أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-14
1147
التاريخ: 21-1-2016
3332
التاريخ: 20-1-2016
7798
التاريخ: 2023-09-02
1066
|
تناول الفقهاء مسألة حدود الطرقات والمقدار الذي يجب ان تكون عليها من حيث الطول والعرض ضمن مسألة (الحريم).
وللفظ الحريم معانٍ شتى، والمراد به هنا الارتفاق الذي يكون تابعا لدار، او عقار، او بئر، او حائط، وغير ذلك,.
وحريم الطرقات او حدودها يمكن تطبيقه هنا فيما لو كان هناك ارضا مملوكة وهي تجاور طريقا عاما، او اراد انسان ما بناء عمارة لها حدود مع الطريق العام. فما هو المقدار الذي يجب ان يتراجع عنه صاحب البناء لمصلحة الطريق؟
والكلام في القضية فيه تفصيل وهو:
اولا : اتفق الفقهاء على عدم جواز احياء الحريم، والطرقات العامة هي من جملة ما ينطبق عليه عنوان الحريم ، فلا يجوز حينئذ لأي شخص أن يبني او يمتلك شيئا من الطريق لمصلحته.
.....فكل ما يتعلق بمصالح العامر، كالطريق، والشرب، ومسيل ماء العامر، ومطرح قمامته، وملقى ترابه، او لمصالح القرية كقناتها، ومرعى ماشيتها، ومحطبها، ومسيل مياهها. كل ذلك لا يصح لا احياؤه، ولا يملك بالإحياء، ولا يجوز التصرف فيه لمصالح خاصة (1).
ثانيا : حدد الفقهاء وفقا لمجموعة من الروايات حريم الطرقات فيما لو جرى تنازع فيها، كما لو كان هناك طريق بين أرضين مملوكتين، او بين عمارتين، فما هو المقدار الذي يجب تركه بينهما لمصلحة الطريق العام؟
قال الشيخ الطوسي في النهاية :
(والطريق اذا تشاحّ عليه اهله فحدّه سبع اذرع)(2).
وقال المحقق الحلي في المختصر النافع :
(الطريق المبتكر في المباح اذا تشاحّ اهله فحدّه خمس اذرع، وفي رواية سبع أذرع)(3).
وقال العلامة الحلي في قواعد الاحكام :
(وحدّ الطريق لمن ابتكر ما يحتاج اليه في الارض المباحة (خمس) أذرع، وقيل (سبع) أذرع)(4).
اما الروايات فمنها ما حدد حريم الطريق بخمس أذرع منها :
عن ابي عبدالله (عليه السلام) : انه تشاح قوم عنده في طريق، فقال بعضهم : سبع اذرع وقال بعضهم : أربع أذرع، فقال (عليه السلام) : (بل خمس أذرع)(5).
ومنها ما حدده بسبعة :
عن ابي عبدالله (عليه السلام) انه قال : (الطريق اذا تشاح عليه اهله فحده سبع اذرع)(6).
وعن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال :(اذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع اذرع)(7). وفي لفظ اخر (اختصمتم) وفي ثالث (تدارا القوم في طريق).
وفسّر الشهيد الثاني السبب في اختلاف الروايات بين الخمسة والسبعة بقوله : (ويمكن حمل اختلاف الروايات على اختلاف الطرق، فان منها ما يكفي فيه الخمس، كطرق الاملاك والتي لا تمر عليه القوافل ونحوه غالبا، ومنها ما يحتاج إلى السبع، وقد يعرض احتياج بعضها إلى أزيد من السبع، كالطريق التي يمر عليها الحاج بالكنائس ونحوها، فيجب مراعاة قدر الحاجة بالنسبة إلى الزائد على المقدّر، اما النقصان فلا)(8).
وبناء على كلام الشهيد الثاني فان حدود الطرقات وحريمها يقدّر بحسب الحاجة، وهي تختلف باختلاف البلدان والازمنة، اما النص الوارد في تحديد الطريق وما اليه فيحمل على ما دعت اليه الحاجة والمصلحة في ذاك العهد.
ففي هذه الايام اذا أُريد انشاء قرية او مدينة فانه يُترك تحديد الطريق وجميع المرافق إلى المهندسين، وما يراه اهل الاختصاص من المصلحة، وليس من شك ان الشرع يقر كل ما فيه الخير والصالح العام.
وبكلمة : ان الروايات حددت المرافق بما يتفق وذاك العصر، حيث لا سيارات وشاحنات ومطارات، اما اليوم فليس لها من موضوع : - ومهما شككت – فاني لا اشك ان الإمام (عليه السلام) لو كان حاضرا، واراد ان ينشيء قرية او مدينة لأوكل الامر إلى اهل الفن والاختصاص في تحديد المرافق بكاملها (9).
ثالثا : ما تقدّم كان فيما لو لم يكن هناك حدود للطريق واراد الناس تحديد ذلك بعد الاختلاف، وهنا نبحث فيما لو كان الطريق ازيد من خمس او سبع اذرع، فهل يجوز الاقتطاع منها؟
قال النجفي في جواهر الكلام بعدم الجواز لأنه مناف للموثق عن ابي عبدالله الصادق (عليه السلام) وفيه :
قلت له : الطريق الواسع هل يؤخذ منه شيء اذا لم يضر بالطريق؟ قال : لا (10).
ونقل الماوردي في الاحكام السلطانية بان تحديد الطريق من قبل النبي (صلى الله عليه واله) يجعلها سبع اذرع هو قبل ان تقع الحدود، فاذا وقعت لم يحرك منها شيء وقال في رواية ابن القاسم : اذا كان الطريق قد سلكه الناس وصيّر طريقا فليس لاحد ان يأخذ منه قليلا ولا كثيرا) قيل له : وان كان الطريق واسعا مثل هذه الشوارع؟ قال : نعم، وهو اشد ممن اخذ حدا بينه وبين شريكه، لان هذا يأخذ من واحد، وهذا لجماعة المسلمين.
وقال ابو عبدالله ابن بطة : انما قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله) لإرباب الاموال المشتركة اذا احتاجوا إلى قسمتها واختلفوا في مبلغ حاجاتهم، ومقدار مسالكهم، فقال : اجعلوها سبع اذرع، وذلك كله قبل اخراج الطريق، فأما اذا طرقت الطرق وعرفت المعالم فقد حرم الله على واضع ان يضع فيه شيئا الا باتفاق الائمة(11).
في ختام هذا البحث عن احكام الطرقات واتماما للفائدة نذكر نموذجا لما ذكره الفقهاء في كتبهم حول احكام الطرقات، ونختار ما ذكره السيد الخوئي حيث قال :
(مسالة 748) : الطرق على قسمين نافذ وغير نافذ اما الاول فهو الطريق المسمى بالشارع العام والناس فيه شرع سواء، ولا يجوز التصرف لاحد فيه بإحياء او نحوه، ولا في ارضه ببناء حائط او حفر بئر او نهر او مزرعة او غرس اشجار ونحو ذلك، وان لم يكن مضراً بالمارة...
(مسالة 750) : الطريق الذي لا يسلك منه الى طريق اخر او أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة، وهو المسمى بالسكّة المرفوعة والدريبة، فهو ملك لإرباب الدور التي ابوابها مفتوحة اليه، دون كل من كان حائط داره اليه، وهو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، وحكمه حكم سائر الاموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه بدون اذن الاخرين، نعم يجوز لكل منهم فتح باب اخر وسد الباب الاول.
(مسالة 751) لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب اليها للاستطراق الا بأذن
اربابها. نعم له فتح ثقبه وشبّاك اليها، واما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول الهواء او الاستضاءة، فلا يخلو من اشكال.
(مسالة 753) يجوز لكل احد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس او النوم او الصلاة او البيع والشراء او نحو ذلك، ما لم يكن مزاحما للمستطرقين، وليس لاحد منعه عن ذلك وازعاجه...
ثم قال : يتحقق الشارع العام بأمور :
الاول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الارض الموات.
الثاني : جعل الانسان ملكا شارعا وتسبيله تسبيلا لسلوك عامة الناس، فانه بسلوك بعض الناس يصير طريقا وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.
الثالث : إحياء جماعة ارضا مواتا وتركهم طريقا نافذة بين الدور والمساكن (12).
____________
1ـ راجع جواهر الكلام، م.س، ج38، ص34.
2- راجع النهاية، ضمن سلسلة الينابيع الفقهية، م.س، ج16، ص251.
3- راجع النهاية، ضمن سلسلة الينابيع الفقهية، م.س، ج16، ص286.
4- المصدر السابق، ص292.
5- وسائل الشيعة، م.س، باب 15، من كتاب الصلح.
6- وسائل الشيعة، م.س، باب 11، من كتاب احياء الموات، ح6.
7- رواه الفراء عن البخاري ومسلم وابو داود والترمذي واحمد في الاحكام السلطانية م.س، ج1، ص213.
8- راجع جواهر الكلام، م.س، ج38، ص38.
9- مغنية، محمد جواد، فقه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ج5، ص50، دار العلم للملايين، ط2 بيروت، 1978م.
10- وسائل الشيعة، م.س، باب 27 من أبواب عقد البيع، ح1 من كتاب التجارة، وراجع جواهر الكلام، ج38، ص39.
11- الاحكام السلطانية، م.س، ج1، ص213.
12- الخوئي، ابو القاسم، منهاج الصالحين، ج2، ص161 – 162، منشورات مدينة العلم ط28، قم – ايران، 1410هـ وراجع ايضا تحرير الوسيلة للإمام الخميني ج2، احكام المنافع المشتركة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|