها ويلتزم فيه صاحب العمل بأداء الأجر المتفق عليه للعامل).
8- يلاحظ بأن المشرع العراقي قد تولى مهمة تعريف عقد العمل ولم يترك ذلك للفقه والقضاء كما فعل غيره من المشرعين مثل المشرع الفرنسي والأنكليزي – كما سنرى – وحسناً فعل المشرع العراقي بذلك.
9- د. شاب توما منصور، شرح قانون العمل - دراسة مقارنة، دار الطبع والنشر الأهلية، ط4، بغداد، 1971، ص326.
0- ويشار بهذا الصدد بأن نصوص القانون المدني ومواد قانون العمل كلاهما ينظمان عقد العمل، ولكن في حالة وجود تعارض في نص معين بينهما، فإن قانون العمل يكون هو الواجب التطبيق، كونه يعد قانوناً خاصاً بالنسبة للقانون المدني الذي يمثل الشريعة العامة للقانون، وكما هو معروف فإن الخاص يقيد العام.
1- حيث يخضع الموظفون لقوانين الخدمة المدنية. أنظر المادة /8 من قانون العمل، إذ لم يذكر فيها سريان قانون العمل على العاملين في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي.
2- أنظر المادة/66 ف1 من قانون العمل النافذ.
3- د.محمد لبيب شنب، شرح قانون العمل، الكتاب الأول، المباديء العامة وعقد العمل الفردي، دار النهضة العربية، 1966، ص60.
14- Labour Law of Bahrain (23/1976):
http://www.bah-Molsa.com/arabic/badL.htm.
15- د. أحمد عبد الكريم أبو شنب، شرح قانون العمل الجديد، عمّان، 1999، ص90.
16-Camerlynck, (G.H.) Traite' Du Driot Du Travail, Dalloz, 1968, P.45.
17- Ibid., P. 45,48.
Malezieux Et Manasseyre, Le Droit Du Travail En Agriculture, Berger- Levraull, 1963, P.118.
18- Ripert Et Boulanger, Traite' de droit civil, Tome.3, 1968, No. 1994.
19- Rivero Et Savatier, Droit Du Travail, Pres, Univ De France, 1975, P.60.
20- Ibid., P.60.
21- د. جلال القريشي، المعايير القانونية، مصدر سابق، ص42-43.
22- المصدر نفسه، ص40.
23- فيما بعد، ص22 .
24- إن طرفا عقد العمل هما العامل وصاحب العمل، ومن البديهي أن العامل لا يمكن أن يكون إلا شخصاً طبيعياً، في حين يمكن أن يكون صاحب العمل شخصاً طبيعياً أو معنوياً (اعتبارياً) كما هو الحال في الشركات و المشاريع .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|