أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-1-2021
5422
التاريخ: 23-3-2016
2867
التاريخ: 24-7-2016
2519
التاريخ: 21-06-2015
2711
|
هو أبو المطرف أحمد بن عبد اللّه المخزومي من سلالة خالد بن الوليد، ولد سنة 5٨٢ بجزيرة شقر بين شاطبة و بلنسية، و نهرها يحيط بها من جميع الجهات، و لذلك سميت جزيرة، و طالما تغنى أبناؤها-من أمثال ابن خفاجة-بجمال طبيعتها.
و عنى به والده منذ نعومة أظفاره، فأدخله كتابا حفظ فيه القرآن الكريم و بعض الشعر، ثم دفعه إلى حلقات بعض الشيوخ، حتى إذا أيفع و شبّ أرسل به إلى بلنسية لينهل من حلقات حافظها و فقيهها و قاضيها أبي الربيع الكلاعي، و فيها أخذ يختلف إلى حلقات غيره من العلماء و خاصة حلقة ابن نوح الغافقي شيخ العربية و قواعدها النحوية. و دفعه شغفه بالاستزادة من العلم إلى الرحلة في طلبه عند بعض العلماء المشهورين لأيامه، فرحل إلى شاطبة و نهل من حلقتي شيخها أبي عمر الشاطبي و قاضيها أبي الخطاب بن واجب، و رحل إلى دانية للأخذ عن ابن حوط اللّه الأنصاري، و نزل مرسية و أخذ عن شيخها عزيز بن خطاب، و سمع عليه كتاب المستصفى في علم الأصول للغزالي و بعض كتب الصوفية. و طمحت نفسه مبكرا إلى أن يكون من أصحاب الجاه، و كانت فيه نزعة أدبية هيأته ليكون شاعرا، و لم يلبث أن عمل بديوان أبي عبد اللّه بن أبي حفص الموحدي حاكم بلنسية حوالى سنة 6٠٧ و هو في نحو الخامسة و العشرين من عمره.
و ظل بهذا الديوان سنوات متعاقبة، و نراه في سنة 6١٧ بإشبيلية، و لعله كان يريد العمل بدواوينها، و ظل بها فترة اختلف فيها إلى حلقة الشلوبين إمام العربية بالأندلس في عصره. و عاد إلى بلنسية، و كان قد وليها للموحدين سنة 6٢٠ أبو زيد بن أبي عبد اللّه بن أبي حفص فألحقه بديوانه مع صديقه ابن الأبار، حتى إذا كانت سنة 6٢6 ثار على أبي زيد زيان بن أبي الحملات بن مردنيش و استولى منه على بلنسية، و ظل ابن عميرة يعمل في ديوان زيان حتى أواخر سنة 6٢٨ و أحسّ من زيان شيئا من الوحشة، فترك بلنسية إلى بلدته جزيرة شقر، و كان سلطان ابن هود أمير مرسية قد اتسع، فكتب له في سنة 6٢٩ و عيّنه ابن هود قاضيا في شاطبة، جامعا له بين القضاء و الكتابة كما تدل على ذلك بيعة طويلة كتبها باسم ابن هود عن نفسه و عن أهل شاطبة في الأندلس للمستنصر العباسي مع بيعة الناس فيها أيضا له و لابنه وليا للعهد من بعده.
و ابن هود فيها يعلن ولاءه و طاعته للخليفة العباسي استكمالا لثورته على الموحدين و ما يدّعون من خلافتهم. و ربما ظل يجمع بين عمله في الكتابة لابن هود و قضاء شاطبة. و توفى ابن هود سنة 6٣5 و خلفه عمه و استولى منه على الحكم عزيز بن خطاب، و اتخذ ابن عميرة كاتبا له، و قتل ابن خطاب. و كان ملك أراجون قد استولى على بلنسية، و قبله بقليل استولى ملك قشتالة على قرطبة، و شعر ابن عميرة أن مستقبل الأندلس مظلم، فرأى الهجرة منها إلى المغرب، و عبر الزقاق، و نزل سبتة عند و اليها ابن خلاص فرحب به، و لم يلبث أن لقى الخليفة الموحدي الرشيد في مدينة الرباط حين زارها، و صحبه معه إلى حاضرة مملكته: «مراكش» و ألحقه بدواوينه، و لبث بها ابن عميرة قليلا، إذ عينه الرشيد قاضيا في؟ ؟ ؟ سلا و الرباط. و توفى الرشيد سنة 64٠ فأقرّه أخوه السعيد على عمله، ثم نقله إلى مكناسة، و نراه فيها يكتب باسم أهلها بيعة لسلطان تونس أبي زكريا الحفصي، و يبدو أنه إنما أغراه بذلك أنه رأى بوضوح أن دولة الموحدين تحتضر، و تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة. و عاد إلى سبتة يكتب لحاكمها. و في سنة 646 تحوّل إلى أبي زكريا سلطان تونس و دولته الحفصية، و نزل بجاية و أفضال أبي زكريا تتوالى عليه. و لم يلبث أبو زكريا أن توفى سنة 64٧ و خلفه ابنه المستنصر، فاستقدمه إلى تونس، و ولاه القضاء في قسنطينة و غيرها، ثم استخلصه لنفسه مستشارا و أنيسا، و غمره بأفضاله إلى أن توفى سنة 45٨ للهجرة.
و طبيعي أن تكون لابن عميرة رسائل ديوانية كثيرة، إذ كتب لحكام بلنسية من الموحدين و خاصة لأبي زيد الموحدي، و كتب بعده لحكامها: زيان بن مردنيش الثائر عليه و ابن هود أمير مرسية و عزيز بن خطاب صاحبها و الرشيد الموحدي، و من أقدم رسائله رسالة كتبها عن أبي زيد الموحدي أمير بلنسية إلى المستنصر الموحدي سنة 6٢٠ يستأذنه في وفود أمير نصراني عليه من أراجون يسمى: «پلاسكو أرطال» كان وصيا على ملكها خايمي، و لما استبد بالملك اختلف معه و نفاه فلجأ إلى بلنسية، و استقبل بالترحيب على أمل كاذب أن يكون فيما بعد عونا لحاكم بلنسية في حروبه ضد ملك أراجون. و صوّر ابن عميرة هذا الأمل المخطئ و أمر هذا اللاجئ في رسالته، و قد احتفظ القلقشندي في الجزء السادس من صبح الأعشى بشطر كبير منها، و فيها يقول عنه ابن عميرة:
«كان له في البلاد الأرغونيّة زعامة في شأوها (1)برّز، و لغايتها أحرز، و كان قد كفل صاحب أراجون في الزمان المتقدم كفالة دار أمرها عليه، و ألقى زمامها إليه. ثم إنه حطّ من رتبته، و تأكدت المبالغة في نكبته. . و الظاهر من حنقه على أهل أراجون و شدة عداوته لهم، و ما تأكّد من القطيعة بينه و بينهم، أنه إن صادف وقت فتنة معهم و وجد ما يؤمّله من إحسان الأمر العالي-أيّده اللّه-فينتهي من نكايتهم و الإضرار بهم إلى غاية غريبة الآثار، مفضية به إلى درك الثار، و كثير من زعماء أراجون و رجالها أقاربه و فرسانه و كلهم-في حبله-حاطب (2)، و لإنجاده-متى أمكنه-خاطب» .
و كأن أبا زيد و من حوله لم يأخذوا درسا من التجاء ألفونس القشتالي إلى طليطلة حين حاربه أخوه شانجه و انتصر عليه و فرّ منه إلى دير، و لجأ إلى المأمون أمير طليطلة فرحب به و بالغ في إكرامه تسعة شهور متعاقبة، عرف فيها مداخل حصن طليطلة العتيد و مخارجه، فلما توفى أخوه و أصبح ملكا على قشتالة لم يكن له هم إلا الاستيلاء على طليطلة، و استولى عليها، و كان ذلك بدء ضياع الأندلس منذ هذا التاريخ، و هو درس كان ينبغي أن لا ينساه أبو زيد، و خطأ أكبر الخطأ أن يفتح حكام بلدة صدورهم و بلدهم لأعدائهم ظانين أنهم يستطيعون أن يحيلوهم أصدقاء أو ما يشبه الأصدقاء، و ما أبعده و هما أن يصبح العدو صديقا فما بالك إذا كان العدو محاربا لك، و لكن هكذا قدّر لبلنسية أن يحكمها غرّ ليس عنده بصر بالأمور و أن يجد في كنفه «پلاسكو» الأرجوني عدوه الأمان و الضيافة لمدة عامين متعاقبين، و يرجع إلى بلده، و يعود منها بعد قليل مع ملكها بجيش يستولي به على بلنسية بعد تنكيله بأهلها تنكيلا شديدا.
و نقف قليلا عند البيعة للخليفة العباسي المستنصر التي أشرنا إليها و التي كتب فيها ابن عميرة رسالة طويلة بعقد ابن هود على أهل شاطبة الولاء لهذا الخليفة و البيعة لنفسه و لابنه وليا للعهد من بعده، و هو يستهلها بحمد اللّه و الصلاة على رسوله بهذا النمط:
«الحمد للّه الذي جعل الأرض قرارا، و أرسل السماء مدرارا، و سخّر ليلا و نهارا، و قدّر آجالا و أعمارا، و خلق الخلق أطوارا، و جعل لهم إرادة و اختيارا، و أوجد لهم تفكّرا و اعتبارا، و تعاهدهم برحمته صغارا و كبارا، نحمده حمد من يرجو له وقارا، و نبرأ ممن عانده استكبارا، و ألحد في آياته سفاهة و اغترارا، و صلّى اللّه على سيدنا محمد الشريف نجارا، السامي فخارا، رفع اللّه من شريعته للأمة منارا، و أطفأ برسالته للشّرك نارا، حتى علا الإسلام مقدارا، و عزّ جارا و دارا، و أذعن له الكفر اضطرارا، و استسلم ذلّة و صغارا، فمضى و قد ملأ البسيطة أنوارا، و عمّها بدعوته أنجادا و أغوارا، و أوجب لولاة العهد بعده طاعة و ائتمارا. فجزى اللّه أفضل ما جزى نبيّا مختارا، و رسولا اجتباه اختصاصا و إيثارا، صلى اللّه عليه و على آله الطيبين آثارا و اختبارا، و على أصحابه الكرام مهاجرين و أنصارا، صلاة نواليها إعلانا و إسرارا، و نرجو بها مغفرة ربّنا إنه كان غفارا»
و واضح أن ابن عميرة التزم في سجع هذه القطعة التي استهل بها البيعة حرف الراء، و هو جانب يشيع شرقا و غربا حتى لنجد الرسالة يختار لها أحيانا حرف بعينه، و كان الحريري قد ابتدأ ذلك برسالتين التزم في إحداهما السين و في الثانية الشين، فأخذ الحصكفي و بعض الكتاب في الشرق يحاكيه في هذا الصنيع، و بالمثل أخذ بعض الكتاب في الأندلس يحاكونه فيه ببعض رسائلهم الشخصية دلالة منهم على مهارتهم الفنية، و سنعود إلى الحديث عن هذا الجانب في عرضنا للرسائل الشخصية عند ابن عميرة و غيره من الكتاب. و له فصول و كلمات وعظية على طريقة ابن الجوزي كما ذكر ذلك ابن عبد الملك في ترجمته له بكتابه «الذيل و التكملة، و له مؤلفات مختلفة منها تعليقات على كتاب المعالم للفخر الرازي و تعقيب على كتاب التبيان في البلاغة لابن الزملكاني، و منها كتاب في تاريخ ثورة المريدين على دولة المرابطين و كتاب عن كائنة ميورقة و استيلاء ملك أراجون عليها. و بالخزانة العامة بالرباط مخطوطتان من رسائله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١( شأوها هنا: سلطانها.
٢( يقال حطب في حبله إذا أعانه و نصره.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|