المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06
النضج السياسي في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06

Syllable-timed rhythm
2024-06-14
الأمراض الفطرية التي تصيب الاسماك
6-12-2016
فضل سورة يونس وخواصها
3-05-2015
مقياس المعاوقة الكهربائية electrical impedance meter
9-11-2018
SN2 Reactions Are Stereospecific
31-7-2019
خارج عن المؤمنين
24-7-2019


من مناهج تفسير القرآن بالقرآن : منهج أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن  
  
7553   12:50 صباحاً   التاريخ: 14-10-2014
المؤلف : محمد علي أسدي نسب
الكتاب أو المصدر : المناهج التفسيرية عند الشيعة والسنة
الجزء والصفحة : ص 370- 384.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / مناهج التفسير / منهج تفسير القرآن بالقرآن /

حياة المؤلف

ولد محمد الأمين ، عام 1325 في منطقة اسمها : شنقيط ، وهي الجزء الشرقي من بلاد موريتانيا الواقعة في غرب إفريقيا ، شرق المحيط الأطلسي ، جنوبي مراكش والجزائر ، وشمالي السنغال .

هو : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح بن محمد بن سيدي أحمد بن المختار من أولاد الطالب أوبك ، أصله من قبيلة معروفة بالجكنيين ، وكان الجكنيون من أصحاب الطباع الكريمة والسجايا الحميدة ، تعلم القرآن والقراءة والفقه المالكي والأدب العربي والأصول وبعض التفسير والحديث في بلدة ، وحصل على علوم المنطق وآداب البحث والمناظرة بالمطالعة ، ولم يكتف بما علمه في هذه العلوم ، بل تعمق فيها ودقق حتى صار مجتهداً .

خرج من بلاده لأداة فريضة الحج على نية العودة ، غير أن وصوله الى تلك البلاد رغبة في البقاء ، وقد أثرت هذه الرحلة فيه من جوانب فكرية وفقهية وعقيدية .

بعد عدة لقاءات ببعض العلماء في الحجاز ، عزم على البقاء ، فبدأ التدريس في المسجد النبوي ، وخالط العامة والخاصة ، فوجد من يمثل المذاهب الأربعة ومن يناقش فيها ، كما وجد أيضاً دراسة لا تقتصر على مذهب مالك ، بل ولا على غيره ، فكان لابد من دراسة المذاهب بجانب مذهب مالك ، وبما أن الخلاف المذهبي لا ينهيه إلا الحديث أو القرآن ، فكان لزاماً التوسع في دراسة الحديث ، وقد ساعده بعض العلماء ، على هذا التوسع والاستيعاب وقوة الاستدلال ودقة الترجيح ، مع ما هو متمكن فيه من فن الأصول والعربية ، مع توسعه في دارسة الحديث وبالأخص المجاميع كـ ( نيل الأوطار) و (فتح الباري) وغيرها .

وعلى كل حال ، فسر القرآن كله مرتين حين بقائه في المدينة ، وارتحل الى الرياض حيث افتتحت الإدارة العامة سنة 1371هـ بالرياض معهداً علمياً ، تلاه عدة معاهد ، وكليتا الشريعة واللغة ، واختير للتدريس في المعهد والكليتين في التفسير والأصول ، فتولى تدريس هاتين المادتين الى سنة 1381 هـ حين افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة ، واستقر في المدينة المنورة ؛ لمواصلة تدريس التفسير والأصول ، كما كان يدرس ويحاضر في بيته والمسجد ، واستمرت نشاطاته في المدينة المنورة حتى وقت وفاته فيها في السابع عشر من ذي الحجة عام 1393هـ - 1973م (1).

