الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن فضل الله العمري
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص762-766
26-1-2016
4320
هو شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن فضل اللّه بن يحيى من نسل عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، و لذلك قيل له العمريّ؛ ولد في دمشق في ثالث شوّال من سنة 700 ه (12/6/1201 م) .
تلقّى ابن فضل اللّه العمريّ العلم على أبيه و على جماعة من العلماء في دمشق و القاهرة و الإسكندرية و الحجاز: أخذ اللغة عن أثير الدين بن حيّان و قرأ العربية (النحو) على كمال الدين بن قاضي شهبة و شمس الدين بن مسلم، و تفقّه على شهاب الدين بن المجد عبد اللّه و برهان الدين الفزاريّ (العزازي!) و تقيّ الدين ابن تيميّة، و قرأ أصول الفقه على شمس الدين الاصفهاني، و درس العروض على شمس الدين بن الصائغ و علاء الدين الوداعي، و قد قرأ على الوداعيّ عددا من دواوين العرب أيضا.
و كان كثير من آل فضل اللّه العمريّ في خدمة الدولة، و كان أبوه كاتبا للسر في القاهرة فباشر هو كتابة السر نيابة عن أبيه. ثمّ بدرت منه بادرة غلظة فعزل من منصبه ثمّ أبعد الى دمشق. و قد عاد الى منصبه ثمّ عزل منه و بقي بطّالا حتّى مات بالطاعون في دمشق، في تاسع ذي الحجّة من سنة 749 ه (1/3/1349 م) .
كان ابن فضل اللّه العمريّ أديبا بارعا يجيد الترسّل و ينظم شعرا رقيقا، و كذلك كان عالما له في الجغرافية خاصّة علم و مقدرة لم يبلغ إليهما أحد في عصره مبلغه. أمّا نثره الفنّيّ فعامّ أنيق يستند الى اللفظ لا محصّل تحته. غير أن له نثرا مرسلا يصرّفه في آثاره العلمية من تاريخيّة و جغرافية و أدبية. ثمّ إنّ ألفاظه فصيحة لطيفة و عبارته جزلة متينة جميلة. و مع أنّه يتكلّف وجوه البلاغة كسائر أدباء عصره، فانّ بضاعته في التورية قليلة عاديّة. و لابن فضل اللّه العمري باع طويلة في الشعر و لكنّ شعره أقل قيمة من نثره. و في شعره وصف و غزل و نسيب و اخوانيّات يتخلّلها فكاهة و مجون. و أشعاره قصائد طوال و مقطّعات و له أراجيز و موشّحات.
و ابن فضل اللّه العمريّ ناقد و مصنّف، من كتبه: مسالك الابصار في ممالك الأمصار أو المسالك و الممالك (و هو كتاب في بضعة و عشرين مجلّدا كبيرا أريد منه في الأصل أن يكون كتابا في الجغرافية و تقويم البلدان و تقدير المسافات بينها، و لكنّه يتضمّن فصولا مبسوطة في التاريخ و التراجم و قدرا من الاشعار المختارة للجاهليين و الاسلاميين، و من الكلام على النبات و الحيوان و على شعوب الارض) -الشتويّات (رسائل في الشتاء بين ابن فضل اللّه العمري و بين نفر من علماء عصره في موضوع الشتاء) -صبابة المشتاق في البدائع النبويّة (و هي بديعيّات له: قصائد في مدح محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه[وآله] و سلّم) -فواضل السمر في فضائل آل عمر (ابن الخطّاب) -الدعوة المستجابة-رسالة تشتمل على كلام جمليّ! ! في أمر مشاهير ممالك الفرنج عباد الصليب في البرّ دون البحر في إقليمي الشرق و مصر في أيام نور الدين زنكي و أواخر الدولة العبيدية (1) في مصر) -النبذة الكافية في معرفة الكتابة و القافية-الدرر الفرائد في مختصر قلائد العقيان.
و لابن فضل اللّه العمري كتاب «التعريف بالمصطلح الشريف» و فيه قوانين الإنشاء )أي ما يحتاج اليه الكاتب الموظّف في ديوان الانشاء من المعارف النظرية و العملية) ، و هو سبعة أقسام: ففي الأقسام الأربعة الأولى كلام على أنواع المكاتبات )الرسائل) و العهود و التقليدات )الخطب و الرسائل المتعلّقة بتولية كبار الموظّفين كالقضاة و الوزراء) و الوصايا و الأيمان التي تحلف بها الأمم المختلفة مع كلام على الألقاب و المخاطبات التي تفتتح بها الرسائل و تختتم. و في هذه الأقسام أيضا نماذج كثيرة من الرسائل في الموضوعات المختلفة و الأجوبة عليها ممّا كان يدور بين سلاطين المماليك أنفسهم أو بين سلاطين المماليك و بين غيرهم من الملوك. و أمّا القسمان الخامس و السادس ففيهما كلام على الجغرافية: على البلاد المختلفة و ما فيها من المناطق و المدن و القلاع و غيرها و على الطرق بين المدن و مسافاتها و ما عليها من مراكز البريد (محطّات نقل الأخبار و الأشخاص و الأشياء ممّا يتعلّق بالدولة) . و في القسم السابع معارف عامّة يحتاج إليها الموظّف في ديوان الإنشاء كأقسام الأراضي و الأزمنة و كالكواكب و آلات القتال و الصيد و أدوات العمل كالموازين و الآلات الموسيقية و أدوات اللعب و السكر و أنواع الحيوان الأليف و الوحشيّ كأحوال الجوّ من السحاب و الرياح و الأمطار و غير ذلك.
مختارات من آثاره:
- روى ابن شاكر الكتبي (فوات الوفيات 1:11) أبياتا حائية رقيقة لابن فضل اللّه العمري يقلّد فيها أبيات مهيار الديلمي: «يا نسيم الصبح من كاظمة» (انظر، فوق، ص 99) . يقول ابن فضل اللّه العمري:
سل شجيّا عن فؤاد نزحا... و خليّا فيهم كيف صحا (2)
و محبّا لم يذق بعدهمُ... غير تبريح به ما برحا (3)
مزج الدمع بذكرى لهمُ... مثل خدّي من سقاه القدحا (4)
زاره الطيف؛ و هذا عجبٌ... شبح كيف يلاقي شبحا (5)
- و من نثره اللفظي الأنيق (فوات الوفيات 2:263) في وصف ابن العفيف التلمساني (الشابّ الظريف، فوق، ص 657) :
«نسيم سرى و نعيم جرى و طيف، لا بل أخفّ موقعا منه في الكرى (6). لم يأت الاّ بما خفّ على القلوب و بريء من العيوب. رقّ شعره فكاد أن يشرب، و دقّ فلا غرو للقضب أن ترقص و للحمام أن يطرب. و لزم طريقة دخل فيها بلا استئذان، و ولج القلوب (7) و لم يقرع باب الآذان. و كان لأهل عصره و من جاء على آثارهم افتتانا بشعره-و خاصّة أهل دمشق فانّه بين غمائم حياضهم ربا، و في كمائم رياضهم حبا، حتّى تدفّق نهره و أينع زهره (8). و قد أدركت جماعة من خلطائه لا يرون عليه تفضيل شاعر و لا يرون له شعرا الاّ و هم يعظّمونه كالمشاعر: لا ينظرون له بيتا الاّ كالبيت (9)، و لا يقدّمون عليه سابقا. . . . . .»
- و قال في وصف الأهرام من النثر المرسل:
«و من ذلك الأهرام في مصر، و أجلّها الهرمان بجيزة مصر. و قد أكثر الناس القول في سبب ما بنيا له، فقيل: قبور و مستودع مال و كتب؛ و قيل: ملجأ من الطوفان، و هو أبعد ما قيل فيهما لأنّها ليست شبيهة بالمساكن. و أقربها الى الصحّة-و اللّه أعلم-أنّها إمّا هياكل كواكب و امّا قبور. و لقد فتح أكبرها في زمان المأمون حين قدم مصر فلم يظهر منه ما يدلّ على ما وضع له. و على ألسنة الناس أنّه وجد ذهبا فوزنه و حسب مقدار ما أنفقه فوجده سواء بسواء لا يزيد أحدهما على الآخر بشيء-لعلمهم السابق أنّه سينفق عليه مثل هذا المقدار. و وجدت هذا في كثير من الكتب فراجعت التواريخ الصحيحة و الكتب المسكون إليها فلم أجد المأمون وجد به شيئا و لا استفاد، زائدا عمّا يعلم به الناس، علما.
و أدلّ الأدلّة على أنّ أحدهما هيكل بعض الكواكب أن الصابئة (10) كانت تأتي حقيقة تحجّ الواحد و تزور الآخر و لا تبلغ به مبلغ الأوّل في التعظيم. و اللّه أعلم بحقيقة أمرها و جليّة أحوالها.
و هي أشكال لهبيّة (11)، كأنّ كلّ هرم لهبة سراج: آخذة في أسافلها على التربيع مسلوبة في عمود الهواء آخذة في الجوّ حتّى الى التثليث (12). و لو لا استدارة سفل أبلوج السكّر (13) لشبّهناها به. و يحتمل أن يكون هذا الشكل موضوعا لبعض الكواكب لمناسبة اقتضته. . . . .»
_____________________
1) (جملي: موجز )! . الدولة العبيدية (الفاطمية) .
2) الشجي: الحزين. نزح: ابتعد. الخلي: الذي لم يعرف الحب بعد. كيف صحا (كيف لا يزال صاحيا، لم يعرف الحب بعد!)
3) التبريح: التعذيب. ما برح، لا يزال، دائم.
4) مثل خدي من سقاه القدح (من سقاه كأس الحب: من تيمه بحبه) : دمعي مثل خدي المحبوب (أحمر كالدم) -كناية عن كثرة البكاء.
5) الطيف: الخيال يرى في المنام.
6) سرى: سار (انتشر) ليلا. الكرى: النوم.
7) لا غرو: لا عجب. القضب جمع قضيب: الغصن. ولج: دخل.
8) الافتتان: الاعجاب. الغمائم جمع غيمة؛ السحابة. الحياض: أحواض الماء. ربا: تربى، نشأ. الكمائم جمع كمامة: الأوراق الخضر التي تكون فيها الزهرة قبل أن تتفتح. حبا: زحف (الطفل) على بطنه (نشأ صغيرا) . أينع الثمر: نضج (لا تستعمل للزهر) .
9) لا ينظرون له بيتا (من الشعر) الا كالبيت (كما ينظرون الى البيت العتيق) الكعبة: يرفعون قدره.
10) الصائبة فرقة من أهل العراق تعظم النجوم.
11) شكل لهبي أو هرمي أو مخروط (جسم قاعدته واسعة ثم يضيق كلما علا حتى ينتهي الى نقطة) .
12) و الجسم اللهبي لا يكون له أقل من ثلاثة جوانب سوى القاعدة.
13) أبلوج (بضم الهمزة) السكر: قالب السكر: جسم مستدير قاعدته أوسع قليلا من رأسه.
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
