هل معاوية وأصحابه في صفين من المؤمنين ؟ وكيف نوفق بين حديث النبي لعمار (تقتلك الفئة الباغية) وحديث الامام علي ( إخواننا بغوا علينا ) ؟ |
93
09:00 صباحاً
التاريخ: 2024-10-23
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-23
95
التاريخ: 2024-10-23
94
التاريخ: 2024-10-23
113
التاريخ: 2024-10-23
119
|
السؤال : إخوتي الأعزاء : لقد وقع نقاش بيني وبين أحدهم فقلت له :
ارجع إلى حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الخاصّ بالصحابي الجليل عمّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية » (1) ، وهذا ما حصل في معركة صفّين.
فقال لي : ارجع إلى كتاب الله ما معنى البغي : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].
ومن هنا يكتشف لدينا : أنّ معاوية وأصحابه من المؤمنين ، واستدلّ بقول الإمام علي عليه السلام : ( إخواننا بغوا علينا ) ، ما هو الردّ على هذا الإشكال؟
الجواب : نود توضيح بعض النقاط تتوقّف إجابة السؤال عليها :
1 ـ إنّ صفة المؤمنين مفهوم كُلّي ينطبق على مصاديق وأفراد كثيرة ، ولا يندرج فرداً أو مصداقاً تحت هذا المفهوم إلاّ بدليل قطعي ، ولا يكفي في دخوله مجرّد الشكّ ، وعليه فلابدّ من وجود دليل على كون معاوية وبعض من حوله من المؤمنين ، حتّى يدخل تحت هذه الآية ، ولا يكفي الشكّ في كونهم مؤمنين ، وهذا واضح.
2 ـ إذا ادّعى مدّعٍ : أنّ معاوية قد أسلم ظاهراً ، وهذا يكفي لإطلاق صفة الإيمان عليه ، نقول : إنّ الإسلام غير الإيمان ، فلا يخرج إثبات إيمانه عن احتياجه لدليل ، بل الأدلّة الكثيرة قائمة على عدم إيمانه ونفاقه ، وهي لا تخفى عليكم ، حيث أنّ الإيمان عمل قلبي لا يعرفه إلاّ الله والشخص المعني ، وإنّما نستدلّ عليه من تطابق أعمال الفرد مع المعايير الإسلامية ، ومعاوية بعيد عنها كُلّ البعد ، والأمثلة كثيرة.
3 ـ قد نثبت لمعاوية الإسلام الظاهري مع النفاق فهو منافق ، فيمكن أن يدخل في الآية من هذه الجهة ، لأنّ القرآن سمّى أُناساً كانوا مع النبيّ صلى الله عليه وآله مؤمنين ، مع أنّ أفعالهم أفعال المنافقين ، فهذا الإطلاق في القرآن إطلاق عام يشمل المؤمنين حقيقة والمنافقين ، قال تعالى : {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: 5، 6].
قال الشيخ الطوسي : « وهذه صفة المنافقين بلا خلاف » (2).
4 ـ يجب التنبيه هنا على شيء مهمّ ، وهو التفريق في الكلام بين معاوية بخصوصه مع بعض من اتبعه ـ كمروان وعمرو بن العاص ـ وبين جماعة أهل الشام الذين معه ، فإنّ الغالبية العظمى من أتباعه جهّال خدعوا وهم مسلمون ، قد يكون منهم مخلصون في الدفاع عن الإسلام ، ولكن داءهم الجهل ، وهذا أمر عرفي واضح.
فإذا كان الكلام عن الجماعة ككل ، فلا مانع من أن تصفهم بأنّهم مسلمون ، أو مؤمنون بالمعنى العام المشار إليه ، أو حتّى مؤمنون جهّال وغير منافقين ، إذ كانوا يظنّون أنّهم يمثّلون الإسلام الحقيقي ، بما مارسه معاوية عليهم من كذب وإشاعات.
فإذا كان الكلام بخصوص معاوية وهؤلاء البعض من أعوانه ، فإنّ الأمر يختلف ، إذ أنّا يمكن أن ننسب إليهم النفاق والكفر بالمعنى الخاصّ ـ المقابل للإيمان ـ وإن كانوا غير كافرين بالمعنى العام ـ أي مجاهرين بالكفر ـ إذ هم مسلمون على الظاهر.
وهذا أمر واضح ، فإنّ الجماعة ـ كجماعة ـ يمكن أن تضم بينها المسلم والمؤمن والمنافق ، ولكن عند الخطاب يطلق عليها الصفة التي تنطبق عليها بالظاهر العام ، ولا تنفي هذه الصفة حقيقة الفرد المنضوي تحتها ، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على جيش أمير المؤمنين عليه السلام ، فإنّ فيهم الخوارج والمنافقين ، وهذا أمر واضح.
فيجب التفريق في الكلام على الجماعة بما هم جماعة ، وعلى الأفراد بما هم أفراد ، ومن هنا نفهم كلمات أمير المؤمنين عليه السلام : « إخواننا بغوا علينا » (3) ، نعم هم إخوان بالإسلام بما هم جماعة ككل ، وأحكامهم تختلف عن الكفّار المجاهرين بالكفر.
5 ـ إنّ الآية قد أطلقت صفة المؤمنين بالمعنى العام السابق على الطائفتين ، ثمّ قالت : ( فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ) ، وقد حدّد رسول الله صلى الله عليه وآله الطائفة الباغية ، التي تأمرنا الآية بقتالها.
فالمقتول في طائفة الحقّ في الجنّة كعمّار ، والمقتول في طائفة البغي في النار ، فعند حدوث البغي حصل التفريق بين الطائفتين وبين موقفيهما ، وهو واضح من الآية ، فما معنى إطلاق لفظة المؤمنين على البغاة بعد ذلك؟ إذ النزاع ليس لفظي ، مع أنّه يخالف المفهوم من الآية ، وجهة المقابلة الموجودة فيها بين الطائفتين.
ثمّ إنّ هذه المفاهيم ـ كالإسلام والإيمان ـ وضعت واستعملت للإشارة إلى حقائق أُخروية ، ونحن نستعملها كذلك ، فعندما نطلق على شخص أنّه مؤمن ، أي أنّه مصنّف في الناجين يوم القيامة ، فإذا ثبت لنا أنّه في النار ، فلا يكون إطلاق صفة الإيمان عليه إلاّ سفسطة.
ونزاعنا مع القوم ليس بالألفاظ ، وإنّما في المآل الأخروي الذي تدلّ عليه الألفاظ ، وإلاّ فما فائدة أن نطلق عليه مؤمن وهو في النار؟ إلاّ التلاعب بالألفاظ.
6 ـ ليكن من الواضح : أنّا عندما نطلق على معاوية أنّه كافر ، نريد به إمّا أنّه كافر بالمعنى الخاصّ المقابل للإيمان الخاصّ ، الذي هو الإيمان بالإمامة ، وهو غير الكافر بالمعنى العام ، أي المجاهر بالكفر المقابل للمسلم ، أو نريد به المنافق ، بل الأصح أنّا نريد به المنافق الذي يعامل معاملة المظهر للإسلام باللسان ، فهو كافر بالباطن.
أمّا الفئة العظمى من جيشه ، فإنّا نطلق عليهم مسلمين غير مؤمنين بالإمامة ، فهم ليسوا كفّاراً مجاهرين ، ولكن إذا أُطلق عليهم الكفر يراد به الكافر الخاصّ ، المقابل للإيمان الخاصّ ، ويمكن أن يطلق عليهم مؤمنين بالمعنى العام المشار إليه سابقاً ، الذي يساوي الإسلام العام.
7 ـ إنّ اختلاف جماعتين ربما يكون في شيء لا يخرج عن الإيمان أو الإسلام ، وربما يختلفان في شيء يخرج عنهما ، والآية عامّة شاملة لكلا الحالين.
ويبقى علينا التشخيص في تحديد الأمر المختلف عليه ، إذ بعد وقوع القتال وحصول التمايز بينهما بالبغي وعدمه ، نرجع في تحديد صفة كُلّ طائفة بما تعتقد به ، وتخالف الأُخرى عليه ، فإذا كانت طائفة تقاتل وتخالف الأُخرى على شيء يخرج عن الإسلام أو الإيمان ، نسبنا تلك الطائفة بما يناسبها من ذلك ، وهو ما حصل بين طائفة علي عليه السلام وطائفة معاوية ، فالخروج على إمام الزمان موبقة تخرج عن الإسلام أو الإيمان على الخلاف ، فلاحظ.
________________
1 ـ مسند أحمد 2 / 161 و 3 / 5 و 5 / 306 و 6 / 300 و 311 ، صحيح مسلم 8 / 186 ، الجامع الكبير 5 / 333.
2 ـ المبسوط للشيخ الطوسي 7 / 262.
3 ـ السنن الكبرى للبيهقي 8 / 173.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|