أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-31
1245
التاريخ: 18/12/2022
1297
التاريخ: 20-6-2016
2060
التاريخ: 2024-01-03
1105
|
يرى البعض أن القانون يلعب دورا متواضعا جدا في عمل مجلس الأمن الدولي و ذلك بوصفه جهازا سياسيا يقوم بمهامه بطريقة مختلفة عن تلك الأجهزة القضائية مثل محكمة العدل الدولية. بينما تشير وجهة نظر أخرى بان هناك عدة وسائل يمكن من خلالها أن يظهر القانون نفسه في عمل مجلس الأمن .وذلك بتبني لغة مشتركة وبتطبيق مبادئ معينة على قضايا معينة من خلال تحديد اهدف جديدة لمصالح مشتركة. لقد عبرت عن وجهة النظر الثانية الأستاذة روزالين Higgins التي اختلفت مع الأستاذ كلسن، الذي يمثل وجهة النظر الأولى التي تقول بان دور القانون في عمل المجلس يكاد أن ينعدم و ذلك خلافا لما ذهبت أليه الأستاذة روزالين بان استخدام القانون بواسطة المجلس هو بالضرورة يعني معنيين متداخلين و ذلك لان المجلس ذو مفهوم مزدوج A dual concept يعني أن كل دولة عضو على حدة حين تشرح قضيتها و هو أيضا العدد الكلي للأعضاء حين يتصرفون باسم المجلس، هكذا تقول ((عندما نتحدث عن القانون في المجلس فأننا نتكلم في الحقيقة عن شيئين: القانون كما يدعى من جانب أطراف النزاع والقانون كما يطبقه الجهاز ذاته عندما يصدر قراره))(1). و أعضاء مجلس الأمن هم في الوقت ذاته، مشاركون و صانعون القرار لكن الأمر قد يستدعي للاندهاش حيث أن كل استخدام للقانون في المجلس يبدو مختلفا عن الآخر، وذلك لان واحداً أو اكثر من الأعضاء قد يكون نفسه متداخلا في نزع مطروح على المجلس . وقد ميز الميثاق نفسه بين الدورين المختلفين في الفقرة الثالثة من المادة (27) من الميثاق التي تدعو من كان طرفا في النزاع المطروح على المجلس بالامتناع عن التصويت إذا تعلق القرار بالتسوية السلمية وفقا لاحكام الفصل السادس، عليه ان هذه المادة غير قادرة على وضع حد للجدل عبر تلك السنين بين المؤيدين والمعارضين لسببين رئيسيين:
أولا : قد أصبحت هناك صعوبة في تعريف ((الأطراف)) The parties في نزاع ما في عالم متشابك المصالح بحيث يصعب على الدول أن تقف جانبا تجاه منازعات الآخرين، حتى و لو افترضنا بأنها لم تدخل بصورة مباشرة كمؤيدة أو معارضة لكن قد تتدخل بصورة غير مباشرة في النزاع متى ما كانت مصالحها عرضة للخطر They have interests at stake
ثانيا : إن الدولة العضو ملزمة بان تمتنع عن التصويت على قرار يتعلق بالتسوية السلمية لنزاع هي طرف فيه، لكن في العادة إن الدولة العضو في مجلس الأمن قادرة على أن تنكر أنها طرف في نزاع، أو تؤكد على أن المسالة (موقف)"Situation" وليست (نزاعا) "dispute" أو أن القرار في المسالة يقع تحت طائلة الفصل السابع من الميثاق، وهكذا يمكن القول بان الواقعة تشكل تهديدا للسلم أو الإخلال به أو عمل من أعمال العدوان، وبناءا عليه فان الامتناع عن التصويت الذي يمكن أن يخدم في تحديد أو تقليص الدور المزدوجto limit the dual role لأعضاء مجلس الأمن كمشاركين و صانعي القرار، نادرا ما يستخدم decision makers is rarely used ولقد اصبح النادر جدا أن يقدم عضوا طلب رسمي بوجود نزاع، بل الأكثر ندرة أن يقدم طلبا رسميا بالامتناع عن التصويت للسبب المذكور في المادة (27/3) من الميثاق(2).