واما أخلاقه فلابد أن نقول : الإنسان عادة لا يمكن وصوله الى درجة عالية من العلم إلا من نوع تجرد عن الماديات ، وهذا التجرد يحصل من عدم اهتمامه واشتغاله بالشهوات وحب الدنيا وزخارفها ، ومؤلف أضواء البيان ليس خارجاً عن هذه القاعدة ، وفي ما يلي نذكر بعض الأمور التي تدل على علو همته ومدى ورعه :

1- جهده في طريق التعلم

يقول تلميذ عطية محمد سالم : حدثني رحمه الله قال : جئت للشيخ في قراءتي عليه ، فشرح لي كما كان يشرح ، ولكنه لم يشف ما في نفسي على ما تعودت ، ولم يرو لي ظمئي ، وقمت من عنده وانا أجد في حاجة الى إزالة بعض اللبس وإيضاح بعض المشكل ، وكان الوقت ظهراً ، فأخذت الكتب والمراجع ، فطالعت حتى العصر ، فلم أفرغ من حاجتي ، فعاودت حتى المغرب ، فلم أنته ايضاً ، فأوقد لي خادمي أعواداً من الحطب أقرأ في ضوئها كعادة الطلاب ، وواصلت المطالعة وتناول الشاي الأخضر ، كلما مللت أو كسلت ، والخادم بجواري يوقد الضوء حتى انبثق الفجر ، وأنا في مجلسي ، لم أقم إلا لصلاة فرض أو تناول طعام ، إلى أن ارتفع النهار وقد فرغت من درسي وزال عني لبسي ، ووجدت هذا المحل من الدرس كغيره في الوضوح والفهم ، فتركت المطالعة ونمت ، وأوصيت خادمي أن لا يوقظني لدرسي في ذلك اليوم ؛ اكتفاءً بما حصلت عليه ، واستراحة من عناء سهر البارحة .

2- أخذ الاتجاهات المنطقية من الشيعة الإمامية والمذاهب الأخرى

حينما قدم مندوب إيران ، وقدم طلباً باعتراف الرابطة بالمذهب الجعفري ، ومعه وثيقة من بعض الجهات العلمية الإسلامية ذات الوزن الكبير تؤيد دعواه ، وتجيبه الى طلبه ،  اقترحوا أن يتولى الأمر فضيلته رحمه الله في جلسة خاصة ، فأجاب في المجلس قائلاً : لقد اجتمعنا للعمل على جمع شمل المسلمين والتأليف بينهم وترابطهم أمام خطر عدوهم ،ونحن الآن مجتمعون مع الشيعة في أصول هي : الإسلام دين الجميع، والرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم رسول الجميع ، والقرآن كتاب الله ، والكعبة قبلة الجميع ، والصلوات الخمس ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام ، ومجتمعون على تحريم المحرمات من قتل وشرب وزنا وسرق ونحو ذلك ، وهذا القدر كافٍ للاجتماع والترابط ، وهناك أمور نختلف فيها ، وليس هذا مثار بحثها (2).

تعريف عام بأضواء البيان

كتب على جلد الكتاب ما يعين لنا منهج التفسير ، وهو : (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ) تأليف محمد الامين بن محمد المختار الحكيني الشنقيطي الموريتاني المالكي الإفريقي (1320- 1393هـ) ، وتتمته لتلميذه عطية محمد سالم ، ويليه : رفع إبهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، ورسالة منع المجاز عن المنزل للتعبد والإعجاز .

وهذا التفسير طبع عدة مرات ، بأساليب مختلفة سعة وضيقاً ، والنسخة التي رجعنا إليها تتكون من ست مجلدات ، وتشمل على ما يقارب 1922400 كلمة ، في 3204 صفحة ، تناول مؤلفه محمد الأمين ، تفسير القرآن بالقرآن ، خصوصاً تفسير الآيات المجملة بالآيات المبينة على أقسامها ، من أول الكتاب حتى نهاية سورة المجادلة ، ومن عجيب الصدف أن يكون وقوفه رحمه الله في التفسير على قوله تعالى : {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة : 22] ثم أتمه تلميذ عطية محمد سالم (3).

فالنسخة التي بأيدينا من الإبتداء حتى صفحة 262 من المجلد الخامس ، هي لمؤلفه محمد الأمين الشنقيطي ، وبقية هذا الجزء مع نصف المجلد السادس لتلميذه عطية محمد سالم ، وتشتمل بقية المجلد السادس على رسالتين لنفس المؤلف محمد الأمين ، وهما :

أ ـ رسالة رفع إبهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، وهذه الرسالة تبدأ من صفحة 213 الى صفحة 388.

