أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
2113
التاريخ: 6-05-2015
2476
التاريخ: 13-10-2014
4754
التاريخ: 13-10-2014
2224
|
تمهيد : التعريف بالتفسير الموضوعي :
حين نريد أن نلاحظ الدراسات التفسيرية منذ العصور الإسلامية الأُولى نجد بينها اختلافاً كثيراً في الانطباعات ، وتفاوتاً كبيراً بالموضوعات ذات العلاقة في البحوث القرآنية؛ حيث نرى بعض المفسّرين يتّجه إلى تأكيد الجوانب اللُّغوية واللّفظية في النص القرآني ، وبعضهم الآخر يتّجه إلى تأكيد الجانب التشريعي والفقهي من القرآن ، وبعضٌ آخر يتّجه إلى تأكيد الجانب العقيدي أو الأخلاقي أو العلمي التجريبي أو الجانب العرفاني منه ، وهكذا بالنسبة إلى بقيّة الموضوعات القرآنية كالقصّة وغيرها.
وبالرّغم من هذا الاختلاف الكبير لا نكاد نجد اختلافاً مهمّاً في منهج الدراسة والبحث ، ذلك أنّهم اعتادوا على أن ينهجوا في البحث طريقة تفسير الآيات القرآنية بحسب تسلسل عرضها في القرآن الكريم ، وتنتهي مهمّة تفسيرها عند تحديد معنى الآية موضوع البحث مع ملاحظة بعض ظروف السياق أو بعض الآيات الأُخرى المشتركة معها في نفس الموضوع ، ويمكن أن نسمّي هذا المنهج بالتفسير التجزيئي أو الترتيبي للقرآن الكريم.
نعم نلاحظ أن مجموعةً من الآيات اهتمّ المفسّرون بها بشكلٍ خاص؛ لوجود قاسم مشترك بينها : كآيات الأحكام أو القصص القرآني أو الآيات الناسخة والمنسوخة أو غيرها ، ولكن لم تدرس كموضوعٍ مستقلٍّ بل باعتبار وجود الجامع والخصوصيّة المشتركة.
وفي وقتٍ متأخرٍ من تأريخ علم التفسير أخذت تنمو بوادر منهجٍ جديدٍ في التفسير أو البحث القرآني ، يقوم على أساس محاولة استكشاف النظريّة القرآنية في جميع المجالات : العقيدية والفكرية والثقافية والتشريعية والسلوكية من خلال عرضها في مواضعها المختلفة من القرآن الكريم.
فحين نُريد أن نعرف رأي القرآن الكريم في (الإلوهيّة) ، يستعرض هذا المنهج الجديد الآيات التي جاءت تتحدّث عن هذا الموضوع في مختلف المجالات وفي جميع المواضع القرآنية ، سواء في ذلك ما يتعلّق بأصل وجود الإله أم بصفاته وحدوده ، ومن خلال هذا العرض العام والمقارنة بين الآيات وحدودها ، نستكشف النظرية القرآنية في (الإله).
ونظير هذا الموقف يتّخذه في كلِّ المفاهيم والنظريّات أو بعض الظواهر القرآنية ، فيبحث عن (الأُسرة) أو (التقوى) أو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أو (المجتمع) أو (الجهاد) أو (فواتح السور) أو (القصص القرآني) أو (الإنسان) أو غير ذلك من الموضوعات القرآنية.
وقد يقتصر البحث على مقطعٍ قرآنيٍّ واحدٍ؛ لأنّ القرآن لم يعرض لموضوع البحث إلاّ في هذا المقطع؛ ومع ذلك نجد هذا الاختلاف بين المنهج الجديد والمنهج السابق في دراسة هذا المقطع الواحد؛ حيث تكون مهمّة المنهج الجديد استخلاص الفكرة والنظرية من خلال هذا المقطع دون المنهج السابق.
