المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06
النضج السياسي في الوطن العربي
2024-11-06

Nicole Oresme
25-10-2015
مهارات تساعد على جعل اللغة اكثر تأثيرا وإقناعا للآخرين
26-8-2020
البحر الميت
2-7-2017
موضوع الكشف
16-3-2016
ادوات حصاد وفرز العسل
12-7-2020
Alagille Syndrome
23-4-2017


مصادر القانون الدولي الإنساني  
  
19015   09:39 صباحاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : نغم اسحق زيا
الكتاب أو المصدر : دراسة في القانون الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان
الجزء والصفحة : ص13-28
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

 الحرب أو النزاعات المسلحة أياً كانت أسباب قيامها ، في طبيعتها هي محاولة لأحد الأطراف لفرض إرادته على الطرف الآخر لإجباره على التخلي عن موقفه ، ومن نتائجها وقوع ضحايا من الطرفين من قتلى وجرحى ومرضى وأسرى ومعتقلين من العسكريين والمدنيين إلا أنها مع ذلك فان هذه الحروب تم تنظيمها بمجموعة كبيرة من القواعد للتخفيف من آثارها وان اختلفت هذه القواعد من فترة إلى أخرى من ناحية التفاصيل أو الطبيعة من حيث كونها بدأت عرفية ، ثم بعد ذلك جرى تدوينها وتقنينها في شكل اتفاقيات دولية عامة مع إدخال التطوير والتعديل عليها في كل مرحلة من المراحل ، وفضلاً عن تلك الأعراف والاتفاقيات استقرت مجموعة من المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني التي يجب مراعاتها في أثناء النزاعات المسلحة وبذلك فان مصادر القانون الدولي الإنساني تتمثل في الأعراف الدولية، ثانياً الاتفاقيات الدولية وأخيراً في المبادئ العامة للقانون.

أولاً : العرف الدولي

فمن حيث ترتيب ظهور القواعد الدولية التي تناولت الحروب ، يأتي العرف في مقدمتها ويشكل مصدراً مهماً من مصادر القانون الدولي الإنساني إلى جانب الاتفاقيات الدولية التي قننت القواعد التي تنظم النزاعات المسلحة ، وهو ما أكدته القاعدة الشهيرة والمعروفة في القانون الدولي الإنساني (بقاعدة مارتينز) ، وقد وضع هذه القاعدة السير فردريك دي ماتينز (Friedrich Vo Martens) الروسي الأصل في عام 1899 في اتفاقية لاهاي الثانية الخاصة بالحرب البرية لعام 1899 في ف (3) من مقدمتها ، ثم أعيد التأكيد عليها في اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بالحرب البرية عام 1907 في الفقرة السابعة من مقدمتها التي نصت على "في الحالات التي لا تشملها أحكام الاتفاقية التي تم عقدها ، يظل السكان المدنيون والمقاتلون تحت حماية وسلطان مبادئ قانون الأمم كما جاءت في الأعراف التي استقر عليها الحال بين الشعوب المتمدنة وقوانين الإنسانية ومقتضيات الضمير العام" والحالات التي لم تكن الاتفاقية تشملها وينطبق عليها حكم العرف هي حالة ما إذا كان أحد الأطراف المتحاربة ليس طرفاً سامياً في هذه الاتفاقية والحالة الثانية هي حالة ما إذا كانت هناك مسائل جديدة غير محكومة بقواعد الاتفاقية وتخرج عن إطارها فهنا كان حكم العرف هو المنطبق عليها وسواء كان الطرفان المتحاربان أطرافاً في الاتفاقية أم لا(1). إذن العرف هو مصدر أساسي للقانون الدولي الإنساني ، وهو ملزم للدول سواء شاركت في تكوينه أم لا وسواء كانت هذه الدول موجودة وقت نشوئه أم لا ، أما الطريقة التي يثبت فيها وجود العرف فانه يكون بالنظر إلى ما تسلكه الدول في تصرفاتها في أثناء الحروب والنزاعات المسلحة ، وبالنظر إلى مشاريع الاتفاقيات التي لم توضع موضع التنفيذ بل حتى الاتفاقيات الدولية النافذة يمكن الوقوف على القواعد العرفية  ذلك لأن هذه الاتفاقيات قد تأتي في بعض أو معظم قواعـدها تـدويناً لأعراف دولية(2). وهنا تكون قواعد هذه الاتفاقيات وخاصة تلك العرفية منها ملزمة حتى للدول الغير الأطراف في الاتفاقية ، والسبب في أن قواعد هذه الاتفاقيات كلها أو بعض منها هي عبارة عن تقنين لأعراف دولية سائدة ، وبالتالي التزام الدول غير الأطراف بهذه القواعد إنما هو التزامها بقواعد عرفية كرستها هذه الاتفاقيات(3). وقد ساهم في تكوين العرف الدولي الخاص بالنزاعات المسلحة عوامل عديدة ، منها فكرة الشرف العسكري الذي تحلى به المحاربون القدامى والفرسان في العصور الوسطى ، حيث كانت الحروب في نظرهم كفاحاً شريفاً تحكمه قواعد خاصة تتعلق بمعاملة الجرحى والمرضى وعدم التعرض لغير المقاتلين من سكان دولة العدو وكان الفضل في إنماء هذا الاتجاه لدى الفرسان الذي عد عنصراً أساسياً في نظام الفروسية يعود إلى مبادئ الدين المسيحي التي تنادي بالمحبة وطيب المعاملة للجميع سواء كانوا أعداءً أم أصدقاء وأبرز صور الفروسية كانت تظهر في الاهتمام بالجرحى وتأمين العلاج لهم من قبل آباء القصور أنفسهم وبات ذلك تقليداً شائعاً بين الفرسان الأعداء الذين غالباً ما عقدوا الهدن لغرض دفن موتاهم وإجراء مراسيم الدفن المسيحية ومعالجة المرضى(4). ومن الأمثلة على تأثر سلوك المتحاربين بفكرة الشرف العسكري التي قامت على أيدي فرسان العصور الوسطى ، واستمرارها في توجيه وحكم سلوك الأعداء في الحروب ، ما حصل في عام 1745 في معركة فونتنوا البلجيكية بين كل من القوات الفرنسية بقيادة لويس الخامس عشر وقوات إنكلترا وهولندا ، حيث تم مراعاة فكرة الشرف العسكري ونظام الفروسية ، فتمت معالجة جميع الجرحى بواسطة خدمات طبية جيدة أمنها الطرفان ، وكذلك التقدير المتبادل الذي ظهر في سلوك قادة تلك الحرب بتبادلهم التحية قبل بدء الحرب(5). ومن جانب آخر كان لتعاليم وقواعد الدين الإسلامي اثر كبير في حكم سلوك المسلمين أثناء الحروب التي كانوا يدخلون فيها ، حيث أثرت فيهم قواعد الشريعة الإسلامية ، والأوامر التي كان يتلقاها المسلمون من الرسول (محمد) عليه الصلاة والسلام ، وكذلك أوامر الخلفاء الراشدين من بعده ، وقادة الجيوش العسكرية الإسلامية كان لها دور في تغيير وإزالة العادات والتقاليد اللاإنسانية والوحشية التي كانت تتبع في الحروب قبل الإسلام ، كما أثرت في المقابل على العدو الداخل في الحرب مع الجيوش التابعة للدولة الإسلامية لما لمسه من قواعد ومعاملة مميزة مع اتباعه الواقعين تحت أيدي الجيوش الإسلامية(6). كما أسهم في تكوين الأعراف الدولية وتثبيتها عوامل أخرى منها قيام الدول بتشكيل جيوش نظامية ، وهذا ما حصل بعد الحرب التي استمرت ثلاثين سنة المسماة بالحروب الدينية حيث احتاجت أنظمة الحكم القائمة إلى جيوش دائميه نظامية تحل محل الجيوش القديمة المجندة اعتباطاً والقائمة على السلب والنهب والاغتصاب وعدم الخضوع للنظام ، وتشكيل هذه الجيوش النظامية هو الذي ساعد على تثبيت القواعد الخاصة بالحروب ، وذلك بسبب خضوع الجنود النظاميين لرؤسائهم وتقيدهم بالأوامر والتعليمات العسكرية الصادرة إليهم والواجب اتباعها في أثناء القتال ، مما أدى إلى تنمية روح الخضوع للقانون وبالتالي تثبيت القواعد المنظمة للحروب(7). وهو بدوره الذي ساهم من جانب آخر في تكوين القواعد العرفية عن طريق الأوامر والتعليمات العسكرية والقوانين التي كانت موجهة لضبط الجيوش ، نذكر منها على سبيل المثال وهي أمثلة من القرن السابع عشر والثامن عشر ، منها الوثيقة الداخلية التي أصدرها الحاكم العام لهولندا الدوق دي فيلا هر موزا والتي سميت بصك الحماية في 23 أغسطس 1677 بمناسبة سقوط إحدى المستشفيات الفرنسية المنشأة في مرشين - أوربون- في يد الهولنديين وكان مضمون صك الحماية هو وضع موظفي ومديري وأطباء ومرضى المستشفى تحت حماية الملك وشملت هذه الحماية الجنود المرضى والخدم وممتلكـات المستشفى ، وقرر في هذا الصك أن كل من يقوم بالاعتداء على من سبق ذكرهم سوف يقع تحت طائلة العقاب لأنه خالف الأوامر الصادرة بالحماية(8) من الأمثلة البارزة في القرن الثامن عشر المرسوم الصادر في فرنسا عام 1793 المتأثر بمبادئ الثورة الفرنسية لعام 1789 ، حيث نص هذا المرسوم في م/26 منه على احترام الأحكام الإنسانية المتعلقة بالأسرى حيث نصت "يعالج الأسرى الأعداء من المرضى والجرحى في المستشفيات العسكرية في الجمهورية الفرنسية ، سواء في العيادات الخارجية أو داخل المستشفيات بنفس الرعاية التي تقدم للجنود الفرنسيين وتخضع أجورهم ورواتبهم لنفس الاستقطاعات التي تخصم في الحالات المماثلة من رواتب ضباط وجنود الجمهورية "(9) وفي القارة الأمريكية ظهرت أيضاً القوانين والأوامر الداخلية تعلقت بتنظيم إجراءات الحرب واشهرها مدونة ليبر التي أصدرتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في القرن 19 عام 1863 وتكتسب هذه المدونة أهميتها من أنها كانت أول محاولة لتدوين قوانين واعراف الحرب الموجودة آنذاك وكانت موجهة أي تخاطب القوات الاتحادية في الميدان ، وكانت هذه التعليمات الخطوة الأولى لضبط سلوك الجيوش في الميدان بموجب قواعد دقيقة ومكتوبة وكان لها الأثر الإيجابي في قانون الحرب خارج الولايات المتحدة وشكلت أساساً للمفاوضات والتدابير الدولية اللاحقة ، تزامن وضعها مع وضع اتفاقية الصليب الأحمر 1864(10).

ثانياً : الاتفاقيات الدولية

أما المصدر الثاني من مصادر القانون الدولي الإنساني ، فهو الاتفاقات الدولية ، وتاريخياً فان قواعد القانون الدولي الإنساني التي كانت تعنى بالأسرى والجرحى وغيرهم من الفئات الأخرى كالنساء والأطفال ، كانت قد تناولتها اتفاقيات ثنائية ، حيث لم يكن هناك تدوين منظم لقواعد تكفل الحماية لهم من أثار الحروب يأخذ شكل اتفاقيات دولية عامة ومتعددة الأطراف ، إلا في منتصف القرن التاسع عشر وتحديداً حتى عام 1864 الذي هو تاريخ ميلاد أول اتفاقية دولية لحماية ضحايا الحروب وبشكل خاص المرضى والجرحى ، متعددة الأطراف ، واتفق لاحقاً بأنها تمثل تأريخ ولادة القانون الدولي الإنساني المقنن في اتفاقيات دولية وقبل ذلك التاريخ كانت هناك الاتفاقيات الثنائية ، نذكر منها على سبيل المثال ، الاتفاقيات الثنائية التي كان القادة الأسبان يعقدونها مع الطرف الآخر في الحرب ، وكانت تتضمن أحكاماً تتعلق بمعالجة الجرحى والمرضى ومعاملة الأطباء والجراحين الذين يعتنون بهم وأقدم هذه الاتفاقات هو اتفاق التسليم الذي عقده السندورا فارنيزي بعد تسليم تورناي عام 1581 وتضمن منح عفو عام عن المدافعين مع منح القادة والضباط سواء من الأجانب أو رعايا البلد أو من الحملة ، أو القصر ، إمكانية الانسحاب حاملين شارات رتبهم على أكتافهم وأسلحتهم موقدة الفتيل حاملين متعلقا تهم التي يستطيعون أخذها ، ويتمتع بهذه الامتيازات الجرحى والمرضى زملاؤهم بعد شفائهم ، ومنها أيضا اتفاق الهدنة المعقود بين المركيز الإسباني دي سانتا كروز والحاكم الفرنسي لتوارس ، الذي نص على تحديد منطقة ميرابلو لكي يتم إرسال الجرحى والمرضى إليها للعناية بهم من الفرنسيين ، ومن الأمثلة أيضا الاتفاقية الثنائية المعقودة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في 1785 التي اشترطت انه في حالة الحرب ، فان القوتين يجب أن لا تحتاط فقط لأمر النساء والأطفال بل يجب إفساح المجال للعلماء وزراع الأراضي والصناع وأصحاب المصانع ، وجميع الأشخاص الاخرين الذين تعد وظائفهم ضرورية لبقاء الجنس البشري ومنفعته ، ويجب إفساح المجال لهم بالاستمرار بأعمالهم ، والسماح للتجار بالبقاء لمدة تسعة اشهر لجمع ديونهم وتصفية أعمالهم والسماح للسفن التجارية بالمرور لتأمين حصول الأفراد على احتياجاتهم. والاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا عام 1813 المتعلق بتبادل الأسرى وكيفية معاملتهم ، واتفاق تروخيليو المبرم بين بوليفار الكولومبي والقائد الإسباني عام 1820 بمناسبة الحرب التي كانت قائمة بين الكولومبيين ضد إسبانيا للاستقلال عن الأخيرة تم فيه التعبير عن المعاملة غير التمييزية للجرحى من قبل الطرفين(11). ولكن مع وجود هذه الاتفاقيات الثنائية إلا أنها لم تكن كافية وحدها لمنع الأعمال الوحشية والأفعال المناهضة للإنسانية خلال فترة الحروب وثبتت هذه الحقيقة الحروب التي دارت في القارة الأوربية ومثالها حرب السكين التي وقعت بين الفرنسيين والأسبان عند قيام القوات الفرنسية باحتلال إسبانيا عام 1810 واستمرت حتى عام 1814 ، حيث ارتكب الطرفان الفرنسي والإسباني أفعال شنيعة خلالها فمن جانب الأسبان كانوا يقومون بتقطيع الأطراف الأربع للجنود الفرنسيين ، وفي حالات أخرى كانوا يحرقون نصف أجساد البعض الآخر ، كما كانوا يقدمون على تعليق الجثث ، ومن جانب الفرنسيين كانت الأوامر هي إغراق أية قرية بالدماء في حال إذا انطلقت منها طلقة واحدة بدون تمييز بين صغير أو كبير، وبين الرجال والنساء والأطفال حيث الكل كانوا سيواجهون المصير نفسه ، ومن الفضائع أيضا ما ارتكبته القوات الفرنسية في أثناء احتلالها الجزائر فقد وصفت بأنها من اشد الحروب التي شهدتها القارة الإفريقية بين عامي 18421849 ، وتلت هذه الأحداث المعركة التي كانت السبب في دفع الجهود إلى وضع اتفاقية متعددة الأطراف وهي معركة سولفرينو التي دارت بين القوات الفرنسية والإيطالية من جهة والقوات النمساوية من جهة 1859 ، فقد نتج عن شن هذه المعركة بين الطرفين في شمال إيطاليا إلى وقوع 40000 من القتلى والجرحى ، ترك خلالها الجرحى دون أن يتم علاجهم بل إن بعضهم تم دفنهم وهم أحياء ، مما دفع ذلـك بفضل السير هنري دونان الذي شهد هذه الأحداث وطالب بتكوين جمعيات وطنية لرعاية المرضى والجرحى بغض النظر عن جنسيتهم أو عنصرهم أو دينهم - دفع ذلك إلى قيام الدول في 1864 وبحضور وفود 16 دولة أوربية بوضع اتفاقية جنيف الاولى ((اتفاقية الصليب الأحمر)) وكانت قد تضمنت أحكاماً لمعالجة ورعاية العسكريين من الجرحى الذين وقعوا في الميدان أي ضحايا الحرب البرية ، مع وضع حكم بتحييد سيارات الإسعاف والمستشفيات العسكرية(12). إلا أن وضع هذه الاتفاقية وان كانت خطوة مهمة في تاريخ المجتمع الدولي وتمثل الدعامة الأساسية للقانون الدولي الإنساني ، لم يكن كافياً لتأمين الحماية لضحايا الحرب ، والسبب لأنها كانت مختصرة للغاية فقد لا تتعدى نصوصها عشرة نصوص قانونية كما أن نظامها الشخصي كان ضيقاً وقاصراً على الجرحى العسكريين وحدهم وهو ما دفع الدول وبجهود متظافرة من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى وضع اتفاقيات دولية عديدة وفي مراحل مختلفة كونت في مجموعها فرع القانون الدولي العام المسمى بالقانون الدولي الإنساني. تميزت هذه الاتفاقيات الموضوعة في التواريخ 1899 ، 1906 ، 1907 ، 1929 ، 1949 ، 1977 ، بالعديد من الخصائص منها إنها عملت في تثبيت نوعين من القواعد ، القواعد الخاصة بكيفية بدء الحرب وطرق وأساليب القتال حيث تم فيها تقنين القواعد العرفية التي كانت تحكم الحروب وأعمال القتال واستحداث قواعد جديدة فيها ، والفئة الثانية من القواعد كانت تتولى تخصيص الحماية لضحايا الحروب مع توسيع نطاقها لتشمل فـئات أخرى ، والحماية هنا ، تميزت بالتدرج في توسيع نطاقها لفئات جديدة من اتفاقية إلى أخري ، كما تميزت هذه الاتفاقيات ، في أن بعضاً منها كانت تتضمن شروطاً خاصة للسريان ألغيت فيما بعد في ظل الاتفاقيات التي عقبتها ، ومن الميزات أيضا إنها في المرحلة الأولى (1899-1907) لوضع قانون عام يحكم الحروب كانت تتوجه إلى دمج القواعد الخاصة بتنظيم الحروب ووسائلها وتأمين الحماية لضحاياها في قانون اتفاقي واحد ، إلا أن هذا التوجه تغير مسارهُ خاصة في أعقاب الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية ، إلى وضع اتفاقيات منفصلة لحماية ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة ، واستمر هذا الانفصال قائماً إلى أن تم وضع عام 1977 بروتوكولات جنيف الأول والثاني الذين