أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-13
767
التاريخ: 14-10-2015
3546
التاريخ: 9-4-2016
3253
التاريخ: 25-2-2018
2791
|
كان للإمام (عليه السلام) منهج خاصّ متميّز في سياسته المالية ومن أبرز مناهجه أنّه كان يرى المال الذي تملكه الدولة مال الله تعالى ومال المسلمين ويجب إنفاقه على تطوير حياتهم وإنقاذهم من غائلة البؤس والحاجة ولا يختصّ ذلك بالمسلمين وإنّما يعمّ جميع من سكن بلاد المسلمين من اليهود والنصارى والصابئة فإنّ لهم الحقّ فيها كما للمسلمين , يرى الإمام (عليه السلام) الفقر كارثة اجتماعية مدمّرة يجب القضاء عليه بجميع الوسائل وقد اثر عنه أنّه لو كان رجلا لأجهز عليه .
من المناهج في السياسية المالية التي انتهجها الإمام (عليه السلام) في حكومته توزيع الأموال التي تجبى للخزينة المركزية حين وصولها فكان يبادر إلى إنفاقها على مستحقّيها والجهات المختصّة كتعمير الأراضي وإصلاح الري الأمر الذي يعود على البلاد بالفائدة وكانت هذه سيرته ومنهجه ؛ ويقول الرواة : إنّ ابن النباح وهو أمين بيت المال جاءه وقال : يا أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من الصفراء والبيضاء فقال (عليه السلام) : الله أكبر وقام متوكّئا على ابن النباح فلمّا انتهى إلى بيت المال قال :
هذا جناي وخياره فيه وكلّ جان يده إلى فيه
ثمّ أمر الإمام (عليه السلام) باتباع الكوفة فحضروا ووزّع جميع ما في بيت المال وهو يقول : يا صفراء! ويا بيضاء! غرّي غيري ولم يبق فيه دينارا ولا درهما ثمّ أمر بنضحه وصلّى فيه ركعتين وورد إليه مال فقسّمه ففضل منه رغيف فقسّمه سبعة أقسام وأعطاها لهم كما وردت إليه زقاق من عسل فقسّمه عليهم ثمّ جمع الأيتام فجعل يطعمهم ما بقي في الزقاق من عسل.
لقد كانت هذه سيرة إمام الحقّ ورائد العدل في الأموال التي تجبى للخزينة المركزية ثمّ لا يستأثر بأي شيء منها لا هو ولا أهل بيته , وانتهج الإمام (عليه السلام) طريقة خاصّة في العطاء وهي التسوية بين المسلمين فلم يميّز قوما على قوم ولا فئة على فئة وقد جرت له هذه السياسة الأزمات وخلقت له المصاعب فقد فسد عليه جيشه وتنكّرت له الوجوه والأعيان وناهضته الرأسمالية القرشية التي استأثرت بأموال المسلمين في عهد الخلفاء , وقد خالف الإمام (عليه السلام) بذلك سياسة عمر التي بنيت على التفاوت بين المسلمين في العطاء فقد فضّل البدريّين على غيرهم وفضّل الأنصار على غيرهم وبذلك فقد أوجد الطبقيّة والرأسمالية بين المسلمين .
لقد ألغى الإمام هذه السياسة إلغاء تامّا وساوى بين المسلمين كما كان يفعل رسول الله (صلى الله عليه واله) ولمّا مني جيش الإمام (عليه السلام) بالانحلال والتخاذل واتّجهوا صوب معاوية سارع ابن عباس نحو الإمام (عليه السلام) فعرض عليه حالة جيشه وما يصلحه قائلا : يا أمير المؤمنين فضّل العرب على العجم وفضّل قريشا على سائر العرب , فرمقه الإمام بطرفه وردّ عليه قائلا : أتأمرونّي أن أطلب النّصر بالجور؟ ولو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنّما المال مال الله .
لقد تبنّى هذا العملاق العظيم مصالح البؤساء والمحرومين وآثرهم على كلّ شيء فمن مظاهر عدله في مساواته أنّ سيّدة قرشية وفدت عليه طالبة منه زيادة مرتبها فلمّا انتهت إلى الكوفة لم تهتد إلى محل إقامته فسألت سيّدة عنه وطلبت منها أن تأتي معها لتدلّها عليه وسارت معها السيّدة فسألتها القرشية عن مرتبها فأخبرتها به وإذا هو يساوي مرتبها وسألتها عن هويّتها فأخبرتها أنّها أعجمية ، فلمّا انتهت إلى الجامع الأعظم الذي يقيم فيه الإمام أمسكت بها القرشية ولمّا انتهت إلى الإمام أخذت تصيح : أمن العدل يا ابن أبي طالب أن تساوي بيني وبين هذه الأعجمية؟ فالتاع الإمام منها وأخذ قبضة من التراب وجعل يقلّبها بيده وهو يقول : لم يك بعض هذا التّراب أفضل من بعض وتلا قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] , لقد أدّت هذه السياسة المشرقة التي انتهجها الإمام إلى إجماع القوى المنحرفة والباغية على الاطاحة بحكومته وشلّ فعاليّاتها.
يقول المدائني : إنّ من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى تخاذل العرب عن الإمام اتّباعه لمبدإ المساواة حيث كان لا يفضّل شريفا على مشروف في العطاء ولا عربيا على أعجمي.
إنّ الإنسانية على ما جربت من تجارب وبلغت من رقي وإبداع في الأنظمة الاقتصادية التي تسير عليها الدولة فإنّها لم تستطع بحال من الأحوال أن تنشئ أو تقيم مثل هذا النظام .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|