أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-1-2016
3369
التاريخ: 20-1-2016
2559
التاريخ: 20-1-2016
16073
التاريخ: 2023-09-02
1066
|
عندما خلق الله سبحانه وتعالى البيئة واودع فيها كل مقومات الحياة وسخرها وذللها للإنسان ليستغل مواردها لمنفعته ومصلحته، لم يتركه سبحانه وتعالى على غير هدى، وانما ارسل له الرسل والانبياء مبشرين ومنذرين وهادين لينيروا له الطريق ويرشدوه إلى كيفية التعامل مع بيئته بأسلوب عاقل وراشد ليصونها ويحافظ عليها، والاسلام هو الرسالة الخالدة التي تختلف عن كل الشرائع الوضعية وتمتاز شريعته بإحاطتها وشموليتها لجميع شؤون الدنيا والاخرة، فهو خاتم الرسالات السماوية إلى البشرية كافة، وتضمنت تعاليمه في جزء كبير منها القواعد والضوابط التي تحدد مسؤولية الانسان تجاه النعم الكبرى التي وهبها الله له.
هذه المسؤولية بضوابطها تكفل لنا خلق سلوكيات بيئية راشدة، وتكفل تحقيق علاقة سوية متوازنة بين الانسان وبيئته لتستمر الحياة وفق ما قدره الله تعالى واراده، وحتى يرث الله الارض ومن عليها.
ويمكن لنا تحديد مسؤوليات الانسان تجاه البيئة وكيفية نظره اليها واليات تعامله وفقا للأمور التالية.
اولا : اعتبار المحافظة على البيئة جزء من العقيدة :
فقد نطقت الروايات النبوية والاحداث التاريخية في صدر الاسلام باعتبار المحافظة على مكونات البيئة جزء من عقيدة المؤمن التي تدخل في سلوكياته في الحياة.
ومن ذلك : اعتبار اماطة الاذى عن الطريق من محاسن اعمال امة النبي (صلى الله عليه واله)، ومن مساوئها النخامة تكون في المسجد فلا تدفن، وان الطهور شطر الايمان وانه من اعمال البر، وفي قضية المياه صرحت الروايات بان من بين الثلاثة الذين سيتجاهلهم الله يوم القيامة : رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل، وهكذا في موضوع ضرورة عدم الاسراف في المياه حتى في الوضوء، وفي باب الزراعة حيث وردت الاحاديث عن النبي (صلى الله عليه واله) التي تشجع الانسان على الغرس والزرع وموازاة هذا العمل للصدقة في سبيل الله وغيرها من القضايا التي لا يمكن عدها وحصرها.
ثانيا : المحافظة على البيئة من العبادات الواجبة :
العبادة التي امر الله بها بمعناها الشامل لا تقتصر فقط على مجرد اداء الشعائر الدينية الروحية من صلاة وصوم وحج وغيرهما، وانما تعني الالتزام المخلص والامين بمبادئ الاسلام وتشريعاته وتعليماته في كل شؤون الحياة.
ومن هذه المصاديق الهامة للعبادة حسن استغلال البيئة والمحافظة عليها وصيانتها لتستمر إلى ما شاء الله وتنتفع بها البشرية كافة، فالالتزام بالتشريعات التي تتناول جوانب البيئة وشؤونها من العبادات التي ينبغي على الانسان الالتفات اليها.
وهذا ما يفرض علينا ان نعتبر عدم تلويث الماء والهواء عبادة، واماطة الاذى عن الطريق عبادة، وحسن استعمال المرافق العامة والخاصة من طرق ومياه وكهرباء ومؤسسات مختلفة (مدارس – مستشفيات – مصانع...) بأسلوب راشد عاقل عبادة.
وهذه السلوكيات الاسلامية البناءة في التعامل مع مكونات البيئة الطبيعية والمشيدة (المصنعة) امر من الله سبحانه وتعالى بمقتضى شمولية قوله تعالى لهذه الامور حيث يقول عز وجل :{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[القصص: 77].
ثالثا: الموارد البيئية حق عام للجميع :
ان موارد البيئة الطبيعية والمشيدة هي من اجل نعم الله على بني البشر، وقد اعطانا الله جميعا حق الانتفاع بها، فلا يحق لفرقة او مجموعة معينة الاستئثار بها دون غيرها.
كما ان استغلال موارد البيئة لتحقيق منافع ذاتية ومؤقتة على حساب الاضرار بهذه الموارد وافسادها واستنزافها يعتبر امرا منهيا عنه في الاسلام انطلاقا من القاعدة الفقهية الاسلامية (درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة) بمعنى ان منع الضرر والفساد مقدم على أي منفعة عند استغلال البيئة.
وهذه القاعدة الفقهية تؤكد اصالة الفكر الاسلامي في صيانة البيئة وحمايتها.
وليس ثمة شك ان حسن استغلال مكونات البيئة الطبيعية والمشيدة وصيانتها فيه نفع كبير للبشرية كافة، وان سوء استغلالها والعمل على سرعة استنزاف مواردها فيه ضرر بالغ للبشرية جمعاء. وهو في نفس الوقت كفر والعياذ بالله بأنعم الله، ولا ريب ان الكفر بأنعم الله مدعاة إلى المآسي والكوارث والجوع والخوف.
يقول الله تعالى:{فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[النحل: 112] .
ومن منابع العظمة في التشريع الاسلامي اننا في اعتبارنا ان البيئة حق عام للجميع وليس خاص، فان ذلك يشمل كل المخلوقات الحية وليس الانسان وحده.
فالله سبحانه وتعالى يذكر الناس بحق الحيوان اذا يقارن بينه وبين الانسان، قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأنعام: 38] .
وكنموذج تطبيقي لتفسير هذه الآية نذكر حق الانتفاع من الموارد المائية، فان الاولوية في حقوق استعمال المياه على النحو التالي :
اولا : حق الشفة او الشرب، أي قانون العطش او حق البشر في الشرب ارواء عطشهم.
ثانيا : حق الشفة، وهو حق الماشية والحيوانات الاليفة.
ثالثا : حق الري.
فليس مسموحا وفقا لهذه الحقوق ان تموت الحيوانات عطشا بل ان الماء الذي يبقى بعد ان يروي الناس ظمأهم يجب ان يعطى لها حيث ذكرت الروايات عن النبي (صلى الله عليه واله) انه ليس من حق من يحفر بئرا في الصحراء ان يمنع البهائم من ارواء عطشها من تلك البئر، وان ارواء عطش البهائم فيه اجر وثواب (1).
ويشير القرآن الكريم ايضا إلى ان نعمى الماء هي للنبات ايضا. قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: 99] .وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا}[فاطر: 27].
فيحيه ماء المطر الذي ينزله الله من السماء.
هذه الآيات تؤيد القول بان الماء انزله الله ليأخذه منه كل حي حاجته، بما في ذلك الانسان والحيوان والنبات.
وهكذا في كل الموارد الطبيعية فانه يحق لكل الكائنات من غير البشر الحق في الحصول على ما تحتاجه اليه منها.
رابعا : الاسلام وضع الانسان نظام الثواب والعقاب حتى في البيئة :
ان البيئة في النظرية الاسلامية وان كان للبشر حظوة اكثر عند الله فيها عن غيرهم من المخلوقات، لكن الانسان عليه ان يحمي البيئة من مطلق الاذى وبالخصوص من اذاه، ولهذا نجد النواحي المتعددة في القرآن والاحاديث والتي تحدد للإنسان ضرورة عدم الافساد في النظام البيئي للطبيعة.
فالقرآن الكريم يأمر المؤمنين:{لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}[البقرة: 11]. ويمكن لكلمة الفساد ان تعني افساد العمل الطبيعي للعالم، او افساد الموارد الطبيعية والاساءة اليها.
وعندما نرى في الروايات ان النبي (صلى الله عليه واله) طلب مرة من اصحابه ان يعيدوا إلى عش الطير ما أخذوه منه من بيض، او اننا عندما نعتبر ان البيئة والمحافظة عليها جزء من العبادة في الاسلام بهذا يقتضي وجود الاجر والثواب للمطيع والعاقبة للعاصي.
وقد فتح فقهاء الاسلام بنظرهم الثاقب الباب امام معاقبة او تغريم من يقومون بتلويث البيئة، والدليل، على ذلك الفتاوى المستندة إلى الاحاديث الشريفة التي تتناول جانب الوجوب والاستحباب في بعض القضايا البيئية، والنهي والتحريم والكراهية في بعض الجوانب الاخرى.
وعلى الانسان ان يدرك ان مسؤوليته في الحياة امام الله سبحانه وتعالى هي العمل بما امر، والانتهاء عما نهى عنه سبحانه وتعالى.
________________
1ـ راجع البخاري : ح5872.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|