أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2016
5856
التاريخ: 1-1-2023
1403
التاريخ: 2024-01-04
1036
التاريخ: 2023-12-20
921
|
إن دراسة الجوانب الإدارية والتنظيمية في المنظمات الدولية لا تقل أهمية عن دراسة الجوانب السياسية والقانونية ، على الرغم من أنه لا يوجد نظام قانوني موحد للتنظيم الدولي ، إلا أنه يمكن تلمس بعض الأطر القانونية العامة . فعلى الرغم من أن المنظمات الدولية تنشأ بناء على معاهدات دولية متعددة الأطراف إلا أن أغلب المنظمات الدولية تملك أجهزة تكاد تكون متشابهة إذ تمثل الحد الأدنى من الأجهزة في كل منظمة دولية حكومية وهذه الأجهزة تتمثل بجهاز عام وجهاز إداري وجهاز قضائي (1) . وما دمنا بصدد الكلام عن الوظيفة الدولية واستقلالها عن الدول ، إذاً فمن أين تستمد الوظيفة العامة الدولية شرعيتها ؟ أمن القانون الدولي أم من القانون الداخلي ؟ لقد تبلور القانون الإداري الدولي (International administrative law) مع ظهور عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة ، وقد عرف هذا القانون بأنه ( مجموعة القواعد والمبادئ القانونية التي تنظم العلاقات بين المنظمات الدولية وموظفيها ) (2) . وحتى لا ندخل في الجدل الفقهي حول القانون الإداري الدولي وعلاقته بالقانون الدولي أو القانون الداخلي ، نقول أنه قانون مستقل ويرجع ذلك إلى أن المنظمة الدولية تتمتع بالشخصية القانونية الدولية ولها إرادتها الذاتية المستقلة عن الدول بحيث تستطيع وضع القواعد القانونية التي تحكم موظفيها ، وهذا القانون الإداري الدولي يتمثل في النظام الداخلي للمنظمة الدولية ذاتها (3) . وتعد الأمانة العامة في كل منظمة دولية الجهاز الإداري الذي يتكون من الأمين العام والأمناء المساعدين وبقية الموظفين (4) . ونص ميثاق الأمم المتحدة على ذلك بالقول ( يكون للهيئة أمانة تشمل أمينا عاما ومن تحتاجهم الهيئة من الموظفين وتعين الجمعية العامة الأمين العام بناء على توصية مجلس الأمن ، والأمين العام هو الموظف الإداري الأكبر في الهيئة ) (5) . وكذلك نص ميثاق الأمم المتحدة على أن ( يعين الأمين العام موظفي الأمانة طبقا للوائح التي تضعها الجمعية العامة ) (6). فقد أعطيت للأمين العام صلاحية واسعة في وضع الأنظمة الإدارية فهو يعين الموظفين وينتدبهم ويرقيهم ويصدر القرارات التأديبية الخاصة بهم وينهي خدماتهم . وتكون مسؤولية الموظفين أمام الأمين العام للمنظمة الدولية وهذا ما نص عليه نظام موظفي الأمم المتحدة بالقول ( الموظفون خاضعون لسلطة الأمين العام وهو الذي يخصصهم لأي نوع من أنواع العمل أو أي وظيفة من وظائف الأمم المتحدة وهم مسؤولون أمامه عن أعمال وظائفهم ) (7) . فضلا عما تقدم ، فإن تعيين الموظفين يتم بواسطة الأمين العام في الغالب ويتم ذلك على ضوء من تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة ، ومبدأ التوزيع الجغرافي العادل ، أما تعيين الأمين العام فيتم من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية (8) . كذلك يخضع الموظف الدولي في تأدية واجباته لقانون المنظمة الدولية كما جاء في المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة ، وممارسة سلطة التأديب يرتبط وجودا أو عدما بالوظيفة ، ويخضع الموظف لهذه السلطة طالما ظل مرتبطا بالوظيفة . إذاً من هو الشخص الذي ينطبق عليه هذا الجزاء ؟ يطبق هذا الجزاء على الموظف الدولي الذي عرف بأنه ( شخص طبيعي يعمل في خدمة منظمة دولية بصفة دائمة وعن طريق التفرغ للقيام بوظائف لمصلحتها وتحت إشرافها ورقابة أجهزتها وذلك في ضوء ميثاقها ولوائحها ) (9) . وهذا التعريف يجعل العلاقة بين المنظمة الدولية وموظفيها هي علاقة تبعية ، وكذلك يجب أن يكرس العمل لخدمة وصالح المنظمة الدولية وهذان العنصران يميزان الوظيفة العامة الدولية عن الوظيفة العامة الوطنية ، وقد اختلف الفقه في تحديد نوعية العلاقة بين الموظف والمنظمة الدولية إلى اتجاهات عدة :
الاتجاه الأول :
يرى أن العلاقة بين الموظف والمنظمة الدولية هي علاقة تعاقدية يحكمها العقد المبرم بينهما ويكونان في مركز متساو وينطبق على هذه العلاقة مبدأ ( العقد شريعة المتعاقدين ) من حيث نشأة العقد وتنفيذه وآثاره (10) . وقد نص النظام الإداري لموظفي الأمم المتحدة على أن ( نطاق الالتزامات التعاقدية يجب أن تحدد بدقة في إطار ما ورد في رسالة التعيين من بنود صراحة أو ضمنا ) (11) . وأشارت المحكمة الإدارية للأمم المتحدة في قضية ( Kaplan ) إلى أنه ( قد يكون عقد التوظيف مصدرا للنصوص القانونية المطبقة ) وأضافت ( بأن العناصر العقدية تتمثل في الجانب الشخصي للموظف كدرجته الوظيفية وراتبه ) (12) .
الاتجاه الثاني :
يرى أن العلاقة بين الموظف والمنظمة الدولية هي علاقة تنظيمية إذ يخضع الموظف للنظام القانوني للمنظمة الدولية وهذا النظام يشبه النظام القانوني الذي يخضع له الموظف في القانون الداخلي وتشكل مواثيق المنظمات الدولية الأساس في حكم هذه العلاقة (13). وهذا الاتجاه يتفق مع مفهوم الجزاء التأديبي القائم على وجود سلطة رئاسية تحدد حقوق والتزامات الموظفين الدوليين ، وبالتالي يخضع هؤلاء لمبدأ التدرج الوظيفي ، وقد جرى العمل في المحاكم الإدارية الدولية ومنها المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية على أن العلاقة بين الجامعة وموظفيها هي علاقة تنظيمية وليس تعاقدية إذ يخضع الموظف الدولي لسلطة المنظمة ويعمل لصالحها ثم تكون للجامعة العربية الحرية في تغيير مركز منتسبيها وفقا لسير العمل داخل المنظمة (14).
الاتجاه الثالث :
يرى هذا الاتجاه أن العلاقة بين المنظمة الدولية والموظف هي علاقة مختلطة ( تنظيمية تعاقدية ) في الوقت نفسه ، وهذه العلاقة تحترم الحقوق المكتسبة للموظف مع خضوعه لنظام قانوني مرن تضعه المنظمة وهذا النظام قابل للتغيير حسبما تقتضيه مصلحة المنظمة (15) . وقد نص نظام موظفي الأمم المتحدة على أنه ( للجمعية العامة أن تضيف أو تعدل في هذه النظم وذلك دون أن يمس هذا بالحقوق المكتسبة التي للموظفين ) (16) . وقررت المحكمة الإدارية لمنظمة الأمم المتحدة في إحدى قضاياها أن (السيد مورتشيد ) ، الذي كان يعمل في مقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف ، قد أحيل إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية ، ورفض الأمين العام للأمم المتحدة منحه مبلغ مكافأة تغيير محل الإقامة لهذا قام هذا الموظف بالطعن في قرار الأمين العام لأنه يمتلك حقا مكتسبا، وهنا يمس حقه بموجب المادة 12/1 من النظام الأساسي لموظفي الأمم المتحدة، وأن المدعي قد حرم من حقه في الحصول على منحة الإعادة إلى الوطن) (17) . وقد قامت عصبة الأمم عام 1925 بإنهاء عمل المدعي ( موند ) فاعترض على هذا القرار لأنه صدر أثناء مدة العقد ، وقد شكلت لجنة من الفقهاء للنظر في هذه القضية وكان قرارها أن العلاقة التنظيمية هي الأساس ، أما الجانب المتعلق بشخص المدعي من درجة وظيفية وراتب فإنه يقوم على أساس العقد (18) . ويمكن القول أن الاتجاه العام في مواثيق المنظمات الدولية وتفسيرات المحاكم الإدارية الدولية يأخذ بالاتجاه التنظيمي للعلاقة الوظيفية وهذا يتواءم مع الجزاء التأديبي ولذلك نص النظام الداخلي لمنظمة اليونسكو على أن ( للمدير العام سلطة إنهاء خدمة الموظف إذا كان سلوكه يشير إلى أنه لم يصل إلى المستويات الرفيعة التي يتطلبها ) (19). وكذلك نص نظام موظفي الأمم المتحدة على أنه ( موظفو الأمانة موظفون دوليون ومسؤولياتهم ليست قومية بل دولية وبقبولهم التعيين يكونون قد كرسوا أنفسهم للقيام بأعمالهم ونظموا سلوكهم طبقا لما تقتضيه مصلحة الأمم المتحدة وحدها ) (20) .
_________________________
- د. بشير الخضرا ، دراسة التنظيم الدولي ( بين نظرية التنظيم والإدارة المقارنة ) ، مجلة العلوم الإدارية ، العدد الثالث ، السنة السابعة عشرة ، 1975م ، ص134-136 .
2- Wolfgang friedmann, The changing structure of International law, London, steven and sons, 1964, p. 159
3- إسماعيل فاضل حلواص الشمري ، القضاء الإداري الدولي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون – جامعة بغداد ، 2001 ، ص58، 59 .
4- عدد الموظفين الدوليين في الأمم المتحدة حتى عام 2000 يقدر بأكثر من 33 ألف موظف دولي . نقلا عن وثيقة صادرة عن الأمم المتحدة برقم ( A/55/427 ) لعام 2000 ، ص5، 6 .
5- المادة 97 من ميثاق الأمم المتحدة .
6- المادة 101/1 من ميثاق الأمم المتحدة .
7- المادة 1/2 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
8- د. مصطفى أحمد فؤاد ، النظرية العامة لقانون التنظيم الدولي، منشأة المعارف الإسكندرية ، 1986 ، ص175.
9- د. مصطفى سيد عبد الرحمن ، قانون التنظيم الدولي ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1992 ، ص132.
0- د. محمد الحسيني مصيلحي ، المصدر السابق ، ص108 .
1- القاعدة 204/1 من النظام الإداري لموظفي الأمم المتحدة .
2- إسماعيل فاضل الشمري ، المصدر السابق ، ص186 .
3- د. مفيد محمود شهاب ، المصدر السابق ، ص258 .
4- د. جمال طه ندا ، المصدر السابق ، ص104-105 .
5- د. أحمد أبو الوفا محمد ، المصدر السابق ، ص131 .
6- المادة 12/1 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
7- د. صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص159، 160 .
8- إسماعيل فاضل الشمري ، المصدر السابق ، ص75 .
9- المادة 9/2 من النظام الداخلي لليونسكو .
20- المادة 1/1 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|