عادا ودمجا قواعد الحرب ووسائلها وقواعد حماية الضحايا في نصوص اتفاقية واحدة . وعلى أساس هذه المميزات للاتفاقيات العامة التي كونت القانون الدولي الإنساني سيكون تطرقنا إليها. ففي عام 1899 تمت الدعوة بجهود روسية إلى عقد مؤتمر السلام الأول في لاهاي ، نتج عن هذا المؤتمر وضع اتفاقيات لاهاي ، الاتفاقية الثانية منها نظمت أحكام الحرب البرية، عن طريق تقنين القواعد والأعراف الدولية المتبعة في الحرب البرية ، وبينت كيفية بدء الحروب وطرق ووسائل القتال المتبعة فحرمت استخدام الرصاص اللين الرأس ، والسموم في الحروب كما منعت من قصف بعض الأماكن وهي المستشفيات ودور العبادة والعلم والفن والأعمال الخيرية ، ثم نصت على تطبيق مبادئ اتفاقية جنيف لعام 1864 على ضحايا الحرب البرية من الجرحى العسكريين ، واهتمت بوضع الأسرى ، وفرضت مجموعة من الواجبات على عاتق سلطة دولة الاحتلال منها احترام شرف العائلات ، واحترام معتقداتهم الدينية ، وممتلكاتهم ، وفي الاتفاقية الثالثة كيفت هذه الأحكام لتطبق على الحرب البحرية مع توسيع نطاق الحماية التي تكفلها اتفاقية جنيف لتشمل الغرقى من العسكريين في الحرب البحرية(13) . وبذلك تميزت هذه الاتفاقيات بالجمع بين نوعين من القواعد ، قواعد تنظم الحرب ووسائلها وقواعد تهتم بضحايا الحروب.  وفي عام 1906 جرى إدخال تعديل على اتفاقية جنيف الاولى لعام 1864 التي كانت خاصة بضحايا الحرب البرية ، تمثل هذا التعديل بتوسيع نطاق الاتفاقية لتشمل الجرحى والمرضى من العسكريين في الحرب البرية فحلت اتفاقية جنيف لعام 1906 محل اتفاقية جنيف الاولى وتكونت من 33 مادة قانونية. ثم جرى في عام 1907 في مدينة لاهاي وبمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية عقد مؤتمرات السلام الثانية ، أعيد فيها النظر في اتفاقيات لاهاي لعام 1899 ، نتج عن هذه المؤتمرات وضع ثلاث عشرة اتفاقية ثلاث منها تبدأ بالاتفاقية الثالثة ، التي كانت خاصة بالحرب البرية ، حيث تضمنت اتفاقية لاهاي الثالثة القواعد الخاصة ببدء الحرب ، والاتفاقية الرابعة خاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الحق بها لائحة جنيف التي حددت القواعد الخاصة بالمحاربين وطرق وأساليب الحرب ، فضلاً عن تطبيق اتفاقية جنيف المعدلة وهي اتفاقية جنيف لعام 1906 على الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان ، ووسعت من قواعد حماية الأسرى ، وبينت واجبات سلطة الاحتلال وحقوقها ، وفي الاتفاقية الخامسة ، بينت حقوق وواجبات المحايدين في الحرب البرية وفصلت في ثمان اتفاقيات أخرى موضوع الحرب البحرية وتبدأ بالاتفاقية السادسة ، وتنتهي بالاتفاقية المرقمة (13) حددت فيها الدول في هذه الثماني اتفاقيات طرق ووسائل الحرب البحرية ، وأحكام الحياد في الحرب البحرية ، وتشكيل محكمة غنائم دولية ، زيادة على تطبيق مبادئ اتفاقية جنيف المعدلة في 1906 على ضحايا الحرب البحرية من الجرحى والمرضى والغرقى والأسرى العسكريين في الحرب البحرية . إذن كان التوجه في هذه الاتفاقيات أيضا هو الجمع بين قواعد الحماية ووسائل وأساليب الحرب . مع إدراج شرط مهم فيها وهو شرط (المشاركة الجماعية) وقد كان موجوداً في اتفاقية جنيف 1906 التي حلت محل اتفاقية جنيف الاولى  ومعناه أن الأنظمة المتعلقة بكل اتفاقية تطبق فقط ما دامت جميع الأطراف في النزاع المسلح (الحرب) هي أيضاً أطراف في الاتفاقية المعنية ، وهذا يعني أنها تسري فقط بين المتحاربين الأطراف في هذه الاتفاقيات ، أما إذا نشبت حرب ولم تكن إحدى الدولتين المتحاربتين طرفاً في الاتفاقية فان الدولة الطرف في الاتفاقية الداخلة في الحرب لا تلتزم بقواعد هذه الاتفاقيات في مواجهة الأخرى غير الطرف ، بل تسري على حربهما الأحكام والقواعد العرفية(14) . وبقيام الحرب العالمية الاولى وما نتج عنها من أمثلة حية على الجرائم الشنيعة والأعمال اللاإنسانية ، تغير اتجاه الدول في وضعها للاتفاقيات التي تنظم الحروب وتحاول التخفيف من آثارها ، بين الدمج بين قانون جنيف ولاهاي ، إلى الفصل بينهما ، بوضع اتفاقيتي جنيف لعام 1929 حيث تم فيهما إعادة تنظيم المواضيع التي كانت موجودة في اتفاقيات لاهاي 1899 و 1907 الخاصة بالأسرى والجرحى والمرضى ، فسميت إحداهما باتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان والثانية اتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب ، ومن هنا بدأ الفقه بالتمييز بين قانون جنيف وقانون لاهاي ، الذي لم يكتسب وضوحه إلا بعد أحداث الحرب العالمية الأولى(15) وتميزت اتفاقية 1929 لتحسين حال الجرحى والمرضى من العسكريين في الميدان بأنها عدت صيغة معدلة لاتفاقية جنيف لعام 1906 والجديد فيها أولاً أنها ألغت شرط (المشاركة الجماعية) مما يعني أن هذه الاتفاقية تبقى سارية المفعول حتى إن كان بعض المتحاربين ليسوا أطرافاً فيها ، وثانياً أقرت استخدام شارتين أخريين إلى جانب شارة الصليب الأحمر المنصوص عليها في اتفاقية 1906 ، وهاتان الشارتان هما شارة الهلال الأحمر والشمس والأسد الأحمرين ، كما اهتمت بالطيران الصحي والإسعاف الذي يساهم فيه ، واهتمت بموضوع قتلى الحرب. أما الاتفاقية الثانية . اتفاقية جنيف 1929 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب ، فقد مثلت تطوراً في تنظيم حركة الأسير ، الذي لم يكن محسوماً إلا بصورة جزئية في ظل اتفاقيات لاهاي تاركة مسائل كثيرة محكومة بالقواعد العرفية بالأسر ، مع بعض الاتفاقيات الثنائية ، وتطبيق بعض أنظمة القوانين الداخلية للدولة الآسرة لهم(16). وجاءت من جديد أحداث الحرب العالمية الثانية 1939 1945 لتدفع الدول إلى وضع اتفاقيات جديدة تنظم بشكل أكبر مسألة ضحايا النزاعات المسلحة في اتفاقيات خاصة بالضحايا فقط وهي اتفاقيات جنيف الأربع ، وتميزت بأنها نصت على إنها تنطبق على الحرب المعلنة وغير المعلنة ، ومن جديد أكدت على التزام الدول المتعاقدة بها حتى وان كانت إحدى الدول الأطراف معها في نزاع مسلح ليس طرفاً فيها ، كما وسعت أحكامها في الحماية المقدمة للضحايا بحيث لم تعد قاصرة على ضحايا النزاعات المسلحة الدولية (الحروب) بل باتت تشمل ضحايا النزاعات المسلحة الداخلية ، وهو ما شكل تجاوزاً للحدود التي كانت معروفة في القانون الدولي التقليدي الذي يحكم العلاقات بين الدول(17) فجاء في م/3 المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع أنه "في حالة قيام اشتباك مسلح ليست له صفة دولية وفي أراضي أحد الأطراف السامين المتعاقدين ، يتعين على كل طرف في النزاع أن يطبق ، كحد أدنى الأحكام الآتية:-

الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية ، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين القوا السلاح ، والأشخاص العاجزون عن القتال ، بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر ، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون تمييز قائم على العنصر ، أو اللون ، أو الدين ، أو المعتقد ، أو المولد ، أو الثروة ، أو أي معيار مماثل آخر. ولهذا الغرض ، تحظر الأفعال التالية في جميع الأوقات والأماكن:-

الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية ، وبخاصة القتل بجميع أشكاله ، والتشويه ، والمعاملة القاسية والتعذيب . أخذ الرهائن .الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة . إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً ، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة . يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم. ويجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة كاللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع. وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك عن طريق اتفاقات خاصة على تنفيذ كل الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقيات "(18). ومن جانب آخر تضمنت الاتفاقيات الأربع لعام 1949 نصوصاً تبين علاقتها مع اتفاقيات جنيف لعام 1864 و 1906 و 1929 واتفاقيات لاهاي لعام 1899 و 1907 فقد ورد في اتفاقية جنيف الاولى الخاصة بضحايا النزاعات المسلحة الدولية من الجرحى والمرضى من العسكريين ، تأكيد على أنها في العلاقات القائمة بين أطرافها المتعاقدة تحل محل اتفاقية جنيف الاولى لعام 1864 واتفاقية جنيف 1906 واتفاقية جنيف لعام 1929 المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان(19). أما الاتفاقية الثانية لعام 1949 الخاصة بضحايا الحرب البحرية من الجرحى والمرضى والغرقى فقد نصت على ذات الحكم ، بأنها تحل في العلاقات ما بين الأطراف المتعاقدة فيها محل اتفاقية لاهاي العاشرة الخاصة بـ تكييف مبادئ اتفاقية جنيف عام 1906 لتطبق على الحرب البحرية(20) وفي اتفاقية جنيف الثالثة في 1949 الخاصة بأســرى الحرب ، ورد النص فيها على أن أحكام هذه الاتفاقية تكمل أحكام اتفاقية لاهاي لعام 1899 أو اتفاقية لاهاي لعام 1907 وذلك بالنسبة إلى الدول المتعاقدة التي ارتبطت بقواعد وعادات الحرب البرية بموجب اتفاقية 1899 أو اتفاقية 1907(21). وورد أخيراً في الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف 1949 أو المخصصة لحماية السكان المدنيين ، بأنها تكمل أحكام اتفاقيات لاهاي لعام 1899 أو اتفاقيات لاهاي لعام 1907 وخاصة الاتفاقيات المتعلقة بالحرب البرية التي أشارت لموضوع المدنيين عرضاً وذلك في أثناء النص على سلطات الدولة المحتلة في إقليم الدولة المحتل(22). ويلاحظ هنا بالرغم من الانفصال الذي ظهر في التعرض لموضوع حماية ضحايا الحروب بعيداً عن الاتفاقيات التي تهتم بمواضيع طرق وأساليب الحرب . إلا أن الإشارات دائماً وجدت فيها على ارتباطها بالاتفاقيات السابقة. إلا أن هذا الانفصال لم يستمر ، فقد استمرت جهود الدول واللجنة الدولية للصليب في تطوير قواعد القانون الدولي الإنساني بمصدره الاتفاقي وبرز ذلك بشكل فعلي في المؤتمر الدبلوماسي الذي عقد في جنيف في الأعوام 1974 1977 ، نتج عن هذا المؤتمر وضع بروتوكولي جنيف لعام 1977 ، احدهما تعلق بالنزاعات المسلحة الدولية والآخر بالنزاعات المسلحة غير الدولية ، وبوضع هذين البروتوكولين عاد الالتقاء من جديد بين قواعد اتفاقيات لاهاي وقواعد اتفاقيات جنيف في نصوص اتفاقية واحدة(23) وخاصة بوضع البروتوكول الأول الخاص بالمنازعات المسلحة الدولية ، حيث أعاد الصلة بين قانون جنيف وقانون لاهاي من خلال النص على العديد من قواعد لاهاي المتعلقة بطرق وأساليب الحرب ، مع إضافة نوع جديد إليها وهي النزاعات المسلحة الدولية التي تقودها حركات التحرير الوطنية ضد المحتل والاستعمار الأجنبي ، والأنظمة العنصرية وتمتع محاربيها بوصف أسرى الحرب ، وإضافة النصوص الخاصة بالتمييز بين ما هو مدني وما هو عسكري ، مع زيادة الفئات المستفيدة من الحماية التي تقدمها اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الأول وهي كل من الصحفيين ، واللاجئين ، وعديمي الجنسية ، ونصوص إضافية خاصة بالأطفال والنساء. كما وسعت في ظل البروتوكول الثاني من الحماية التي كانت تمنح في ظل المنازعات المسلحة الداخلية في مادة واحدة وهي م/3 المشتركة من اتفاقيات جنيف ، لتكملها بمواد اتفاقية أخرى بينت فيها الأشخاص المحميين وضماناتهم ، والطرق والأساليب التي ينبغي أن يتقيد بها أطراف النزاع المسلح(24). والى جانب هذه الاتفاقيات التي يأتي منها القانون الدولي الإنساني ، يوجد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تعد جزءاً من المصدر الاتفاقي لهذا القانون ، منها اتفاقية لاهاي لحماية الملكية الثقافية في حالة النزاعات المسلحة لعام 1954 واتفاقية حظر وتطوير وانتاج وتخزين الأسلحة البكترولوجية والسامة وتدميرها لعام 1972 ، واتفاقية حظر وتقييد بعض الأسلحة التقليدية التي من شأنها أن تسبب إصابات جسيمة أو آثاراً عشوائية لعام 1980 والبروتوكولات الثلاث الملحقة بها منها البروتوكول الخاص بالشظايا التي لا يمكن الكشف عنها والبروتوكول الخاص بشأن حظر وتقييد استخدام بعض الأسلحة الحارقة والبروتوكول الخاص بشأن حظر وتقييد استخدام الألغام والشرك الخداعية وما شابهها. واتفاقية 1993 بشأن حظر تطوير وانتاج وتخزين الأسلحة الكيماوية وتدميرها وبروتوكول 1995 بشأن أسلحة الليزر التي تصيب بالعمى الملحق باتفاقية 1980 ، والبروتوكول الخاص بشأن حظر وتقييد واستخدام الألغام والشراك الخداعية المعدل للبروتوكول الثاني الملحق باتفاقية 1980 ، وتم وضعه في 1996 ، واتفاقية أوتاوا لعام 1997 المتعلقة بحظر استخدام وتخزين أو النتاج أو نقـل الألغام المضـادة للأفراد وتدميرها(25).

