أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2015
4678
التاريخ: 2023-11-06
1300
التاريخ: 1-12-2015
5442
التاريخ: 7-1-2023
1280
|
إِنَّ كلمة (ظلم)- كما ورد في مقاييس اللغة- في الأصل ذات معنيين مُتفاوتَين : أحدهما (الظُلمة)، والآخر : (وضع الشيء في غير محلّه)، وفي مقابله (العدل) وهو وضع الشيء في محلّه المناسب.
و يُحتَملُ أن يعود كلا المعنيين إلى أصلٍ واحد لأنّ الظلم (ضد العدالة) سبب الظُّلمة أينما كان، ولعل هذا هو السبب الذي دفع بالراغب في مفرداته، إلى اعتبار (الظُّلمة) أصل هذه الكلمة.
وقد وردت في لسان العرب أنّ أصل الظُّلم هو : «الجور والتجاوُز عن الحد)، وأضاف في تعبير آخر : الظلم معناه : (الانحراف عن الحد المتوسط).
طبعاً : إنّ هذه المعاني الثلاثة للظلم أي (وضع الشيء في غير محله) و (التجاوز عن الحد) و (الانحراف عن الحد المتوسّط)، تعود إلى أصل واحد).
وقد قسّم بعض العلماء الظلمَ إلى ثلاثة أقسام : ظلم الإنسان ربَّهُ، وأظهر مصاديقه الكفر والشرك والنفاق، وظلم الإنسان الآخرين، وظُلمه نفسَهُ، وذكروا لكلٍّ منها شواهد قرآنية، ولكن من زاوية معينة نرى أنّ الأقسام الثلاثة تعود إلى أصل ظُلم النفس، لأنّ الإنسان منذ اللحظة الأولى من تصميمه على الظلم يوجّه الضربة الأولى إلى نفسه، كما قال تعالى : {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا انفُسَهُم يَظلِمُونَ}. (الأعراف/ 160)
وضّد الظلم (العدل)، وقد ذكروا له معنيَين متضادّين هما :
الأول : هو معناه المعروف أي وضع الشيء في محلّه المناسب، ولهذا المفهوم الواسع مصاديق كثيرة من جملتها العدالد بمعنى الإعتدال، العدالة بمعنى رعاية المساواة ونفي كل ألوان (التمييز)، العدالة بمعنى رعاية حقوق الآخرين، والعدالة بمعنى رعاية الحقوق والإستحقاقات، وأخيراً العدالة بمعنى التزكية والتطهير.
وإن استعملها القرآن الكريم أحياناً بمعنى الشرك فسببه أن المشرك يتخذ للَّه ندّاً وعديلًا، قال تعالى في الآية الأولى من سورة الأنعام : {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِهِم يَعْدِلُونَ}.
الثاني : كما ورد في المقاييس : هو الإعوجاج والانحراف.
وقال بعض أرباب اللغة : إنّه يعني الظلم (أي) أنّ العدل من الألفاظ التي لها معنيان متضادّان، لذا يُطلق على الانحراف عن شيء (عدول).
وكلمة (قسط) في الأصل تعني الحصّة والنصيب العادل، ولذلك فإنّها قد تأتي أحياناً
بمعنى (العدالة)، وهو عندما يُعطى نصيب كل واحد بالعدل، وأحياناً اخرى تأتي بمعنى (الظلم)، وهو عندما يُسلب منه نصيبه العادل.
ويُستعمل الأول عادةً بصيغة (افعال)، لذا فقد سُمي اللَّه باسم (المُقسِط)، والثاني بلفظة (قِسط) (من الثلاثي المجرّد) لذا فالقاسط يعني (الظالِم)، قال تعالى : {وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ...} (1) (الجن/ 15).
وكذلك قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ ...}. (المائدة/ 42)
ويجدر ذكر هذه المسألة أيضاً وهي أنّ كلمتي (القسط) و (العدل) كلمتان قد تُستعملان أحياناً بصورة منفصلة وبمفهومَين متقابلين مع بعضهما تقريباً، ولكن تستعملان أحياناً اخرى في موضعٍ واحد، كالحديث الشهير المنقول عن مصادر الشيعة وأهل السُّنة.
عن الرسول صلى الله عليه و آله أنّه قال : «لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتى يخرج رجل من وُلدي فيملأها عَدلًا وقسِطاً كما مُلِئَت جَوراً وظُلما» (2).
فقد ذُكرَ (العدل) و (القسط) إلى جوار بعضهما في هذه الرواية، كما هو حال كلمتي (الجور) و (الظلم).
وحول ماهية التفاوت الموجود بين هذين التعبيرين؟
يُمكن القول : إنّ (القسط)- كما ذكرنا هذا في تفسير مفهومه اللغوي- معناه التقسيم العادل وضدّه (التمييز)، وعليه فإنّ القسط معناه اعطاء كل ذي حقٍّ حقه لا غير.
لكن العدالة ضدّ الجور والتجاوز على حقوق الآخرين، كأن يغصب أحد حقَّ الغَير ويستولي عليه، ونحن نعلم بأنّ العدالة الكاملة في المجتمع البشري تتحقق عندما لا يكون هنالك تجاوز من قبل أحد على حقوق الآخرين، ولا يُعطى حق أحدٍ لغيره.
ويُستنتج (تباينٌ) آخر أيضاً من التعبير الوارد في بعض الأحاديث وهو كون العدالة تخص الحكم والقضاء والقسط يخصّ تقسيم الحقوق، وقد ورد في لسان العرب نقلًا عن بعض الأحاديث «إذا حكموا عدلوا وإذا قسّموا أقسطوا» (3).
ويُحتمل أيضاً أن يكون العدل ذا مفهومٍ أوسع وأعمق من القسط، لأنّ القسط يُستعمل بخصوص التقسيم، والعدل يُستعمل فيه وفي موارد اخرى.
__________________________
(1) لسان العرب، مفردات الراغب؛ مقاييس اللغة؛ ومجمع البحرين.
(2) منتخب الأثر، ص 247؛ وقد نُقل في هذا الكتاب 123 حديثاً بهذا المضمون (مع تفاوتٍ قليل)، وقد ورد هذا المضمون أيضاً في كتاب نور الأبصار للكاتب محمد الشبلنجي، من خلال روايات متعددة، ص 187- 189.
(3) لسان العرب، ج 7، مادة (قسط).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|