الانبعاث من النوى ذي النشاط الإشعاعي الطبيعي

كل النوى الذي عدده الذكري أكبر من 83 ذو نشاط إشعاعي. وقد لجأ الباحثون الاوائل إلى تجربة كالمرسومة في الشكل 1)) لفحص الإشعاع الصادر من مواد ذات نشاط إشعاعي طبيعي. لقد وضعوا عينة صغيرة داخل مركز كتلة من الرصاص بعد أن صنعوا ثقباً تنفذ منه الإشعاعات المنبعثة من العينة على هيئة حزمة موجهة. وعندما يسمح للحزمة بالمرور في منطقة بها مجال مغناطيسي مستعرض، فإنها تنشق إلى ثلاث مركبات كما هو موضح بالشكل. ونستطيع أن نستنتج من الاتجاهات التي تنحرف إليها الأشعة أن إحدى المركبات لا شحنة لها، وأن إحداها موجبة الشحنة، أما الثالثة فسالبة الشحنة. وكما ذكرنا من قبل فإن هذه الإشعاعات أعطيت الأسماء: أشعة ألفا (α) وأشعة بيتا (β) وأشعة جاما (γ)، نظراً لأنها لم تكن محددة في الأصل.

وسنعالج كلاً منها في دوره.

اشعة جاما

يحدث أحياناً أن تجد النواة نفسها في حالة مستثارة من حيث الطاقة؛ ولكي تعود إلى الحالة الأرضية فإنها تشع أشعة جاما ذات طاقة عالية. ولو أن النواة قامت بالانتقال من حالة ذات طاقة E₂ إلى حالة ذات طاقة E₁ فإن فوتون أشعة جاما الذي تطلقه تلك النواة، سيكون تردده.

الشكل 1)): ينفصل الإشعاع المنبعث من عينة مشعة إلى مركبات ثلاث بواسطة مجال مغناطيسي.

وهذه العملية شبيهة بإطلاق فوتون ذرة ما عندما يتعدل تركيبها الإلكتروني لتتخذ حالة طاقة أدنى. وفوتونات جاما مثل فوتونات أشعة إكس من حيث الأساس على الرغم من أن الكثير من الانتقالات النووية ذات طاقات أكبر بكثير من الانتقالات الإلكترونية ولذلك فالفوتونات المنطلقة منها ذات أطوال موجية أقصر من الأطوال الموجية لأشعة إكس الناتجة من انتقالات الإلكترونات فيما بين القشرات الذرية. وعلى أية حالة فاصطلاح شعاع جاما يطلق على الفوتون الذي تطلقه النواة بينما يطلق على فوتون مماثل شعاع إكس إذا كان منطلقاً خلال انتقال إلكتروني ذري.

انبعاث جسيمات بيتا

يطلق الكثير من النوى المشع جسيمات بيتا (β) التي هي ــ ببساطة ــ إلكترونات . والعمليات التي تحدث داخل النواة عند حدوث انبعاث لجسيم β معقدة جداً والنواة ليس بها إلكترونات، ولذلك فإن العملية لابد أن تنطوي فعلياً على تحول نيوترون إلى بروتون وإلكترون. وتحتفظ النواة بالبروتون بينما ينبعث الإلكترون ويمكننا تمثيل انبعاث جسيم بيتا من نواة رمزها _z^AX كالتالي:

حيث يرمز _-1⁰e إلى جسيم بيتا المنبعث (الإلكترون)، يمثل _1+Z^AY النواة المتحولة، أما ₀⁰v فيمثل نيوترينو، وهو جسيم سنتناوله بتفصيل أكبر بعد قليل. وتحتوي النواة المتحولة على بروتون إضافي أكثر من الذي لدى النواة الأصلية، ولذلك يصير عددها الذري Z + 1، أما عدد الكتلة فيظل كما هو A لأن عدد النويات ظل كما هو داخل النواة، كما ان عدد الكتلة لجسيم بيتا سيعتبر صفراً لضآلة كتلته.

خلافاً لما يحدث في حالة انبعاث أشعة جاما، حيث تنطلق الأشعة حاملة طاقة محددة تناظر فروق الطاقة بين حالات الطاقة للنواة، فإن جسيمات β تبعثه بطاقات متباينة في مدى عريض من قيم الطاقة. ويوضح الشكل 2)) طيف طاقة جسيم بيتا نموذجياً. على أن هذا ليس هو ما نتوقعه، لأنه إذا اتبعث جسيم β فمن المنطقي أن يحمل معه مقداراً من الطاقة ــ قابل للاستعادة ــ ويناظر فرق الطاقة بين حالتي النواة الابتدائية والنهائية. ومن الحقائق المحيرة الأخرى حول انبعاث جسيم β هو أن كمية تحرك الإلكترون المنطلق ليست مساوية ومضادة في الاتجاه لكمية تحرك ارتداد النواة. ولكي نجد تفسيراً لهذا، فقد تم افترض أن جسيماً ثانياً غير مكتشف، ينبعث سوياً مع جسيم بيتا، وعلى هذا الجسيم أن تكون كتلة سكونه* صفراً وشحنته صفراً وقد منح هذا الجسم الاسم نيوترينو. وقد تم التوصل إلى دليل معملي مباشر على وجود هذا الجسيم بالفعل في منتصف خمسينيات القرن العشرين.

الشكل 2)): توزيع طاقة جسيمات β.

انبعاث جسيمات ألفا

تنبعث من بعض النوى المشع جسيما ألفا (α)، وهي ببساطة نوى هليوم (بروتونات ونيوترونات) ويمكن تمثيلها بالرمز α₂⁴ أو ₂⁴He والأضمحلال عن طريق إشعاع جسيمات α يظهر بوضوح في حالة نوى الراديوم:

وعبر النصف لهذا الانحلال هو 1600 yr. ويطلق على النواة الأصلية (الراديوم في هذه الحالة) النواة الأم، ويطلق على النواة النهائية (غاز الرادون الخامل) النواة الوليدة.

يكون اضمحلال ألفا مصحوباً عادة انبعاث شعاع جاما، وفي هذه الحالات تتكون النواة الوليدة في حالة مستثارة، تصل فيما بعد إلى الحالة الارضية إذا أطلقت شعاع جاما. وتتيح أشعة جاما هذه معلومات حول مستويات الطاقة بالنواة الوليدة.

__________________________________