أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
1934
التاريخ: 2024-03-08
940
التاريخ: 20-3-2016
2057
التاريخ: 30-1-2021
8385
|
يكون الفرد فقيرا اذا كان مازال في حاجة الى العناصر المعيشية الاساسية اللازمة لوجوده المادي وسلامة بقائه ويمكن تحديد معنى الفقر اذا تمكنا ان نحدد المستوى الادنى للمعيشة ونميزه بخط وهمي يسميه البعض (خط الفقر) ويتدرج تحت هذا الخط جميع الاشخاص الذين لا يمكن دخلهم المتواضع في الوصول الى هذا المستوى الادنى وهذه هي الطريقة التي اتبعها دارسي البحث الاجتماعي في هذا المجال لتحديد معالم الانسان الفقير وتحديد الدرجات المتفاوته للفقر(1). ان مفهوم الفقر وبصفه عامة وبنطاق واسع يعتمد على درجة المدنية والتحضر في المجتمع وعندما نميز الطبقة بالنسبة الى الفقر يجب ان نوافق على عدم وجود تعريف موحد للفقر وقد يعرف الفقر النسبي بانه متوسط الدخل الفردي الذي تحصل عليه النسبة المئوية الدنيا للسكان في مجتمع ما(2). والفقر باعتباره الحالة التي لا يكفي فيها دخل الاسرة عن اشباع حاجاتهم الاساسية المتغيرة للمحافظة على ثباتها المادي والنفسي والاجتماعي تؤدي الى نتائج خطيرة على الصحة ونوع الثقافة السائدة في حياة الاسرة، وما يتوافر لها من فرص التعليم والفقر قبل كل شيء اخر هو الذي يحرم الاسرة من المشاركة الاجتماعية بصفه خاصة في الحالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية(3). يؤمن المشرع العربي الحديث بان ثمة علاقة وثيقة عريقة بين الفقر والجريمة بشكل عام والجرائم الواقعة على الاموال بشكل خاص، ويبدو اثر ذلك في التشريعات القائمة في معظم الأقطار العربية، التي تهدف الى محاربة الفقر بوجه عام كما يبدو اثر ذلك في السياسة العامة للدولة، التي تقوم على التنمية الاقتصادية ومضاعفة الدخل القومي، و زيادة الرقعة المزروعة والتوسع في التصنيع وهي كلها امور تهدف في النهاية الى رفع مستوى المعيشة او بعبارة اخرى القضاء على الفقر واقتلاعه من جذوره الاصلية والى جانب هذه السياسة بعيدة المدى فان الدولة لم تهمل شان المساهمة في القضاء على الفقر والعوز والفاقة بتقديم المساعدة للأسر الفقيرة ولكن هذه المساعدة محدودة بنطاق الذي تفرضه الموارد المالية ومن هنا تبرز خطورة العبء الذي يجب ان تضطلع به المؤسسات الشعبية والجهود الاهلية في هذا السبيل(4). ومما هو جدير بالذكر ان العوامل التي توقظ الميل الى السرقة وترتب علية مفعوله عديدة وان اولها واهمها هو عامل الشعور بالحاجة، ولا يقاس هذا الشعور بمعيار مادي بل يتوقف على التقدير الشخصي للمجرم نفسه ومدى ما يطمح اليه من متع مادية او من متع غير مادية ولكنها تتطلب المادة وسيلةً للحصول عليها مثل المتعة بالنساء ومن منبهات الميل الى السرقة كذلك تعاطي الخمر ولو لم يقضِ الى السكر والايحاء الذاتي الناشئ من العشرة السيئة والمثل السيء ومن الصحف والسينما كما ان الميل الى السرقة كما يفضي الى النوع البسيط منها يؤدي كذلك الى السرقة بطريق الاكراه والى النصب وغيره من جرائم الاعتداء على الاموال بصفة عامة. وتشير نتائج البحث الميداني الذي اقيم لدراسة جريمة السرقة في بغداد ان عامل الافلاس والحاجة الاقتصادية من اهم العوامل المسؤولة عن ارتكاب جرائم السرقة في بغداد، فقد ظهر ان 74% من مجموع المحكوم عليهم بهذه الجريمه، ان فقرهم وعوزهم وافلاسهم هو الذي دفعهم الى القيام بالسرقات التي قادت بهم الى السجن وترجع حاجة هؤلاء السراق المحكومين الى المادة والاموال الى عدة عوامل منها قلة رواتبهم واجورهم بسبب الوظائف والاعمال غير المربحة التي كانوا يزاولونها وكبر حجم عوائلهم وسوء تنظيم التوازن بين مدخولاتهم ومصروفاتهم و إن معظم هؤلاء يعانون من مستوى ثقافي منخفض وتردي ظروفهم المعيشية والسكنية، وهبوط مستوياتهم الاجتماعية والخلقية وتحلل قيمهم ومقاييسهم ومثلهم الاجتماعية وتفكك سلوكهم وعلاقاتهم الاجتماعية(5). كما توصل مركز البحوث و التطوير في وزارة الداخلية الذي تناول في الدراسة والبحث الى ظاهرة سرقة السيارات في القطر، ((ان من الاسباب الرئيسة التي دفعت القائمين بهذا السلوك المنحرف عدم قدرتهم على الزواج واندفاعهم لتطمين غريزتهم الجنسية بأشكال غير مشروعة وفي مقدمتها سرقة السيارات، لمعالجة هذا الموقف وخاصه ان معظم هؤلاء المجرمين من مستويات علمية متدنية، فضلا عن كون معظم هؤلاء 84% من مجموع افراد العينة قد فقدوا احد الوالدين او كليهما، وان الاسباب الاساسية التي دفعتهم لارتكاب هذه الجرائم هي الظروف الاجتماعية والاقتصادية من جراء الحصار المفروض على العراق واستمراره مدةً طويلة وتاثيره في الوضع الاقتصادي مما دفع العناصر المنحرفة لارتكاب انواع مختلفة من جرائم السرقة على الاموال والسيارات وغيرها)(6). ومن النتائج التي توصلت بعض الدراسات والبحوث إليها انه في فترات الرفاه ينخفض معدل بعض الجرائم ويزداد في فترات الكساد ومنها جرائم السرقة، وتهريب النقد والمساس بالشرف حيث ان هنالك طائفة اخرى من الجرائم يزداد معدلها في فترات الرخاء وتنخفض في فترات الكساد مثل جرائم الاعتداء على الأشخاص. قد يتبادر الى الذهن للوهلة الاولى ان الجرائم التي ترجع الى العوامل الاقتصادية هي جرائم الاموال، التي تدفع اليها فقر المجرم او حاجته ولكن هذا القول غير سليم. فمن ناحية لا تقتصر الجرائم التي ترجع الى عوامل اقتصادية على جرائم الاموال وانما تمتد الى جرائم كثيرة اخرى، كجرائم الاعتداء على الاشخاص وجرائم الاعتداء على العرض والجرائم الاقتصادية ومن ناحية اخرى فان الدوافع الاقتصادية الى الجرائم لا تقتصر على الفقر والحاجة بل قد يكون الميل الى الجشع والنهب وقد تكون الرغبة في الاستمتاع بمزيد من الرخاء او مزيد من متع الحياة. ليس من شك في ان الكثير من جرائم الاموال ترجع الى دوافع اقتصادية فالأنسان لا يستطيع ان يشبع حاجته المادية بطريق شريف الا اذا مكنته حالته الاقتصادية من ذلك فاذا عجز عن اشباع حاجاته الضرورية عن هذا الطريق فانه قد يلجأ الى سبيل غير مشروع فيرتكب جرائم الاعتداء على الاموال واهم ما يرتكب في هذه الحالة جرائم السرقة(7). ولكن جرائم الاموال قد لا يكون الدافع اليها هو الرغبة في اشباع الحاجة بل الرغبة في استغلال حاجة الغير ويتسع المجال امام هذا الدافع في الازمات الاقتصادية حين يقل وجود بعض السلع ويتسارع الناس على شرائها فيلجأ المجرم الى بيعها بأسعار تزيد على التسعيرة الرسمية او الى غش هذه السلع او تزوير الاذن باستيرادها. كذلك قد يلجأ المجرم الى الاحتيال على المجني عليه فيحصل منه بعد ايهامه بانه يستطيع ان يحصل على سلعة غير موجودة. كذلك قد يكون الدافع الاقتصادي الى ارتكاب جرائم الاموال ليس هو الفقر والحاجة انما هو الرغبة في تحقيق مزيد من الرخاء والحصول على وسائل للترف والرفاهية ومن امثلة ذلك ان كثيراً من المجرمين يكون لديهم من الموارد ما يكفيهم لا شباع حاجاتهم المادية الضرورية او ما يزيد على ذلك فيتطلعون الى تحقيق مستوى اعلى من الرخاء فيقدمون على ارتكاب جرائم الاموال لشراء وسائل ترفيه واكثر ما تكون هذه الجرائم وقوعا من قبل الشباب الذي يدفعه الطموح غير المشروع الى ارتكابها، وقد لوحظ خلال الحرب العالمية الاولى عندما التحق كثير من الشباب بالمصانع الحربية مقابل اجور مرتفعة ان نسبة الاجرام قد ارتفعت(8). كما دلت الاحصاءات الجنائية في دول كثيرة وعلى راسها فرنسا وانكلترا والمانيا ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية كالقمح مثلا يترتب عليه زيادة نسبة ارتكاب بعض الجرائم وبصفة خاصة السرقة(9). وتفسير ذلك فيما يتعلق بزيادة نسبة جرائم السرقة ان ذوي الدخل المحدود وهم العمال غالبا يعجزون عن اشباع احتياجاتهم الكاملة من هذه المواد بالطرق المشروعة فيلجا كثير منهم الى السرقة لتوفير وسيلة إشباع هذه الاحتياجات ومن ناحية اخرى فان ارتفاع هذه السلع يترتب عليه نقص في حجم الطلب عليها فيقل تصريف المعروض منها مما يترتب عليه قلة ربح المنتجين لها فيعمدون الى الإقلال من الإنتاج حتى يتناسب المعروض من الطلب عليه وقلة الإنتاج تعني الاستغناء عن بعض العمال فيتعرض هؤلاء للبطالة والبطالة تعتبر عاملا دافعا إلى ارتكاب جرائم السرقة. ومن البحوث التي حاولت تفسير العلاقة بين الفقر وجريمة السرقة تلك التي قام بها العالم الإيطالي F.di verce ، الذي اثبت ان الطبقة الفقيرة في ايطاليا وكانت تبلغ نسبة 60% من مجموع الشعب، كانت مصدر نسبة تتراوح بين 85-90% من المجرمين المحكومين عليهم، والعالم الهولندي W.Bonger يقول ان الفقر من اهم مصادر الجريمة بسبب ما يأتي عنه من نزاع لا حد له، ثم يضيف ان الفقراء يقعون في الجريمة لكثرة ما يستهلكون من المشروبات الكحولية(10).
________________________
1-د . طه ابو الخير ، منير العصره ، انحراف الاحداث في التشريع العربي والمقارن، الاسكندرية، 1961م، ص307.
2-قصي قاسم الكيليدار، قياس مستوى المعيشة في العراق، ضمن حدود الفقر ومستوى الكفاية ومستوى الرفاهية، اطروحة ماجستير، بغداد، 1990، ص25.
3-د. محمود حسن ، مشكلات الاسرة ، القاهرة 1967، ص 75 .
4- د. طه ابو الخير، مصدر سابق، ص31.
5- الدكتور مازن بشير، د.احسان محمد الحسن، السرقة كمشكلة اجتماعية، بغداد، 1983،وزارة الداخلية ، مديرية الشرطة العامة ص27-29 .
6- د. مازن بشير محمد واخرون، ظاهرة سرقة السيارات، المشكلة والحلول المقترحة ، وزارة الداخلية، مركز البحوث والتطوير بغداد، 1995، ص41-45.
7- د. فوزية عبدالستار، مبادئ علم الاجرام والعقاب، القاهرة،1973، ص179.
8 - د.فوزية عبدالستار، نفس المصدر السابق ، ص181.
9- د.فوزية عبدالستار، مصدر سابق ، ص 187.
10- د.حسن الساعتي، علم الجريمة، القاهرة، 1966، ص128.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|