فالتفسير الموضوعي ـ إذن ـ يقوم على أساس دراسة موضوعات معينة تعرض لها القرآن الكريم في مواضع متعددة أو في موضع واحد ، وذلك من أجل تحديد النظرية القرآنية بملامحها وحدودها في الموضوع المعين ، ومن أجل أن يتضح المراد من التفسير الموضوعي يحسن بنا أن نفهم مصطلح الموضوعية ، كما شرحه أُستاذنا الشهيد الصدر (قُدِّس سرّه) فقد ذكر ثلاثة معانٍ لمصطلح الموضوعية :
أوّلاً :
(الموضوعيّة) في مقابل (الذاتيّة) و(التحيّز) ، والموضوعية بهذا المعنى عبارة عن : الأمانة والاستقامة في البحث (1) ، والتمسّك بالأساليب العلميّة المعتمدة على الحقائق الواقعية في نفس الأمر والواقع ، دون أن يتأثّر الباحث بأحاسيسه ومتبنّياته الذاتية ولا أن يكون متحيّزاً في الأحكام والنتائج التي يتوصّل إليها.
وهذه (الموضوعيّة) أمرٌ صحيحٌ ومُفْترَضٌ في كلا المنهجين (التجزيئي) و(الموضوعي) ولا اختصاص لأحدهما بها.
ثانياً :
(الموضوعيّة) بمعنى أن يبدأ في البحث من (الموضوع) ، الذي هو (الواقع الخارجي) ويعود إلى (القرآن الكريم) (2) لمعرفة الموقف تجاه الموضوع الخارجي.
)فيركّز [المفسِّر في منهج التفسير الموضوعي] نظره على موضوعٍ من موضوعات الحياة العقائدية أو الاجتماعية أو الكونيّة ، ويستوعب ما أثارته تجارب الفكر الإنساني حول ذلك الموضوع من مشاكل ، وما قدّمه الفكر الإنساني من حلول ، وما طرحه التطبيق التأريخي من أسئلةٍ ومن نقاط فراغ ، ثمّ يأخذ النص القرآني... ويبدأ [معه] حواراً ، فالمفسّر يسأل والقرآن يجيب... وهو يستهدف من ذلك أن يكتشف موقف القرآن الكريم من الموضوع المطروح...) (3).
وقد سمّى هذا المنهج أيضاً بالمنهج (التوحيدي) (باعتبار أنّه يوحّد بين (التجربة البشريّة) و(القرآن الكريم) لا بمعنى أنّه يحمل التجربة البشريّة على القرآن... بل بمعنى أنّه يوحّد بينهما في سياق بحثٍ واحدٍ لكي يستخرج نتيجة هذا السياق... المفهوم القرآني الذي يمكن أن يحدّد موقف الإسلام تجاه هذه التجربة أو المقولة الفكريّة)(4).
ثالثاً :
وقد يُراد من (الموضوعيّة) ما يُنسب إلى الموضوع ، حيث يختار المفسِّر موضوعاً معيّناً ثمّ يجمع الآيات التي تشترك في ذلك الموضوع فيفسِّرها ، ويحاول استخلاص نظريّة قرآنية منها فيما يخص ذلك الموضوع.
ويمكن أن يُسمّى مثل هذا المنهج منهجاً توحيديّاً أيضاً (باعتبار أنّه يوحّد بين هذه الآيات ضمن مركّب نظري واحد) (5).
ولا شكّ أنّ المعنى الأوّل ليس موضوع البحث ، إذ لا يختلف التفسير الموضوعي عن التفسير التجزيئي في ضرورةٍ توفّر هذا الوصف فيه ، ويبقى عندنا المعنى الثاني والثالث.
وقد خضع هذا المنهج في البحث لقانون التطوّر الذي يحدث عادة في مناهج البحث ، فمرّ بمراحل متعدّدة ، حيث قام المنهج القديم للتفسير بدور الحضانة له ، ثمّ بلغ رشده وانفصل عنه ، فإذا بالموضوعات القرآنية المختلفة تتّخذ صفة البحث المستقل عن (الهيكل العام للتفسير القديم).
______________________________
(1) المدرسة القرآنية ، الدرس الثاني : 29. ط . بيروت.
(2) المصدر نفسه : 28.
(3) المصدر نفسه : 19.
(4) المدرسة القرآنية ، الدرس الثاني : 28.
(5) المصدر نفسه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|