المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

السياسة والتربية
24-1-2016
حكم الزكاة على من كان في يده أقلّ من النصاب وله دين يتمّ به.
7-1-2016
الصفة المشبهة باسم الفاعل
2023-04-18
مفهوم اللقب
14-9-2016
خلافة الظاهر بأمر الله
25-1-2018
ما يجوز للمحرم فعله وما لا يجوز
2024-07-03


حادثة هشام بن عبد الملك في البيت الحرام  
  
19832   11:29 صباحاً   التاريخ: 11-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص230-235.
القسم :

حج هشام بن عبد الملك بيت اللّه الحرام و قد صحبته الشرطة و احتفت به المرتزقة و الوجوه و الأعيان من أهل الشام و قد جهد على استلام الحجر فلم يستطع لازدحام الحجاج و تدافعهم على تقبيل الحجر و لم يعن أحد بهشام و لم يفسحوا له فقد انعدمت الفوارق في ذلك البيت العظيم و قد نصب له منبر فجلس عليه و جعل ينظر إلى عملية الطواف و أقبل الإمام زين العابدين (عليه السلام) ليؤدي طوافه و بصر به بعض من يعرفه من الحجاج فنادى بأعلى صوته: هذا بقية اللّه في أرضه ... هذا بقية النبوة ... هذا إمام المتقين و سيد العابدين ... .

و غمرت الحجاج هيبة الإمام التي تعنو لها الوجوه و الجباه و هي تحكي هيبة جده رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) و تعالت الأصوات من جميع جنبات المسجد بالتهليل و التكبير و انفرج الناس له سماطين فكان السعيد من يقبل يده و يلمس إحرامه و ضج البيت بالتكبير و ذهل أهل الشام و بهروا من هذا المنظر الرهيب فإنهم لا يرون أحدا جديرا بالتكريم و التعظيم غير الأسرة الأموية فهي وارثة النبي (صلى الله عليه و آله) و القريبة إليه حسب ما أكده الاعلام الأموي و بادر الشاميون إلى هشام قائلين: من هذا الذي هابه الناس هذه المهابة؟ و تميز هشام من الغيظ و انتفخت أوداجه و برزت عينه الحولاء فصاح بهم : لا أعرفه .

- الحمد للّه الوهوب المجزل , فأخذ يصفق بيديه استحسانا لها حتى صار إلى ذكر الشمس قال: و الشمس في الأرض كعين الأحول فأمر بوج‏ء عنقه و إخراجه و علق الجاحظ على ذلك بقوله و هذا ضعف شديد و جهل عظيم ؛ و إنما أنكر معرفته للإمام مخافة أن يرغب فيه أهل الشام و يزهدوا في بني أمية و كان الفرزدق شاعر العرب الكبير حاضرا فاستيقظ ضميره و استوعب الحق فكره و قد أخذته الرعدة فاندفع بحماس قائلا لأهل الشام: أنا أعرفه .

- من هو يا أبا فراس؟ .

و ذعر هشام و فقد صوابه مخافة أن يعرفه الفرزدق إلى أهل الشام فصاح به: أنا لا أعرفه .

و علا صوت الفرزدق بالإنكار عليه قائلا: بلى تعرفه .

و التفت الفرزدق صوب أهل الشام قائلا: يا أهل الشام من أراد أن يعرف هذا الرجل فليأت , و خف الشاميون وغيرهم نحو شاعر العرب الأكبر و قد استحالوا إلى أذن صاغية و انبرى الفرزدق و كله حماس لنصرة الحق فارتجل هذه القصيدة العصماء التي مثلت صدق القول و جمال الأسلوب فقال:

هذا سليل حسين و ابن فاطمة             بنت الرسول الذي انجابت به الظلم‏

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته‏           و البيت يعرفه و الحل و الحرم‏

هذا ابن خير عباد اللّه كلهم‏                 هذا التقي النقي الطاهر العلم‏

إذا رأته قريش قال قائلها:                 إلى مكارم هذا ينتهي الكرم‏

يرقى إلى ذروة العز الذي قصرت‏                  عن نيلها عرب الإسلام و العجم‏

يكاد يمسكه عرفان راحته‏                  ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم‏

يغضي حياء و يغضى من مهابته‏                   فلا يكلم إلا حين يبتسم‏

بكفه خيزران ريحها عبق‏                  من كف اروع في عرنينه شمم‏

من جده دان فضل الأنبياء له‏              و فضل امته دانت له الأمم‏

ينشق نور الهدى عن نور غرته‏          كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم‏

مشتقة من رسول اللّه نبعته‏                طابت عناصرها و الخيم و الشيم‏

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله‏             بجده انبياء اللّه قد ختموا

اللّه شرفه قدما و فضله‏           جرى بذاك له في لوحه القلم‏

فليس قولك من هذا بضائره‏               العرب تعرف من أنكرت و العجم‏

كلتا يديه غياث عم نفعهما                  يستوكفان و لا يعروهما عدم‏

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا                حلو الشمائل تحلو عنده نعم‏

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته‏              رحب الفناء أريب حين يعتزم‏

من معشر حبهم دين و بغضهم‏           كفر و قربهم منجى و معتصم‏

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم‏             أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم‏

لا يستطيع جواد بعد غايتهم‏               و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة ازمت‏              و الأسد أسد الشرى و البأس محتدم‏

لا ينقص العسر بسطا من اكفهم‏           سيان ذلك إن أثروا و إن عدموا

يستدفع السوء و البلوى بحبهم‏           و يسترد به الاحسان و النعم‏

مقدم بعد ذكر اللّه ذكرهم‏                   في كل امر و مختوم به الكلم‏

يأبى لهم أن يحل الذل ساحتهم‏            خيم كريم و أيد بالندى هضم‏

أي الخلائق ليست في رقابتهم‏             لأولية هذا أوله نعم‏

من يشكر اللّه يشكر أولية ذا               فالدين من بيت هذا ناله الأمم‏

و تميزت هذه القصيدة العصماء على بقية الشعر العربي بالخلود على امتداد التاريخ لأنها كانت ثورة على الباطل و نصرة للحق فقد جاءت في وقت كمت فيه الأفواه و أخرست الألسن عن ذكر مناقب أهل البيت (عليهم السلام) فمن ذكر لهم مأثرة أو فضيلة سيق إلى الاعدام من قبل السلطة الأموية العاتية التي سخرت جميع أجهزتها لمحو أهل البيت من خارطة الوجود.

لقد اشاد الفرزدق في قصيدته بالإمام العظيم أمام أهل الشام و غيرهم من سائر الحجاج مما يعتبر ضربة موجعة للسياسة الأموية و علق البستاني على هذه القصيدة بقوله: و قالوا : كفى بالفرزدق أن يكون قال هذه القصيدة حتى يدخل الجنة .

و مضافا لما فيها من روعة الصدق و نصرة الحق انسجام أبياتها بهذا اللون من الجمال يقول السيد علي المدني: و أما انسجامها فغاية لا تدرك و عقيلة لا تملك و قد جنبها حواشي الكلام و جاء فيها ببديع الانسجام و من رأى شعر الفرزدق و رأى هذه القصيدة ملك نفسه العجب فإنه لا مناسبة بينها و بين سائر قوله: سببا و مدحا و هجاء على أنه نظمها بديهة و ارتجالا و لا شك أن اللّه سبحانه أيده في مقالها و سدده حال ارتجالها .

و شكك أبو الفرج في نسبة هذه القصيدة إلى الفرزدق لأن منهاجه في الشعر غير ذلك إذ كان يستوعر في اسلوبه و الفاظه و خياله‏ و علق على ذلك الشيخ محمد أبو زهرة بقوله: و انا لا نرى ذلك الشك سائغا أو يتفق مع المنهاج السليم في دراسة الروايات للأسباب الآتية:

أولها: تضافر الروايات كلها على نسبتها للفرزدق و عدم محاولة الأصفهاني الطعن في الرواية بتكذيب رواتها.

ثانيا : أنه لم يعيّن بالدليل الشاعر الذي ينسب إليه من بين شعراء آل البيت و لا يصح أن يلغى نسب قصيدة لأبيها و قائلها و يتركها مجهولة النسب أو ينسبها بغير حجة.

ثالثها : أن الشاعر الذي يستوعر قد يرق احيانا على‏ حسب المقام الذي يقول فيه فإذا كان الشاعر حسب المقام الذي يقول فيه فإذا كان الشاعر يصف البادية بآكامها و ما فيها فإنه يستوعر بطبيعته و طبيعة الموضوع الذي يتصدى لوصفه و إذا كان الموضوع الذي يتكلم فيه وصفا لأخلاق و شيم فإنه بلا ريب سيلين إلا ما كان شاعرا مجيدا يتخير ما يناسب كل مقام من مقال.

و إن امرأ القيس الجاهلي رق شعره في آخر حياته عند ما نزلت به النوازل و لسنا بمقام الرواية للأدب حتى ننقل لك وصفه لمرضه و ما نزل به و كذلك الأعشى و كعب بن زهير عند ما مدحا النبي (صلى الله عليه و آله) رق شعرهما رقة تتفق مع شيم النبي و مكارمه فليست رقة الفرزدق في هذه القصيدة بغريبة تستدعي الانكار و الشك.

و يجب هنا أن نقرر أن الفرزدق كان يميل ميلا شديدا إلى آل البيت و إن لم يكثر من الشعر فيهم اتقاء لأذى الأمويين‏ .

لقد كان الفرزدق علوي الميول و الاتجاه و قد اندفع إلى مدح الإمام (عليه السلام) بوحي من عقيدته يقول الشريف المرتضى: كان الفرزدق شيعيا مائلا لبني هاشم و نزع في آخر عمره عما كان عليه من الفسق و القذف و راجع طريقة الدين على أنه لم يكن في خلال ذلك سلخا من الدين و لا مهملا أمره‏ و على أي حال فإن نسبة هذه القصيدة العصماء إلى الفرزدق من الأمور التي لا تقبل التشكيك فقد تواتر النقل بنسبتها إليه.

و ثار هشام بن عبد الملك و خرج من اهابه حينما سمع بهذه القصيدة و ود أن الأرض قد ساخت به فقد دللت على واقع الإمام العظيم و عرفته لأهل الشام الذين جهلوه و جهلوا آباءه فقد أشاد الفرزدق بمنزلة الإمام و جعل الولاء له جزءا لا يتجزأ من الإسلام و انه أفضل إنسان تضمه سماء الدنيا في ذلك العصر.

و أمر هشام باعتقال الفرزدق فاعتقل و أودع في سجون عسفان و هو منزل يقع ما بين مكة و المدينة و بلغ ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) فبعث إليه باثني عشر ألف درهم فردها الفرزدق و اعتذر من قبولها و قال: إنما قلت فيكم غضبا للّه و رسوله فردها الإمام عليه فقبلها و جعل الفرزدق يهجو هشاما و مما هجاه به:

أ يحسبني بين المدينة و التي‏              إليها قلوب الناس يهوي منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد               و عين له حولاء باد عيوبها




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.