أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
2796
التاريخ: 9-04-2015
3053
التاريخ: 30-3-2016
3205
التاريخ: 30-3-2016
7794
|
نحن بين يدي سيدة كريمة من سيدات نساء المسلمين عفة و شرفا و طهارة و هي السيدة الجليلة شاه زنان سليلة الملوك و أم الإمام زين العابدين (عليه السلام) و تحتل هذه السيدة الجليلة المكانة المرموقة في عالم المرأة المسلمة فقد كانت من سيدات نساء عصرها بل و في الطليعة من سيدات نساء المسلمين و قد تحلت بأوسمة شريفة كان من بينها:
أ- نسبها الواضح فهي حفيدة كسرى الملك العادل و مفخرة ملوك الشرق الذي يقول فيه النبي (صلى الله عليه و آله) : ولدت في زمن الملك العادل كسرى .
ب- إنها زوجة أبي الأحرار و سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) .
ج- إنها أم الإمام زين العابدين و سيد الساجدين (عليه السلام) .
د- إنها جدة الأئمة الطاهرين من نسل الإمام زين العابدين (عليه السلام) .
ه- إنها الرابطة المقدسة بين العرب و الفرس , و قد اكسبتها هذه الجهات شرفا إلى شرفها و مجدا إلى مجدها.
أما صفاتها النفسية فكان البارز منها العفة و الطهارة و الكمال و سمو الآداب وحدة الذكاء و نظرا لما توفرت فيها من النزعات الخيرة و الصفات الشريفة فقد بادر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى زواجها من ولده الإمام الحسين (عليه السلام) كما عهد إليه بالإحسان إليها و البر بها , و تضاربت الروايات في الزمن الذي تم فيه اقترانها بالإمام الحسين (عليه السلام) و فيما يلي تلك الروايات:
روى الكليني بسنده عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لما أقدمت بنت يزدجر على عمر أشرف لها عذارى المدينة و أشرق المسجد بضوئها فلما نظر إليها عمر غطت وجهها و قالت: ا ف بيروج بادا هرمز .
و معنى ذلك في اللغة العربية: اسود يوم هرمز إذا صارت بناته سبايا فقال عمر: أ تشتمني هذه؟ و همّ بها فقال له أمير المؤمنين: ليس لك ذلك خيرها رجلا من المسلمين و احسبها بفيئه فخيرها فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين و يقرب من هذه الرواية ما ذكره بعض المؤرخين من أن ليزدجر ابنتين وقعتا في الأسر في عهد عمر فأخذهما الإمام أمير المؤمنين فدفع واحدة منهما إلى الإمام الحسين فولدت له الإمام زين العابدين و دفع الأخرى إلى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم و ذكر ابن خلكان مثل ذلك إلا أنه زاد عليه انهن كن ثلاثا فدفع الثالثة إلى عبد الله بن عمر .
روى الصدوق أن عبد الله بن عامر لما فتح خراسان أيام عثمان أصاب ابنتي يزدجر فبعث بهما إلى عثمان فوهب إحداهما إلى الحسن و الأخرى للحسين و أنهما توفيتا في حال نفاسيهما .
روى جمع من المؤرخين و الرواة أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لما ولي الخلافة أرسل حريث بن جابر واليا على جانب من المشرق فبعث إليه بابنتي يزدجر بن شهريار فنحل شاه زنان إلى ولده الإمام الحسين (عليه السلام) فولدت له الإمام زين العابدين (عليه السلام) و نحل الأخرى إلى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم الفقيه المشهور.
هذه هي الروايات التي ذكرت في زمن زواجها بالإمام سيد الشهداء (عليه السلام) و من الجدير بالذكر أن الروايتين الأخيرتين لم تصرحا بسبي السيدة شاه زنان مع شقيقتها و إنما صرحتا بإرسالهما إلى الخليفة نعم الرواية الأولى صريحة بسبيهما.
