المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مرحلة الطفولة
2024-05-29
السكريات المعدودة (قصيرة السلسلة) Oligosaccharides
24-1-2016
الجهاز الهضمي في الاسماك
11-2-2016
أشكال أنظمة التصويت داخل مجلس النواب
25-4-2022
عناصر إدارة موارد الجودة الشاملة
14-6-2018
عامر بن السمط و عامر بن وائلة
30-3-2016


معنى كلمة سلم‌  
  
11499   02:38 صباحاً   التاريخ: 19-11-2015
المؤلف : الشيخ حسن المصطفوي
الكتاب أو المصدر : تحقيق في كلمات القران الكريم
الجزء والصفحة : ج5 ، ص 227- 236.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / تأملات قرآنية / مصطلحات قرآنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2014 7667
التاريخ: 17-5-2022 2138
التاريخ: 19-2-2022 2216
التاريخ: 1-2-2016 13079

مقا- سلم : معظم بابه من الصحّة والعافية ، ويكون فيه ما يشذّ ، والشاذّ عنه قليل. فالسلامة : أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى. قال أهل العلم : اللّه جلّ ثناؤه هو السلام ، لسلامته ممّا يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء- واللّه يدعو الى دار السلام ، فالسلام اللّه ، وداره الجنّة. ومن الباب أيضا الإسلام وهو الانقياد لأنّه يسلم من الإباء والامتناع. والسلام : المسالمة ، وفعال تجي‌ء في المفاعلة كثيرا ، نحو القتال. ومن باب الإصحاب والانقياد : السلم الّذي يسمّى السلف ، كأنّه مال أسلم ولم يمتنع من إعطائه. وممكن أن تكون الحجارة سمّيت سلاما لأنّه أبعد شي‌ء في الأرض من الفناء والذهاب ، لشدّتها وصلابتها. فأمّا السليم وهو اللديغ ، وتسميته : لأنّه اسلم لما به أو أنّهم تفاءلوا بالسلامة. والسلّم : معروف وهو من السلامة ، لأنّ النازل عليه يرجى له السلامة. والّذي شذّ عن الباب السلم : الدلو الّتي لها عروة واحدة. والسلم : شجر. ومن الباب الأوّل : السلم وهو الصلح.

مصبا- السلم : في البيع مثل السلف وزنا ومعنى ، وأسلمت اليه بمعنى أسلفت أيضا. والسلم أيضا شجر العضاه ، الواحدة سلمة. والسلام اسم من سلم عليه ، والسلام من أسماء اللّه تعالى. والسلم : الصلح ، يذكّر ويؤنّث ، وسالمه مسالمة وسلاما. وسلم المسافر يسلم من باب تعب ، سلامة : خلص ونجا من الآفات ، فهو سالم. وسلّمه اللّه في التعدية وأسلم للّه ، فهو مسلم ، وأسلم : دخل‌ في دين الإسلام . وأسلم : دخل في السلم. وأسلم أمره للّه ، وسلّم أمره للّه لغة.

وأسلمته : خذلته ، واستسلم : انقاد ، وسلّم الوديعة لصاحبها : أوصلها ، فتسلّم ذلك ، ومنه قيل سلّم الدعوى : إذا اعترف بصحّتها ، فهو إيصال معنويّ ، وسلّم الأجير نفسه للمستأجر : مكّنه من نفسه حيث لا مانع ، واستلأمت الحجر قال ابن السكّيت : همّزته العرب على غير قياس ، والأصل استلمت لأنّه من السلام وهي الحجارة ، وقال ابن الأعرابيّ : أصله مهموز من الملاءمة وهي الاجتماع.

الاشتقاق- 34- سلمى من السلم والسلم : ضدّ الحرب. والسلم والسلم واحد ، وألقوا إليكم السلم ، وجئتك بفلان سلما أي مستسلما لا ينازع. والسلم : دلو لها عروة واحدة نحو دلاء السقّائين. والسلامة : ضدّ البلاء. والسلام جمع سلمة وهي حجارة. وذكر يونس إنّ قولهم استلم فلان الحجر الأسود : هو افتعل من السلمة.

واشتقاق السلم من قولهم أسلمت للّه أي سلم له ضميري. والسلامي : عصب ظاهر الكفّ والقدم ، وعظام صغار حولها عصب.

والتحقيق

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو ما يقابل الخصومة وهو الموافقة الشديدة في الظاهر والباطن بحيث لا يبقى خلاف في البين.

و من لوازم هذا المعنى مفاهيم الانقياد والصلح والرضا.

ولمّا كان أصل المادّة لازما : فيكون مفهومه حصول الوفاق ورفع الخلاف والخصومة في نفس الشي‌ء ، سواء يلاحظ في نفسه أو بالنسبة الى غيره.

وإذا لوحظ في نفسه من حيث هو : يلازمه الاعتدال والنظم والمحفوظيّة من النقص والعيب والعاهة والآفة ، وهذا معنى السلامة والصحّة في نفس الشي‌ء وفي أجزائه ، لفقدان الخلاف فيما بين الأجزاء والأعضاء ، وحصول الوفاق الكامل والنظم والاعتدال فيها ، فالصحّة تكون من مصاديق الأصل بهذا المعنى.

وهذا القيد هو الفارق بين السلامة والصحّة والعافية ، فالنظر في هذه المادّة الى حصول الوفاق ورفع الخلاف في نفس الشي‌ء من حيث هو.

ومن لوازم هذا المعنى : مفاهيم التخلّص من الآفات والنجاة من العاهات والصحّة والعافية من النقص والعيب.

وأمّا مفهوم الخذلان في قولهم- أسلمته أي خذلته : فمأخوذ من السلم ، أي جعلته سلما موافقا ومنقادا ، فهو من آثار الأصل.

وأمّا استلام الحجر : فهو افتعال وهو بمعنى المطاوعة والاختيار ، والمعنى اختيار التسلّم في قبال الحجر الأسود الّذي شرّفه اللّه حول البيت ، والتسلّم يتجلّى بتعظيمه كتعظيم البيت وتقبيله ومسّه بقصد التيمّن.

وامّا الإطلاق في الحجارة : فكأنّها مصاديق طبيعيّة للتسلّم ، وهذا المعنى متحقّق في الدلو للسقاء أيضا ، حيث إنّه مسخّر ومنقاد.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة : 208].

فالسلم اسم مصدر ، وهو المفهوم المتحصّل من المصدر والمسالمة.

{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال : 61].

{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [محمد : 35].

السلم مصدر بمعنى التوافق ورفع الخلاف والخصومة. وتشير الآيتان الكريمتان الى أنّ الأصل الأوّلي في الإسلام هو المسالمة إذا تمايل المخالف ، ولا يجوز الاستسلام وطلب المسالمة من جانب المسلمين ابتداء ، فانّ هذا علامة الوهن والضعف في إرادة المسلمين وإيمانهم ، فانّهم الأعلون إن كانوا مؤمنين.

{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء : 90] .... {فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ} [النساء : 91].

{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [النحل : 87]. { فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل : 28].

السلم أيضا مصدر كتعب ، والإلقاء بمعنى الإظهار والإبلاغ ، والآيتان الأوليان تدلان على نفي التعرّض والسبيل على المخالفين إذا أظهروا الاعتزال وألقوا السلم في الدنيا. والأخيرتان إشارة الى إظهار السلم منهم في الآخرة وبعد انقضاء‌

زمان العمل ، وهو غير نافع لهم في يوم الحساب.

وأمّا الإسلام والتسليم : فالنظر في الأوّل الى جهة الصدور من الفاعل وقيام الفعل به ، وفي الثاني الى جهة وقوع الفعل وتعلّقه بالمفعول.

{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ...} [البقرة : 112] ، . {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...} [آل عمران : 83] ، . {وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر : 66].

أي من جعل نفسه وذاته ووجهه في سلم قبال ربّ العالمين ، حتّى لا يبقى جهة خلاف في البين.

{فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً...} [النور : 61] ، . {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا...} [الأحزاب : 56] ، . {إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة : 233].

أي التسليم وجعل هذا العمل متعلّقا بالغير ، كتسليم التحيّة وتسليم النفس وتسليم ما آتيتم ، والمراد جعل هذه الموضوعات مسلّمة وفي سلم في هذه الموارد ، في كلّ مورد بحسبه.

والتعبير في هذه الموارد بهذه المادّة دون ما يماثلها من التأدية والإيتاء والإعطاء والدفع وغيرها : إشارة الى تحقّق مفهوم السلم وأن لا يبقى أدنى خلاف وبغض ، ويكون هذا من خلوص النيّة.

ثمّ إنّ متعلّق التسليم والإسلام إمّا أمر مادّيّ أو روحانيّ : فالأوّل كما في : {إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة : 233].

ما تريدون إيتاءه في مقابل الرضاعة ، وكما في : { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ } [الأنفال : 43].

أي جعلكم سلما متوافقين في مقابل العدوّ.

والأمر الروحانيّ كما في : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب : 56].

أي اجعلوا أنفسكم وقلوبكم سلما وموافقا قبال رسول اللّه (صلى الله عليه واله). ونظيرها قوله تعالى : . {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء : 65].

أي حتّى لا يبقى خلاف باطنيّ واستنكار قلبيّ بل يوافقون من جميع الجهات‌ و يسلّمون أنفسهم وقلوبهم فيما قضى (صلى الله عليه واله).

والإسلام أيضا من جهة متعلّقه كذلك ، فالمادّيّ كما في : . { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } [الفتح : 16].

يراد إظهار التسلّم وكونهم سلما في المرتبة الاولى من الإسلام. وكما في قوله تعالى : . { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل : 31].

يراد الاطاعة والاتّباع في الظاهر.

و الروحانيّ كما في : . {وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر : 66].

فظهر أنّ الإسلام عبارة عن جعل شي‌ء سلما أي موافقا متلائما لا يبقى خلاف ولا ترى جهة مغايرة ومنافرة.

وللإسلام مراتب :

الأوّل- اسلام في أعمال الظاهريّة وفي الأركان البدنيّة والجوارح والأعضاء الجسمانيّة ، كما في : . {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات : 14].

والمرتبة الثانية- جعل النفس سلما وموافقا في الظاهر والباطن ، بحيث لا يبقى خلاف في أعماله وفي نيّاته وقلبه ، كما في : . {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} [النمل : 81].

والمرتبة الثالثة- رفع الخلاف كلّا ، سواء كان في عمل أو في نيّة أو في إنّيّة ذات ، ففي هذه المرتبة لا يبقى إنيّة ولا تشخّص نفسيّ ، ولا رؤية نفس ، ويكون وجوده مستغرقا في بحر الوجود الحقّ ، وفانيا في عظمة نوره تعالى ، وفي هذا المقام يقلع أثر الخلاف من أصله ، وهو الإنّيّة ، ويتجلّى حقيقة مفهوم التسلّم والموافقة الحقّة المطلقة-. {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } [آل عمران : 19].

فانّ الإسلام المطلق الكامل هو يكون متحقّقا في هذا المقام.

وأمّا السلام : فهو مصدر كالكلام ، ومعناه السلم والسلم ، بزيادة في مفهومه لزيادة في لفظه ومبناه ، وهو التوافق الكامل ورفع أيّ خلاف في الظاهر والباطن.

و قلنا إنّ السلم في ذات الشي‌ء من حيث هو : عبارة عن تحقّق الاعتدال والنظم الكامل فيما بين الأجزاء وتنزّهه عن النقص والعيب ، فانّ التوافق الحقّ فيما بين‌ الأجزاء وارتفاع الخلاف إنّما يتحصّل ويتحقّق في هذه الصورة فقط ، والصحّة مرجعها الى هذا المعنى.

. {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد : 24].

. {يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل : 32].

. {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل : 59].

. {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا} [الزمر : 73].

فتدلّ الآيات على ما ذكرنا من مفهوم السلام ، فانّ السلام قد ذكر فيها مربوطا ومنوطا بالعمل والاصطفاء والتطيّب والصبر ، ويذكر بانّ نتيجة السلام هي دخول الجنّة ، وليس هذا إلّا أن يتحقّق الاعتدال ويتنزّه عن النقص والعيب ، ويتحصّل حقّ الخلوص والصفا والطهارة والنظم الكامل.

ويدلّ على هذا المعنى أيضا : التعبير بقوله تعالى-. {سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة : 16] ، . { دَارُ السَّلَامِ} [الأنعام : 127] * ، في قوله :

{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة : 16].

{ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس : 25].

{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} [الأنعام : 127].

يراد دار فيها اعتدال وصفاء وطهارة ونظم كامل ، خالية عن النقص والعيب.

وأمّا السلام وهو من أسماء اللّه عزّ وجلّ : وهو المصداق الأتمّ الأكمل الحقّ من هذا المفهوم ، ليس في وجوده أقلّ نقطة من الضعف والحاجة والفقر والنقص والمحدوديّة ، وليس في ذاته عزّ وجلّ أثر من خلاف ، وهو الحقّ المطلق ، والمنزّه عن كلّ ما يتصوّر من الضعف ، سبحانه وتعالى عمّا يقولون.

{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} [الحشر : 23].

وأمّا كونه تعالى في غاية التوافق وكمال السِلميّة : فانّ ذاته تعالى المصداق الأتمّ من حقيقة الوفاق والسلميّة والصلح والرفق والسداد ، وفي اثر هذه الصفة تتجلّى منه تعالى صفات الرحمة والعطوفة والكرم ، وهو الحنّان المنّان الودود الرحمن الرحيم ، سبقت رحمته غضبه ، ليس في ذاته تعالى مثقال ذرّة من بغض وخلاف وغضب وعدوان‌ و محدوديّة في أمر أو في حقّ مخلوق. فانّ هذه الصفات انّما تنشأ من الضعف والحاجة والفقر والمحدوديّة. وهو الغنيّ العزيز.

وأمّا السليم : فهو فعيل ويدلّ على ثبوت صفة السلميّة في ذات الشي‌ء ويتنزّه عن النقص والعيب في حدّ ذاته.

{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء : 88 ، 89].

{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات : 83 ، 84].

يراد قلب طاهر من العيوب والنقائص ، وحقيقته السلميّة وتحصّل مفهوم الوفاق والصلح والرفق في القلب ، وهذه الحقيقة إنّما تتحقّق بالتنزّه عن العيوب.

ويظهر من هذا التعبير أنّ النافع المفيد للإنسان في يوم الجزاء وفي مقام السير الى الكمال والسعادة : هو السلميّة المتحصّلة في القلب لا غير.

ولا يصحّ حمل الكلمة على الصحّة والعافية الظاهريّة ، فانّ صحّة القلب المادّيّ لا تأثير لها في مقام الجزاء والثواب والعقاب ، مضافا الى أنّ هذه الصحّة المادّيّة تتبدّل في الآخرة بسنخ آخر يلائم تلك الدار.

وكذلك في الآية الكريمة : {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم : 43].

فليس المراد هو الصحّة والعافية ، فانّ السجود بمعنى كمال الخضوع ومنتهى التذلّل ، وهو أمر باطنيّ قلبيّ وقد يظهر بصورة السجود الظاهريّ ، فلا ارتباط بين الصحّة وحقيقة السجود.

فالمراد انّ وجودهم الجسمانيّ والروحي كانا في وفاق واعتدال وسلميّة فطريّة ، ومع هذا الاقتضاء الفطريّ والدعوة الإلهيّة : إنّهم كانوا في خلاف وتمرّد وعصيان عملا.

ثمّ إنّ السلميّة والوفاق إمّا طبيعيّ فطريّ وإمّا إراديّ اختياريّ : فالطبيعيّ : ما يكون باقتضاء الفطرة والتكوين الإلهيّ ، كما في قوله تعالى :

{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران : 83].

فانّ كلّ موجود من الجماد أو النبات أو الحيوان أو الملائكة أو الإنسان وقد خلقوا‌ خاضعين متذلّلين منقادين تحت حكم اللّه وسلطة أمره بفطرتهم وطبيعتهم الّتي فطرهم عليها ، وهم سالكون على مقتضى تكوينهم موافقون في ما قدّر لهم مسالمون في إجراء وظائفهم المقدّرة لا يخالفون ما أمر اللّه لهم في حركة ولا في سكون ولا عمل ، ولا يعصون.

وأمّا الإراديّ : فهو ما يتحقّق في المرتبة الثانية وفي مقابل تكاليف تشريعيّة ووظائف إلهيّة ثانويّة ، كما في : {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [البقرة : 112].

يراد تحقّق السلميّة الإراديّة والوفاق الباطنيّ في صورة العمل بالطاعات ووظائف العبوديّة.

{وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ} [البقرة : 71].

أي مربّاة على السلميّة والتسلّم.

وأمّا السلّم بمعنى المرقاة : هو وسيلة يتوسل بها الى الوصول بحاجة ومقصود ، وهو سلم في قبال من يتوسّل اليه ، وهذه الصيغة كالقمّل والذمّل والقبّر ، وليست بمعنى المرقاة ، بل هي من مصاديقه.

{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ} [الأنعام : 35].

{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطور : 38].

أي تبتغون وسيلة تتوسّلون اليها في محيط السماء وتستفيدون منها في ذلك المحيط ، وأم لهم وسيلة موجودة ليقدروا فيها على الاستماع.

ولا يخفى أنّ هذه الكلمة مضافا الى تناسب هذا الاشتقاق : معرّبة ومأخوذة عن اللغة العبريّة بتغيير مختصر كما ترى :

قع- (سولّام) سلّم ، مرقاة ، سلّم موسيقيّ ، تدرّج.

فظهر أنّ تفسير المادّة في الآيات المذكورة بالصحّة والعافية والانقياد والصلح والخلاص والنجاة والتمكين وغيرها : في غير محلّه.

وباعتبار هذا الأصل أيضا يطلق السليم على اللديغ الجريح : فانّه بابتلائه دفعة بألم شديد وجراحة مؤلمة ، يكون في سلم قهرا وفي حال اضطرار.
_____________________

- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ ‏مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ ‏هـ .
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- قع = قاموس عبريّ - عربيّ ، لحزقيل قوجمان ، 1970 م .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .