أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-10-2014
3887
التاريخ: 21-10-2014
11905
التاريخ: 21-10-2014
7400
التاريخ: 21-10-2014
5053
|
النعت هو التابع المكمل لمتبوعه ببيان صفة من صفاته او من صفات ما تعلق به، أي سببه.
والاصل في النعت ان يكون بالاسم المفرد المشتق او المؤول به، لذلك نعتت به المعرفة والنكرة. وقد يأتي النعت جملة لتأولها بالمفرد. ومثلها في ذلك شبه الجملة.
غير ان الوصف بالجملة وشببها من الظرف والجار والمجرور خاص بالنكرات، وذلك لان الجملة انما هي مؤولة بالنكرة، فيتحقق بوصفها للنكرة شرط التطابق بين النعت والمنعوت في التعريف والتنكير.
وبيان كون الجمل مؤولة بالنكرات، انك اذا قلت : جاء رجل قام ابوه كان ذلك بمنزلة قولك : جاء رجل قائم ابوه.
ومن هنا لم يجز نعت المعرفة بالجملة، او كون الجملة نعتا للمعرفة، لما يترتب على ذلك من فقدان شرط التطابق في التعريف والتنكير.
فاذا جاءت جملة بعد المعرفة بال الجنسية – وهي تفيد التعريف في اللفظ فحسب – كقوله تعالى : (واية لهم الليل نسلخ منه النهار)(1)، وقوله : (كمثل الحمار يحمل اسفارا)(2)، وقولهم : (ما ينبغي للرجل
ص106
مثلك ان يفعل كذا)، وقول الشاعر(3) :
ولقد امر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
كان للنحاة في ذلك مذهبان : اصحهما ان الجملة نعت، نظرا الى معنى المنعوت وهو التنكير، وذلك لان لام الجنس هي لام الحقيقة في ضمن فرد غير معين، ويسميها علماء المعاني لام العهد الذهني، أي عهد الحقيقة في الذهن. ومن راعى جانب التعريف اللفظي في الاسم السابق جعل الجملة بعده حالا لازمة، ومعنى الحال اللازمة مقارب لمعنى النعت.
وقد بان لك مما سبق ان النعت ضربان : مفرد، وجملة وشبهها.
ولا فرق في الجملة المنعوت بها بين ان تكون فعلية وبين ان تكون اسمية، وان كان النعت بالجملة الفعلية اكثر واقوى، لإشمال الفعلية على الفعل المناسب للوصف في الاشتقاق. واما الاسمية فقد تخلو من المشتق خلوا تاما، نحو : رجل ابوه زيد.
وقد لحظ الدماميني ايضا ان النعت بالماضي اكثر من النعت بالمضارع. لعل ذلك لما يفيده الماضي من الثبوت.
وسنتكلم على هذه الانواع التي يوصف بها، فيما يخص موضوعنا.
1- لنعت المفرد، والمراد بالمرفد هنا – كما في باب الخبر – ما ليس جملة ولا شبيها بالجملة.
ومن الشروط المقررة في المفرد المنعوت به الا يكون متوغلا في البناء، ومن هذا نفهم انه لا يجوز النعت بالاسماء التي تضمنت معنى انشائيا،
ص107
كأسماء الاستفهام، وما التعجبية، وكم الخبرية. وكما لا يوصف بأسماء الاستفهام لا توصف هي ايضا ؛ لان المتوغل في البناء لا يوصف به، كما في الهمع.
2- النعت الذي هو جملة. وقد اشترط جمهور النحاة في الجملة المنعوت بها ان تكون خبرية، أي محتملة للصدق والكذب. فلا يصح النعت بجملة انشائية سواء اكان الانشاء فيها طلبيا ام غير طلبي. فكما لا يجوز ان تقول : مررت برجل اضربه او لا تضربه، كذلك لا يجوز ان تقول : عندي متاب بعته لك، وعبد حررته، قاصدا بذلك انشاء البيع والعتق؛ ولا نظرت الى وردة ما احسنها، قاصدا للنعت في كل ذلك.
فان ورد ما يوهم النعت بالجملة الانشائية وجب تاويله بتقدير اضمار القول, والوارد من ذلك قليل جدا، والمتتبع لامهات النحو يكاد يجدها جميعا تستشهد بمثال واحد/ وهذا دليل على انه لم يقع الا في القليل النادر. وهذا المثال الذي يستشهد به هو قول الراجز، وهو راجز لم يعنيه احد من الرواة :
حتى اذا جن الظلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
والشاهد فيه انه اني فيه ما ظاهره النعت بالجملة الانشائية المصدرة بالاستفهام. فهذا يؤول على تقدير القول، أي جاءوا بمذق مقول فيه عند رؤيته : هل رأيت الذئب قط، يعني ان ذلك المذق، أي اللبن المخلوط بالماء، يشبه لونه لون الذئب في كدرته وغبرته.
ولا غرابة في هذا التقدير، لان حذف القول وبقاء عمله كثير مطرد في الاساليب العربية. ومنه المثل المشهور : (وجدت الناس اخبر تقله)، أي مقولا فيهم.
ص108
والذي ارتضيه – على افتراض الوصفية – ما نقله صاحب التصريح عن ابن عمرون، ان الاصل : بمذق مثل لون الذئب، هل رأيت الذئب؟ واستشهد ابن عمرون لتقديره بان العرب يقولون : مررت برجل مثل كذا هل رأيت كذا؟ وجاء في الحديث : (كلاليب مثل شوك السعدان، هل رايتم شوك السعدان؟) قالوا : نعم يا رسول الله. قال : (فانها مثل شوك السعدان). يعني بذلك ان الصفة الحقيقية محذوفة. وهذا هو السير في تقدير من قدر : مقول عند رؤيته.
ولك ان تجعل جملة (هل رأيت) مستانفة استئنافا بيانيا، اعني واقعة في وجوب لسؤال مقدر، كان قائلا سأله عن صفة هذا المذق، فأجابه قائلا هل رأيت الذئب.
وقد وجدت في نصوصهم ما يؤيد ذلك.
قال ابن سعيد : في تذكرة ابن هشام : لا ادري ما الذي دل النحاة على ان هذا وصف؟ ويمكن ان يكون مستأنفا، وكان قائلا قال : ما صفته؟ فقال : هل رأيت الذئب قط؟ أي هو مثله.
ومما ورد مما يوهم النعت بالجملة الانشائية في كتب المفسرين ما اورده الزمخشري في كشافه من توجيه قوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(4)، وحملها على ان جملة (لا تصيبن) المصدرة بلا الناهية صفة لفتنة على ارادة القول، كما سبق في تخريج الرجز السالف. ويمكن ان يقال في الآية الكريمة مثل ما قيل في الرجز.
وقد اتفق جمهرة النحاة على اشتراط الخبرية في الجملة المنعوت بها،
ص109
كما اتفقوا على عدم اشتراط ذلك في جملة الخبر، ولم يشذ منهم الا ثعلب وابن الانباري، حيث منع الاول الاخبار بجملة القسم، ومنع الثاني الاخبار بكل انشاء، كما سبق القول في باب المبتدأ والخبر. فما السر في هذا التخالف؟
(اقول) : ان السر في هذا التحالف راجع الى طبيعة كل من الخبر والنعت.
ففي الخبر نجد ان المقصود به هو الحكم، والاصل في الحكم ان يكون مجهولا فيعمد المتكلم الى اظهاره وافادته بالكلام.
واما النعت، ومثله الصلة والحال، فان الغرض منها هو التوضيح او التخصيص او التعريف، او التقييد (5). وهذه المعاني لا يمكن تأديتها الا بجملة تضمنت حكما معلوما حصوله للمخاطب قبل ذكر هذه الجملة حتى يكون توضيحك اياه او تخصيصك او تعريفك او تقييدك، بشيء يعلمه مخاطبك قبل ذكرك له المنعوت، او الموصول، او صاحب الحال وعاملها.
والجملة التي يمكن ان تؤدي هذه الاغراض المذكورة هي الجملة الخبرية.
واما الانشائية – سواء اكانت طلبية ام غير طلبية – فلا يمكن ان تؤدي تلك الاغراض الا مع تأويل وتعسف. السبب في عدم امكان
ص110
ذلك ان المخاطب لا يعرف مضمون الجملة الانشائية بضربيها الا بعد التلفظ بها.
المراجع :
سيبويه 1 : 209-218، 219-224، 226 – 247، 248 – 256 ابن يعيش 3 : 46 – 63، الرضى 1 : 277-294، الشذور 524-526 ابن عقيل 2 : 154-158 التصريح 2 : 94-100 الاشموني 3 : 63-64 حاشية ابن سعيد علي الاشموني 2 : 2-14 الهمع 2 : 116-122 الخزانة 1 : 275/2 : 283، 482، 553/3: 203/ 4 : 230، 395 الكشاف الزمخشري 1 : 370 – 371.
________________________
(1) الآية 37 من سورة يس.
(2) الآية 5 من سورة الجمعة.
(3) لرجل من بني سلول كما في الخزانة 1 : 73 وشرح شواهد المغني 17 . وهو من ابيات سيبويه 1 : 416.
(4) الآية 25 من سورة الانفال.
(5) التوضيح : رفع الاشتراك اللفظي في المعارف. والتخصيص : تقليل الاشتراك المعنوي في النكرات. والتعريف في صلة الموصول، والتقييد في الحال. وقد يخرج النعت عن هذه المعاني الى التعميم، والمدح والذم، والترحم، والتوكيد، والابهام، والتفصيل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|