ثالثاً : المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني

إلى جانب الاتفاقيات الدولية المكونة للقانون الدولي الإنساني والأعراف المستقر عليها التي وضعت التزامات عديدة على عاتق الدول ، توجد هناك جملة من المبادئ القانونية يستند إليها هذا القانون ، بعض من هذه المبادئ يتم استنباطها من سياق النص القانوني لأنها تعبر عن جوهر القانون ، وبعض منها تمت صياغتها بشكل صريح في الاتفاقيات الدولية، وأخرى انبثقت من الأعراف الدولية (26). وتعد هذه المبادئ كما يصفها (Dr. Jean Pectit) الهيكل العظمي لجسم الإنسان الحي وتقوم بمهمة وضع الخطوط التوجيهية في الحالات غير المنصوص عليها وتمثل ملخصاً للقانون الدولي الإنساني يسهل انتشاره(27). إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن هذه المبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي الإنساني بأنواعها الثلاثة المذكورة آنفاً ، تنقسم إلى قسمين رئيسين:

القسم الأول تتصف بأنها مبادئ قانونية عامة تصلح لكل الأنظمة القانونية الداخلية والدولية بما فيها نظام القانون الدولي الإنساني(28) أما القسم الثاني فهي مبادئ قانونية خاصة بقانون النزاعات المسلحة (القانون الدولي الإنساني) تنطبق  أثناء النزاعات المسلحة . وتظهر أهمية تقسيم المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني إلى هذين القسمين الرئيسين ، في أن الجزء الأول من مبادئ القانون الدولي الإنساني التي هي من نوع المبادئ القانونية العامة ، هي وحدها التي سوف تتصف بوصف المصدر القانوني المستقل من مصادر القانون الدولي العام كما بينها م/38 من نظام محكمة العدل الدولية ، لأنها تتميز بالعمومية وتستند إليها وتقرها مختلف الأنظمة القانونية ، من هذه المبادئ القانونية العامة مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات ، والعقد شريعة المتعاقدين(29) ، مبدأ التعويض عن الأضرار(30) فالدول ينبغي لها أن تنفذ التزاماتها الدولية بحسن نية ومن بينها الالتزامات المفروضة عليها في القانون الإنساني ، وإذا خالفت الأحكام الواردة في قانون النزاعات المسلحة ، فإنها تلتزم بالتعويض كما ستكون مسؤولة عن جميع الأعمال التي يقوم بها أشخاص ينتمون إلى قواتها المسلحة التي تشكل مخالفة وانتهاك لهذا القانون ، ولا يحق لها أن تتحلل من مسئوليتها تجاه هذه الانتهاكات والمخالفات(31) ومن المبادئ القانونية العامة والمستقرة داخلياً ودولياً مبدأ المساواة أمـام القانون ، مساواة الأفراد أمام القانون وعدم التمييز بينهم فيما يتعلق بسريان القانون عليهم ، وهو مبدأ أكده القانون الدولي الإنساني في إطار تأمينه الحماية لضحايا النزاعات المسلحة ، ومقتضاه إن جميع الأشخاص الذين يحميهم القانون الدولي الإنساني يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية بدون أي تمييز ، ومن المبادئ أيضاً لا جريمة ولا عقوبـة إلا بنص ، والحق في محاكمة عادلة ، واحترام حرية المعتقد الديني ، ومبدأ الأمن الشخصي الذي مفاده عدم جواز توقيف الأفراد إلا على وفق الحالات التي يحددها القانون ، والمتهم بريء حتى تثبت الإدانة ، ومبدأ احترام الملك وعدم جواز حرمان أحد من ملكهِ تعسفاً(32). ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي هو أحد المبادئ القانونية المهمة في القانون الدولي العام والذي يعد عماد العلاقات الودية بين الدول.

أما القسم الثاني من المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني فهي مبادئ خاصة تسري وتنطبق فقط في حالة النزاعات المسلحة ، وميزتها هي إنها استقرت وثبتت في الاتفاقيات الدولية والأعراف الدولية ، لذلك لا تعد مصدراً مستقلاً من مصادر القانون الدولي الإنساني بقدر ما تعبر عن قواعد قانونية اتفاقية وعرفية ، وتأتي الزاميتها من إلزامية النص القانوني المستقرة فيه(33) ومن هذه المبادئ مبدأ الضرورة العسكرية الذي يعني أن استخدام وسائل القتال سواء كانت معدات عسكرية أم خططاً أم حيلاً في الحروب والنزاعات المسلحة إنما يكون لأجل تحقيق هدف معين وهو دائماً الهدف النهائي من أي حرب -فرض الإرادة على العدو وإجباره على الاستسلام والتراجع عن موقفه ولأجله ينبغي إن يكون استخدام وسائل وأساليب القتال في الحدود التي تكفل تحقيق هذا الهدف لكي تكون مشروعة ومن ثم يحرم على الأطراف استخدام وسائل في القتال تزيد من آلام الإنسان دون مبرر ، إذن ينبغي أن يكون استخدام الوسائل في الحدود التي تقتضيها الضرورة العسكرية ويتفرع عن هذا المبدأ عدد آخر من المبادئ الأساسية التي يترتب على احترامها(34) التقليل من معاناة البشر في النزاعات المسلحة ، وهذه المبادئ هي مبدأ حظر إلحاق آلام غير ضرورية فالدول  عندما تخوض حروبها فهي تعتمد على نوعين من الموارد ، موارد بشرية وموارد مادية ، ولإضعاف الموارد البشرية للعدو توجد ثلاث وسائل القتل ، الجرح ، الاعتداء ، وهي وسائل فعالة لشل قوة العدو فإذا كان بالإمكان إضعاف العدو عن طريق اعتقال أفراد قواته المسلحة وأسرهم ، فهنا يكون الأسر مفضلاً على الجرح والقتل ، وهكذا إذا كان الجرح يحقق هدف الدولة في شل قدرة العدو وإجباره على الاستسلام فسيكون الجرح مفضلاً على القتل(35). وهو بدوره سيقود إلي مبدأ آخر وهو أن حق أطراف النزاع المسلح في استخدام وسائل وأساليب القتال ليس بحق مطلق بل هو مقيد وهذا التقييد لحق أطراف النزاع المسلح في اختيار ما يريدونه من وسائل في القتال ينتج عنه مبدأ آخر هو مبدأ التناسب ويعني أن حدود الأعمال العسكرية التي يجوز لأية دولة أن تباشرها ضد العدو تتوقف على شدة وسعة الهجوم المسلح الذي يشنه العدو وخطورة التهديد الذي يمثله(36) فمثلاً إذا كان أحد أطراف النزاع يستخدم الأسلحة التقليدية في النزاع المسلح الدائر بينه وبين الخصم الآخر ، فوفقاً لمبدأ التناسب لا يمكن للأخير أن يقوم باستخدام الأسلحة الذرية أو النووية لما في ذلك أولاً من أخطار تتجاوز في أثارها الهدف المراد تحقيقه وهو إضعاف قوة العدو فاستخدامها يؤدي هنا إلي إبادة العدو ومحيه من الوجود هذا فضلاً عن الآثار الضارة الطويلة الأمد التي ستنتج عن استخدام هذه الأسلحة في القتال(37). لذلك يعد مبدأ التناسب جزءاً من استراتيجية حديثة تتركز على استعمال الحد الأدنى الممكن من الوسائل في القتال لأن إبادة المدنيين والعسكريين لا يساهم في تحقيق النصر العسكري(38). ومن المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني مبدأ التمييز ويقصد به التمييز في أثناء العمليات العدائية بين المدنيين والعسكريين لأن العسكريين هم فقط من يصح توجيه الأعمال العسكرية ضدهم ويعني أيضا التمييز بيـن الأعيان المدنيـة والأهداف العسكرية(39). ومبدأ الفصل بين القانون في الحرب وقانون الحرب(40).

_______________________

[1]- انظر:

Shigeki Miyazaki, "The Martens clause and int. humanitarian law", Jean Pectit and Christophe Swinarski, studies and essays on int. humanitarian law, Martinus Nijhoff, Geneva, 1984, P. 433–436.

And Dr. Ramesh Thakur, Op. Cit., P. 13.

وقد أعيد تكرار النص على هذه القاعدة في المواد 63 من اتفاقية ج(1) و م/62 من ج (2) و م/142 من ج (3) و م/158 من ج (4) حيث نصت الفقرة الرابعة من هذه المواد في الاتفاقيات الأربع 1949 علـــى (لا يكون للانسحاب آثره إلا على الدولة المنسحبة ، ولا يكون له أي أثر على الالتزامات التي يجب إن تبقى أطراف النزاع بأدائها طبقاً لمبادئ القانون الدولي الناشئة من الأعراف الدولية الراسخة بين الأمـــم المتمدنة ) ثم أعيد التأكيد على هذه القاعدة في م 1 ف (2) من البروتوكول الأول ، و ف 4 من مقدمة البروتوكول الثاني لعام 1977. 

2- د. محمود سامي جنينة ، قانون الحرب والحياد ، مطبعة لجنة التأليف والنشر والترجمة ، القاهرة ، 1944 ، ص45. 

3- انظر د. زيدان مريبوط ، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني ، مصدر سابق ، ص107.

4- انظر د. محمود سامي جنينة ، المصدر السابق ، ص 41 ، وكذلك أيريك موريز ، مدخل إلى التاريخ العسكري ، تعريب اكرم ديري وهيثم الأيوبي ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط2 ، 1979 ، ص141 ، و جان غليرمان ، إسهام أطباء الجيوش في نشأة القانون الدولي الإنساني ، بحث منشور في المجلة الدولية للصليب الأحمر ، الناشر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، السنة الثانية ، العدد الثامن ، تموز/آب/1989 ، ص234. 

5- انظر بحث سعد بن محمد العتيبي ، القانون الدولي الإنساني بين الالتزام والتجاهل ، المنشور في مجلة القوات العربية السعودية المسلحة ، السنة 31 ، العدد 89 ، 1993 ، ص54.

6- لمزيد من التفصيل راجع مقالة (الإسلام والقانون الدولي الإنساني) لـ عياض بن عاشور ، المنشور في المجلة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، عدد نيسان 1980 ، ص5 وما بعدها.

7- انظر كل من ارثر نوسبوم ، الوجيز في تاريخ القانون الدولي ، ترجمة د. رياض القيسي ، بيت الحكمة، بغداد ، ط1 ، 2002 ، ص196 و د. علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1993 ، ص790 و د. محمود سامي جنينة ، ، مصدر سابق ، ص43.

8- انظر المجلة الدولية للصليب الأحمر ، العدد الثامن ، مصدر سابق ، ص237.

9- انظر المجلة الدولية للصليب الأحمر ، المصدر أعلاه ، ص242.

0[1]- أنظر د. آرثر نوسبوم ، المصدر السابق ، ص312.

     "القانون الدولي الإنساني إجابات على أسئلتكم" ، من مطبوعات الصليب الأحمر ، الناشر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، 2001 ، ص9.

1[1]- انظر كل من:

- Marco Sassoli, Antoine A. Bouvier, and others, "How Does law Protect in War”, int. committee of  red  cross, Geneva, 1999, P. 97 and P. 105.

- و المجلة الدولية للصليب الأحمر ، العدد الثامن ، مصدر سابق ، ص236.

- و د. ارثر نوسبوم ، مصدر سابق ، ص196 و ص310.

- و د. محمود سامي جنينة ، مصدر سابق ، ص48 .  

2[1]- انظر في ذكر هذه الأحداث كلاً من أيريك موريز ، مصدر سابق ، ص147.

     و د. ارثر نوسبوم ، مصدر سابق ، ص 310 و ص311.

3[1]- د. كمال حماد ، النزاع المسلح والقانون الدولي العام ، المؤسسة الجامعية للنشر ، بيروت ، 1995 ، ص106.

     و د. آرثر نوسبوم ، مصدر سابق ، ص313 و ص314.

     و د. محمود سامي جنينة ، مصدر سابق ، ص48.

4[1]- لمزيد من التفاصيل راجع د. محمود سامي جنينة ، مصدر سابق ، ص56.

     و د. جيرهارد فان غلان ، القانون بين الأمم ، تعريب أيلي وريل ، دار الآفاق الجديدة ، بيـروت ، ج3 ، 1970 ، ص35.

     و د. جان بكتيه ، القانون الدولي الإنساني ، تطوره ومبادئه ، الناشر معهد هنري دونان ، جنيف ، 1984 ، ص53 ، والقاضي جمال شهلول ، مصدر سابق ، ص3.

5[1]- انظر بحث ستانيسلاف أ . نهليك ، عرض موجز للقانون الدولي الإنساني ، المنشور في المجلة الدولية للصليب الأحمر ، الناشر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، عدد تموز ، 1984 ، ص15 و ص16.

6[1]- د. عامر الزمالي ، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني ، الناشر وحدة الطباعة والإنتاج الفني في المعهد العربي لحقوق الإنسان ، تونس ، 1997 ، ص18.

7[1]- انظر ستانيسلاف أ. نهليك ، مصدر سابق ، ص18. 

8[1]- المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.

9[1]- انظر م/59 من اتفاقية ج (1) لعام 1949.

20- انظر م/58 من اتفاقية ج (2) لعام 1949.

[1]2- انظر م/135 من اتفاقية ج (3) لعام 1949.

22- انظر م/154 من اتفاقية ج (4) لعام 1949.

23- See: Francois Bugion, “Droitde Geneva et droit de la Haye", int. Review of red cross, icrc, Geneva, Vol. 83, No. 844, 2001, P. 922.

24-انظر د. عامر الزمالي ، مصدر سابق ، ص22 وما بعدها.

     و ستانيسلاف أ. نهليك ، مصدر سابق ، ص19.

25- انظر مطبوعات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، القانون الدولي الإنساني ، إجابات على أسئلتكم ، مصدر سابق ، ص10.

     و كذلك مطبوعات الاتحاد البرلماني الدولي ، احترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه ، مصدر سابق ، ص20.

26- انظر د. زيدان مريبوط ، مصدر سابق ، ص104.

     و د. عامر الزمالي ، مصدر سابق ، ص27.

27- انظر د. جان بكتيه (القانون الدولي الإنساني ، تطوره ومبادئه) ، المصدر السابق ، ص63.

28- See: Marco Sassoli, Antoine Bouvier and others, Op. Cit., P. 112.

29- د. شارل روسو ، القانون الدولي العام ، تعريب شكر الله خليفة وعبد المحسن سعد ، الأهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1982 ، ص90.

30- د. علي صادق أبو هيف ، مصدر سابق ، ص26.

[1]3- انظر م/2 من اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 والمواد م/51 من ج (1) ، م/52 من ج (2) ، م/131 من ج (3) ، م/148 من ج (4).

32- انظر بحث د. موريس اوبير بعنوان "من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1789  إلى القانون الدولي الإنساني الحالي" المنشور في المجلة الدولية للصليب الأحمر ، العدد الثامن ، مصدر سابق ، ص 270 وما بعدها والذي أشار فيه إلى المبادئ المشتركة بين الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 والقانون الإنساني ، وهي تشكل في مجموعها مبادئ قانونية عامة للنظام القانوني الداخلي نقلت إلى مجال القانون الدولي لقابليتها للتطبيق على الحالات والمواضيع التي ينظمها القانون الدولي العام.

33- Marco Sassoli, Antoin Bouvier, Op. Cit.,  P. 112.

34- انظر مجلة القوات العسكرية السعودية ، مصدر سابق ، ص56.

35- انظر د. جان بكتيه ، مبادئ القانون الدولي الإنساني ، الناشر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، 1975 ، ص37 وص39.

     و كذلك د. عامر الزمالي ، مصدر سابق ، ص81.

36- انظر القانون الدولي المتعلق بسير العمليات العدائية ، مطبوعات الصليب الأحمر ، جنيف ، 2001 ، ص92.

37- انظر د. ليدل هارت ، نظرة جديدة إلى الحرب ، تعريب اكرم ديري ، الدار القومية للطباعة ، مصر ، 1965 ، ص10.

38- انظر مطبوع الاتحاد البرلماني ، مصدر سابق ، ص25.

39- Marco Sassoli, Antoin Bouvier, Op. cit., P. 145.

40- راجع ص51 من الرسالة.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .