المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الجغرافية
عدد المواضيع في هذا القسم 12589 موضوعاً
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية البشرية
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05

feature geometry
2023-08-30
dispersion (n.)
2023-08-15
الظواهر الصوتية (الكمية)
15-4-2019
معنى لفظة آزر
31-1-2016
Theory of biosensor
20-1-2021
حكم الشك والتردد في طهارة الماء
6-12-2016


الدستور العراقي والمياه  
  
2126   03:45 مساءاً   التاريخ: 22-1-2016
المؤلف : فؤاد قاسم الأمير
الكتاب أو المصدر : الموازنة المائية في العراق وأزمة المياه في العالم
الجزء والصفحة : ص121-132
القسم : الجغرافية / الجغرافية البشرية / الجغرافية السياسية و الانتخابات /

ان الحديث عن الأمور العراقية الملحة لابد وان  أرجع إلى "الدستور العراقي"(1)، وخصوصاً بما يتعلق بالمسألة النفطية، حيث حاولت أن أوضح "التناقضات" الموجودة فيه بما يتعلق بهذه المسألة، ورغم ذلك فإن الإجراءات التي اتخذتها حكومة إقليم كردستان كانت "غير دستورية" ومعاكسة له -على الأقل بنظري وحسب تحليلي لبنوده- وكما جاء ذلك في فصول خاصة من كتابيّ "ثلاثية النفط العراقي"(2)، و"حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز"(3). لقد امتعض في حينه عدد من السادة الكرد من تحليلي وموقفي هذا، والذي كان باعتقادي - وكما أوضحت في كتبي- يصب في مصلحة الكرد قبل العرب، ويصب في الأساس في مصلحة العراقيين عموماً. وقد أثبتت الأيام صحة ما قلت من أن سياسة حكومة الإقليم النفطية الخاطئة خدمت مصالح الشركات الأجنبية وبعض المصالح الشخصية لأفراد كورد وأجانب. لقد تم فضح المصالح والمنافع الفردية أثناء السجالات التي تمت خلال الانتخابات الأخيرة لإقليم كردستان، والضجة التي أثارتها غرامات البورصة النرويجية، في أيلول 2009، على الشركة النرويجية الخاصة DNO، والتي لها "عقد مشاركة" نفطي مع حكومة الإقليم لاستثمار حقل طاووق Tawke في دهوك، وأثارت الضجة تساؤلات عديدة حول "دور" السيد وزير الثروة المعدنية في الإقليم (المسؤول عن القطاع النفطي أيضاً) فيما حدث. إضافة لذلك جاءت مقالة "ريدار فيسر Reidar Visser" في 10/10/2009، وتحت عنوان "مفاجآت جديدة لشركة DNO: أن بيتر كالبريث، وأثناء عمله في التأثير في صياغة الدستور العراقي، يحصل على حصة في حقل نفطي في دهوك"(4).

أعتقد أن من المفيد للقارئ إعطاء بعض المعلومات عن بيتر كالبريث Peter Galbraith، وعن كاتب المقال ريدار فيسر، فالأول والذي يسمى "السفير كالبريث"، هو دبلوماسي أميركي وله دور بارز في محاولة تحديد هيكلية الدولة العراقية بعد الاحتلال، وخصوصاً في تركيزه على "اللامركزية" وحلول التقسيم للعراق من منطلق "تحرري وديمقراطي"ـ على حد قوله ـ. كما كان له دور كبير في التأثير في صياغة الدستور العراقي، وذلك عندما كان دبلوماسياً مهماً في السفارة الأميركية في العراق بعد الاحتلال، (وقبل ذلك في التسعينيات من القرن الماضي فلقد كان سفيراً في كرواتيا)، كما أنه كان مستشاراً لحكومة إقليم كردستان لأمور النفط والفيدرالية في فترة إعداد الدستور.

