أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-28
212
التاريخ: 2024-09-05
365
التاريخ: 2024-09-07
262
التاريخ: 2024-09-04
332
|
ـ من هو الطبيب الحاذق؟
وقد قيل: هو الذي يراعي في علاجه عشرين أمراً:
(أحدها): النظر في نوع المرض: من أي الأمراض هو؟.
(الثاني): النظر في سببه: من أي شيء حدث؟ والعلة الفاعلة التي كانت سبب حدوثه، ما هي؟.
(الثالث): قوة المريض، وهل هي مقاومة للمرض، أو أضعف منه؟ فان كانت مقاومة للمرض مستظهرة عليه تركها والمرض، ولم يحرّك بالدواء ساكنا.
(الرابع): مزاج البدن الطبيعي ما هو؟.
(الخامس): المزاج الحادث على غير المجرى الطبيعي.
(السادس): سن المريض.
(السابع): عادته.
(الثامن): الوقت الحاضر من فصول السنة، وما يليق به.
(التاسع): بلد المريض وتربته.
(العاشر): حال الهواء في وقت المرض.
(الحادي عشر): النظر في الدواء المضاد لتلك العلة.
(الثاني عشر): النظر في قوة الدواء ودرجته، والموازنة بينها وبين قوة المريض.
(الثالث عشر): أن لا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها. فمتى كانت إزالتها لا يؤمن معها حدوث علة أخرى أصعب منها أبقاها على حالها، وتلطيفها هو الواجب. وهذا كمرض أفواه العروق: فانه متى عولج بقطعه وحبسه خيف حدوث ما هو أصعب منه.
(الرابع عشر): أن يعالج بالأسهل فالأسهل، فلا ينتقل من العلاج بالغذاء الى الدواء، إلا عند تعذره، ولا ينتقل الى الدواء المركب، إلا عند تعذر الدواء البسيط.
فمن سعادة الطبيب: علاجه بالأغذية بدل الأدوية، وبالأدوية البسيطة بدل المركبة.
(الخامس عشر): أن ينظر في العلة: هل هي مما يمكن علاجها، أو لا؟ فان لم يمكن علاجها حفظ صناعته وحرمته، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئاً.
وإن أمكن علاجها، نظر: هل يمكن زوالها، أم لا؟ فان علم أنه لا يمكن زوالها، نظر: هل يمكن تخفيفها وتقليلها؟ أم لا؟ فان لم يمكن تقليلها، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها: قصد بالعلاج ذلك، وأعاد القوة، وأضعف المادة.
(السادس عشر): أن لا يتعرض للخلط قبل نضجه بإستفراغ، بل يقصد إنضاجه، فاذا تم نضجه بادر الى استفراغه.
(السابع عشر): أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان. فان انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود.والطبيب إذا كان عارفاً بأمراض القلب والروح وعلاجهما، كان هو الطبيب الكامل. والذي لا خبرة له بذلك ـ وإن كان حاذقاً في علاج الطبيعة وأحوال البدن ـ. نصف طبيب.
وكل طبيب لا يداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان، والاقبال على الله والدار الآخرة – فليس بطبيب، بل متطبب قاصر.
ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان، والذكر والدعاء، والتضرع والابتهال الى الله، والتوبة. ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء، أعظم من الأدوية الطبيعية. ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها، وعقيدتها في ذلك ونفعه.
(الثامن عشر): التلطف بالمريض والرفق به، كالتلطف بالصبي.
(التاسع عشر): أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والالهية، والعلاج بالتخييل. فان لحذاق الأطباء في التخييل أموراً عجيبة لا يصل اليها الدواء. فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين.
(العشرون): وهو ملاك أمر الطبيب ـ ان يجعل علاجه وتدبيره دائراً على ستة اركان: حفظ الصحة الموجودة، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان، واحتمال أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما. فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج. وكل طبيب لا تكون هذه أخيته (قاعدته) التي يرجع اليها، فليس بطبيب. والله أعلم(1) .
_____________
1ـ كتاب الطب لابن القيم الجوزية : 107-114.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|