و لا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في هذه الروايات المتضاربة و الذي نراه بمزيد من التأمل أن الرواية الأولى بعيدة عن الصحة و ذلك لما يلي:
أولا: إن يزدجر كان حيا طيلة خلافة عمر و توفي بعد وفاته و قد قتل في مرو سنة 30هـ و ذلك في السنة السادسة من خلافة عثمان و أكبر الظن أن شاه زنان مع شقيقتها قد اختفيتا بعد مقتل أبيهما حتى خلافة الإمام أمير المؤمنين فلما ولى حريث بن جابر على تلك المنطقة ظفر بهما و بعث بهما إلى الإمام (عليه السلام) .
ثانيا: أن مما يؤكد عدم صحة الرواية الأولى هو ما رواه أبو حنيفة أنه لما جيء بابنة يزدجر إلى الإمام أمير المؤمنين قال (عليه السلام) لها: اختاري من شئت من المسلمين , فأجابته عن وعي و سمو قصد: إني أريد رأسا لا رأس عليه , و دل ذلك على مدى وعي هذه الأميرة و ردّ عليها الإمام بلطف قائلا: إن عليا شيخ كبير , و معنى ذلك أن الإمام (عليه السلام) لا رغبة له في النساء لأنه شيخ كبير يضاف إلى ذلك انشغاله بالشؤون العامة التي أحاطت به.
و اصرت الأميرة على ما ذهبت إليه قائلة: قد كلمتك بالجملة , و انبرى بعض الدهاقين من الفرس فطلب من الإمام أن يزوجها منه فرده الإمام قائلا: ذاك إليها إن شاءت رفضت و إن شاءت قبلت .
إنه ليس للإمام عليها سلطان في أمر زواجها و إنما ذلك يتبع إلى رغباتها النفسية و ليس لأحد أن يجبرها على ما يريد و امتنعت السيدة من أجابته و من المظنون قويا أنها السيدة شاه زنان و أن زمان زواجها قد تم في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) .
ثالثا: أن الرواية الثالثة أشهر من الروايتين المتقدمتين و الشهرة من مرجحات الرواية حسبما يرى ذلك أكثر الفقهاء و قد ذهب المحقق المقرم إليها.
ذكر بعض المؤرخين أقوالا شاذة فيما يتعلق بنسب السيدة شاه زنان و هي:
(أ) إنها من بلاد السند .
(ب) أنها من سبي كابل .
و هذان القولان قد خالفا ما اجمع عليه الرواة و المؤرخون من أنها ابنة يزدجر ملك الفرس و قد شاع ذلك حتى في عصر الإمام و عرفه الناس جميعا و في ذلك يقول ابو الأسود الدؤلي المعاصر للإمام:
و أن وليدا بين كسرى و هاشم لأكرم من نيطت عليه التمائم
هو النور نور اللّه موضع سره و منبع ينبوع الإمامة عالم
و قد أدلى الإمام زين العابدين (عليه السلام) بذلك بقوله: أنا ابن الخيرتين و قد أشار (عليه السلام) بذلك إلى الحديث النبوي المستفيض للّه تعالى من عباده خيرتان: فخيرته من العرب قريش و من العجم فارس ؛ و قال بعض المؤرخين: أن علي بن الحسين جمع بين النبوة و الملك من ناحية أجداده.
و عرفت السيدة أم الإمام (عليه السلام) بشاه زنان و هذا ليس اسما لها و إنما هو لقب لها و معناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء أما اسمها الشريف فقد اختلف فيه المؤرخون و فيما يلي بعض اقوالهم:
1- سلامة .
2- سلافة .
3- غزالة .
4- سلمة .
5- سادرة .
6- شهربانويه .
هذه بعض الأقوال التي ذكرت في اسمها أما التحقيق في أن أي واحد منها هو الصحيح فلن يعنينا ذلك إذ ليس فيه فائدة تعود إلى القراء.
لقد كانت السيدة شاه زنان الرابطة المقدسة بين العرب و الفرس فقد تفرع منها زين العابدين الذي هو ابن الخيرتين و أبو الذرية الطاهرة التي امدت العالم العربي و الإسلامي بجميع عوامل الوعي و الشرف و النهوض يقول السيد عبد العزيز سيد الأهل : و زين العابدين رباط قوي بيننا نحن العرب و بين فارس ثم هو رباط قوي ما بين الناس جميعا و كأنه أحد الأسباب القوية التي ساقها القدير اللطيف ليمحو الفرقة و يعز الألفة و يقرب بين الناس لقد كانت هذه الرابطة من أقوى الروابط و أكثرها عائدة على العرب و الفرس فقد أشاعت بينهما المحبة و المودة و الألفة.
و هدم الإسلام جميع الحواجز الجاهلية التي تفرق المسلمين و تشل وحدتهم و التي منها امتناع العربي من الزواج بغير العربية و ذلك حفظا على الدم العربي و على الأنساب العربية و من المحقق أن هذه الظاهرة مما توجب تفكك المسلمين و تصدع شملهم فإن الاسلام بكل اعتزاز و فخر- قد طرح هذه الأنانيات الفارغة و العناوين الجوفاء و نادى بشرف النفس و جمال الروح فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن أكرمكم عند اللّه اتقاكم ؛ لقد بين الإسلام بصورة إيجابية المساواة العادلة بين المسلمين فحطم الفوارق الطبقية و سائر العنصريات فقد زوج رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قريبته زينب بنت جحش و هي من سيدات بني هاشم من مولاه زيد بن حارثة و قد اراد (صلى الله عليه و آله) بذلك أن تتخذ الجماعة المسلمة درسا منه و تسير على ضوء هذا الطريق الواضح المستقيم و قد سار أئمة أهل البيت عليهم السلام على ضوء هذا المنهج الرسالي فحاربوا العنصرية و قاوموا الامتيازات الجاهلية فتزوجوا بالإماء بعد عتقهن أو قبل عتقهن بالملك و كان لذلك الأثر البالغ في نفوس العرب فقد تراجعوا عن نظرتهم الجاهلية و يقول المؤرخون أنه عند ما تزوج الإمام الحسين (عليه السلام) بالسيدة شاه زنان و انجبت منه علم الهدى الإمام زين العابدين (عليه السلام) و رأى العرب كماله و سمو ذاته هرعت قريش على اتخاذ امهات الأولاد و من الطريف ما روى المبرد عن رجل من قريش كانت أمه أمة قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب فقال لي يوما: من أخوالك؟.
- أمي فتاة .
و نقص الرجل في عين سعيد و انحط شأنه إلا أن الرجل كان ذكيا و انتظر فترة حتى دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر و هو من المع شخصيات قريش و كانت أمه أمة و تعاطى معه الحديث فلما خرج بادر الرجل قائلا: يا عم من هذا؟ .
فثار سعيد و صاح بالرجل قائلا: يا سبحان اللّه!! أ تجهل مثل هذا من قومك هذا سالم بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب ؛ و انبرى الرجل قائلا: من أمه؟ .
- فتاة .
و أقبل عليه القاسم بن محمد بن أبي بكر و كانت أمه فتاة و دار بينهما حديث فلما انصرف من عنده سأله مثل السؤال الأول فأجابه سعيد بمثل جوابه السالف ثم دخل عليه الإمام زين العابدين و سيد الساجدين فقابله سعيد باحتفاء و تكريم فلما خرج من عنده قال له الرجل: يا عم من هذا؟.
فرد عليه سعيد بتأثر قائلا: هذا الذي لا يسع لكل مسلم أن يجهله هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ؛ و سارع الرجل قائلا: من أمه؟ .
- فتاة ...
و انبرى الرجل قائلا: يا عم رأيتني نقصت في عينك حين قلت لك: أمي فتاة فما لي أسوة بهؤلاء؟ .
و التفت سعيد إلى خطئه و راح يكبر الرجل و يعتني به , إن هذه الظاهرة المنحطة التي كانت سائدة في ذلك العصر إنما هي من مخلفات العصر الجاهلي المتخلف فكريا و اجتماعيا فأي نقص على الرجل في أن تكون أمه رومية أو فارسية أو غيرهما يقول الشاعر:
لا تشمتن امرأ في أن تكون له أم من الروم أو سوداء عجماء
فإنما أمهات القوم أوعية مستودعات و للأحساب آباء
إن الذي يرفع من شأن الإنسان إنما اعماله الحسنة و خدماته لأمته و بلاده و سمو ذاته و إن كانت أمه سوداء عجماء و إذا كانت اعماله سيئة و ذاته منحطة فإنه وضيع و إن كان سيدا قرشيا و قد قرر ذلك و أكده الإسلام العظيم الذي لا يعنى إلا بالأعمال فهي المقياس عنده في الرفع و الخفض.
احتفى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيدة شاه زنان و ذلك لعلمه بإيمانها و وفور عقلها و قد أثرت عنه مجموعة من الأخبار التي تشيد بفضلها كان منها ما يلي:
(أ) أنه اوصى ولده الإمام الحسين بالبر بها و الإحسان إليها قائلا: و احسن إلى شهر بانويه فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك. .
(ب) أنه أخبر أهله بأنها ستكون الأم الطاهرة للأئمة الطاهرين قال (عليه السلام) : و هي أم الأوصياء الذرية الطاهرة .
لقد تفرع من هذه السيدة الكريمة الأئمة الطاهرون الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
لقد اعتنى الإمام أمير المؤمنين بالسيدة شاه زنان فقد وجد عندها طاقات من الفضل و الكمال و الأدب و قد سألها (عليه السلام) فقال لها: ما حفظت من أبيك بعد وقعة الفيل؟.
فأجابته بهذه الكلمة الذهبية التي تنم عن سعة فكر أبيها و خبرته بشؤون الحياة: إنه كان يقول: إذا غلب اللّه على أمر ذلت المطامع دونه و إذا انقضت المدة كان الحتف في الحيلة , و بهر الإمام من هذه الكلمة الحكيمة التي حكت واقع الحياة فراح يبدي اعجابه بها قائلا: ما احسن ما قال أبوك! تذلّ الأمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير .
إن كل شيء في هذا الوجود خاضع لمشيئة اللّه و إرادته و إن اللّه تعالى هو القاهر و الغالب و أن الإنسان مهما اعتمد على الوسائل الوثيقة و المحكمة التي يتخيل أنها تدرأ الأخطار عنه فإنها لا تجديه شيئا لأنها قد تنقلب عليه فيكون بها حتفه و نهايته.
و أحاط الإمام الحسين (عليه السلام) زوجته السيدة شاه زنان بهالة من العناية و التكريم و قدمها على بقية نسائه و قد وجدت هذه السيدة في كنف الإمام و تحت ظلاله من الاحتفاء و التكريم ما أنساها ما كانت فيه من الترف و النعيم أيام ملك أبيها و قد غذاها الإمام بتعاليم الإسلام و روحانيته حتى زهدت بما كانت فيه من الملك و السلطان يقول السيد عبد العزيز سيد الأهل: و علمها الحسين (عليه السلام) من تعاليم الإسلام ما أنساها قصور المدائن و مروج كابل .
و أشاد بعض المؤرخين بهذه السيدة الكريمة و فيما يلي ما قالوه:
(أ) المبرد : أدلى المبرد في حق هذه السيدة الجليلة بقوله: كانت شاه زنان من خيرة النساء ؛ حقا لقد كانت شاه زنان من سيدات النساء في عفتها و وفور عقلها و سمو آدابها.
(ب) ابن شدقم : قال ابن شدقم: كانت شاه زنان ذات فضل كثير .
(ج) الكنجي : قال الإمام الحافظ محمد بن يوسف الكنجي: لقد جعل اللّه تبارك و تعالى الأئمة المهديين من نسل الحسين من بنت كسرى دون سائر زوجاته ؛ لقد منح اللّه هذه السيدة الكريمة بألطافه و عنايته فقد حباها بالفضل العظيم بأن جعلها أما كريمة للإمام زين العابدين و جدة طيبة زكية للأئمة الطاهرين الذين رفعوا كلمة اللّه عالية في الأرض .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|