إن دور كالبريث كان واضحاً بالنسبة لمفهوم الفيدرالية في الدستور العراقي، وما يفهمه هو حول حقوق الكرد، وكذلك الأمور النفطية المتعلقة بهذا الأمر، وهو ما ثبته في الدستور العراقي، أو حاول تثبيته وظهر مشوهاً أو غير واضح نتيجة تأثير القوى السياسية الأخرى. إن هذا الأمر ليس قولي وإنما ما قاله بيتر كالبريث نفسه في كتبه ومقالاته العديدة التي نشرها في New York Review of Books، وخصوصاً بين سنوات 2004 و2008، ونقلها كاتب المقالة الطويلة المعنونة أعلاه. ولكن وكما ظهر الآن فإنه لم يقم بذلك لنشر مبادئه في "الحرية، وحقوق الإنسان، والحقوق المهضومة للشعب الكردي" وإنما ليكون شبيه السيد 5% (كولبنكيان) المعروف في تاريخ النفط العراقي، ولذا فإنه حصل على 5% من حقل طاووق. علماً أن مقالة فسر، وفضح أمر مستشار حكومة إقليم كردستان كالبريث لم تكن المقالة الوحيدة بهذا الخصوص، فلقد كتبت الفايننشال تايمز مقالة في 16/10/2009 عن الموضوع نفسه، كما قامت صحيفة بوستن كلوب بنشر تقرير صحفي طويل ومقابلة مع كالبريث حول موضوع المستشار الأميركي الذي حصل على 5% من عقد الشركة النرويجية أثناء عمله كمستشار لحكومة الإقليم، وكذلك للسفارة الأميركية أثناء إعداد الدستور العراقي، والذي أسوأ ما فيه فوضى النصوص المتعلقة بالنفط وحكم الفيدرالية والمحافظات، و"مستر 5%" كان مسؤولاً عن صياغتها.

 إضافة لذلك نشرت مقالات طويلة حول دور كالبريث في كبرى الصحف العالمية مثل النيويورك تايمز والغارديان، وكثير من الصحف العربية أو النفطية. أما كاتب المقال ريدر فسر فهو كاتب نرويجي (هولندي الأصل) مهتم بالشأن العراقي، وبالأخص ما يتعلق بالفيدرالية، وأصدر كتابه القيم "البصرة، الدولة الخليجية الفاشلة: الانفصالية والوطنية في جنوب العراق"، وذلك في سنة 2005، وترجمته دار الجمل ونشرته في 2008 تحت عنوان: "البصرة وحلم الجمهورية الخليجية". وكذلك أصدر كتابه "عراق لأقاليمه: هل هي أحجار أساس لفيدرالية ديمقراطية" وذلك في سنة 2007، وكتابه "شيعة العراق: جذور الحركة الفيدرالية"، والذي صدر له في 2007 وترجم إلى العربية من قبل معهد الدراسات الاستراتيجية في أربيل. ونرجع إلى موضوعنا حول الدستور والمياه . . .

إن الموقف "الحالي" المتعلق بالموازنة المائية يختلف عن الموقف المتعلق بالمسألة النفطية، إذ أن دور الشركات الأجنبية غير موجود أو محدود جداً، رغم أن الدور "الأجنبي" موجود وحاضر. إضافة لذلك  فإن "المنفعة الشخصية" قليلة الأهمية مقارن بالمسألة النفطية، حيث أن هناك ـ في المسألة النفطية- ملايين بل مليارات الدولارات فوق طاولة النقاش!. إضافة لذلك فإن مسألة المياه لا تزال في أولها، كما أن تناقضاتها لم تبرز لحد الآن وسوف لا تبرز بوضوح إلاّ في الفترات المقبلة، المتوقع فيها الجفاف، وذلك خلال العقدين أو الثلاث القادمة. ولكن وكما رأينا في الفصل السابق من هذه الدراسة أن مسألة المياه وشحتها واحتمالات الجفاف مسألة خطيرة وملحة ويجب معالجتها الآن، إذ لو كانت تركيا قد نفذت مشاريعها على دجلة لوجدنا خلافاً كبيراً بين إقليم كردستان وجنوب العراق حول  حصص المياه، ولوجدنا الآن "معارك" قد تصل إلى حد الاقتتال بين المحافظات الجنوبية نفسها، وكذلك بين العشائر العربية الممتدة من الموصل إلى البصرة.

إن الخلافات و"المعارك" بين مختلف الأقطار العربية بسبب المياه أمر متوقع خلال العقود القليلة القادمة، وتجده مكتوباً في كل النشرات والكتب والمواقع المتعلقة بالمياه، والتي تسمّي الحروب القادمة، "حروب المياه"، وهذا ما سوف نتطرق له لاحقاً.

