أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2015
10798
التاريخ: 31-12-2021
1270
التاريخ: 15-2-2022
2077
التاريخ: 3-1-2022
1395
|
الإنسان والحشائش البرية
منذ نحو ثلاثة بلايين من السنين، انضمت الخلية الخضراء إلى المنظومة الحية على سطح الكرة الأرضية وتحملت عملية البناء الضوئي مسئوليتها في بناء المادة العضوية وضخ الأكسجين إلى الوسط المحيط. تلى ذلك ظهور البكتريا والطحالب والفطريات ثم الحيوانات الأولية واللافقرية والأسماك. ومنذ نحو ٢٥٠ مليون سنة خلقت النباتات الأرضية على وجه المعمورة معلنة استعدادها لظهور الثدييات.
وانضم الإنسان إلى هذه المنظومة البيولوجية منذ حوالى ٥ ملايين سنة، وعاش على الأرض، وتقدم باقي مكونات المنظومة في الاستفادة من مختلف الأنواع النباتية ومنتجاتها. فعاش الإنسان في أحضان الأشجار وعليها، یتغذى من ثمرها، ويتنفس مما تضخه من إكسير الحياة – الذى سمى فيما بعد بالأكسجين، يبني بيته من أخشابها، ويغطى جسده بأليافها، ويتوارى خلفها من الأعداء، ويلوذ بها من ثورات الطبيعة، وأصبح لا حياة للإنسان إلا حيث يوجد النبات.
وبتقدم الإنسان في معرفته وعلمه بالأشياء، بدأ – قدر طاقته – يطوع ما حوله في البرية من كائنات لخدمته ومنفعته، وكان النبات محل اهتمامه الأعظم، لإدراكه بأهميته المباشرة لغذائه وكسائه ومسكنه، وغير المباشرة المتمثلة في ضرورة النبات لحيواناته النافعة. لأنواع رأى حاجته فبدأ يستزرع الأرض ويبذر فيها البذور، مستأنسا إليها في وقت قد تضن عليه الطبيعة بها، فأصبح يحصد من النبات ما بذر بذرته وبالقدر الذى يريده ويطلبه، بل تدرج الإنسان فيما بعد في تفهم ما عرف بأصول تربية النبات بغية تحسين صفاته وزيادة إنتاجيته.
وقد لاحظ الإنسان خلال رحلته في احتراف الزراعة أن بعضا من الأنواع النباتية تظهر في حقله وتؤثر في محصوله. ونظرا لعدم جدوى تلك الأنواع المغيرة، فقد سجلها في ذاكرته كأنواع غیر مرغوب فيها. وقد درج إطلاق كلمة حشيشة weed على أي نبات ينمو في منطقة لا يرغب الإنسان في وجوده فيها، خاصة تلك الأماكن التي يستغلها الإنسان – أو يحاول استغلالها – في الإنتاج الزراعي.
لهذا فإن حشيشة النجيل bermudagrass التي تعد من النباتات المفضلة في الحدائق والمتنزهات كبساط أخضر جميل، تعتبر من الآفات شديدة الضرر عنيدة المكافحة إذا ما نمت في أرض منزرعة بالمحاصيل أو غزت أحد بساتين الفاكهة.
ولكل نوع من الحشائش – شأنه شأن مختلف الأنواع النباتية – موطن أصلى انتقل منه تدريجيا– بيد الإنسان أو الطبيعة – إلى مناطق أخرى وتكيف فيها وفقا لقدرته على مواجهة ظروف تلك المواطن الجديدة. وعلى الرغم من أن بعض الحشائش يعد مهما من الناحية الطبية، فإن كثير من أنواعها یعد من الآفات الضارة التي تستوجب الرعاية والاهتمام.
وربما كانت الحشائش هي أكثر ما نلاحظ في حياتنا اليومية من آفات. فنراها بداخل المزروعات وحولها، وعلى ضفاف الأنهار وحواف الترع والقنوات، والجوانب غير المعبدة للطرق منتشرة هنا وهناك، وجوانب السكك الحديدية، وأسفل جدران الأبنية، وحول المصانع، وفى شقوق الأرض، ومناطق الآثار والمناطق المهجورة التي لم تصلها يد العمران. وینتشر في الأراضي المصرية وحدها من وادى النيل ما يربو عن ١٥٠ نوعا من الحشائش الأرضية التي تهدد المزروعات .
وكثير من هذه النباتات تتم دورة حياتها في غضون العام annual، وبعضها قد يتمها في عامين biennial أو يعمر لسنوات perennial. ومن الحشائش ما هو عريض الأوراق أو رفيعها، كما تتنوع بذورها بين ذات الفلقة الواحدة monocotyledon أو الاثنتين dicotyledon، كما أن منها الأرضي والمائي.
ومن الحشائش المائية ما هو طاف حر في حركته مع التيار كياسنت الماء water hyacinth الذى بعرف في مصر بورد النيل، والمنبثق الذى یضرب بجذوره في رواسب القاع ويخترق الماء بسيقانه وأوراقه إلى السطح مثل زنبق الماء water lily أو قد یعلو بمجموعه الخضري لأعلى مثل الغاب و التيفا، ومنها المغمور أو الغاطس الذى قد لا يظهر بمجموعه الخضري كلية كنخشوش الحوت Ceratophylum demersum وديل الفرس Potamogeton pectinatus و الهيدريللا.
الصراع القديم
تمتد جذور الصراع المسجلة بین الإنسان والحشائش الضارة إلى ما يربو عن ستة آلاف عام قبل الميلاد. ففي الصين یظهر ذلك في كتاب بروتوكول الزو Zhou – المؤلف منذ نحو ٢٢٠٠ عام خلت – فيسجل وجود وظائف رسمية قديمة لإبادة الحشائش، كما يظهر عرضا في الأغاني الشعبية والأشعار الصينية القديمة التي تحمل وصفا لأدوات النقاوة وطرق المكافحة والكد فيها في الحقول.
كما جاء في معجم تاج العروس للزبيدي "المولود عام ١١٤٥هـ" حديث عن إفساد الحشائش للزرع وأسماء بعض أنواعها وخصائصها يذكر منها الهالوك broomrape "هذا هو الاسم الذى يطلق عليه في مصر، وهو نوع من الطراثيث إذا طلع في الزرع يضعفه ويفسده فيصفر لونه ويتساقط، وأكثر ضرره على الفول والعدس، كما أنهم يتشاءمون به".
ورغم الكفاح المستميت للإنسان في محاولة استئصال الضار من الحشائش والتي تصل في تنوعها إلى أكثر من ألفى نوع، من جملة الأنواع النباتية المعروفة في العالم والتي تبلغ ربع المليون، فإنه لم ينجح في إبادة تلك الأنواع الضارة إلا في مناطق محدودة وتحت ظروف خاصة. فبعد انتشار وتوطن النبات في مناطق جديدة فإنه عادة ما يصعب التحكم في القضاء عليه إلا في المساحات المحدودة التي يسهل السيطرة عليها، و ان كان يحتاج في معظم الحالات إلى عدة سنوات من نظام دقيق وجهد عظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
احمد, سيد عاشور.2003. الحشائش ومبيداتها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|