المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

نظرية تحول العقد
4/9/2022
Nitriles can be converted to 1° amines by reaction with LiAlH4
1-12-2019
Understanding Solution Concentration Units
24-1-2017
تفسير ظاهرة المد والجزر عند علماء القرن (14 هـ /19 م)
2023-07-12
السيد عبد الحسين دست غيب
14-8-2020
معنى كلمة رزق
8-06-2015


ابن قزمان  
  
6004   11:23 مساءاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص168-171
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

 هو أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان، ولد حول سنة 4٨٠ و عاش في عصر المرابطين إلى أن توفى بعده سنة 555 للهجرة في صدر دولة الموحدين (54٠-64٠ ه‍) و في المغرب أنه من بيت عريق بقرطبة و أن أفراد أسرته لم يزالوا بين عالم و وزير و رئيس. و قد نشأ مثل أترابه في قرطبة نشأة علمية أدبية، و هي نشأة أهلته ليكون أديبا و كاتب وثائق كما يكون شاعرا و وشاحا (1)، أما شعره فروى له منه ابن الأبار بعض مقطوعات في كتابه تحفة القادم، و روى له ابن سعيد مقطوعة من قصيدة في مديح يحيى بن غانية والي غربي الأندلس من قبل علي بن يوسف بن تاشفين و مقطوعة ثانية نظمها و قد رقص في مجلس شراب، فأطفأ فيه السراج بأكمامه. و لعل في ذلك ما يدل على أنه اتجه مبكرا للمتاع بالخمر و اللهو. و أما التوشيح فقد روى له صاحب العاطل الحالي موشحة غزلية غزلا ماديّا صريحا )2). و في المغرب أنه «كان في أول شأنه مشتغلا بالنظم المعرب (شعرا و توشيحا) فرأى نفسه تقصر عن أفراد عصره كابن خفاجة و غيره، فعمد إلى طريقة لا يمازجه فيها أحد منهم، فصار إمام أهل الزجل المنظوم بكلام عامة الأندلس» . و قد طارت شهرته في الزجل لا بقرطبة وحدها، بل في كل مدن الأندلس، و أيضا في المغرب و المشرق، حتى لتحتفظ العصور بمخطوطة من ديوانه كتبها نسّاخ بمدينة صفد في فلسطين قبل سنة 6٨٣ ه‍/١٢٣4 م و قد نشرها المستشرق جنزبرج سنة ١٨٩6 مصوّرة في لوحات، و عنى في سنة ١٩٣٣ المستشرق التشيكى «نيكل» بنشره بحروف لاتينية مع دراسة عن ابن قزمان، و صدرت هذه النشرة في مدرسة الدراسات العربية بمدريد و غرناطة، و انتقد المستشرق كولان هذه النشرة و قال إنها مليئة بأخطاء كثيرة، و نشر الديوان من جديد المستشرق غرسية غوميس بحروف لاتينية مع ترجمة إلى الإسبانية، غير أنه أخطأ في رأينا خطأ كبيرا حين حاول أن يطيق على أزجاله أعاريض الشعر الغربي القائمة على النبر و المقاطع كأوزان الشعر الإسباني بحجة أن الزجل نظم على تلك الأوزان لا على الأوزان العربية، و هي حجة لا دليل عليها أي دليل، بل كل شيء ينقضها نقضا فقد صيغت الأزجال محاكاة للموشحات كما لا حظ ابن خلدون، و هي لذلك تلتقي بها في أوزانها العربية و تفاعيلها المعروفة على نحو ما أوضحنا في تحليلنا العروضي لطائفة من الموشحات، بل لقد أوضحنا ذلك في الأزجال المارة إذ ذكرنا معها أعاريضها و أوزانها العربية. و لو أن غرسية غوميس درس أعاريض الشعر العربي و دوائر الخليل التي أثبتها ابن عبد ربه في العقد الفريد و تأنّى في قراءة أزجال ابن قزمان لعرف أنها جميعا لا تخرج عن الأعاريض العربية، و كيف كان يمكن لناسخها في صفد قديما أن ينسخها، و كيف كان يمكن لصفي الدين الحلي أن يدرسها في كتابه العاطل الحالي، و هي على أعاريض الأشعار الأوربية أو الأندلسية: أعاريض النبر و المقاطع. و نفس صفي الدين يشهد في كتابه بأنها جمعت بين أصول الطرب و صحة أوزان العرب )3). و نضيف كيف كان يمكن للبلدان العربية أن تحاكيها و أن تزدهر فيها إلى اليوم لو أنها كانت على أعاريض الشعر الأوربي؟ إن كل ذلك يقطع بأن الزجل نظم-مثل الموشحة على الأعاريض العربية، سواء عند ابن قزمان أو عند غيره من الزجالين.

و الديوان-بدون ريب-كنز نفيس لأن الزمن لم يحتفظ لنا من دواوين الأزجال الأندلسية إلا به، و فيه غنية عن سواه لأنه ديوان إمام الزجالين في الأندلس غير مدافع، و يتراءى لنا فيه ابن قزمان ماجنا عاكفا على اللذات من الخمر و النساء و الغلمان لا يرعوى و لا يزدجر، و هو يعلن ذلك مرارا مجاهرا به في غير حياء، و يبدو أنه كان يهبط أحيانا إلى صور من العبث و المجون جعلت ابن المناصف القاضي يأمر بسجنه، و يستغيث بالقائد المرابطي محمد بن سير فيرد إليه حريته. و طبيعي لمن يعيش هذه المعيشة الماجنة المسرفة في المجون أن يتلف كل ما ورثه من مال و أن لا يبقى على مال يصل إلى يده، مما جعله في أزجاله مداحا كبيرا للأمراء و الولاة و سلاطين المرابطين و القضاة و وجهاء قرطبة و غير قرطبة إذ كانت له رحلات إلى إشبيلية و غير إشبيلية، يستجدي العطاء في إلحاح. و هو يهبط في هذا الاستجداء حتى ليطلب الثياب و الدقيق و الفحم و الزيت و أجرة البيت الذي يسكنه مصورا في تضاعيف ذلك بؤسه و حرمانه و ما هو فيه من تعاسة و ضنك و مسغبة حتى ليدنو من صورة أصحاب الكدية و التسول. و هو جانب ننكره عنده كما ننكر إسرافه في اللهو و ما ملأ به أزجاله من مجون و إثم. غير أننا إذا نحينا ذلك كله عن ابن قزمان يظل عندنا الزجّال الفنان الكبير الذي أعطى للزجل صورته العامية التامة و سلاسته و عذوبته المكتملة بحيث أصبح يخلب الألباب بخفته و رشاقته من مثل هذه الفقرة الأخيرة من الزجل رقم 5٨ في الديوان:

لا نسيت إذ زارني حبّى   و انجلى همى و زاد كربى    قلت له وقتا أخذ قلبي 
قال متى تجين قل غدا    و غدا للناظرين قريب 
و الزجل من وزن الرمل مع تعديل طفيف في جزئي القفل. و الجزء الثاني في الغصن:

«و انجلى همى و زاد كربى» يدل على عمق شاعرية ابن قزمان و أحاسيسه، فحين زال همه زاد كربه، و هي صيغة لا يقولها إلا من شفّه العشق. و يقتطف صفي الدين الحلي هذا المطلع من أحد أزجاله )4):

قالوا عنّى بأنّى فيك عاشق      إيش تقل يصدقوا 
يا حبيبي لقيت كثير في الناس       بالصواب ينطقوا 
هذا شى و النّبى يا نور عيني     ما تحّدثت بيه 
ول باللّه خطر على بالى     لا و لا خضت فيه 
و الزجل من وزن المقتضب: مفعولات مستفعلن فعلن. و الفقرة رقيقة رقة شديدة، مع غير قليل من الرفق و العطف و الحب الذى يكظمه في نفسه و يشيع-دون إرادته-من حوله و حول محبوبته. و أنشد له ابن سعيد في المغرب طائفة من أزجاله الماجنة، و تتخللها أحيانا قطع أو فقر بديعة في وصف الربيع و الطبيعة مثل قوله:

الرّبيع ينشر علام     مثل سلطانا مؤيّد 
و الثمار تنثر حليّه      بثياب بحل زبرجد 
و الرياض تلبس غلالا      من نبات فحل زمرّد 
و البهار مع البنفسج       يا جمال ابيض في أزرق 
و استمر يذكر الندى يترقرق على الغصون و أزهار الخيرى و الآس، و الماء يجرى، و الظل يمتد يمينا و يسارا. و يستطرد إلى الحديث عن الخمر و إلى غزل يصور فيه غريزته النوعية. و واضح أنه صاغ هذا الزجل من وزن الرمل المرقص المطرب. و إذا كانت تشوب أزجاله أحيانا كلمات أو صيغ رومانثية فإنها جاءته من العامية الأندلسية، و هي أشياء محدودة لا تخرج صياغة أزجاله إلى صياغة لاتينية أو رومانثية كما ظنّ «ريبيرا» و غرسية غوميس، فالصياغة المطردة في أزجاله صياغة عامية عربية هي عامية الأندلس على نحو ما يلاحظ فيما أنشدناه من أزجاله. و بحق لا حظ صفي الدين الحلي أنه على الرغم من أنه دعا إلى أن تكون ألفاظ الزجل ملحونة و أن لا تكون من الألفاظ العربية الجزلة الرصينة فإن بأزجاله كثيرا من الألفاظ و الصيغ العربية الرصينة المصقولة و أيضا من الألفاظ المعربة بالحركات و الحروف، و استشهد صفي الدين لذلك كله و ما يماثله بشواهد كثيرة من أزجاله(5)و لا نبالغ إذا قلنا إن أحدا لا يستطيع أن يدرس أزجال ابن قزمان و لا الأزجال الأندلسية دراسة لغوية و عروضية دون الرجوع-كما أسلفنا-إلى دراسة صفي الدين لها في كتاب العاطل الحالي، إذ لم يتصدّ أحد لدراستها دراسة علمية خصبة قبله، و سيظل كتابه منجما لا ينفد للدارسين لها و الباحثين.

و حري بنا أن نشير إلى أنه أصبح من الثابت بين علماء الاستشراق أن صيغة الزجل و نظامه و ما اقترن به من الموسيقى الأندلسية، كل ذلك أثر تأثيرا واسعا في الغرب، إذ على هديه ظهرت الطّرز الشعرية المقفاة عند أوائل التروبادور البروفانسيين. و يتحدث بالنثيا حديثا مفصلا عن مدى تأثيره في فرنسا و إنجلترا و ألمانيا و إيطاليا و البرتغال بدليل ما نشأ عندهم من أغان مقفاة على شاكلة القوالب الزجلية، و ليس ذلك فحسب فإنها تأثرت بمضامين الزجل الغزلية و ما فيها من تصور للعشق، و أيضا بما كان يرافقها من موسيقى. و يمضى بالنثيا في الحديث عن تأثير الزجل في الأغاني الإسبانية بطرازه الشعري و موسيقاه، و يذكر أن دواوين نظمت أكثر أغانيها و أناشيدها في قالب الزجل، منها ديوان ألفونس العاشر في القرن الثالث عشر (١٢٢١-١٢٨4م) الذي سماه أناشيد لمريم العذراء المقدسة و هو يتضمن أربعمائة و عشرين أنشودة منها نحو ثلاثمائة على نسق الأزجال الأندلسية و قوالبها المعروفة، و مثل هذا الديوان ديوان القس هيتا في القرن الرابع عشر الميلادي الذي سماه: «الحب الطيب» و يقول بالنثيا إن التشابه بين مقطوعاته و بين الأزجال لا يرقى إليه شك، و يمثّل ببعض مقطوعاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) راجع الزجل السابع في الديوان.

 2)العاطل الحالي ص ٨٢.

3)العاطل الحالي ص ٢٢ و يؤكد صفي الدين ذلك قائلا إنهم خالفوا أحيانا بين  الأوزان في الأقفال و الأغصان من غير أن يخسروا في الميزان.

4)العاطل الحالي ص ٣4.

5 (انظر العاطل الحالي ص 64 و ما بعدها.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.