في الواقع إن الوضع المائي، لهذه السنة 2009، جعل مسألة النزاع بين محافظات وعشائر الفرات الجنوبية أمراً واقعاً، كما  أشرنا إليه في مقدمة هذه الدراسة. وهذا الأمر ليس بالجديد في العراق، وكان يحدث حتى في سنوات وعقود توفر المياه، فلو نظرنا إلى معدلات القتل والاغتيالات في الريف العراقي، بضمنها سنوات وفرة المياه، نراها تزداد وترتفع في فترات السقي، لأسباب تتعلق بالتجاوز على الحصة المائية أو أخذ الأولوية في السقي، وغيرها من الأمور التي يمكن حلها رضائياً من خلال النقاش والحوار وليس عن طريق السلاح والقتل.

يعتقد العديد من المؤرخين أن الحضارات الأولى القديمة التي شيدت على الأنهار كمصدر أساسي للمياه وللحضارة، مثل حضارات بلاد ما النهرين ومصر والهند والصين (والتي تسمى عموماً بالحضارات الشرقية)، كانت ذات طابع مركزي قوي ودكتاتورية قاسية، خلافاً لما يسمى "الحضارة الغربية القديمة"، مثل حضارتي اليونان والرومان اللتين اعتمدتا على الأمطار أكثر من الأنهار. إن السبب في ذلك ـ كما يقول هؤلاء المؤرخون ـ، أن الأنهار تحتاج إلى عمل جماعي في صيانتها وتوزيع مياهها وبناء سدودها وخزاناتها وفتح جداولها، والحماية من فيضاناتها، وأن العمل الجماعي القسري، (السُخرة)، يحتاج إلى حكومة مركزية قوية، وحكم دكتاتوري لفرض متطلبات هذا العمل.

 وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذه المقولة، فإن من الواضح أن الأمر يختلف حالياً، حيث يمكن التوصل إلى الحلول الناجعة، وبلغة تفاهم مشتركة خصوصاً بين أبناء الوطن الواحد، أو حتى الدول المجاورة. ولكن هذا الأمر قد يختلف ويكون معقداً خلال العقود القادمة، والتي يتوقع لها أن تكون جافة وخصوصاً في منطقتنا، وأن الأمر سيزداد تعقيداً في حالة وجود حكومات غير رصينة وضمن توازن قوى غير موجود، مما قد يؤدي إلى صراعات عسكرية، ونزاعات اجتماعية قد تكون عنيفة.

إن الحديث الآن عن المياه في الدستور العراقي، لا يعني وجود مشكلة دستورية أو سياسية في الوقت الحاضر، إذ حسب المعلومات المتوفرة لدينا لا يوجد حالياً مثل هذا الإشكال. ولكن وكما نعرف فإن مدخل دجلة، وأهم الروافد الرئيسية له، تمر في أراضي إقليم كردستان، كما وأن جزءاً كبيراً من مياه الروافد هي من أمطار وثلوج الإقليم. إن المشاريع التركية في دجلة تؤثر بشكل كبير على مياه العراق، وبضمنه الإقليم، كما وأن المشاريع العراقية على دجلة تحددها الدراسات الفنية والاقتصادية بغض النظر عن موقعها. ولذا فإن موقع بناء السدود ليس بالأمر المهم، إذا كانت ضمن الضوابط الدستورية والاقتصادية والفنية. من هنا ارتأيت أن أذكر المواد الدستورية المتعلقة بدولة العراق الفيدرالية، مع تأكيدي على أن الحديث عن الموضوع الآن، هو لوضع حد للأفكار الشوفينية العربية أو الكردية أو التركمانية، وتجنب الصيد في "الماء العكر"، إذ أن العقود المقبلة ستكون حبلى بمشاكل المياه وقد نتحسر فيها حتى على "الماء العكر"، كما وأن علينا عدم تضييع الوقت واتخاذ الإجراءات اللازمة الآن. وإذا كانت الحكومة الفيدرالية/المركزية عاجزة، لسبب أو لآخر، بالقيام بمسؤوليتها في هذه المسألة الحيوية، والتي قد تكون أهم المسائل التي تخص العراقيين طراً، فإن ذلك لا يعني أن نقف حجر عثرة في قيام حكومة الإقليم في تنفيذ مسؤوليتها التاريخية تجاه الكرد، وبالتالي العراق، للمضي في مشاريع الري والزراعة، بل علينا أن نشجع ذلك وندعمه، وبنفس الوقت نبين رأينا في طريقة العمل.