ب ـ رسالة باسم : كتاب منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ، وهذه الرسالة تبدأ من صفحة 389 الى 412 وهي نهاية الكتاب .

وقد احتوى أموراً زائدة غير بيان القرآن ، فقد حوى أحكام الفقه ، وتحقيق بعض المسائل اللغوية ، وما يحتاج إليه من صرف وإعراب واستشهاد بشعر العرب ، وتحقيق ما يحتاج إليه من المسائل الأصولية ، والكلام على أسانيد الأحاديث ، ولما كان البحث في بيان القرآن بالقرآن ، رأى من الفائدة تقديم ملخص إجمالي لما تضمنه هذا الكتاب من أنواع بيان القرآن بالقرآن (4).

سبب تأليف تفسير أضواء البيان

يقول الشنقيطي : فإنا لما عرفنا إعراض أكثر المتسمين باسم المسلمين اليوم عن كتاب ربهم ، ونبذهم له وراء ظهورهم ، وعدم رغبتهم في وعده ، وعدم خوفهم من وعيده ، علمنا أن ذلك مما يعين على من أعطاه الله علماً بكتابه أن يجعل همته في خدمته ،من بيان معانيه وإظهار محاسنه ، وإزالة الإشكال عما أشكل منه ، وبيان أحكامه ،والدعوة الى العمل به وترك ما يخالفه.

واعلم أن من أهم المقصود بتأليفه أمران :

أحدهما : بيان القرآن بالقرآن ؛ لإجماع العلماء على أن اشرف انواع التفسير وأجلها : تفسير كتاب الله بكتاب الله ؛ إذ لا أحد أعلم بمعنى كلام الله من الله جل وعلا .

والثاني : بيان الأحكام الفقهية (5).

أسلوبه التفسيري

كان أسلوبه في تفسير الآيات اولاً : بيان المفردات ، ثم الإعراب والتصريف ، ثم البلاغة ، مع إيراد الشواهد على ما يورد ، ثم يأتي الى الاحكام إن كان موضوع الآية فقهاً ، فيستقصي باستنتاج الحكم وبيان الأقوال والترجيح لما يظهر له ، ويدعم ذلك بالأصول ، وبيان القرآن وعلومه من عام وخاص ، ومطلق ومقيد ، وناسخ ومنسوخ ، وأسباب نزول ،غير ذلك .

وإذا كانت الآية في قصص ، أظهر العبر من القصة وبين تاريخها ، وقد يربط الحاضر بالماضي ، كربط تكشف النساء اليوم بفتنة إبليس لآدم وحواء في الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوأتهما ، وفتنة للجاهلية حين طافوا بالبيت عراة رجالاً ونساء ، وها هو يستدرجهن الى التكشف شيئاً فشيئاً ، بدأ يكشف الوجه ثم الرأس ثم الذراعين (6).

منهجه التفسيري

تفسير أضواء البيان ن تفسير للقرآن بالقرآن ، كما هو المشهور ، ويدل عليه اسم التفسير ، وما يحتويه من نوع البيان لآيات القرآن ،ولكن نشير الى بعض الجهات لمعرفة هذا التفسير أكثر :

1- طريقته في الترجيح بين الاحتمالات والأقوال

يقول الشنقيطي : إنا إذا بينا قرآناً بقران ، في مسالة يخالفنا فيها غيرنا، ويدعي أن مذهبه المخالف لنا يدل عليه قرآن ايضاً ، فإنا نبين بالسنة الصحيحة صحة بياننا ، وبطلان بيانه ، فيكون استدلالنا بكتاب وسنة ، فإن استدل من خالفنا بسنة ايضا مع القرآن الذي استدل به ، فإننا نبين رجحان ما يظهر لنا أنه الراجح ، وكذلك إذا استدل مخالفنا بقرآن ، ولم يقم دليل من سنة شاهداً لنا ولا له ، فإنا نبين وجه رجحان بياننا على بيانه (7).

2- تجنيه التعصب عند الترجيح بين الأقوال

يقول محمد الأمين : ونرجح ما ظهر لنا أنه الراجح بالدليل ، من غير تعصب لمذهب معين ، ولا لقول قائل معين ؛ لأنا ننظر الى ذات القول لا الى قائلة ؛ لأن كل كلام فيه مقبول ومردود ، إلا كلامه صلى الله عليه واله وسلم ومعلوم : أن الحق حق ولو كان قائله حقيراً ؛ الا ترى أن ملكة سبأ في حال كونها تسجد للشمس من دون الله هي وقومها ، لما قالت كلاماً حقاً ، صدقها الله فيه ، ولم يكن كفرها مانعاً من تصديقها في الحق الذي قالته ، وذلك في قولها فيما ذكر الله عنها : {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل : 34] ، فقد قال تعالى مصدقاً لها في قولها : { وكذلك يفعلون } وقد قال الشاعر :

لا تحقرن الرأي وهو موافق               حكم الصواب إذا أتى من ناقص 
فالدر وهو أعز شيء يقتني                 ما حط قيمته هو ان الغائص (8).

مصادره في تفسير

وقد استفاد المؤلف من مصادر شتى لتفسير القرآن ، منها :

أ ـ القرآن الكريم

آيات القرآن الكريم تعد المصدر الأصلي في أضواء البيان وفي كل منهج تفسير للقرآن بالقرآن ، وهذا شيء لا يحتاج الى الإطالة هنا ، بك تكيفه الإشارة ، ويأتي في الفصل القادم تفصيل ذلك بقلم المؤلف .

ب ـ السنة النبوية

إن تفسير اضواء البيان ، وإن كان معروفاً بـ " إيضاح القرآن بالقرآن " ، فإن هذا لا يعني : الإعراض عن الأحاديث النبوية المفسرة ، ولأجل ذلك جاء المؤلف بالروايات التي ساقها لإيضاح الإبهام أو تفصيل المجمل ، وهذا شيء لا ضير فيه ، ولا يخرج الشنقيطي عن منهجه الذي اختصه لنفسه  ، و هو : (ايضاح القرآن بالقرآن ) ؛ لأن الحديث يدعم وجهة نظره ، في ان هذه الآية مفسره لتلك ، او تخصص عامها او تقيد مطلقها .

يقول الشنقيطي : ويتضح لك من هذا : ان معنى قوله تعالى : { أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة : 223] يعني : ان يكون الإتيان في محل الحرث ، على أي حالة شاء الرجل ، وسواء كانت المرأة مستقلة أو باركة أو على جنب أو غير ذلك ، ويؤيد هذا ما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر رضي الله عنه قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة : 223].

فظهر من هذا أن جابراً رضي الله عنه يرى : ان معنى الآية : فأتوهن من القبل على اية حالة شئتم ، ولو كانت من ورائها ، والمقرر في علوم الحديث : أن تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول ، له حكم الرفع كما عقده صاحب طلعة الأنوار بقوله :

تفسير صاحب له تعلق      بالسبب الرفع له محقق (9).

ج ـ اللغة والشعر

تفسير اضواء البيان غني بأبحاثه اللغوية واستشهاداته الشعرية ؛ تبياناً وتوضيحاً لمعاني ودلالات الكلمات القرآنية ، وكان المؤلف متمكناً من لسان العرب ومتضلعاً فيه ومقتدراً على فهم الكتاب الكريم .

فمثلاً حينما يريد أن يبين كلمة (خسر) في آية {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر : 2] يقول : الخسر : الغبن ، وقيل : النقص ، وقيل : العقوبة ، والهلكة .... والكل متقارب .

وأطلق الخسر ليعم شؤون الحياة ، وجاء بحرف الظرفية ليشعر أن الإنسان مستغرق في الخسران ، وهو محيط به من كل جهة ، ولو نظرنا الى أمرين : المستثنى والسورة التي قبلها ، لا تضح هذا العموم ؛ لأن مفهوم المستثنى يشمل أربعة أمور :

1- عدم الإيمان ، وهو الكفر .

2- عدم العمل الصالح ، وهو العمل الفاسد .

3- عدم التواصي بالحق ، وهو انعدام التواصي كلية او التواصي بالباطل .

4- عدم التواصي بالصبر ، وهو إما انعدام التواصي كلية أو الهلع أو الجزع .

وبربط سورة العصر بسورة التكاثر الواقعة قبلها في المصحف ، " يظهر تلهي الإنسان بالتكاثر في المال والولد ؛ بغية الغنى والتكثر فيه ، وضده ضياع المال والولد وهو خسران ... فعليه يكون الخسران في الدين من حيث الإيمان بسبب الكفر ، وفي الإسلام وهو ترك العمل وإن كان يشمله الإيمان في الاصطلاح ، والتلهي بالباطل وترك الحق ، وفي الهلع والفراغ (10).

د ـ أقوال الصحابة والتابعين والمفسرين

 لا تخلو صفحة من صفحات أضواء البيان من قول أو اقوال للمفسرين المتقدمين والمتأخرين ، او الصحابة والتابعين . فهو في ذيل الآية : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} [الأنفال : 64] يقول : فالمعنى : حسبك الله ، أي : كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين ، وبهذا قال الشعبي وابن زيد وغيرهما ، وصدر به صاحب الكشاف ، واقتصر عليه ابن كثير وغيره ، والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير وأن المعنى : كافيك الله (11).

اقسام البيان في تفسير القرآن بالقرآن في الأضواء

اقسام البيان في تفسير القرآن بالقرآن ، في تفسير أضواء البيان ، كثيرة ولا يمكن التعرض لكلها هنا ، فلا بد أن نختار جزءاً منها ؛ لنعرف منهج الأضواء :

1- بيان الإجمال الواقع بسبب الاشتراك في الاسم

فمن أمثلة هذا القسم ، قوله تعالى : {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحج : 29] ؛ فإن العتيق يطلق بالاشتراك على القديم وعلى المعتق من الجبابرة وعلى الكريم ، ولكنه تعالى قال : {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران : 96] فيدل على القديم فقط .

2- بيان الإجمال بسبب الاشتراك في فعل

قال الله تعالى : {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير : 17] فإن كلمة عسعس ، مشترك بين إقبال الليل وإدباره ،وقد جاءت آية تؤيد أن معناه في الآية : أدبر ، وهي وقوله تعالى : {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر : 33، 34].

3- بيان الإجمال بسبب الاشتراك في حرف

قال الله تعالى : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } [البقرة : 7] ، فإن الواو في قوله : وعلى سمعهم ، وقوله : وعلى ابصارهم ، محتملة للعطف على ما قبلها وللاستئناف ، ولكنه تعالى بين في سورة الجاثية أن قوله : وعلى سمعهم معطوف على قلوبهم ، وان قوله : وعلى أبصارهم ، جملة مستأنفة مبتدأ وخبر ، فيكون الختم على القلوب والأسماع ، والغشاوة على خصوص الابصار ، بدليل قوله تعالى : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } [الجاثية : 23]

4- بيان الإجمال بسبب الإبهام في اسم الجنس المجموع

قال تعالى : {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة : 37] ، فقد أبهمها هنا ، وذكرها في سورة الأعراف : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف : 23] .

5- بيان الإجمال الواقع بسبب الإبهام في اسم الجنس المفرد

قال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا } [الأعراف : 137] ، فبينها في سورة أخرى فقال : {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ } [القصص : 5 - 6] .

6- بيان الإجمال الواقع بسبب الإبهام في اسم الجمع

قال تعالى : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان : 25 - 28] ؛ فإنه أبهم فيه القوم ، ولكنه بين في سورة الشعراء أن المراد بأولئك القوم بنو إسرائيل ؛ لقوله في  القصة بعينها : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ } .

7- بيان الإجمال الواقع بسبب الإبهام في صلة الموصول

قال تعالى : {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة : 1] فقد ابهم هنا هذا المتلو عليهم الذي هو صلة الموصول ، ولكنه بينه بقوله : {حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة : 173].

8- بيان الإجمال الواقع بسبب الإبهام في معنى حرف

قال تعالى :  {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} ؛ فإن لفظة (من) فيه للتبعيض ، ولكن هذا البعض المدلول عليه بحرف التبعيض المأمور بإنفاقه مبهم هنا ، وقد بينه تعالى بقوله : {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة : 219] والعفو هو : الزائد على الحاجة الضرورية .

9- بيان الإجمال الواقع بسبب احتمال في مفسر الضمير

قال تعالى : {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } [العاديات : 7] ؛ فإن الضمير يحتمل أن يكون عائداً الى الانسان ، وان يكون عائداً الى رب الإنسان ، ولكن النظم الكريم يدل على عوده الى الإنسان ؛ بدليل قوله تعالى {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } [العاديات : 8] ، فإنه للإنسان بلا نزاع .

10- بيان الإجمال بواسطة سؤال وجواب

قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ؛ فإنه لم يبين هنا ما المراد بالعالمين ، ولكنه وقع سؤال وجواب عنها في موضع آخر ، وهو قوله تعالى : {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الشعراء : 23، 24] .

11- بيان الإجمال بواسطة توضيح وقوع ما أجمل وقوعه اولاً

قال تعالى : {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} [البقرة : 51] ؛ فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بها ، هل كانت مفرقة ؟ او مجتمعة ؟ ولكنه بينها في سورة الاعراف بقوله : {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف : 142].

12- بيان المطلوب مما أجمل طلبه أولاً

قال تعالى : {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} [الأنعام : 8] ؛ فإنه بين في الفرقان : ان مرادهم بالملك المقترح إنزاله  : نذير آخر معه ، وذلك قوله تعالى : {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان : 7] .

13- بيان الإجمال بواسطة ذكر السبب

قال تعالى : {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة : 74] ؛ فإنه لم يبين هنا سبب قسوة قلوبهم ، ولكنه بينه بقوله :   {نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة : 13] .

14- بيان الإجمال بواسطة ذكر المفعول

قال تعالى : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى } [النازعات : 26] ؛ فإنه لم يذكر مفعول (يخشى) ، ولكنه بينه في سورة هود ، فقال : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ } [هود : 103] ؛ لأن الآيتين مرتبطتان بفرعون .

15- بيان الإجمال بواسطة ذكر ظرف المكان

قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ثم بين في سورة الروم أن السماوات والأرض من الظروف المكانية لحمده ، فقال تعالى : {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الروم : 18].

16- بيان الإجمال بواسطة ذكر ظرف الزمان

قال تعالى : {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة : 143] فإن الله تعالى بين في سورة النساء : ان شهادة الرسول واقعة يوم القيامة ، وذلك قوله تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} [النساء : 41، 42] (12).

وهناك أقسام أخرى من البيان ، موجودة في الأضواء ، تركناها رعاية للاختصار .

_______________________
1- راجع : مقدمة تفسير أضواء البيان : 18- 26 ، والتفسير والمفسرون في العصر الحديث : 249.
2- راجع : أضواء البيان : 14 و 21.
3- راجع : التفسير والمفسرون في العصر الحديث ، لعبد القادر محمد صالح : 292.
4- المصدر السابق : 254.
5- راجع : أضواء البيان 1 : 30 .
6- راجع : مقدمة تفسيره : 17 .
7- أضواء البيان 1 : 37.
8- أضواء البيان : 30 .
9- أضواء البيان 1 : 106 ، ذيل الآية 222 من سورة البقرة .
10- راجع : أضواء البيان 6 : 138 ، ذيل الآية 2 من سورة العصر .
11- اضواء البيان 1 : 476 ، ذيل الآية 64 من سورة الأنفال .
12- راجع : مقدمة أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : 31-42.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .