أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2017
3222
التاريخ: 6-8-2017
12753
التاريخ: 7-4-2016
2518
التاريخ: 9/10/2022
1507
|
تتنوع دوافع الإرهاب ومثيراته على المستوى الوطني – أي على مستوى الدولة الواحدة – وتختلف هذه الدوافع باختلاف الظروف التاريخية والجغرافية والديموجرافية للمجتمع ، وهناك اهمية كبيرة لتقصي دوافع الإرهاب على المستوى الوطني نظرا لما ينتج عن عملياته من خسائر فادحة في الارواح والممتلكات ، بالاضافة الى ما تتكلفه عمليات مكافحته من مبالغ طائلة الامر الذي يدعو الى تحديد الدوافع الكامنة والعوامل المساعدة على نمو الارهاب أيا كانت صوره واشكاله او نوعية ممارسيه ، وذلك لا مكان التغلب عليها واصلاحها ، لان الوقاية خير من العلاج ، وهذا التحديد ليس بالامر الصعب ، فالدوافع يمكن تحديدها بدوافع مباشرة للارهاب على مستوى الدولة تظهر كنتيجة مباشرة لممارسة السلطة ، في حين هناك دوافع اخرى تكمن في السياسة العامة التي تنتهجها الدولة على مختلف الاصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ... الخ(1). وعلى ذلك يمكن تقسيم دوافع الارهاب على مستوى الدولة الى قسمين ، الاول يشمل الدوافع الناشئة عن ممارسات الدولة بصورة مباشرة ، والثاني : يتناول الدوافع الكامنة في سياسات الدولة والتي تشجع على الارهاب بصورة غير مباشرة .
آ الدور المباشر للدولة في الارهاب على المستوى الوطني
قد تضطلع الدولة بدور مباشر في ميلاد بعض حركات ومنظمات العنف والارهاب. وتتعدد الاشكال التي يتخذها هذا الدور المباشر للدولة ، فقد تسهم في نشأة هذه المنظمات من خلال سياساتها القمعية والتعسفية ، وقد تخلق او تنشئ هذه الجماعات والمنظمات لممارسة سياسة منظمة وحملة مطردة من العنف ضد السكان ، وقد تنشأ انواع اخرى من الارهاب على مستوى الدول وبدعم مباشر منها ، ومن امثلة ذلك ما يلي :-
اولا. ارهاب القمع والقهر ، وارهاب التمرد والخلاص
ان المبالغة في استخدام العنف من جانب الدولة – فيما يعرف بارهاب القمع او القهر – يعطي المبرر للافراد والجماعات – كدافع اساسي – لممارسة نوع من العنف المضاد في الامدين الطويل والمتوسط في صورة ارهاب التمرد والخلاص من هذا القهر . وقد ينتشر هذا النمط المولد للارهاب المضاد نتيجة لممارسات الدولة التعسفية في الانظمة الشمولية ، حيث خروج الحكام عن حدود الصلاحيات الدستورية المخولة لهم واستبدادهم وطغيانهم يعتبر امراً هيناً، وحيث لا تمتلك الغالبية من سكانها وسيلة سلمية لابداء ارائهم والدفاع عن مصالحهم ،كما انه يصاحب الانظمة الشمولية عادةً حالة من التبعية لأحد القوى الخارجية لحماية مصالحها، بالاضافة لبعض مظاهر القهر والظلم الاجتماعي والاقتصادي ،الامر الذي يعزز بعض الجماعات التي تسعى للتخلص من هذه التبعية او القضاء على مظاهر القهر من خلال ممارسة العنف ،فالارهاب قد يكون مضاداً لا رهاب الحكومة ، بحيث يكون الاخير هو المحرك او الدافع له(2). وقد اشير في مناسبات عديدة الى ارهاب الدولة بوصفه دافعاً الى ممارسة الارهاب من جانب الافراد ،كما ركزت عليه اللجنة الخاصة بالارهاب التابعة للأمم المتحدة ،مشيرةً الى ان سياسات الترهيب التي تمارسها بعض الدول ضد شعوبها بأكملها والهجمات المسلحة على الدول ،هي من العوامل التي تسبب عنف الافراد ،وركزت على الاستعمار كاحدى صور هذه السياسات ،بوصفه سلوكاً غير مبرر اذا كان علنياً او مستتراً ،بالاضافة الى الانظمة السياسية القائمة على الدكتاتورية بجميع وجوهها ،خاصةً تلك التي تتخذ موقفاً عدائياً من جميع اشكال الحرية الفردية ،وعلى جميع مستوياتها ،مما يولد نوعاً من ردة الفعل العدائية لدى الجماهير تتخذ غالباً شكل الارهاب (3). وقد لا يقف دور الدولة على الممارسات القمعية التي تتولد عنها اعمال الارهاب، بل انها قد تشجع بصورة مباشرة قيام بعض الجماعات الراديكالية بهدف القضاء على بعض التغييرات التي لا ترغب في ظهورها(4).
ثانياً . الارهاب العنصري "العرقي" (دوافع عنصرية)
قد تمارس الدولة سياسة الفصل العنصري بهدف القضاء على جنس معين ، فتشن حملة واسعة من الابادة الجماعية تتخذ من مختلف صنوف التعذيب ادوات لها ،بهدف القضاء على مجموعة معينة او جماعة عرقية تمثل ـ عادة ـ اقلية بين السكان ،الامر الذي يولد ارهاباً مقابلاً، فعندما لا تستطيع القومية المضطهدة من تحقيق مطالبها ـالتي تتمثل بازالة الفوارق والمساواة ـومن على الحفاظ على نفسها بالطرق السلمية وعبر الوسائل الديمقراطيةـ ان وجدت ـ فانها تنتقل الى اسلوب العنف والارهاب على امل ان تحصل على بعض المكاسب ، وليس ادل على ذلك من السياسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني(5).
قد ينشأ الارهاب داخل الدولة من قبل بعض الجماعات العنصرية او العرقية التي ترغب في الانفصال عن الدولة الاصلية والاستقلال او جزء منها، فقد مثلت الدوافع الانفصالية ذات الطابع القومي نسبة كبيرة من دوافع الارهاب المعاصر فحيث توجد بعض الاقليات ذات الطابع القومي والتي تنادي بتحقيق وبلورة الشخصية المستقلة في اطار كيان سياسي مستقل عن الدولة الام التي تعيش في اطارها تلك الاقليات ،وحيث تتدعم تلك الاتجاهات الانفصالية بالمزيد من الوعي بضرورة الاستقلال وتحقيق الانفصال ، وحيث يزداد تعنت السلطات المركزية وصلفها وقمعها لتلك الاتجاهات الانفصالية تتدعم النزعات الرامية الى استخدام العنف و خاصة السبل الارهابية لتحقيق تلك الاهداف والتخلص من تلك الاوضاع السيئة التي تعيشها تلك المجموعات (6).
ونقصد بهذا الدور تلك الدوافع الكامنة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية …والخ، مما تنتهجها الدولة ،لان هذه السياسات قد تؤدي في بعض الاحيان الى توفير المناخ الملائم لعمليات العنف والارهاب على مستوى الدولة ،..وسوف نتناول فيما يلي دور هذه العوامل على مستوى الدولة :-
اولاً . العوامل السياسية تتعدد العوامل السياسية التي تهيء المناخ للعمليات الارهابية او ممارسة الارهاب على مستوى الدولة ويمكن تلخيصها فيما يلي:-
(1) افتقاد الشباب للتربية السياسية السليمة ،وعزوفهم عن المشاركة السياسية الواعية نتيجةًً لعدم اقتناعهم بجدوى صوتهم في التغيير ،اضافةً الى افتقادهم الثقة في نتائج الانتخابات فشاعت مظاهر السلبية واللا مبالاة وعدم الانتماء بين قطاعات الشباب.
(2) غياب دور الأحزاب السياسية وانشغالها بالصراع على السلطة وزعامة الحزب ،بل وتحالف بعضها مع بعض المؤسسات التي تدعم الإرهاب، وعدم تمثيل الشباب فيها.
(3) غياب الحرية السياسية وعدم السماح لبعض الجماعات قانوناً بالتعبير عن نفسها من خلال القنوات الشرعية ووجود جماعات لا ترضى عن الاوضاع السياسية والاقتصادية في المجتمع دون وجود البديل لديها لهذه الاوضاع فترتكب جرائم العنف السياسي ضد رموز النظام وقد يكون ذلك بسبب عدم ملاقاة افكارهم صدى شعبياً لدى الجماهير.
(4) الدعوة الى السلام ومناوءة الاحلاف العسكرية وهذا كنتيجة لانتشار القواعد العسكرية وتكديس اسلحة الدمار الشامل في بعض الدول مما شجع ظهور جماعات رافضة لذلك، خاصة في المانيا الغربية على ايدي حركات السلام وما قامت به من عملياتٍ ارهابية ضد حلف شمال الاطلنطي وقواته ،بما في ذلك افراد القوات الامريكية.
(5) سعي بعض الشعوب للحصول على حق تقرير المصير ،والتخلص من ربقة الاستعمار الاجنبي، مما يدفع بعض الجماعات للقيام بعمليات ارهابية ضد المدنيين من افراد الاحتلال للضغط عليه للجلاء من اراضيها، كما قد تتم بعض العمليات الارهابية بهدف لفت نظر العالم الى قضية معينة ،او بقصد اجبار السلطات على اتخاذ موقف سياسي معين .
(6) توجد بعض مراكز القوى المستترة داخل هياكل بعض الدول ،خصوصاً في اجهزة الخدمة السرية التي تتورط في مذابح الارهاب الاسود والارهاب الاحمر في ايطاليا الذي يكشف عن نفسه في فترات عدم الاستقرار.
وعلى ذلك فالعامل السياسي في الارهاب يشمل كافة الظروف والمتغييرات المتعلقة في التركيبة السياسية في مجتمع ما ،فقد يعبر الارهاب عن رفض بعض الجماعات القيم الرأسمالية السياسية، كما حدث في اوربا الغربية خلال العقدين الاخيرين، على ان يتم هذا الرفض بالعنف الدموي ،كما قد يعبر الارهاب عن رفض بعض الافراد والجماعات لرفض السلطة لهم فهو اذن رفض الرفض (7).
ثانياً العوامل الاقتصادية
يؤثر العامل الاقتصادي غالباً على كم الاجرام او نوعية الجرائم المرتكبة ،وتتعدد مظاهر العامل الاقتصادي ذات الصلة بحركة الاجرام في المجتمع ،كالتوزيع الطبقي للمجتمع الصناعي ،ودور التقلبات الاقتصادية ،كتقلبات: الاسعار والدخول والفقر والكساد والبطالة ،وقد بلغ من اهمية هذا العامل ظهور بعض النظريات في التحليل الوصفي للجريمة مرجعها الى النظام الاقتصادي السائد في دولة معينة ،وقد سلك هذا التحليل منهجين :اولهما يربط بين الجريمة ونظام اقتصادي معين هو النظام الرأسمالي ،فيعتبر الجريمة منتجاً رأسمالياً، وثانيهما يربط بين بعض الظروف والظواهر الاقتصادية ـ دون ربطها بمذهب اقتصادي معين ـ وبين حركة الاجرام بصفة عامة، بحيث تتظافر هذه الظروف مع غيرها من العوامل لوقوع الجريمة(8). ومن جانبنا نؤيد المنهج الثاني على اساس انه لا يمكن القطع بأن نظاماً اقتصادياً معيناً، رأسمالياً او اشتراكياً او مختلطاً ينتج عنه بذاته الجريمة ، وذلك لأن القول لا يؤيده الواقع العملي الذي يثبت وجود الجريمة في جميع المجتمعات والانظمة ،فالجريمة ظاهرة اجتماعية مرتبطة بوجود الانسان، بالأضافة الى انه لم ينجح ـ بعد ـ أي نظام اقتصادي في القضاء على جميع اشكال الاجرام، ومن ثم فأن العوامل الاقتصادية هي عوامل مساعدة على ارتكاب الجريمة ،ولقد ركز الباحثون في مجال ظاهرة الارهاب على العامل الاقتصادي باعتباره محركاً ودافعاً الى الجريمة الارهابية، ويربط بعضهم بين الحالة الاقتصادية للمجتمع وبين ظهور بؤر اجرامية في بعض المناطق العشوائية (9).
ثالثاً. العوامل الاجتماعية
نال العامل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من جانب علماء الجريمة ومنظري السياسة الجنائية عموما" ،والباحثين في ظاهرة الارهاب على وجه خاص ،فيرجع الارهاب ـ في نظرهم ـ الى الكفر بالقيم الاجتماعية الحاكمة للبيئة ،او وصف المتمسكين بالتقاليد بالتخلف والقصور في مجاراة العصر ،وبذلك يفتقد الجسد الاجتماعي المناعة ،فيكون عرضة للهزات الاجتماعية العنيفة التي قد تدفع بعض فئاته الى سلوك العنف والارهاب ،هذا بالاضافة الى العزلة التي يعيشها بعض الشباب في مجتمعهم ،واختفاء القدوة والمثل الاعلى بالنسبة ِ لغالبيتهم ،وعدم الترابط والتناسق بين اساليب الضبط الاجتماعي بمفهومه الشامل ،سواء داخل الاسرة او خارجها ،في المدرسة او الجامعة ،او كافة مؤسسات المجتمع الرسمية والشعبية . كما لا يخفى الاثر المترتب على اهمال مشاكل الشباب وعدم الاهتمام الصادق بها ، والسلبية الضاربة على عقول اغلب افراد المجتمع ـ ومنهم المسؤولون ـ والتي تعوق عن تفهم مشاكل واحتياجات الاجيال الجديدة من الشباب والتجاوب معهم في ظل الفراغ الذي يعانونه وعدم وضوح الانتماء لهدف معين ،والمعاناة من مشاكل الحياة اليومية مما يجعل منهم فريسة سهلة للارهاب (10).كما انه قد تعاني فئات كثيرة من المجتمع الحرمان الاجتماعي بدرجة او باخرى ،ولسبب او لاخر ـ حيث قد يكون ذلك لاسباب عرقية او لغوية او دينية او مذهبية ـ لهذا الحرمان الاجتماعي والذي يعني عدم قدرة المجتمع على استيعاب تلك الفئات استيعاباً كاملاً قد يؤدي إلى نوع من العزلة التي يفرضها المجتمع على تلك الفئات حيث تتقوقع هذه الفئات في اماكن محددة ويسودها الشعور بالاغتراب ، وحين يحدث هذا فانه يسود الوعي بهذا الوضع المتردي من قبل افراد من تلك الفئات فيلجأ بعض منهم إلى تلك المجموعات الارهابية التي تمارس انشطتها سعياً نحو تغيير تلك الاوضاع المتردية والتخلص منها نهائياً(11).
_________________________
1- د. جلال عبد الله معوض : ندوة العنف والسياسة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي ، العدد 110، تموز 1987، ص 171.
- عبد الناصر حريز ، مصدر سابق، الارهاب السياسي، ص 195
- د. امام حسانين ، مصدر سابق ، ص 127.
2 - د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص 128-130.
- عبد الناصر حريز، مصدر سابق ،الارهاب السياسي ، ص 196
3- د. امام حسانين خليل، مصدر سابق ، ص 128-130.
4- ظهر ذلك على سبيل المثال في مصر ، حيث لاقت الجماعات الاسلامية ، التي ينسب اليها حوادث العنف والارهاب التي وقعت على ارض مصر في التسعينات ، تشجيعاً من السلطة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي مما شجعها على اختراق التجمعات الطلابية والعمالية وممارسة المزيد من الانشطة حتى تغلغلت في معظم المؤسسات الصناعية والسياسية .
5- د. امام حسانين خليل . مصدر سابق ، ص 130- د. حسن طوالبة ، مجلة الحكمة ، بيت الحكمة ، بغداد ، العدد 21 ، السنة الرابعة ، كانون الاول ، 2001 ،ص 78 -79.
6 - فعلى سبيل المثال في ايرلندا الشمالية يسعى الجيش الجمهوري الايرلندي و غيره من المنظمات الارهابية الى تحقيق الاستقلال الايرلندي عن السيطرة البريطانية ، وفي اسبانيا حيث تسعى منظمة ايتا الى العمل على فصل اقليم الباسك عن اسبانيا واقامة دولة الباسك القومية المستقلة . راجع فيما يتعلق بالدوافع الانفصالبة :-
- Leonard B. Wenberg and B. Davis op . cit. P 29 and seq.
-Eric Morris , op. Cit. P. 58.
7- انظر فيما يتعلق بالعوامل السياسية :
- د. امام حسانين، مصدر سابق ،ص 130-132
- عبد الناصر حريز ، مصدر سابق ، الارهاب السياسي ، ص 200-201 .
8 - يعرف المنهج الاول بالمدرسة الاشتراكية في تفسير الجريمة ، والذي يرجع الى اشكال الظلم الاجتماعي وعدم المساواة بين الافراد فالجريمة تعبير عن الصراع بين الطبقات وهذا يظهر في المجتمع الرأسمالي من خلال الصراع بين الطبقة البرجوازية وبين طبقة العمال ، في حين يرى هذا الاتجاه اختفاء الجريمة في المجتمع الاشتراكي : انظر : يسر انور علي وامال عثمان ، الوجيز في علم الاجرام وعلم العقاب ، القاهرة 1987، ص 189.
9- د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص 133—134
10- حسن محمد طوالبة : العنف والارهاب في المنظور السياسي الديني" مصر والجزائر "- رسالة ماجستير مقدمة الى معهد القائد المؤسس للدراسات القومية والاشتراكية العليا – الجامعة المستنصرية،1998، ص 33.
- انظر فيما يتعلق بالعوامل الوجدانية : د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص 134-135.
[1] 1-Noemi Gal or , op . cit. , p. 47.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|