ولعل الحادثة التي سأذكرها هنا تعتبر أمراً بسيطاً، ولكن قد تكون مؤشراً لما قد يحدث بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم (والمحافظات غير المرتبطة بإقليم)، خصوصاً في وقت شحة حقيقية للمياه. ينقل موقع "ينابيع العراق" في 4/11/2009 وتحت عنوان: "اقتطاع أكثر من 300 مليار دينار ـ حوالي 255 مليون دولار ـ من حصة إقليم كردستان بحجة إنشاء سد بخمة"، وذلك بأن رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب وعضو قائمة التحالف الكردستاني إسماعيل شكر إسماعيل، أفاد بتصريح خاص لوكالة "بياميز" وراديو "زاكروس"، أن قائمة التحالف الكردستاني لديها تحفظات على مشروع قانون الميزانية لعام 2010، والذي أرسلته الحكومة العراقية إلى مجلس النواب، وأولى التحفظات هي ما جاء حول النفقات السيادية حيث ينص القانون المقترح على اقتطاع (300) مليار دينار من حصة إقليم كردستان من الميزانية العامة بسبب إنشاء سد بخمة ... وذلك لأن سد بخمة مشروع استراتيجي ويجب أن تكون نفقاته ضمن النفقات الفيدرالية.

وثاني التحفظات هي المادة (17) من الفقرة الرابعة التي تم إضافتها إلى قانون الميزانية لهذا العام وهي تنص على أنه يحق لوزير المالية المطالبة بتعويض العراق عن خسائره، في حال قيام احد الأقاليم أو المحافظات بوقف الصادرات فيها أو التسبب بإلحاق الضرر بالقطاع النفطي العراقي، ومن الواضح أن هذه المادة يقصد بها إقليم كردستان وللتعتيم على ذلك تم الإتيان على ذكر المحافظات ـ حسب قول السيد إسماعيل شكر ـ. وأضاف السيد إسماعيل أنه التقى شخصياً وزير المالية العراقي وأوضح له عدم قانونية تلك المادة، ولكن وزير المالية أوضح أنه لا يملك الصلاحيات لإضافة أو إلغاء تلك المادة من القانون وإن وزير النفط حسين الشهرستاني هو الذي أصر على إضافة تلك المادة، وأن اللجنة القانونية هي من تستطيع حذف تلك المادة من نص القانون.

ولكن أورينوز تقول من السليمانية في اليوم الثاني، أي في 5/11/2009، وتحت عنوان: "رشيد: تنفيذ مشروع سد بخمة يحتاج لقرار سياسي من حكومة الإقليم". حيث يذكر الخبر أن السيد وزير الموارد المائية في الوزارة الفيدرالية ـ وهو أيضاً من التحالف الكردستاني ـ عبد اللطيف رشيد ، أشار في مؤتمر صحفي في مدينة السليمانية "إن إنجاز مشروع سد بخمة يتطلب قراراً سياسياً من حكومة إقليم كردستان"، ومؤكداً "استعداد وزارته للقيام بالمشروع على نفقة الحكومة الاتحادية". وأضاف "إن المشاريع التي تنفذ في إقليم كردستان وتعود بالفائدة على عموم العراق تتكفل الحكومة الاتحادية نفقاتها ـ لافتاً النظر ـ إلى أن المسؤولين في الإقليم عدوا المشروع تدخلاً في شؤونهم" ـ على حد قوله.

من الواضح أن تمويل إكمال سد بخمة هو من مسؤولية الحكومة الفيدرالية وضمن ميزانيتها، ولكن من غير الواضح ـ لي على الأقل ـ كيف أن إكمال المشروع يعتبر تدخلاً في شؤون الإقليم؟.

أما ما يتعلق بثاني التحفظات، فأعتقد أنه أضيف لسبب ظهر خلال الشهرين الماضيين، أي إثر فضيحة الشركة النفطية النرويجية وارتباط الأمر ببعض الحكوميين الكرد والمستشار الأميركي للدستور العراقي، فإن حكومة الإقليم أمرت بإيقاف تصدير النفط الذي تنتجه الشركة النرويجية!!، وعلى أية حال فإن الخبر بمجمله يرينا المشكلة مع الدستور.  وأدناه موجز بما يتعلق بالمواد الدستورية المعنية بهذا الأمر:

أولاً: إن المادة (110) تقول: تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية التالية: إذ تقول الفقرة ثامناً من هذه المادة: "تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج  العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه إليه وتوزيعها العادل داخل العراق، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية".

قد يفهم "البعض" هذه الفقرة بأن المقصود منها هو "مصادر المياه من خارج العراق فقط" ـ كما ورد حرفياً في النص ـ، وتوزيع هذه المياه توزيعاً عادلاً داخل العراق، والذي يعني أن توزيع المياه داخل العراق من اختصاصات الحكومة الفيدرالية.  كما أن هذه الفقرة مرتبطة بصلاحيات مجلس الوزراء الاتحادي (المركزي) المذكورة في المادة (80)، وبالأخص الفقرة سادساً منها، والتي تعطي المجلس المذكور صلاحية "التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتوقيع عليها أو من يخوله".

إن الفقرة رابعاً من المادة (80) المتعلقة بصلاحيات مجلس الوزراء الاتحادي (المركزي) تقول: "إعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطة التنمية".

كما وأن الفقرة سابعاً من المادة (110) المتعلقة بالاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية تقول: "وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية"، والفقرة ثالثاً من هذه الصلاحيات الحصرية للمركز تقول: "رسم السياسة المالية . . . ووضع الميزانية العامة". وبالتأكيد أنه لا يمكن وضع موازنة عامة أو خطة تنمية عامة أو خطة استثمارية عامة، ما لم تكن مصادر المياه الواردة من الخارج أو المنتجة داخل القطر، ضمن السياسة المركزية العامة حصراً وما يتبعها من ميزانية وخطط. إضافة لذلك فإن الفقرة ثانياً م المادة (110) حول الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية تقول: "وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها لتأمين وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه". من الواضح أن سياسة "الأمن الغذائي" و"منع التصحر أو إيقافه"، وتزويد البشر والأرض بالمياه هي جزء مهم من "سياسة الأمن الوطني" بل هي الأهم، ولهذا قال الدستور "بما في ذلك ...".

إذا كان الدستور قد قال حول النفط والغاز، وهما أقل أهمية بكثير من المياه عند شحتها، وذلك في المادة (111): "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات"، والذي يعني أن أية قطرة نفط أو ذرة غاز توجد في أية بقعة من العراق تعود ملكيتها إلى كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات، وبالتالي فإن من الواضح الذي لا لبس فيه، أن ما يطبق على النفط والغاز، يطبق أيضاً على المياه، بل يجب تطبيقه على المياه قبل تطبيقه على النفط والغاز.

ثانياً: المادة (114): إن المادة (114) من الدستور: تتعلق بالاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم، علماً أن هذه المادة تعامل المحافظات غير المنتظمة في إقليم معاملة الإقليم، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً عند البحث عن حلول منطقية، وذلك لوجود مشاكل جمة في دولتنا "الفيدرالية"، وهي بالتأكيد فيدرالية من طراز خاص. هذا وأن غالبية المشاكل تأتي بسبب "الطراز الخاص" للعراق الفيدرالي.

تقول الفقرة سابعاً من المادة (114) ـ السلطات المشتركة ـ، من أن صلاحيات سلطات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم هي: "رسم سياسة الموارد المائية الداخلية، وتنظيمها بما يضمن توزيعاً عادلاً لها، وينظم ذلك بقانون".

قد يكون من غير الواضح ما المقصود بهذه الفقرة، أي بما يتعلق بتسمية "الموارد المائية الداخلية"، هل المقصود منها الآبار والعيون، أو الأمطار والثلوج، أو الأمطار والثلوج التي تشكل جداولاً أو أنهاراً، تسقي المحافظة (أو الإقليم) وتنتقل إلى المحافظة العراقية الأخرى؟. هل أن كل الماء الذي يجري في مثل هذه الأنهار والروافد (ويتنقل إلى محافظات أخرى)، هو "مياه داخلية" وعلى سلطات الإقليم (والمحافظات) رسم سياستها المائية الداخلية، (وبالتأكيد تأخذ حصة الأسد منها؟)، وهو نفس سياسات الحكومة التركية السابقة حول الأنهر العمودية بين الدول، والذي سنوضحه لاحقاً. أو المقصود بما يسمى "مياه داخلية" هو ما تخصصه جهة عراقية ما من مياه من هذه الأنهر إلى ذلك الإقليم، أو تلك المحافظة تبعاً لمقاييس محددة متفق عليها؟، وهذه الجهة ـ بنظري ـ هي السلطات المركزية، والمقاييس المتفق عليها تتمثل بالقانون المشار إليه في المادة (114) أعلاه، والذي يجب أن يصدر من مجلس النواب الاتحادي، إذ قد يفسر أحد أن القانون يجب أن يصدر من الإقليم أو المحافظة ، طالما هو مذكور في "الاختصاصات المشتركة".

إن القانون المشار إليه في الفقرة سابعاً/المادة (114) لم يصدر، وهذا يشكل مشكلة. إذ أن المشكلة الأكبر هي أن الكثير من المواد الدستورية تحتاج إلى قوانين كما جاء في النصوص الدستورية، ولكن مجلس النواب العراقي لم يعر الأمر أهمية، و"انغمس" بأمور اعتقدها أهم بكثير، وهي التغيب عن الجلسات، والسفر إلى خارج العراق لأسباب مختلفة، والعيش خارج العراق، وإصدار القوانين اللازمة للحصول على رواتب وتقاعد وحوافز (قبل التقاعد) لأعضائه نادراً ما تجدها في مجالس نواب الدول الأخرى، وحتماً لا تجدها مجتمعة في أي مجلس نواب في العالم.

لقد سبق وأثرت هذا الموضوع في كتابي: "الاتفاقية الأمنية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية"(5)، وذلك بما كان يتعلق بنسب التصويت، للموافقة على الاتفاقية الأمنية، التي حددت بالدستور، ولكن كانت تحتاج إلى قانون ولم يصدر هذا القانون، وكذلك في كتابي: "الاتفاقية الأولية بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب"(6) وذلك حول المواد الدستورية التي اعتمدت في التصويت على الاتفاقية، إذ أن كتابي الأول صدر قبل عرض الموضوع على مجلس النواب، واضطررت إلى إثارة الموضوع ثانية في كتابي الثاني، وأوضحت فيه شكل الالتفاف الذي قام به مجلس النواب على النصوص الدستورية لتمشية الاتفاقية.. إن هذا الأمر ينطبق أيضاً على المادة الدستورية التي توضح عدم إعطاء مناصب سيادية لذوي الجنسيات المزدوجة ويتم ذلك بقانون، ولكن ولأسباب سياسية، وبطبيعة السياسيين الذين حكموا العراق، أو دخلوا البرلمان، منذ الاحتلال، لم يصدر هذا القانون، وبقيت الغالبية العظمى من المناصب السيادية بيد مزدوجي الجنسية، وكما أوضحت في كتابي حول الاتفاقية الأمنية، علماً أن لا اعتراض لدي حول "ازدواجية الجنسية"، ولكن الدستور، والمصلحة الوطنية، يوجبان عدم استلامهم مناصب سيادية.

من المفروض أن القانون الذي يسن بموجب الفقرة سابعاً من المادة الدستورية (114)، والمشار إليها أعلاه يجب أن يصدر من مجلس النواب الاتحادي، وأن يوضح بشكل لا لبس فيه، بأن المياه التي تمر في إقليم أو محافظة، هي ملك العراق ككل، وأن توزيعها مركزيٌ، ويضع الأسس للتوزيع بشكل واضح. إن هذا الأمر يأخذ أهميته من صياغة المادة  (115) الموجودة في الدستور، والتي تقول: "كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما". إن هذه الفقرة "الغريبة العجيبة"، ـ على الأقل بنظري ـ ، موجودة فعلاً في الدستور العراقي الحالي، وكأننا في دولة كونفدرالية، وحتى في دساتير الدول الكونفدرالية لا توجد مثل هذه النصوص. ولقد اطلعت على عدد من دساتير بعض الدول الفيدرالية، كالولايات المتحدة، وألمانيا وروسيا، لم أجد في أي منها أن الأقاليم (أو المحافظات) تسود الدولة المركزية، كما هو في نصوص دستورنا. إن الدستور وضع بشكل يؤدي بالعراق إلى الفوضى والتقسيم والبلبلة وعرقلة العمل الجماعي لبناء العراق!!، وهو أمر ليس بغريب أو عجيب، إذ أن من "ساعد" في صياغته شخص "نزيه ومحايد" مثل بيتر كالبريث.

إن في حالة عدم وجود قانون واضح للمياه العراقية، سنجد أنفسنا في وضع معقد، وذلك عند ظهور الجفاف وشحة المياه في السنوات القادمة. إذ من المحتمل جداً أن تكون الشحة في مياه الفرات أكثر من دجلة، وعند ذاك سوف نجد الأقاليم والمحافظات التي يمر بها دجلة تمنع تحويل جزء من مياه دجلة إلى الفرات. وقد نرى أيضاً أن محافظة الأنبار أو بابل أو الديوانية تستهلك غالبية مياه الفرات أو تبذره، ويموت أهالي الناصرية والسماوة وزرعهم وضرعهم عطشاً. أو نجد أن نينوى أو بغداد يستهلكان غالبية مياه دجلة، والله في عون أهالي واسط والعمارة والبصرة.

وهذا الأمر قد يطبق بشكل أوسع بالنسبة للمياه المارة أو المتولدة في إقليم كردستان، وقد نجد أنفسنا في نفس الحالة التي نحن عليها الآن مع تركيا بالنسبة لمياه دجلة والفرات. نأمل أن لا يحدث هذا الأمر، ولو ـ وفي واقع الأمر ـ كان قد حدث أمر مشابه ولكن أقل أهمية، وهو أمر النفط والغاز في الإقليم.

إن المواد الدستورية (92) و(93) و(94) تتعلق بالمحكمة الاتحادية العليا، والتي من مهامها الأساسية "تفسير نصوص الدستور/الفقرة ثانياً (المادة 93)"، و"الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية/الفقرة رابعاً (المادة 93) ، وغيرها من الفقرات المتعلقة بحل التناقضات الدستورية والقانونية. ولكن وكما رأينا خلال السنوات الأربعة الماضية، لم نجد لهذه المحكمة دوراً يذكر، وكأنها غير موجودة إلاّ لأمور بسيطة، رغم الأمور الشائكة والمتشابكة والمتناقضة التي حدثت في العراق، سواء في مجالس النواب أو مجالس الوزراء أو مجالس المحافظات والتناقضات الكبيرة التي حدثت بين جهة وأخرى في أمور مصيرية، مثل تمرير الاتفاقية الأمنية، وتطبيق المادة (140) من الدستور ومسألة "المناطق المتنازع عليها"، إقرار دستور إقليم كردستان، المشاكل النفطية العديدة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، المادة الدستورية المتعلقة بتعديل الدستور، وغيرها من الأمور المهمة والمصيرية، والتي عرضت وتعرض العراق والعراقيين إلى التجزئة والانقسام والتناحر والفوضى واليأس وتوقع حدوث الأسوأ دائماً.

_________________________
(1)"دستور جمهورية العراق"/"الوقائع العراقية" العدد 4012، في 8/12/2005.

(2)"ثلاثية النفط العراقي". فؤاد قاسم الأمير. حزيران 2007.

(3)"حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز". كانون الثاني 2008. فؤاد قاسم الأمير.    

(4) "New DNO Revelations: While He Was Influencing the Shape of the Iraqi Constitution, Peter Galbraith Held Stake in an Oilfield in Duhuk". "Golbraith Held Stakes in Oilfield in Duhuk" By Reidar Visser  (www.historiae.org). 10 October 2009.

(5) "آراء وملاحظات حول الاتفاقية الأمنية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة". تشرين الأول 2008. فؤاد قاسم الأمير.

(6) "الاتفاقية الأولية بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب: آراء وملاحظات". كانون الثاني 2009. فؤاد قاسم الأمير.

 

 




نظام المعلومات الجغرافية هو نظام ذو مرجعية مجالية ويضم الأجهزة ("Materielles Hardware)" والبرامج ("Logiciels Software)" التي تسمح للمستعمل بتفنيد مجموعة من المهام كإدخال المعطيات انطلاقا من مصادر مختلفة.
اذا هو عبارة عن علم لجمع, وإدخال, ومعالجة, وتحليل, وعرض, وإخراج المعلومات الجغرافية والوصفية لأهداف محددة . وهذا التعريف يتضمن مقدرة النظم على إدخال المعلومات الجغرافية (خرائط, صور جوية, مرئيات فضائية) والوصفية (أسماء, جداول), معالجتها (تنقيحها من الأخطاء), تخزينها, استرجاعها, استفسارها, تحليلها (تحليل مكاني وإحصائي), وعرضها على شاشة الحاسوب أو على ورق في شكل خرائط, تقارير, ورسومات بيانية.





هو دراسة وممارسة فن رسم الخرائط. يستخدم لرسم الخرائط تقليدياً القلم والورق، ولكن انتشار الحواسب الآلية طور هذا الفن. أغلب الخرائط التجارية ذات الجودة العالية الحالية ترسم بواسطة برامج كمبيوترية, تطور علم الخرائط تطورا مستمرا بفعل ظهور عدد من البرامج التي نساعد على معالجة الخرائط بشكل دقيق و فعال معتمدة على ما يسمى ب"نظم المعلومات الجغرافية" و من أهم هذه البرامج نذكر MapInfo و ArcGis اللذان يعتبران الرائدان في هذا المجال .
اي انه علم وفن وتقنية صنع الخرائط. العلم في الخرائط ليس علماً تجريبياً كالفيزياء والكيمياء، وإنما علم يستخدم الطرق العلمية في تحليل البيانات والمعطيات الجغرافية من جهة، وقوانين وطرق تمثيل سطح الأرض من جهة أخرى. الفن في الخرائط يعتمد على اختيار الرموز المناسبة لكل ظاهرة، ثم تمثيل المظاهر (رسمها) على شكل رموز، إضافة إلى اختيار الألوان المناسبة أيضاً. أما التقنية في الخرائط، يُقصد بها الوسائل والأجهزة المختلفة كافة والتي تُستخدم في إنشاء الخرائط وإخراجها.





هي علم جغرافي يتكون من الجغرافيا البشرية والجغرافية الطبيعية يدرس مناطق العالم على أشكال مقسمة حسب خصائص معينة.تشمل دراستها كل الظاهرات الجغرافيّة الطبيعية والبشرية معاً في إطار مساحة معينة من سطح الأرض أو وحدة مكانية واحدة من الإقليم.تدرس الجغرافيا الإقليمية الإقليم كجزء من سطح الأرض يتميز بظاهرات مشتركة وبتجانس داخلي يميزه عن باقي الأقاليم، ويتناول الجغرافي المختص -حينذاك- كل الظاهرات الطبيعية والبشرية في هذا الإقليم بقصد فهم شخصيته وعلاقاته مع باقي الأقاليم، والخطوة الأولى لدراسة ذلك هي تحديد الإقليم على أسس واضحة، وقد يكون ذلك على مستوى القارة الواحدة أو الدولة الواحدة أو على مستوى كيان إداري واحد، ويتم تحديد ذلك على أساس عوامل مشتركة في منطقة تلم شمل الإقليم، مثل العوامل الطبيعية المناخية والسكانية والحضارية.وتهدف الجغرافية الإقليمية إلى العديد من الأهداف لأجل تكامل البحث في إقليم ما، ويُظهر ذلك مدى اعتماد الجغرافيا الإقليمية على الجغرافيا الأصولية اعتماداً جوهرياً في الوصول إلى فهم أبعاد كل إقليم ومظاهره، لذلك فمن أهم تلك الأهداف هدفين رئيسيين:
اولا :الربط بين الظاهرات الجغرافية المختلفة لإبراز العلاقات التبادلية بين السكان والطبيعة في إقليم واحد.
وثانيا :وتحديد شخصية الإقليم تهدف كذلك إلى تحديد شخصية الإقليم لإبراز التباين الإقليمي في الوحدة المكانية المختارة، مثال ذلك إقليم البحر المتوسط أو إقليم العالم الإسلامي أو الوطن العربي .