أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-06
248
التاريخ: 25-04-2015
4831
التاريخ: 2024-09-02
325
التاريخ: 13-10-2014
17518
|
التفسير بمعناه اللُّغوي :
التفسير في اللُّغة : البيان والكشف (1).
وفي القرآن الكريم بهذا المعنى ؛ قال تعالى :
{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان : 33]
فتفسير الكلام ـ أيّ كلام ـ معناه : الكشف عن مدلوله ، وبيان المعنى الذي يُشير إليه اللّفظ.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نطرح السؤال التالي :
هل يُعتبر بيان المعنى الظاهر من اللّفظ الذي يتبادر منه تفسيراً ، بحيث يصدق عليه لفظ التفسير بمعناه اللّغوي أولا ؟
فهناك اتجاهٌ يقول :
إنّ الكشف والبيان الذي أخذناه في معنى التفسير يستبطن افتراض وجود درجةٍ من الخفاء والغموض في المعنى؛ ليُكشف ويُزال الغموض عنه بعمليّة التفسير ، فلا يصدق التفسير حينئذٍ إلاّ في حالة الغموض والخفاء ، فمن يسمع كلاماً له معنىً ظاهر يتبادر من ذلك الكلام ، فيعلن عن ذلك المعنى لا يكون مفسِّراً للكلام؛ لأنّه لم يكشف عن شيءٍ خفي ، وإنّما يصدق التفسير على الجهد الذي يبذله الشخص في سبيل اكتشاف معنى الكلام المُكْتَنِف بشيءٍ من الغموض والخفاء.
وبتعبيرٍ آخر :
إنّ من أظهر معنى اللّفظ يكون قد فسّره ، وأمّا حيث يكون المعنى ظاهراً ومتبادراً بطبيعته فلا إظهار ولا تفسير.
وسيراً مع هذا الاتجاه لا يكون من التفسير إلاّ إظهار أحد محتملات اللّفظ ، وإثبات أنّه هو المعنى المراد ، أو إظهار المعنى الخفي غير المتبادر ، وإثبات أنّه هو المعنى المراد بدلاً من المعنى الظاهر المتبادر ، وأمّا ذكر المعنى الظاهر المتبادر من اللّفظ فلا يكون تفسيراً.
وهذا الاتجاه يمثّل الرأي السائد لدى الأُصوليين.
ولكنّ الصحيح هو أنّ ذكر المعنى الظاهر قد يكون في بعض الحالات تفسيراً أيضاً ، وإظهاراً لأمرٍ خفي ، كما أنّه ـ في بعض الحالات الأُخرى ـ قد لا يكون تفسيراً؛ لأنّه يفقد عنصر الخفاء والغموض ، فلا يكون إظهاراً لأمرٍ خفيٍّ أو إزالةً لغموض.
ومن أجل تعرّف موارد الظهور التي ينطبق عليها (التفسير) والموارد التي لا ينطبق عليها معنى (التفسير) نقسِّم الظهور إلى قسمين :
أحدهما : الظهور البسيط : وهو الظهور الواحد المستقل المنفصل عن سائر الظواهر الأُخرى.
والآخر : الظهور المعقّد : وهو الظهور المتكون نتيجةً لمجموعةٍ من الظهورات المتفاعلة.
ولأجل توضيح هذا التقسيم ، نضرب مثالاً لذلك من العرف ، بأن يقول شخصٌ لولده : اذهب إلى البحر في كلّ يوم ، أو يقول له : اذهب إلى البحر في كلّ يوم ، واستمع إلى كلامه.
فبالنسبة إلى القول الأوّل نعتبر الظهور ظهوراً بسيطاً ، إذ لا توجد في الكلام إلاّ صورة واحدة تتبادر إلى الذهن وهي : صورة بحر من الماء ، يطلب الأب من ولده أن يذهب إليه في كلّ يوم.
وأمّا بالنسبة إلى القول الثاني فالظهور معقّد؛ لأنّه مُزْدوج ، فهناك نفس الظهور السابق ، إذ يتبادر إلى الذهن من كلمة البحر : البحر من الماء ، يذهب إليه الولد في كلِّ يوم.
ويقابله ظهورٌ آخر وهو ظهور الاستماع إلى كلام البحر ، إذ يتبادر إلى الذهن من ذلك : أنّ البحر ليس بحراً من ماءٍ بل هو بحرٌ من العلم؛ لأنّ بحر الماء لا يُستمع إلى كلامه؛ لأنّه ليس له كلام ، وإنّما يُستمع إلى صوت أمواجه.
وهكذا نواجه في القول الثاني ظهروين بسيطين متعارضين ، وحين نلاحظ الكلام بصورةٍ كاملةٍ متفاعلةٍ يجب أنْ ندرس نتيجة التفاعل بين ذينك الظهورين ، وما ينجم عنهما من ظهور بعد تصفية التناقضات الداخلية بينهما؛ وهذا الظهور الناجم عن ذلك نسمّيه : بالظهور المعقّد أو المركّب.
وإذا ميّزنا بين الظهور البسيط والظهور المعقّد أمكننا أن نعرف أنّ إبراز الظهور المعقّد ، وتحديد معنى الكلام على أساسه يُعتبر (تفسيراً)؛ لأنّ تعقيده وتركيبه يجعل فيه درجةً من الخفاء والغموض جديرةً بالكشف والإبانة ، فيصدق عليه اسم : (التفسير) ، وأمّا الظهور البسيط ، ففي الغالب لا يُعتبر إبراز معنى الكلام على أساسه تفسيراً؛ لأنّ المعنى ظهر بطبيعته فلا يحتاج إلى إظهار.
والنتيجة أنّ في صدق التفسير على بيان المعنى في موارد الظهور اتجاهين :
أحدهما : القائل بعدم صدقه مطلقاً ، سواء كان الظهور بسيطاً أو معقداً.
والآخر : ـ وهو الاتجاه الصحيح ـ القائل بأنّ التفسير ليصدق على بيان المعنى في موارد الظهور المعقّد ، دون بعض موارد الظهور البسيط.
____________________
(*) كتبه الشهيد الصدر (قُدِّس سرّه).
(1) لسان العرب : مادّة (فسر).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|