أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2016
3888
التاريخ: 27-09-2015
10384
التاريخ: 26-06-2015
2326
التاريخ: 10-04-2015
2654
|
هو شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن فضل اللّه بن يحيى من نسل عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، و لذلك قيل له العمريّ؛ ولد في دمشق في ثالث شوّال من سنة 700 ه (12/6/1201 م) .
تلقّى ابن فضل اللّه العمريّ العلم على أبيه و على جماعة من العلماء في دمشق و القاهرة و الإسكندرية و الحجاز: أخذ اللغة عن أثير الدين بن حيّان و قرأ العربية (النحو) على كمال الدين بن قاضي شهبة و شمس الدين بن مسلم، و تفقّه على شهاب الدين بن المجد عبد اللّه و برهان الدين الفزاريّ (العزازي!) و تقيّ الدين ابن تيميّة، و قرأ أصول الفقه على شمس الدين الاصفهاني، و درس العروض على شمس الدين بن الصائغ و علاء الدين الوداعي، و قد قرأ على الوداعيّ عددا من دواوين العرب أيضا.
و كان كثير من آل فضل اللّه العمريّ في خدمة الدولة، و كان أبوه كاتبا للسر في القاهرة فباشر هو كتابة السر نيابة عن أبيه. ثمّ بدرت منه بادرة غلظة فعزل من منصبه ثمّ أبعد الى دمشق. و قد عاد الى منصبه ثمّ عزل منه و بقي بطّالا حتّى مات بالطاعون في دمشق، في تاسع ذي الحجّة من سنة 749 ه (1/3/1349 م) .
كان ابن فضل اللّه العمريّ أديبا بارعا يجيد الترسّل و ينظم شعرا رقيقا، و كذلك كان عالما له في الجغرافية خاصّة علم و مقدرة لم يبلغ إليهما أحد في عصره مبلغه. أمّا نثره الفنّيّ فعامّ أنيق يستند الى اللفظ لا محصّل تحته. غير أن له نثرا مرسلا يصرّفه في آثاره العلمية من تاريخيّة و جغرافية و أدبية. ثمّ إنّ ألفاظه فصيحة لطيفة و عبارته جزلة متينة جميلة. و مع أنّه يتكلّف وجوه البلاغة كسائر أدباء عصره، فانّ بضاعته في التورية قليلة عاديّة. و لابن فضل اللّه العمري باع طويلة في الشعر و لكنّ شعره أقل قيمة من نثره. و في شعره وصف و غزل و نسيب و اخوانيّات يتخلّلها فكاهة و مجون. و أشعاره قصائد طوال و مقطّعات و له أراجيز و موشّحات.
و ابن فضل اللّه العمريّ ناقد و مصنّف، من كتبه: مسالك الابصار في ممالك الأمصار أو المسالك و الممالك (و هو كتاب في بضعة و عشرين مجلّدا كبيرا أريد منه في الأصل أن يكون كتابا في الجغرافية و تقويم البلدان و تقدير المسافات بينها، و لكنّه يتضمّن فصولا مبسوطة في التاريخ و التراجم و قدرا من الاشعار المختارة للجاهليين و الاسلاميين، و من الكلام على النبات و الحيوان و على شعوب الارض) -الشتويّات (رسائل في الشتاء بين ابن فضل اللّه العمري و بين نفر من علماء عصره في موضوع الشتاء) -صبابة المشتاق في البدائع النبويّة (و هي بديعيّات له: قصائد في مدح محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه[وآله] و سلّم) -فواضل السمر في فضائل آل عمر (ابن الخطّاب) -الدعوة المستجابة-رسالة تشتمل على كلام جمليّ! ! في أمر مشاهير ممالك الفرنج عباد الصليب في البرّ دون البحر في إقليمي الشرق و مصر في أيام نور الدين زنكي و أواخر الدولة العبيدية (1) في مصر) -النبذة الكافية في معرفة الكتابة و القافية-الدرر الفرائد في مختصر قلائد العقيان.
و لابن فضل اللّه العمري كتاب «التعريف بالمصطلح الشريف» و فيه قوانين الإنشاء )أي ما يحتاج اليه الكاتب الموظّف في ديوان الانشاء من المعارف النظرية و العملية) ، و هو سبعة أقسام: ففي الأقسام الأربعة الأولى كلام على أنواع المكاتبات )الرسائل) و العهود و التقليدات )الخطب و الرسائل المتعلّقة بتولية كبار الموظّفين كالقضاة و الوزراء) و الوصايا و الأيمان التي تحلف بها الأمم المختلفة مع كلام على الألقاب و المخاطبات التي تفتتح بها الرسائل و تختتم. و في هذه الأقسام أيضا نماذج كثيرة من الرسائل في الموضوعات المختلفة و الأجوبة عليها ممّا كان يدور بين سلاطين المماليك أنفسهم أو بين سلاطين المماليك و بين غيرهم من الملوك. و أمّا القسمان الخامس و السادس ففيهما كلام على الجغرافية: على البلاد المختلفة و ما فيها من المناطق و المدن و القلاع و غيرها و على الطرق بين المدن و مسافاتها و ما عليها من مراكز البريد (محطّات نقل الأخبار و الأشخاص و الأشياء ممّا يتعلّق بالدولة) . و في القسم السابع معارف عامّة يحتاج إليها الموظّف في ديوان الإنشاء كأقسام الأراضي و الأزمنة و كالكواكب و آلات القتال و الصيد و أدوات العمل كالموازين و الآلات الموسيقية و أدوات اللعب و السكر و أنواع الحيوان الأليف و الوحشيّ كأحوال الجوّ من السحاب و الرياح و الأمطار و غير ذلك.
مختارات من آثاره:
- روى ابن شاكر الكتبي (فوات الوفيات 1:11) أبياتا حائية رقيقة لابن فضل اللّه العمري يقلّد فيها أبيات مهيار الديلمي: «يا نسيم الصبح من كاظمة» (انظر، فوق، ص 99) . يقول ابن فضل اللّه العمري:
سل شجيّا عن فؤاد نزحا... و خليّا فيهم كيف صحا (2)
و محبّا لم يذق بعدهمُ... غير تبريح به ما برحا (3)
مزج الدمع بذكرى لهمُ... مثل خدّي من سقاه القدحا (4)
زاره الطيف؛ و هذا عجبٌ... شبح كيف يلاقي شبحا (5)
- و من نثره اللفظي الأنيق (فوات الوفيات 2:263) في وصف ابن العفيف التلمساني (الشابّ الظريف، فوق، ص 657) :
«نسيم سرى و نعيم جرى و طيف، لا بل أخفّ موقعا منه في الكرى (6). لم يأت الاّ بما خفّ على القلوب و بريء من العيوب. رقّ شعره فكاد أن يشرب، و دقّ فلا غرو للقضب أن ترقص و للحمام أن يطرب. و لزم طريقة دخل فيها بلا استئذان، و ولج القلوب (7) و لم يقرع باب الآذان. و كان لأهل عصره و من جاء على آثارهم افتتانا بشعره-و خاصّة أهل دمشق فانّه بين غمائم حياضهم ربا، و في كمائم رياضهم حبا، حتّى تدفّق نهره و أينع زهره (8). و قد أدركت جماعة من خلطائه لا يرون عليه تفضيل شاعر و لا يرون له شعرا الاّ و هم يعظّمونه كالمشاعر: لا ينظرون له بيتا الاّ كالبيت (9)، و لا يقدّمون عليه سابقا. . . . . .»
- و قال في وصف الأهرام من النثر المرسل:
«و من ذلك الأهرام في مصر، و أجلّها الهرمان بجيزة مصر. و قد أكثر الناس القول في سبب ما بنيا له، فقيل: قبور و مستودع مال و كتب؛ و قيل: ملجأ من الطوفان، و هو أبعد ما قيل فيهما لأنّها ليست شبيهة بالمساكن. و أقربها الى الصحّة-و اللّه أعلم-أنّها إمّا هياكل كواكب و امّا قبور. و لقد فتح أكبرها في زمان المأمون حين قدم مصر فلم يظهر منه ما يدلّ على ما وضع له. و على ألسنة الناس أنّه وجد ذهبا فوزنه و حسب مقدار ما أنفقه فوجده سواء بسواء لا يزيد أحدهما على الآخر بشيء-لعلمهم السابق أنّه سينفق عليه مثل هذا المقدار. و وجدت هذا في كثير من الكتب فراجعت التواريخ الصحيحة و الكتب المسكون إليها فلم أجد المأمون وجد به شيئا و لا استفاد، زائدا عمّا يعلم به الناس، علما.
و أدلّ الأدلّة على أنّ أحدهما هيكل بعض الكواكب أن الصابئة (10) كانت تأتي حقيقة تحجّ الواحد و تزور الآخر و لا تبلغ به مبلغ الأوّل في التعظيم. و اللّه أعلم بحقيقة أمرها و جليّة أحوالها.
و هي أشكال لهبيّة (11)، كأنّ كلّ هرم لهبة سراج: آخذة في أسافلها على التربيع مسلوبة في عمود الهواء آخذة في الجوّ حتّى الى التثليث (12). و لو لا استدارة سفل أبلوج السكّر (13) لشبّهناها به. و يحتمل أن يكون هذا الشكل موضوعا لبعض الكواكب لمناسبة اقتضته. . . . .»
_____________________
1) (جملي: موجز )! . الدولة العبيدية (الفاطمية) .
2) الشجي: الحزين. نزح: ابتعد. الخلي: الذي لم يعرف الحب بعد. كيف صحا (كيف لا يزال صاحيا، لم يعرف الحب بعد!)
3) التبريح: التعذيب. ما برح، لا يزال، دائم.
4) مثل خدي من سقاه القدح (من سقاه كأس الحب: من تيمه بحبه) : دمعي مثل خدي المحبوب (أحمر كالدم) -كناية عن كثرة البكاء.
5) الطيف: الخيال يرى في المنام.
6) سرى: سار (انتشر) ليلا. الكرى: النوم.
7) لا غرو: لا عجب. القضب جمع قضيب: الغصن. ولج: دخل.
8) الافتتان: الاعجاب. الغمائم جمع غيمة؛ السحابة. الحياض: أحواض الماء. ربا: تربى، نشأ. الكمائم جمع كمامة: الأوراق الخضر التي تكون فيها الزهرة قبل أن تتفتح. حبا: زحف (الطفل) على بطنه (نشأ صغيرا) . أينع الثمر: نضج (لا تستعمل للزهر) .
9) لا ينظرون له بيتا (من الشعر) الا كالبيت (كما ينظرون الى البيت العتيق) الكعبة: يرفعون قدره.
10) الصائبة فرقة من أهل العراق تعظم النجوم.
11) شكل لهبي أو هرمي أو مخروط (جسم قاعدته واسعة ثم يضيق كلما علا حتى ينتهي الى نقطة) .
12) و الجسم اللهبي لا يكون له أقل من ثلاثة جوانب سوى القاعدة.
13) أبلوج (بضم الهمزة) السكر: قالب السكر: جسم مستدير قاعدته أوسع قليلا من رأسه.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|