أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
2277
التاريخ: 22-06-2015
2407
التاريخ: 26-1-2016
4536
التاريخ: 30-12-2015
5745
|
الخالديّان أخوان كانت لهما حياة أدبية واحدة، و هما: أبو بكر محمّد بن هاشم بن وعلة بن عثمان بن بلال بن خالد بن عبد منبّه من بني عبد القيس، ثم أخوه أبو عثمان سعيد.
ولد الخالديان قرب الموصل، في قرية اسمها الخالديّة فيما يبدو. و إذا صحّت رواية ياقوت (معجم الأدباء 3:106) ، و هي أنّ أبا بكر محمدا، و هو أسنّ الأخوين، قد شهد مناظرة جرت في مجلس الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بين الفيلسوف متّى بن يونس و بين أبي سعيد السيرافي، في سنة 320 ه(932 م) ، فيجب أن يكون مولده قبل أن انصرم القرن الهجريّ الثالث بزمن كيما يتاح له أن يدخل مجلس الوزير لمثل تلك المناسبة.
و تذكر الروايات أن الأخوين تلقّيا العلم على أبي بكر محمد بن منصور الخياط النحوي (توفي 320 ه) و على ابن دريد (توفي 321 ه) و جحظة البرمكي (توفي 324 ه) و الصولي (توفي 335 ه) . و لعلّهما لم يدركا جحظة البرمكيّ مثلا، كما يرى سامي الدهان (1)، بل كانا يأخذان من كتبه فقط.
و اتّصل الخالديان ببلاط سيف الدولة قبل أن دخله المتنبي (337 ه- 948 م) و بقيا فيه بعد أن غادره المتنبّي (346 ه-957 م) .
و في نحو سنة 349 ه تولّى ابو اسحاق الصابي ديوان الرسائل للوزير المهلّبي، و كانت بينه و بين الخالديّين مودة، و كان هو بهما معجبا؛ و اتفق أن وقعت وحشة بين سيف الدولة و الخالديين وافقت تمهيد الصولي لهما للاتصال بالمهلبي، فغادرا حلب إلى بغداد. ثم توفّي المهلّبيّ سنة 352 ه(963 م) و غابت أخبار الخالديين؛ و لا يستبعد أن يكونا قد انقطعا بعد ذلك إلى التصنيف.
و شبه المجمع عليه أن أبا بكر الخالديّ توفّي سنة 370 أو سنة 371 ه (981 م) و أن أبا عثمان توفّي في حدود سنة 400 ه(1009 م) . غير أن سامي الدهان (التحف و الهدايا م 22، م 25) يميل إلى جعل وفاتيهما بين سنة 380 و 390 ه(990-999 م) .
خصائصهما الفنّيّة:
قال الثعالبي في الخالديين: «كان يجمعهما من أخوّة الأدب مثل ما ينظمهما من أخوّة النسب. فهما في الموافقة و المساعدة يحييان بروح واحدة. و يشتركان في قرض الشعر و ينفردان. و لا يكادان في الحضر و السفر يفترقان» . ثم هما شاعران محسنان مجيدان رقيقان، في شعرهما تأنّق و لفتات بديعة. و أما فنونهما فهي المديح و الهجاء و الخمر و الغزل. و كانا يهاجيان السريّ الرفّاء مهاجاة عنيفة.
و قد أكثر الرواة و نقّاد الأدب في أخذهما من الشعراء معاني يصوغانها صياغة أسنى أو أدنى و أبياتا و مقاطع ليست لهما ينتحلاّنها. و الذي يتأمّل شعرهما (يتيمة الدهر 2:165-193) يرى أنهما يلمّان بمعاني الشعراء من أمثال أبي نواس و أبي تمّام و البحتريّ و ابن المعتزّ و سواهم إلماما قريبا ثم يلقيان عليها تراكيب أسهل و ألين. ففضلهما في اللّفظ العذب لا في المعنى المقتنص.
و أما نثرهما فعليه أثر من أسلوب الجاحظ.
و كان الخالديّان مصنّفين لهما: التحف و الهدايا، حماسة الخالديين (الأشباه و النظائر) ، حماسة شعر المحدثين، أخبار الموصل، اختيار شعر بشّار، أخبار أبي تمّام و محاسن شعره، اختيار شعر البحتري، اختيار شعر ابن الرومي، اختيار شعر مسلم بن الوليد و أخباره، اختيار شعر ابن المعتزّ و التنبيه على معانيه، كتاب الديارات، الخ.
