أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
14467
التاريخ: 20-3-2016
2841
التاريخ: 21-3-2016
7300
التاريخ: 9-4-2022
1908
|
من المشاهد في عصرنا الحالي إن الضوضاء تشكل خطراً عاماً على الحياة لدرجة يمكن وصفها بأنها نوع جديد من الإرهاب، وقد ساعدت على ذلك ظاهرة التحضر والمدنية الحديثة التي صاحبت التقدم التقني والثورة الصناعية، بعبارة أدق يمكن القول بان الضوضاء هي ثمن انتشار حرية استخدام وسائل الطاقة والتكاثف الحضري(1).وفي سبيل مكافحة الضوضاء، ومن اجل توفير الراحة والاستقرار للمواطنين، فان هذا الأمر يستلزم تجريم معظم الأفعال المسببة لها ومعاقبة مرتكبها وبذلك تخلق جريمة يطلق عليها جريمة الضوضاء التي تستلزم بيان ماهيتها وأركانها والجزاء المترتب على مرتكبها، وعليه سنقسم هذا الموضوع ثلاثة مطالب نتناول في الأول ماهية الضوضاء وفي الثاني أركان جريمة الضوضاء، وفي الثالث الجزاء المترتب على ارتكابها .
المطلب الأول
تعريف الضوضاء
تشكل الضوضاء اعتداءً دائماً على الحياة، وتمثل في الوقت ذاته مصدر القلق الأكثر فعالية في البيئة الطبيعية للإنسان، وهي تواكب معظم النشاط البشري الذي من خلاله يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في النيل من صحة المواطنين، أو تكون نذير شؤم لها، حسب طبيعتها ودرجتها(2)، فالضوضاء تشكل احد الأخطار الرئيسة التي لا تحتمل وتشكل اعتداءً على نمط الحياة، والإنسان هو الذي يتحمل دائماً عبء هذه الضوضاء التي ينعكس أثرها بصفة خاصة على السكينة، وطبقاً لذلك فلابد من التعرف على مفهوم الضوضاء التي تسبب جريمة الضوضاء وتحديد مستوياتها.
الفرع الأول
مفهوم الضوضاء
قبل أن نعرف الضوضاء نود الإشارة الى إن الصعوبة الحقيقة هي التي يمكن مواجهتها عند تحليل وتعريف الضوضاء، وهذه الحقيقة هي إن تعريف الضوضاء يشكل خطوة هامة جداً عند وضع تنظيم قانوني خاص.في المعجم الوسيط للغة هي الفوضى، وتعني الصياح أو الجلبة أو أصوات الناس في الحرب و غيرها(3)، وفي المعجم الفرنسي تعني carousse الضوضاء مجموعة من الأصوات غير المتناسقة(4)، أما معجم Petit Robert فيعرفها بأنها كل ما يلفظه السمع ولا يكون موسيقياً(5). أما الضوضاء اصطلاحاً، فقد وردت عدة تعريفات لها سواء في الفقه العربي أو الغربي وهي في غالبيتها تتسم بالطابع التقريبي في تحديد التعريف نذكر منها- هي كل إحساس صوتي غير مستساغ أو مزعج يحدث نتيجة المزاج المشوش لشدة الصوت وقوة تردداته المختلفة، فهذا التعريف بين أن الضوضاء هي: (الأصوات التي تضايق الناس وتشوش عليهم وتكدر صفو هدوئهم أي انه يعني بالضوضاء كل الأصوات التي تبدو غير مقبولة ومزعجة وغير مرغوب فيها)(6)، وجانب اخر عرف الضوضاء هي كل ما يحسه السمع من أصوات غير مرغوب فيها أو مزعجة، وهي كل حدث سمعي ذو تأثير ملحوظ على السمع نتيجة إحساس الناس، أو هي الصوت الذي له طابع شاذ وغير مكون من عناصر محددة أو قاطعة(7)،وذهب جانب أخر من الفقه الى قال بان الضوضاء هي: الصوت غير المرغوب فيه، أو هي الضغط الذي يؤذي الإنسان وغيره (8).غير إن أفضل تعريف للضوضاء بأنها: صوت أو مجموعة من الأصوات المزعجة وغير المرغوب فيها، أو أي صوت عديم الفائدة ولا قيمة له، سواء كان صوت الطبيعة من حولنا أو الآلات في المصانع أو وسائل النقل والمواصلات في الشوارع أو أصوات الأجهزة كالمذياع والتلفاز، أو كلام الناس وصياحهم(9).ويتضح من التعريفات السابقة إنها قد أثارت نقطتين مهمتين أولهما: الضوضاء والسكينة نقيضان فالضوضاء مشكلة العصر بل هي آفة السكينة، وثانيهما: هو الحد الذي عندما يصل إليه الصوت يعد غير مرغوب فيه يشكل جريمة الضوضاء .
الفرع الثاني
مستويات الضوضاء وقياس درجاتها
بدأ اهتمام الدراسات بالضوضاء، بداية فردية في السابق كالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكان هدفها التنبيه والتحذير من أخطار الضوضاء، فبحلول الصناعة دخلت مجال دراسات الضوضاء جهات عديدة، فكان الهدف من الدراسة وضع قياسات لتحديد شدة الصوت والآثار التي تترتب على التعرض له بصورة مباشرة أو غير مباشرة ويعتمد على هذا التحديد في وضع الضوابط الفنية والقانونية التي تحد وتتحكم فيه وتعمل على تعويض المتضررين بسببه(10) ومن الصعوبة بمكان أن تحدد بدقة معايير صوتية لأنها تختلف اختلافاً جوهرياً بحسب المكان والمدة والزمن وغيرها من الأمور اللازمة لإدراك الإزعاج أو منع الضوضاء وتلطيف حدوثها كما يتوقف الأمر من جانب آخر على المستمع وعلى رغبته في الاستماع أو رفضه لان الناس يتفاوتون في تحملهم للضوضاء وفي تأثرهم بها فعندما يعزف شخص ما الموسيقى فان ذلك يعد استمتاعاً له، ولكنه قد يكون بمثابة ضوضاء بالنسبة لشخص آخر يؤدي عمل يحتاج الى تركيز، أو لشخص مريض يحتاج الى الراحة أو لشخص يريد أن ينام. وذات الأمر يلاحظ في إقبال البعض على سماع الموسيقى الصاخبة التي تعد بالنسبة له صوتاً مرغوباً فيه بل يجد فيها متعة، بينما يرفضها البعض الآخر ويعدّها ضوضاء مقلقة للراحة(11). إن الناس يختلفون في تأثرهم بالضوضاء، فالنساء أكثر إحساس بها في حين إن كبار السن لا يتحملونها ولا يستطيعون الاستمرار في سماعها. يتبين من ذلك إن إدخال العنصر البشري (المستقبل) في عملية تحديد الضوضاء من عدمها يجعل المسألة نسبية في المقام الأول، وذلك لان الاهتمام المنصت يمكن أن يتغير وفقاً للظروف المختلفة. فالحديث والتخاطب بين الناس يمكن أن يكون ضوضاء ويمكن أن يكون نوعاً من أنواع الاتصال بينهم، كما إن الضوضاء الآلية يمكن أن تكون ذات جدوى في بعض الأحيان فارتفاع صوت محرك السيارة مثلاً يكون مؤشراً لقائدها على عطل أو وجود خلل به، كما إن صوت نفير(المنبه) السيارة قد يكون تحذيراً لشخص كفيف يحاول عبور الطريق ولكنه في الوقت نفسه يكون ضوضاء تزعج الآخرين إذا لم تكن هناك ضرورة لاستخدامه. وكذلك الدراجات البخارية وهي تزود في العادة بنظام العادم الذي يحسن أداء المحرك، ولكنه قد يكون مصدراً للإزعاج والقلق. وأخيراً إن هناك أصوات يتفق معظم الناس على إنها مزعجة وغير مرغوب فيها. ولهذا أوجب وضع حدود لشدة الصوت، وهي في الوقت ذاته تعد مقياساً لدرجة الضوضاء وضابطاً لها وهذا ما يتطلبه التنظيم القانوني لمكافحة الضوضاء، فهذا التحديد لشدة الصوت وقياس للضوضاء يضع من يتجاوزه تحت طائلة المسؤولية ومعيار الصوت المزعج المسبب للضوضاء هو معيار الشخص المعتاد وهو شخص من أوساط الناس يزعجه ما يزعج الناس عادة ويتحمل ما جرى العرف بتحمله(12).يستخدم الأخصائيون في مجال تحديد شدة الصوت كمقياس لجريمة الضوضاء وحدة قياس تسمى الديسبل وتعرف بأنها اقل تغير في علو الصوت يمكن أن تسمعه أُذن الإنسان وبواسطة هذه الوحدة يمكن تحديد ما يلائم الأذن العادية(13).ويمكن تقسيم شدة الصوت ومستويات الضوضاء الى عدة مستويات تقريبية على النحو التالي:-
آ- الأصوات الهادئة: هي التي تقع في شدتها في المدى ما بين (صفر-50) ديسبل تقريباً مثل الهمس.
ب- الضوضاء متوسطة الارتفاع: وهي التي تقع شدتها في المدى ما بين المدى (50-70) ديسبل مثل محادثات التخاطب العادية.
ج- الضوضاء مرتفعة جداً: وهي التي تزيد شدتها عن (75) ديسبل مثل صوت السيارة الخاصة التي تتحرك بسرعة (10كم/ ساعة) وصوت الطائرة النفاثة عن قرب (103) ديسبل وصوت المدفع الرشاش القريب (130) ديسبل(14) وصوت صاروخ الفضاء عند الانطلاق (175) ديسبل(15). وعليه لابد من اعتماد هذا التحديد كعنصر أساس لدى المحاكم عندما تنظر في تحديد المسؤولية الجنائية عن فعل الضوضاء بدلاً من استخدام التعبيرات الأقل وضوحاً وتحديداً، والأمر بسيط ولا يحتاج الى جهد كبير آخذين بنظر الاعتبار ما ورد في الفقرة (ج) فيما سبق ذكره بمعنى ان الضوضاء التي تشكل جريمة معاقب عليها في التشريعات الجنائية والقوانين المكملة لها من الضوضاء المرتفعة جداً لان الأصوات الهادئة لا تشكل لجريمة وإنما هي من ضرورات الحياة ومجرياتها أما الأصوات متوسطة الارتفاع فان أمرها يختلف حسب تأثر الأشخاص بها فمنهم لا يتأثر بها ومنهم يتأثر بها أي إنها قابلة للتأويل والتفسير .
____________________
[1]- د.مصطفى احمد شحاته، الإنسان والضوضاء وأمراض العصر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1990، ص2.
-2Risques pour la sant du faitole l'enrironnement, par loo sepecialistes de 15 days, organization mondiale la sent ,Geneve,1972,p.277.
3-المعجم الوسيط، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، 1985، باب الضاد، ص567.
-4Un ensemble de sons harmonie.
-5C'est tout ce qui est per cu par ('ouie et quin'est pas sentis comme son musical.
أشار إليهما د.داود الباز حماية السكينة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998،ص154.
6- د.مصطفى احمد، المرجع السابق، ص8.
(7)Michel Depspax: Driot de L'enrironement: Litec,1980,p.444.
8-د.فؤاد بسيوني، البشرية في دائرة التلوث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1994، ص51.
9- د.عبد الوهاب محمد عبد الوهاب، المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، القاهرة، 1994، ص169.
10- ادور جورج حنا، المتغيرات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالتلوث الضوضائي على العاملين بمهبط ميناء القاهرة الجوي، رسالة ماجستير، معهد الدراسات والبحوث البيئية، قسم الدراسات الإنسانية، جامعة عين شمس، 1988،ص1.
11- د. مصطفى احمد شحاته، المرجع السابق، ص1.
12- نوار دهام، الحماية الجنائية للبيئة ضد أخطار التلوث، اطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، 7199 ، ص74.
13- مصطفى احمد شحاته، المرجع السابق، ص3.
14- احمد فؤاد باشا، الإنسان ومشكلة التلوث والضوضاء، جامعة الأزهر، القاهرة، 1982، ص1208.
15- داود الباز، المرجع السابق، ص162.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|