أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2022
1579
التاريخ: 22-11-2017
3499
التاريخ: 22-3-2016
3847
التاريخ: 17-3-2016
3733
|
توفّرت في سبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) وريحانته الإمام الحسين (عليه السّلام) جميع العناصر التربوية الفذّة التي لم يظفر بها غيره فأخذ بجوهرها ولبابها وقد أعدّته لقيادة الاُمّة وتحمّل رسالة الإسلام بجميع أبعادها ومكوّناتها كما أمدّته بقوى روحية لا حدّ لها من الإيمان العميق بالله والخلود إلى الصبر على ما انتابه من المحن والخطوب التي لا يطيقها أي كائن حي من بني الإنسان ؛ أمّا الطاقات التربوية التي ظفر بها وعملت على تقويمه وتزويده بأضخم الثروات الفكرية والإصلاحية فهي الوراثة فقد حدّدت بأنها مُشابَهة الفرع لأصله ولا تقتصر على المشابهة في المظاهر الشكلية وإنّما تشمل الخواص الذاتية والمقوّمات الطبيعية كما نصّ على ذلك علماء الوراثة وقالوا : إنّ ذلك أمر بيّن في جميع الكائنات الحيّة فبذور القطن تخرج القطن وبذور الزهرة تخرج الزهرة وهكذا غيرها فالفرع يحاكي أصله ويساويه في خواصّه وأدقّ صفاته يقول مندل : إنّ كثيراً من الصفات الوراثية تنتقل بدون تجزئة أو تغيّر من أحد الأصلين أو منهما إلى الفرع.
وأكّد هذه الظاهرة هكسلي بقوله : إنّه ما أثَر أو خاصة لكائن عضوي إلاّ ويرجع إلى الوراثة أو إلى البيئة فالتكوين الوراثي يضع الحدود لِما هو محتمل والبيئة تقرر أنّ هذا الاحتمال سيتحقق فالتكوين الوراثي إذاً ليس إلاّ القدرة على التفاعل مع أيّة بيئة بطريق خاص ؛ ومعنى ذلك أنّ جميع الآثار والخواص التي تبدو في الأجهزة الحسّاسة من جسم الإنسان ترجع إلى العوامل الوراثية وقوانينها والبيئة تقرّر وقوع تلك المميّزات وظهورها في الخارج فإذاً ليست البيئة إلاّ عاملاً مساعداً للوراثة حسب البحوث التجريبية التي قام بها الاختصاصيّون في بحوث الوراثة.
وعلى أيّ حال فقد أكّد علماء الوراثة : إنّ الأبناء والأحفاد يَرِثون معظم صفات آباءهم وأجدادهم النفسية والجسمية وهي تنتقل إليهم بغير إرادة ولا اختيار وقد جاء هذا المعنى صريحاً فيما كتبه الدكتور الكسيس كارل عن الوراثة بقوله : يمتد الزمن مثلما يمتد في الفرع إلى ما وراء حدوده الجسمية وحدوده الزمنية ليست أكثر دقّة ولا ثباتاً من حدوده الاتّساعية فهو مرتبط بالماضي والمستقبل على الرغم من أنّ ذاته لا تمتد خارج الحاضر.
وتأتي فرديّتنا إلى الوجود حينما يدخل الحويمن في البويضة ولكن عناصر الذات تكون موجودة قبل هذه اللحظة ومبعثرة في أنسجة أبوينا وأجدادنا وأسلافنا البعيدين جداً ؛ لأنّا مصنوعون من مواد آبائنا واُمّهاتنا الخلوية وتتوقف في الماضي على حالة عضوية لا تتحلل ونحمل في أنفسنا قطعاً ضئيلة لأعداد من أجسام أسلافنا وما صفاتنا ونقائصنا إلاّ امتداداً لنقائصهم وصفاتهم .
وقد اكتشف الإسلام قبل غيره هذه الظاهرة ودلّل على فعّاليتها في التكوين النفسي والتربوي للفرد وقد حثّ بإصرار بالغ على أن تقوم الرابطة الزوجية على أساس وثيق من الاختيار والفحص عن سلوك الزوجين وسلامتهما النفسية والخُلقية من العيوب والنقص ففي الحديث : تخيّروا لنطفتكم فإنّ العرق دسّاس , وأشار القرآن الكريم إلى ما تنقله الوراثة من أدقّ الصفات قال تعالى حكاية عن نبيّه نوح : {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26، 27] فالآية دلّت بوضوح على انتقال الكفر والإلحاد بالوراثة من الآباء إلى الأبناء وقد حفلت موسوعات الحديث بكوكبة كبيرة من الأخبار التي أثرت عن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) وهي تدلّل على واقع الوراثة وقوانينها وما لها من الأهمية البالغة في سلوك الإنسان وتقويم كيانه.
على ضوء هذه الظاهرة التي لا تشذّ في عطائها نجزم بأنّ سبط الرسول (عليه السّلام) قد ورث من جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) صفاته الخُلقية والنفسية ومكوّناته الروحيّة التي امتاز بها على سائر النبيّين وقد حدّدت كثير من الروايات مدى ما ورثه هو وأخوه الإمام الحسن من الصفات الجسمية من جدّهما النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ فقد جاء عن علي (عليه السّلام) أنّه قال : مَن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما بين عنقه وشعره فلينظر إلى الحسن ومَن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما بين عنقه إلى كعبه خُلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين ؛ وفي رواية : أنّه كان أشبه النبي ما بين سرّته إلى قَدمه , وكما ورث هذه الظاهرة من جدّه فقد ورث منه مثُله وسائر نزعاته وصفاته.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|