أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
970
التاريخ: 14/12/2022
991
التاريخ: 10-5-2016
15850
التاريخ: 2023-02-04
1606
|
لقد مرت المجتمعات البشرية بأدوار ومراحل من التطور التاريخي امتدت لفترات طويلة من الزمن. وقد كان الإنتاج المادي لهذه المجتمعات مرتبطاً بشكل أساسي بالمستوى التقني لها، وبقدرة الإنسان على الإنتاج ومهاراته في استغلال موارد الثروة المتوفرة في بيئته.
وتأسيساً على ذلك يمكن القول إن الإنسان في المجتمعات البدائية الأولى (مجتمع الجمع والالتقاط – مجتمع الصيد) كان يمارس أنشطة مدمرة، يعمل فيها على استنزاف الموارد دون أن يعمل على تطويرها ورفع إنتاجيتها ، ولم تبدأ الحرف البنَاءة، التي يكون فيها استغلال الأرض ومواردها إيجابياً ومنتجاً، يحافظ فيه الإنسان على إنتاجية الموارد الطبيعية ويعمل على زيادتها، إلا بظهور حرفتي الرعي والزراعة.
بظهور هاتين الحرفتين انتقل الإنسان إلى حياة الاستقرار ، فطور أساليب استغلال الأرض والموارد الطبيعية ، كما طور وسائل النقل عندما استخدم الحيوانات المستأنسة في النقل وحمل الأثقال وجر العربات ، مما أدى إلى زيادة الإنتاج بشكل كبير فظهر الشكل البدائي من التقسيم الجغرافي للعمل (التخصص في الإنتاج)، فزادت كميات السلع المنتجة عن حاجات الإنسان وتنوعت أشكالها واستخداماتها, وبذلك ظهرت لدى الإنسان ضرورة ملحة لتبادل منتجاته مع الآخرين، وهذه كانت البدايات الأولى للنشاط التجاري.
وكما تطورت حرف الإنسان وتطور نشاطه الإنتاجي من البسيط إلى المعقد، تطورت كذلك التجارة، ففي البدء تميزت التجارة بضآلة الكميات الداخلة في المبادلات التجارية بسبب سيطرة سياسة الاكتفاء الذاتي التي كانت تفرضها على نفسها المجتمعات البدائية بسبب صعوبة النقل وبسبب تخلف وسائل الإنتاج، أو بسبب العزلة التي كانت تعيشها هذه المجتمعات. وإن كانت بعض مراكز الحضارة القديمة في الماضي قد تمكنت من الاتصال بالعالم الخارجي اتصالاً تجارياً بسبب ميزات خاصة، ترتبط بموقعها الجغرافي أو بمناخها الملائم أو بخصوبة تربتها أو بمهارة سكانها بصناعة معينة, وربما كانت مصر من أوائل الدول التي أدت دوراً مهماً في كل من التجارة الداخلية والتجارة الدولية عن طريق وسائل النقل البري أو النقل البحري(1).
فمن المؤكد تاريخياً أن المصريين القدماء اتصلوا تجارياً مع كل المناطق المجاورة لهم. فقد كانت لهم علاقات مع بلاد بونت (Punt) التي يعُتقد أنها كانت تشمل الساحل الجنوبي للبحر الأحمر (إرتيريا والصومال), فقد أرسلت الملكة حتشبسوت بعثة تجارية إلى هذه البلاد للحصول على الأخشاب والبخور. كما تعاملوا تجارياً مع بلاد يام (Yam) التي يعُتقد أنها أراضي كردفان ودارفور في الوقت الحاضر، فقد كانت هناك تجارة رائجة بين هذه البلاد ومصر وكانت أهم عناصرها الرقيق والعاج.
وتشير الأدلة إلى أن هناك اتصالات تجارية بين مصر والساحل الفينيقي، فقد عثر في مدينة جبيل على عدد من الفؤوس والأسلحة المصرية، بالإضافة إلى أن الملك سنفرو ـ أحد ملوك الأسرة الثالثةـ يذكر ورود أسطول مكون من 40 سفينة من ساحل سوريا يحمل أخشاباً لبناء القصر الملكي . كما أرسل الملك تحتمس الثالث 1467 ق.م أساطيل مصرية إلى لبنان لجلب الأخشاب من هناك.
أما بالنسبة للعراق فقد كانت التجارة الخارجية هي العامل الأساسي الذي دفع الحضارة السومرية للتقدم. فخصوبة التربة منحت أهل العراق فائضاً زراعياً مكنهم من استخدامه كعنصر أساسي في تجارتهم، كما منحتهم في نفس الوقت فرصة للتخصص في عدد من الحرف , غير أنهم لا يملكون المواد اللازمة لإنتاج أي صناعة، ومن ثم كان عليهم استيراد الأحجار والأخشاب والذهب من البلاد الأخرى في مقابل منتجاتهم وكذلك نجد اتصالات تجارية عديدة بين العراق ومصر وسوريا بل إن هناك اتصالات بين العراق وبلاد بعيدة كالهند مثلاً (2) , كما أدى الفينيقيون دوراً مهماً في التجارة وخاصة التجارة البحرية في حوض البحر الأبيض المتوسط وأقاموا مستعمرات تجارية على سواحله أهمها قرطاجة.
وقد كانت تجارة المعادن وخاصة النحاس والقصدير من أهم السلع التي تاجروا بها. فقد تمكنوا من عبور مضيق جبل طارق والوصول إلى إنكلترا واستغلوا مناجم القصدير في منطقة كورنول وتاجروا فيها مع دول شرق البحر المتوسط(3). وفي أعقاب الفينيقيين جاء اليونانيون الذين استطاعوا أن يتابعوا مسيرة التطور التجاري الذي بدأه الفينيقيون . حيث بدأ تجارهم يجوبون البحر المتوسط والبحر الأحمر وآسيا الصغرى من أجل الحصول على بعض المعادن لصناعة الأسلحة ، والحصول على المواد الأخرى التي لم تكن موجودة في بلادهم والتي بدأ الشعب اليوناني يطلبها بسبب الرفاهية التي وصلت لها دولتهم مثل الذهب والحلي والمنتجات الزراعية الغذائية .
كما اهتمت الإمبراطورية الرومانية بالتجارة الخارجية, ففي العهد الروماني نشطت التجارة البحرية في البحر المتوسط والمحيط الهندي، وخصوصاً بعد أن سيطر الرومان على مصر عام 30 ق.م حيث بذلت محاولات لاكتشاف طرق تجارية جديدة للهند, وقد استطاع الرومان بمساعدة الرياح الموسمية الوصول من البحر الأحمر إلى الهند بعيداً عن الطريق القديم الذي كان يتبع الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية عن طريق البحر. كما نجح الرومان في أن يتبعوا طريق الحرير البري للوصول إلى أراضي الصين.
ويعود الفضل في تطور العلاقات التجارية الرومانية إلى نظام الطرق الذي انتشر في أنحاء البلاد التابعة لهم. ويمكن القول إن الطرق الرومانية كانت أقدم الطرق الجيدة في العالم وبالرغم من أن أهداف إنشاء هذه الطرق كانت عسكرية أكثر منها تجارية فلا يمكن إنكار فائدتها التجارية (4) .
وفي جنوب آسيا والشرق الأقصى نمت تجارة ساحلية نشطة منذ عهد قديم , فكانت التجارة الساحلية بين الهند والصين تقوم قبل الميلاد بمئات السنين – على أساس التخصص الجغرافي للإنتاج , كما قامت تجارة بحرية بين المناطق الساحلية والداخلية، وحدثت هجرات سكانية كبيرة بسبب الظروف المناخية أو غزوات رعوية للمناطق الزراعية، مما أدى إلى إنشاء الأسوار وحراسة مناطق التخوم(5).
______________
(1) محمد فاتح عقل و فؤاد محمد الصقار، جغرافية الموارد والإنتاج، الجزء الثاني (الإنتاج الصناعي والمعدني)، ص 9. (2) محمد رياض: جغرافية النقل، دار النهضة العربية، بيروت، 1974، ص51.
(3) فؤاد محمد الصقار، مرجع سابق، ص 15-16 .
(4) محمد فاتح عقل و فؤاد محمد الصقار، جغرافية الموارد والإنتاج، الجزء الثاني (الإنتاج الصناعي والمعدني)، ص 9.
(5) محمد رياض: جغرافية النقل، دار النهضة العربية، بيروت، 1974، ص51.
(6) فؤاد محمد الصقار، مرجع سابق، ص 15-16 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|