ارتكاب الفاعل جريمة أشد جسامة من صور مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة |
4262
10:06 صباحاً
التاريخ: 22-3-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-7-2021
4168
التاريخ: 29-6-2019
1966
التاريخ: 29-3-2016
6720
التاريخ: 22-3-2016
4263
|
قد يرتكب الفاعل الاصلي جريمة أشد جسامة من تلك التي قصدها الشريك، فيثار التساؤل عن مدى مسؤولية الشريك عن الجريمة التي وقعت فعل، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن الشريك لا تفرض عليه الا عقوبة الجريمة التي قصد الاشتراك فيها(1). في حين فرق البعض الآخر بين ما إذا كان الفاعل الاصلي قد ارتكب الجريمة المتفق على ارتكابها أبتداء ولكن مقترنة بظروف مشددة، وبين ما إذا كان قد ارتكب جريمة أخرى. ففي الفرض الأول يعاقب الشريك عن الجريمة كما وقعت، إذ كان عليه ان يتوقع ارتكاب الجريمة بالشكل الذي ارتكبت به مقترنة بما يحتمل أن تقترن به من ظروف مشددة. أما الفرض الثاني فالشريك ليس مسؤولا عن الجريمة التي وقعت، كون الجريمة التي قصدها لم تقع(2). وتذهب طائفة ثالثة، إلى إن الشريك يسأل عن الجريمة الأشد التي وقعت ولو كانت غير تلك التي قصد الاشتراك فيها، متى كانت نتيجة محتملة لفعل الاشتراك(3). وان ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأخير هو الرأي المستقر عليه فقها – وهو ما نؤيده – لانه ليس من الضروري أن تطابق جريمة الفاعل الصورة التي أرتسمت في ذهن الشريك عن الجريمة التي اراد الاشتراك فيها، أي لا يشترط توقعه كل تفاصيل المشروع الاجرامي واتجاه ارادته اليها، إذ من النادر – حتى في أبسط الجرائم – أن يطابق الواقع في كل تفاصيله ما توقعه الجاني. على ذلك إذا أختلفت الجريمة في بعض تفاصيلها أو ظروفها عما توقعه الشريك فهو مسؤول عنها طالما إن القانون لا يعلق على هذا الأختلاف أهمية قانونية، أي طالما كان حكم القانون في الوقائع التي تحققت بنشاط الفاعل هو بعينه حكمه في الوقائع التي توقعها الشريك وأرادها. فإذا حرض شخص على سرقة أو إتلاف يكون المحرض مسؤولا عن الجريمة الأشد كقتل الفاعل للمجني عليه الذي حاول مقاومة تنفيذ الجريمة أو يشعل النار في مسكنه أخفاء لمعالم الجريمة. أما التشريعات الجزائية فقد أنقسمت على طائفتين: الأولى تضمنت نصوصا صريحة قررت فيها مسؤولية الشريك عن الجريمة المغايرة الأشد جسامة (النتيجة المحتملة)، ومنها قانون العقوبات الايطالي الذي تنص (م116) منه على (إذا أختلفت الجريمة المرتكبة عن تلك التي ارادها أحد المساهمين، فأنهم يسألون مع ذلك عنها إذا كانت نتيجة لفعلهم أو أمتناعهم، وإذا كانت الجريمة المرتكبة أشد جسامة من الجريمة التي أريدت، خففت العقوبة بالنسبة للمساهم الذي اراد الجريمة الأقل جسامة).قد أستقرت في القانون الانكليزي قاعدة تقرر بأنه إذا حرض شخص شخصا آخر على ارتكاب جريمة فأرتكب الأخير جريمة مختلفة أشد جسامة، ولكنها محتملة الحدوث نتيجة للتحريض، كان المحرض شريكا في الجريمة المختلفة عن قصده(4). وكذلك قانون العقوبات المصري(5). (م43) وقانون العقوبات الليبي (م103) وقانون العقوبات السوداني (م86) والقانون الكويتي (م53)، فطبقا لنصوص هذه التشريعات يسأل الشريك عن الجريمة المغايرة الأشد جسامة التي يرتكبها الفاعل الاصلي. أما الطائفة الثانية فلم يرد فيها نص صريح يعالج هذه المسألة، تاركة الأمر لأحكام القواعد العامة في المسؤولية الجزائية(6). كالقانون الاردني والسوري واللبناني والجزائري والتونسي والمغربي، فتحديد مسؤولية الشريك عن الجريمة المغايرة الأشد جسامة في هذه الطائفة من التشريعات، يقتضي الرجوع إلى قواعد المساهمة التبعية التي مؤداها إن الشريك لا يسأل عن الجريمة التي يرتكبها الفاعل الا إذا تحققت أركان الاشتراك في تلك الجريمة، ومنها الركن المعنوي. ومعنى ذلك إن الشريك لا يسأل عن جريمة الفاعل الاصلي الا إذا علم بها وأتجهت ارادته إلى الاشتراك فيها(7). فلو أعطى شخص لآخر سلاحا بقصد التهديد ولكن الفاعل ارتكب جريمة قتل بدل التهديد، فالشريك يسأل عن جريمة القتل تلك لأن قصد التهديد بالسلاح يشمل في الوقت نفسـه جريمة القتل بذلك السلاح، فالقصد بأعتباره يمثل الركـن المعنوي لجريمة الاشتراك هو الذي يحدد نطاق المسؤولية عن النتيجة المحتملة(8). أما موقف المشرع العراقي من صورة أرتكاب الفاعل جريمة أشد جسامة من التي قصدها الشريك – بناء على القاعدة العامة في القصد الجنائي، فالشريك لا يسأل عن تلك الجريمة - ألا ان المشرع العراقي خرج عن القاعدة العامة وقضى بغير ذلك، إذ تضمن نص (م53) من قانون العقوبات العراقي عقاب المساهم عن الجريمة الأشد التي وقعت ولو كانت غير التي قصدها متى كانت الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة للمساهمة التـي حصلت(9). وتطبيـقـا لـ (م53) من قانون العقوبات العراقي، إذا وقع الاشتراك بوسيلة من الوسائل المنصوص عليها قانونا (التحريض، الأتفاق، المساعدة) في جريمة معينة وأدى ذلك الى وقوع جريمة أخرى أشد جسامة ولكنها نتيجة محتملة لها تبعا للمجرى العادي للأمور، فأن الشريك يعتبر مسؤولا يعده شريكا في الجريمة الأشد الواقعة، وتكون النتيجة محتملة بالمعنى المقصود في (م53) بأن يؤدي إليها المجرى العادي للأمور، وليس من الضروري أن يثبت إن الشريك توقعها فعلا. وقد اتجه إلى ذلك قضاء محكمة التمييز في العراق، فقضت (……ان وقائع الحادثة إذ كانت قد أظهرت بأن اتفاق المتهمين مع أشخاص آخرين على السرقة – كانا يحملان البنادق وأنهما أطلقا النار على المجني عليه (م) ووالداه، فأنهما يصبحان مسؤولين عن جرائم القتل باعتبارها نتائج محتملة لجريمة السرقة منطبقة عليها أحكام المادة (406/ ف1/ ز) عقوبات بدلالة مواد الاشتراك والمادة (53) منه……ألخ)(10). ويظهر من هذا القرار أن مساءلة الشريك عن جريمة القتل الأشد جسامة على الرغم من أنها ليست الجريمة التي قصدها الشريك وذلك كونها نتيجة محتملة للاتفاق على السرقة.
_________________________
1- G.C.Smith C.B.E and Brain Hogan LL.B, OP, Cit, P.134-136. J.
2- ينظر في ذلك: د.هشام أبو الفتوح، النظرية العامة للظروف المشددة، المصدر السابق، ص348-350.، د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية، المصدر السابق، ص415.
3- ينظر في ذلك: عوض محمد، المصدر السابق، ص398.، د.مأمون سلامة، المصدر السابق، 469.، د.احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، المصدر السابق، ص651.، د.محمد محي الدين عوض، المصدر السابق، ص138 وما بعدها.
4- J.G.C.Smith C.B.E and Brain Hogan LL.B, OP, Cit, P.134-136.
5- قضت محكمة النقض المصرية (إذا لم يكن في الأستطاعة مؤاخذة الشريك في السرقة على أعتبار أنه شريك في القتل بنية مباشرة لعدم قيام الدليل على ذلك، فأن أتفاقه على ارتكاب جريمة السرقة كاف لوحده لمؤاخذته بقصده الاحتمالي فيما يتعلق بجريمة القتل، وعلى أعتبار انه كان يجب عليه ان يتوقع كل ما حصل ان لم يكن توقعه فعلا). نقض مصري20/ 11/ 1978، مجموعة أحكام النقض، س29، ص809.
6- د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية، المصدر السابق، ص414.
7- د.محمود نجيب حسني، المصدر نفسه، ص414-415.
8- د. نظام توفيق المجالي، المصدر السابق، ص396-397.
9- د. ماهر عبد شويش، المصدر السابق، ص282.
10- ينظر قرار محكمة التمييز 47/ هيئة عامة/ 2001 في 16/9/2001.(غير منشور)
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|