المختار من شعرهما و نثرهما:
أ- من شعر أبي بكر محمّد بن هاشم الخالديّ:
قام، مثل الغصن الميّا... د في غضّ الشباب
يمزج الخمر لنا بالصفـ...ـو من ماء الشراب (2)
فكأنّ الكأس، لمّا... ضحكت تحت الحباب
وجنة حمراء لاحت... لك من تحت النقاب
- و سحاب يجرّ في الأرض ذيلي... مطرف زرّه على الأرض زرّا
برقه لمحة، و لكنّ له رعـ...ـدا بطيئا يكسو المسامع وقرا
كخليّ منافق للذي يهـ...ـواه يبكي جهرا و يضحك سرّا
- يا معيري بالصدّ ثوب سقام... أنت همّي في يقظتي و منامي
أنت أمنيّتي، فإن رمت غمضا... سلّمتك المنى إلى الأحلام
- يا خليليّ، من عذيري من الدنـ...ـيا و من جورها عليّ و صبري
عجبا، إنّني أنافس في عمـ...ـران أيّامها و تخرب عمري
ب- من شعر أبي عثمان سعيد بن هاشم الخالدي، و قد كان يتشيّع و يدخل المدارك الشيعية في شعره:
و حمائم نبّهنني و الليـ...ـل داجي المشرقين
شبّهتهنّ، و قد بكيـ...ـن و ما ذرفن دموع عين
بنساء آل محمّدٍ... لما بكين على الحسين
- و من القول البارع في استنجاز العطاء قول أبي عثمان الخالدي (اليتيمة 2:193) :
أهزّك، لا أنّي عرفتك ناسيا... لوعدٍ، و لا أنّي أردت التقاضيا
و لكن رأيت السيف من بعد سلّهِ... إلى الهزّ محتاجا و إن كان ماضيا
- و مدام كست الكأ...س من النور وشاحا
ظهرت في جنح ليلٍ... فكأنّ الفجر لاحا
لم يكن وقت صباحٍ... فحسبناه صباحا
ج- من مقدمة الأشباه و النظائر (ص 2) :
. . . . فلسنا نطعن على (الشعراء) المحدثين، و لا نبخسهم تجويدهم و لطف تدقيقهم و طريف معانيهم و إصابة تشبيههم و صحّة استعاراتهم. إلا أنّا نعلم أن الأوائل من الشعراء رسموا رسوما تبعها من بعدهم و عوّل عليها من قفا أثرهم. و قلّ شعر من أشعارهم (3) يخلو من معان صحيحة و ألفاظ فصيحة و تشبيهات مصيبة و استعارات عجيبة. و نحن-أطال اللّه بقاءك و كبت بالذلّ أعداءك-نضمّن رسالتنا هذه مختار ما وقع إلينا من أشعار الجاهلية و من تبعهم من المخضرمين، و نجتنب أشعار المشاهير لكثرتها في أيدي الناس فلا نذكر منها إلاّ الشيء اليسير و لا نخليها من غرر ما روينا للمحدثين، و نذكر شيئا من النظائر إذا وردت و الإجازات إذا عنّت. و نتكلّم على المعاني المخترعة و المتّبعة. و لا نجمع نظائر البيت في مكان واحد، و لا المعنى المسروق في موضع، بل نجعل ذلك في موضع ذكره. . . .»
(و معنى الجملة الأخيرة غامض، و لكنه يتّضح إذا قرأنا في الصفحة 206) :
لو لا أننا شرطنا ألاّ نقدّم في هذا الكتاب إلا أشعار المتقدمين، ثم نأتي بعد ذلك بالنظائر للمحدثين و المتقدمين (4).
____________________
1) كتاب التحف و الهدايا، م 25. و يستبعد جدا أن يكون أبو عثمان قد أدرك ابن دريد و سمع منه.
2) لعلها من ماء السحاب.
3) الملموح: من أشعار الجاهليين.
4) نورد أولا الأبيات الجاهلية ذات المعنى المبتكر في غرض من الاغراض، ثم نأتي بالأبيات المحدثة التي قيلت في الاغراض نفسها و شابهت الابيات الجاهلية في سياقة المعنى.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|