أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-6-2016
5532
التاريخ: 16-6-2016
3099
التاريخ: 18/12/2022
1568
التاريخ: 20-6-2016
2060
|
نجد أن المعاهدات الثنائية تنص على جواز الانسحاب إذ تستطيع الدولة الانسحاب من هذه المعاهدات وبالتالي إنهاؤها بشرط إتباع الشروط المنصوص عليها كأن يقدم الطرف الراغب بالانسحاب إخطارا كتابيا إلى الطرف الآخر أو أن المعاهدة لا تجيز الانسحاب خلال فترة معينة. ويمكن لأحد طرفي المعاهدة إنهاءها بدون رضا الطرف الآخر (1). وهناك بعض المعاهدات لا تتضمن نصا يجيز الانسحاب أو أنه لا يجوز الانسحاب منها كما هو الحال في :
1- المعاهدة التي حددت لسريانها أجل معين .
2- المعاهدات المنظمة لأوضاع دائمة كمعاهدات الحدود .
كما أن هناك معاهدات لم تنص على مدة معينة لسريانها ، فهل تبقى ملزمة لأطرافها بصورة دائمة ؟ الإجابة هنا أنه ليس من المنطقي والمعقول أن الأطراف في هذه المعاهدات قد التزمت بها بصورة دائمة لذا فالانسحاب من هذه المعاهدات جائز بشرط موافقة بقية الأطراف على ذلك (2). فالقاعدة العامة لا يجوز الانسحاب من معاهدة دولية لا تنص على هذا الحق وأن إنهاءها من أحد الدول يعرضها للمسؤولية الدولية . ونجد أن الانسحاب من المعاهدات متعددة الأطراف لا يؤدي إلى إنهائها إلا إذا انخفض عدد الدول الأطراف عن الحد الطبيعي الذي أشارت إليه الاتفاقية ، لأن هذه المعاهدات هي معاهدات شارعة تضم العديد من الدول وبالتالي فالانسحاب من هذه المعاهدات هو انسحاب من نظام قانوني ، وأثره ينصرف إلى الدولة المنسحبة وتستمر المعاهدة بالنفاذ بين بقية أطرافها ، بعكس المعاهدات الثنائية فإن انسحاب أحد الطرفين يؤدي إلى إنهاء هذه المعاهدات (3). وهذا ما أكده بروتوكول لندن لسنة 1871 إذ أشار إلى أن المعاهدات متعددة الأطراف تظل نافذة في حق باقي أطرافها في حال انسحاب أحد أطرافها في ضوء النص الصريح بذلك ، لأنه ليس لأحد أن ينسحب بدون هذا النص بعمل انفرادي أو بدون موافقة الدول الأخرى الأطراف في المعاهدة ، وهذا ما أكده معهد القانون الدولي عام 1963م وأثبتته الممارسة العملية لألمانيا بانسحابها من معاهدة فرساي إذ عد عملها مخالفا للقانون الدولي (4). ولا بد من التنويه أن المادة 4 من تقرير السيد ( فتزموريس ) (Fitzmaurice) المقدم إلى لجنة القانوني الدولي أشار إلى أنه في حالة غياب أي نص على إنهاء المعاهدة فإن هناك افتراضا أن المعاهدة تسري لمدة غير محددة وبذلك لا يمكن إنهاؤها إلا بموافقة مشتركة ، أما الاستثناء يتمثل بالآتي :
1- استنتاج آلية لإنهاء المعاهدة من جانب واحد أو استنتاجه من بنود المعاهدة .
2- افتراض وجود حق نقض ضمني في عدد من المعاهدات ، كمعاهدات التحالف والمعاهدات التجارية (5).
وقد توزعت آراء الفقهاء حول حق الانسحاب في المعاهدات الدولية في حالة سكوتها عن ذلك إلى رأيين :
الرأي الأول : ينصرف إلى عدم جواز الانسحاب في حالة عدم النص على ذلك ، ويستدلون على رأيهم بالعديد من الاتفاقيات التي لا تنص على حق الانسحاب كاتفاقيات الحدود ومعاهدات السلام التي لا يجوز الانسحاب منها لأنها تنظم حالة دائمة ويضيف أصحاب هذا الرأي ، أن انسحاب بعض الدول الهامة قد يؤثر على بقاء تلك الاتفاقية وبالتالي عدم جواز الانسحاب من هذه الاتفاقيات ، ويدللون على رأيهم أيضا بالقول أن فرنسا وبريطانيا قبلتا بالولاية الإلزامية لمحكمة العدل الدائمة قبل الحرب العالمية الثانية ، وقد قامت المحكمة بعد الحرب بالنظر في أمور غنائم الحرب مما أدى بالدولتين إلى سحب إعلانهما بقبول الولاية الإلزامية للمحكمة استنادا إلى نظرية تغير الظروف وهذا لا يعد انسحابا برأيهم (6) . وقد استبعد السير همفري والدوك ( Waldock ) حق الانسحاب من المعاهدات غير محددة الأجل والمتمثلة بـ :
1- المعاهدات المعينة للحدود .
2- المعاهدات التي تضع نظام دولي لمنطقة معينة .
3- معاهدات السلام أو نزع الأسلحة .
4- معاهدات لها تأثير على الحل النهائي لنزاع دولي .
5- المعاهدات الجماعية لتدوين وتنمية قواعد القانون الدولي (7) .
أما الرأي الثاني : يؤيد حق الانسحاب الضمني في حالة غياب النص على ذلك :
يقول أصحاب هذا الرأي أن الدولة تنضم إلى معاهدة بإرادتها وبالتالي فلا يوجد في المستقبل ما يمنعها من الانسحاب عندما تجد تلك الدولة أن الاتفاقية المذكورة لا تتوافق مع تطلعاتها وهذا ما يتفق مع طبائع الأمور ، لأن القول بعكس ذلك يدفع الدولة إلى عدم القيام بواجباتها القانونية بصورة صحيحة مما يشكل خطرا على الاتفاقية المذكورة ، فالانسحاب هنا هو أفضل من عدم التعاون مع المنظمة الدولية (8) . كذلك فإن المعاهدات تنشئ التزامات متبادلة بين أطرافها وقد تتغير الظروف مما يجعل بعض الالتزامات والمنافع تتبدل وأن المطالبة باستمرار هذه المعاهدات قد يؤدي إلى تقييد بعض أطرافها ، وهذا يستدعي إعادة النظر في المعاهدة أو إنهاءها (9) . وقد يستعمل الانسحاب كسلاح للتخلص من المعاهدات الاستعمارية التي تفرض قيودا على أحد أطرافها ، كانسحاب تركيا من معاهدة الامتيازات الأجنبية مع بعض الدول الأوربية حيث استندت إلى أن معاهدات الامتياز هي معاهدات ثنائية ولما كانت هذه المعاهدات غير محدودة الأجل فإنها تخضع لقاعدة تغيير الظروف rebus sic stantibus (10) . وأضاف السير همفري والدوك حجة أخرى وذلك بوضع قائمة بالمعاهدات التي يمكن ممارسة حق الانسحاب منها دون وجود نص على ذلك كالمعاهدات التجارية ومعاهدات التحالف ، ومعاهدات التعاون الفني والاقتصادي والثقافي ، ومعاهدات التحكيم والمصالحة (11) . وقد سادت وجهة النظر التي تتضمن أنه في حالة عدم وجود النص على الانسحاب يجب الاستدلال على هذا الحق من بنود المعاهدة في ظروف معينة إذ يمكن استنتاج نية تسمح بإنهاء المعاهدة من جانب واحد أو بافتراض وجود هذا الحق من بعض المعاهدات كمعاهدات التحالف (12) . وقد نصت اتفاقية فينا لقانون المعاهدات بين الدول لعام 1969م ، وكذلك اتفاقية فينا لقانون المعاهدات بين الدول والمنظمات أو بين المنظمات الدولية 1986م على أن: ( 1- المعاهدة التي لا تتضمن نصا بشأن إنهائها والتي لا تنص على إمكان إلغائها أو الانسحاب منها لا تكون محلا للإلغاء أو الانسحاب إلا : أ- إذا ثبت اتجاه نية الأطراف فيها إلى إمكان إنهائها أو الانسحاب منها .ب- إذا أمكن استنباط حق الإلغاء أو الانسحاب من طبيعة المعاهدة .2- على الطرف الراغب في إنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها طبقا للفقرة (1) أن يخطر الطرف الآخر بنيته في ذلك قبل اثني عشر شهرا على الأقل ) (13) .ومن خلال هذه المادة يمكن القول إنها سمحت بالانسحاب الضمني وهذا يستدل من طبيعة المعاهدة والأعمال التحضيرية للكشف عن نية أطراف المعاهدة ، مع أن القانون الدولي لا يجيز الانسحاب أو التحلل من أحكام معاهدة دولية بالإرادة المنفردة بيد أنه يجوز للدول الأطراف أن تتنازل عن حقها من طرف واحد (14) . وتشمل النية التي أشارت إليها اتفاقية فينا ، نية أطراف المعاهدة جميعا ، أو نية الطرف الذي يرغب في الانسحاب دون اعتراض من بقية الأطراف ، أما ما جاء في الفقرة (باء) من المادة 56 ، فإن هناك بعض المعاهدات لا يستدل من طبيعتها على وجود حق الانسحاب الضمني كاتفاقية القسطنطينية لسنة 1888 المنظمة للملاحة في قناة السويس ومعاهدات الحدود ، وكذلك المعاهدات المنظمة لأوضاع دائمة (15) . وقد أشارت الفقرة الثانية من المادة 56 إلى أن الانسحاب لا ينتج أثره إلا بعد اثني عشر شهرا من إعلان الرغبة بالانسحاب ، وفي حالة عدم النص على حق الانسحاب في المعاهدات الدولية ليس أمام الدولة الراغبة الانسحاب سوى أن تلتزم بتلك المدة التي جاءت بها المادة 56/2 ، ولعل وجود هذه المدة ضروري حتى تكون بقية الأطراف على علم بالانسحاب ولكي يرتبوا أوضاعهم القانونية خلال تلك المدة لحماية مصالحهم (16) .
_____________________________
- د. حامد سلطان ، د. عائشة راتب ، د. صلاح الدين عامر ، القانون الدولي العام ، ط4 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1987م ، ص285 .
2- د. محمد حافظ غانم ، المعاهدات ، مطبعة نهضة مصر ، القاهرة ، 1961م ، ص156 .
3- هذا ما أشارت إليه المادة 43 من معاهدة وضع الإشارات على الطرق عام 1968م إذ أشارت إلى ( أنه سيتم إيقاف العمل بهذه المعاهدة إذا انخفض عدد الدول الأعضاء إلى أقل من خمسة خلال 12 شهرا على التوالي ) .
نقلا عن : د. غسان الجندي ، قانون المعاهدات الدولية ، عمان ، الأردن ، 1988م ، ص192 .
4- د. عصام العطية ، المصدر السابق ، ص155 .
5- د. غسان الجندي ، المصدر السابق ، ص205 .
6- بشار سبعاوي إبراهيم الحسن ، إنهاء المعاهدات الدولية ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون – جامعة بغداد ، 1999م ، ص56 .
7- د. غسان الجندي ، المصدر السابق ، ص206 .
8- بشار سبعاوي ، المصدر السابق ، ص76 ، 77 .
9- W.M. Reiseman, procedure for controlling unilateral termination, A.J.I.L, 1969, p. 554.
0- L.H. Woolsey, The Unilateral termination of Treaties, A.J.I.L, 1926, p. 46.
1- د. غسان الجندي ، المصدر السابق ، ص205 .
2- Lord Mc Nair, The law of Treaties, oxford, 1961, p. 511.
3- المادة 56 من الاتفاقيتين .
4- J. L. Brierly, The law of nations, An Introduction to the International law of peace, oxford, 1963, p. 331.
5- د. محمد يوسف علوان ، المصدر السابق ، ص48 .
6- Year book of International law commission, vol. 2, 1966, p. 27.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|