ويرى بعض الفقهاء أن الحكم الوارد في المادة 27/3 المذكورة آنفا قد جانبه التوفيق لسببين وهما(3):
السبب الأول : انه لا يوجد مبرر يقصر وجوب امتناع الدولة عن التصويت على القرار الصادر بشان نزاع تعد طرفا فيه على الأحوال الواردة في الفصل السادس من الميثاق الخاص بحل المشكلات الدولية حلا سلميا، خاصة إذا كانت الحكمة من النص المذكور هو أن الشخص لا ينبغي أن يكون خصما وحكما في ذات الوقت، اصبح من الأولى أن يمتد تطبيق هذا الحكم على الحالات التي يصدر فيها المجلس قرارات باتخاذ إجراءات المنع و القمع نظرا لقيام دولة أو اكثر بتهديد الأمن و السلم الدولي وفقا لما جاء في مواد الفصل السابع. فعندئذ ينبغي أن تمتنع الدولة التي صدر ضدها القرار عن التصويت عليه إذ الحكمة في منعها تعد اكثر توافرا في هذه الحالة عن الحالات التي ينص فيها وفي القرار على الحلول السلمية.!!!
أما السبب الثاني: فانه يتعلق بصعوبة الوقوف على متى تكون الدولة طرفا في النزاع المعروض على المجلس، ولقد حاولت محكمة العدل الدولية تعريف المقصود باصطلاح ((النزاع)) في رأيها الاستشاري الصادر في سنة 1962 بشأن مشكلة جنوب غرب أفريقيا والذي جاء فيه أن المقصود بالنزاع هو ((كل اختلاف على مسألة تتعلق بالقانون أو الواقع، أو أي تعارض أو تصادم في وجهات النظر القانونية أو في المصالح المتعلقة بشخص أو اكثر))
ويضيف بقوله ((فلو نحن أخذنا بمثل هذا التعريف لكان من الواجب أن يمنع كافة أعضاء مجلس الأمن أو على الأقل جزء كبير منهم عن التصويت لانه لا تخلو مناقشة تتم في مجلس الأمن عن وجود تقابل وتصادم واختلاف على النحو الذي ذكرته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري المذكور))(4). إزاء ما تقدم أن الصعوبات الناتجة من الازدواجية في عمل المجلس ينبغي أن لا تغيب عن البال خاصة أن مجلس الأمن حقيقة جهاز سياسي، لكنه أيضا في الوقت نفسه يلعب دورا معينا بالتحديد في ميثاق الأمم المتحدة الذي يعتبر هو وثيقة قانونية لا يختلف حول طبيعته القانونية عن كونه معاهدة دولية متعددة الأطراف. حيث دعت المادة الأولى 1/ منه على ضرورة التزام أجهزة الأمم المتحدة عند تسوية المنازعات الدولية أن يكون بما يتفق مع مبادئ العدل والقانون الدولي، معلوما دائما أن الدول الأعضاء تؤكد أو تبرر على الأقل مواقفها ووجهات نظرها على أسس مقبولة لدى الآخرين استنادا إلى مبادئ قانونية سواء في الميثاق أو القانون الدولي الذي يوفر لغة مشتركة بين الدول مع اختلاف ثقافاتها وأيدلوجياتها. لكن وفق وجهة نظر كلسن هناك تساؤل، هل إن مجلس الأمن الدولي ملزم بنص المادة الأولى الفقرة الأولى من الميثاق عند تسوية المنازعات الدولية التي تلتبس فيها الجوانب القانونية والسياسية وتهدد السلام الدولي؟ وبمعنى آخر هل يجب أن تكون تسوية المنازعات بواسطة المجلس بما يتفق مع مبادئ العدل والقانون الدولي. فقد أجاب الأستاذ كلسن صاحب هذه النظرة بقوله ((إن توصية مجلس الأمن بشأن تسوية المنازعات وفقا للمواد (37/2) و(38) من الميثاق لا تحتاج لان تكون متفقة مع القانون الدولي، وخاصة أن المادة (37/2) تستدعي السماح للمجلس بان يوصي بما يراه ملائما. “As it may consider appropriate" ويأخذ في الحسبان المادتين (37/2) و المادة (1/1) خاصة تعبير “just” الوارد في هذه المادة الأخيرة، ويخلص "كلسن" إلى أن مجلس الأمن لديه السلطة في أن يوصي بتسوية قد تتضمن إهدارا لحقوق طرف أو آخر “might involve an infringement” يتمتع بها طبقا للقانون الدولي الحاضر إذا اعتبر مجلس الأمن إن مثل هذه التسوية عادلة “AS just” أو ملائمة “AS appropriate" (5). وتختلف الأستاذة روزالين مع الأستاذ "كلسن" لأنها لا تعتقد بان اصطلاح Appropriate الوارد في المادة (37/2) ينطوي على تعارض أو تناقض مع اصطلاح القانون الدولي المشار إليه في المادة (1/1) حسبما ما يتعلق بالعدالة، إذ لا يوجد دليل في الأعمال التحضيرية بان واضعي الميثاق لم يروا فارقا كبيرا بين القانون والعدالة، بل إن كلا التعبيرين يستخدم غالبا بصورة مترادفة بذات المعنى synonymously.(6). ويخلص هذا الاتجاه الأول الذي يمثله الأستاذ "كلسن" إلى أن مجلس الأمن ليس مشدودا إلى اعتبار القانون إلا استثناءا عندما يبحث الحقائق والظروف بوصفه جهازا سياسيا وليس جهازا قانونيا، وهكذا هناك من يعتقد بان المجلس يرى أن مفهوم العدالة “views justice" وفقا لما يتفق مع الحالة الراهنة “status quo ant" لكن هذه الحالة الراهنة ليس بالضرورة أن يكون وضعا عادلا “status juris" حتى لو أسس وفقا للقانون الدولي. وهذا الافتراض يبدو واضحا من الغزو الإسرائيلي لمصر عام 1956 حيث يعتقد معظم الدول الغربية بان هذا الوضع وضع عادل نتيجة إغلاق مصر غير القانوني لقناة السويس وخليج العقبة في وجه السفن الإسرائيلية(7). ونحن لا نتفق مع هذا الرأي الأول الذي يقوده الأستاذ كلسن، حقيقة يعبر عن الأسلوب والنهج الخاص للدول الغربية في تفسير أحكام القانون الدولي حيث درجت هذه الدول على استخدامه في مجلس الأمن لتحقيق مصالحها وأهدافها فضلا عن مصالح حلفائها بحكم سيطرتها على قرارات المجلس وفقا لتفسيرها الخاص لأحكام الميثاق وقواعد القانون الدولي التي ترى أن مفهوم العدالة والقانون لا بد أن يتلاءم بما يتفق مع الحالة الراهنة التي حتما لم تكن وضعا عادلا للدول الخارجة عن نطاق سيطرة هذه الدول الغربية المهيمنة على المجلس ويبدو أن هذا القول ليس مجرد افتراض بل واقعاً ملموساً ومعاشاً في ظل الأحداث الدولية الجارية الآن في فلسطين المحتلة، أفغانستان والعراق وغيرها من مناطق العالم الأخرى. قد لاحظ بعض الفقهاء خطورة هذا التفسير لاحكام الميثاق والقانون الدولي بقوله ((إن قرارات المجلس ضد العراق رغم صياغاتها الذكية حيث تأكيدها وإسنادها بمظاهر المشروعية الشكلية الخادعة بالتزاماتها لحرفية أحكام الميثاق والقانون، ومحاولة مجانبتها للشبهات بينما تكون بواعثها الباطنية غير منزهة من الغرض أو قد تكون مدفوعة لتحقيق هدف آخر غير الذي منحت من اجله هذه السلطة، أن هذا الهدف الآخر هو الهدف المعيب إذ لا يمكن أن نستنتجه من قصد المشرع لانه لم يضعه أصلا، وإنما انصرف إليه قصد من يمارس السلطة إذ استخدم وسيلة مشروعة لبلوغ غاية غير مشروعة))(8) .وهكذا تتجلى خطورة هذا الهدف المستتر أو الخفي إن تسربل تارة برداء القضاء على الإرهاب الدولي أو درء الأخطاء المحتمل حدوثها بتهديد الأمن والسلام الدولي أو تارة أخرى الادعاء بالتمسك بحق الدفاع الشرعي عن النفس أو حماية حقوق الإنسان. كل ذلك يتم من خلال إيجاد المبررات والحجج القانونية الصورية أو الشكلية التي تبدو ظاهريا للعيان موصولة باختصاص محدد في الميثاق أو قواعد القانون الدولي. وهكذا لئن بدأ تدخل مجلس الأمن في بعض النزاعات متسقا وقواعد القانون الدولي واحكام الميثاق، فإن تدخله في نزاعات أخرى قد يبدو متعارضا وقواعد هذا القانون ومتجاوزا لحدود اختصاصاته الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين، ولذا يتعين أن يكون الغرض من القرار الذي يصدره المجلس تحقيق الأهداف التي من اجلها تم إنشاء هذا الجهاز، وعلى ذلك فلو انفصمت العلاقة بين القرار وتلك الأهداف يتعين القضاء بعدم شرعيته، ويستفاد من هذا الشرط من قضاء محكمة العدل الدولية من الرأي الاستشاري الذي أصدرته عام 1962 بشأن بعض نفقات الأمم المتحدة، فلن يكون في الإمكان اعتبار مثل هذا الاتفاق اتفاقا للمنظمة الدولية(9). في ضوء هذا الرأي ذهب بعض الشراح إلى انه في ظل عدم وجود نظام قضائي ذي آليات محددة للمراجعة والرقابة على قرارات المنظمات فإنه يرى أن كافة القرارات والتصرفات التي تتجاوز الاختصاص المحدد أصلا أو تستند إلى حسابات سياسية لا صلة لها بالنزاع فإنه يجب احتسابها قرارات خارجة عن نطاق الاختصاص “Ultra vires decisions" ليست لها أي قيمة قانونية ويجوز التحلل منها حيث أن التجاوز كعيب أمر يشوب القرار في ذاته وبالتالي يصبح ليس في حاجة لاقراره عبر أجهزة أخرى(10). من ناحية أخرى ذهب اتجاه آخر مخالفا لهذا الرأي بقوله ((إن الاعتراف بمشروعية معارضة القرارات الخارجة عن نطاق الاختصاص سيؤدي إلى فتح الباب واسعا أمام الدول للادعاء بذلك "الدفع" للتحلل من التزاماتها))(11). وبين هذين الاتجاهين ظهر اتجاه ثالث توفيقي بينهم يرى انه ينبغي أن يأخذ في الحسبان من القرار المتطلبات القانونية من ناحية وحقائق الواقع من ناحية أخرى، بحيث تكون النظرة القانونية في قرارات المنظمات الدولية يجب أن تتسق والشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة في التصرف القانوني مع اعترافهم في الجانب الآخر بان حقائق الواقع هي التي تتحكم في تنفيذ تلك القرارات. ويعلق الرأي السابق على الاتجاه التوفيقي بقوله ((هذا الرأي على الرغم بما يكتنفه من صعوبات في التطبيق إلا انه لا يخلو من فائدة كبرى إذ لا يقتصر على تكييف القرارات والتصرفات من حيث المشروعية أو عدم المشروعية وانما يتجاوز ذلك إلى تفسير أسباب ذلك واقعيا وينتهي تعليق ذلك بالقول (إن الحكم ببطلان أو عدم بطلان قرارات أو تصرفات المنظمات الدولية يجب أن يكون المحك والمعيار الرئيسي فيه هو مدى اتساقه مع بنود الميثاق وأهدافه))(12) .حتى لا تطغى المعايير السياسية التي كانت وما زالت تعكس الرؤية الغربية لمنظمة الأمم المتحدة كما هو وارد تصريح رئيس وزراء لوكسمبورج.
_______________________
1- Rosalyn Higgins: The place of Law in the settlement of disputes by the security council. A.J.I.L. vol, 64,No.1, Jan, 1970.p1-2.
2-R.Higgins: 1d.p.2 (But fre
3- محمد السعيد الدقاق: المرجع السابق ص291-292.
4- محمد السعيد الدقاق: المرجع السابق، ص293.
5- R.Higgins: P.8-9.
6-R.Higgins: P ..9. (there is no evidence in the travaux preparatoires that the framers of the charter saw any great distinction between Law and justice: the terms were used almost synonymously.
7- Id.P.11.
8- نزار جاسم العنبكي: المرجع السابق ص70-71.
9- حسام احمد محمد هنداوي: مدى التزام مجلس الأمن بقواعد الشرعية الدولية نظرة واقعية ومستقبلية. مجلة السياسة الدولية. العدد 117 لعام 1994، ص99.
0- محمد عاشور مهدي: ميثاق الأمم المتحدة، بين التأويل والتسخير، دراسة في علاقة القوى الكبرى بالأمم المتحدة في ضوء الممارسات الأمريكية تجاه ليبيا: منشورات دراسات العالم الإسلامي. قضية لوكربي ومستقبل النظام الدولي المرجع السابق ص382.
1- نفس المرجع: ص382.
12-E.O.Sicke. 1d. P.251. (Gaston Thorm), stated: “ We should not complain about the intrusion of politics into the UN. We created the organization for political reason in order to apply our strategy there”.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|