أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2015
2474
التاريخ: 19-3-2022
1685
التاريخ: 29-12-2015
1908
التاريخ: 26-3-2018
2097
|
في أواخر القرن التاسع عشر ظهر في ألمانيا نوع جديد من الدراسات المناخية التي فرضتها الحاجة الشديدة لمضاعفة استغلال الأراضي الزراعية حتى يمكنها أن تواجه التزايد المستمر في عدد السكان ، فقد رأى بعض الباحثين وعلى رأسهم كراوس Gregor Kraus أن علم المناخ يمكنه أن خدمات كثيرة لهذا الاستغلال ، ولكنهم لاحظوا أن الدراسات المناخية العامة التي تعتمد فقط على المعدلات التي تنشرها المراصد المختلفة كثيرا ما تعطى صورة مشوهة لما هو موجود في الطبيعة فعلا ، لأن هذه المعدلات تهمل كثيرا التفاصيل المهمة التي قد تكون لها آثار عظيمة في حياة النباتات ، كما أنها من تهمل في معظم الأحيان مراعاة الظروف الجغرافية المحلية التي يكون لها أحيانا أثر واضح في تنوع المناخ واختلافه من بقعة إلى أخرى في الإقليم الواحد ، ولذلك فإن هذه الدراسات العامة لم تكن لها الفائدة المرجوة في الحياة العملية خصوصا ما يتعلق منها بالاستغلال الاقتصادى للأرض، فالزارع مثلا لا يهمه كثيرا أن يعرف المعدلات الشهرية والسنوية للمطر أو درجة الحرارة في الإقليم الذي يعيش فيه بصفة عامة ، بل إن الذي يهمه قبل كل شيء هو أن يعرف الظروف المحلية الخاصة بحقله ، وهى الظروف الذى قد تجعل هذا الحقل مختلفا اختلافا كبيرا عن غيره من الحقول التي في نفس الإقليم . ويبدو هذا بصفة خاصة في البلاد الجبلية التي تتعقد فيها مظاهر السطح حيث نجد مثلا أن الجبل الواحد قد تتمثل عليه جميع أنواع المناخ تقريبا ، فبصرف النظر عن الحقيقة المشهورة الخاصة بتناقص درجة الحرارة كلما زاد الارتفاع ، نلاحظ أن هناك فروقا كبيرة جدا بين مناخ الجوانب المختلفة للجبل الواحد ، ففى نصف الكرة الشمالي تكون الجوانب الجنوبية عادة أدفا ونصيبها من الشمس أكبر من الجوانب الشمالية. كما أن النظام اليومي لدرجة الحرارة يختلف اختلافا واضحا من جانب إلى آخر، وذلك تبعا لدرجة الميل التي تسقط بها أشعة الشمس على الأرض ، واختلاف ساعات سقوطها على الجوانب المختلفة ، ومن المعروف كذلك أن الجوانب المواجهة هبوب الرياح المحملة ببخار الماء تكون دائما أغزر مطراً من الجوانب المضاده اتى تقع فيما يعرف باسم و ظل المطر .
ولئن كان ارتفاع الجبال وشكلها يساعدان على خلق أنواع متباينة من ، فان هذا المناخ هو أيضا شأن الوديان والمنخفضات ، فقاع الوادى يكون عادة أدفاً أثناء النهار من جوانبه ، أما اثناء الليل فيحدث العكس لأن الهواء البارد يميل دائما للهبوط بسبب ازدياد كثافته حيث يتجمع في قيعان الوديان والمنخفضات ، ولهذا فان الحقول التي توجد في هذه القيعان في المناطق المعتدلة الباردة تكون عادة أكثر تعرضا لخطر الصقيع من الحقول التي على الجوانب المرتفعة ، وهذه الحقيقة تبدو واضحة كذلك بالنسبة لمنحدرات الحبال ، حيث تكون الأجزاء السفلى مها أبرد أثناء الليل من الأجزاء العليا ، وذلك على العكس فما هو معروف عموما عن تناقص درجة الحرارة بالارتفاع .
وليس من شك في أن الحياة النباتية التي تغطى سطح الأرض في بعض الأماكن ودرجة كثافتها لها كذلك تأثير ظاهر على المناخ ، وهو تأثير ملطف في غالب الأحيان ، ويكفى أن نشير إلى مانلمسه في حياتنا العامة من فرق واضح بين مناخ المدن ومناخ الريف ، ولو أننا أن نلاحظ من ناحية أخرى أن ظروف المدن نفسها بما فيها من مبان ومصانع وما ينتشر في جوها من أتربة ودخان ومواد عالقة ، وفى منازلها من مواقد ، كل ذلك له دخل كبير في إظهار لفرق بين مناخ المدن ومناخ الريف وليس ما ذكرناه هنا ألا أمثلة قليلة فقط للدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الظروف المحلية في تنوع مظاهر المناخ ومايترتب على ذلك من تنوع في مظاهر الحياة المختلفة داخل المنطقة الواحدة ، ولهذا فإننا نجد أن الجغرافيين أخذوا في السنوات الأخيرة يهتمون بصفة خاصة بدراسة تفاصيل المناخ في مناطق صغيره محدودة المساحة ، أكثر من اهتمامهم بدراسة المظاهر العامة في مناطق واسعة ، وقد أدى هذا الاتجاه الحديث إلى تشعب علم المناخ واتساع مجال البحث فيه من بهذه الناحية أيضا ، فبدأنا نقرأ مثلا عن موضوعات جديدة مثل مناخ الجبال ومناخ الوديان ومناخ المدن ومناخ سطح التربة أى على ارتفاع لا يزيد متر واحد منها ، وغير ذلك من الموضوعات التي أصبح يضمها فرع جديد عظيم الاهمية من علم المناخ يطلق عليه بصفة عامة اسم : علم المناخ التفصيلي أو الميكروسكوبى Macroclimatology ، وقد أصبح علم المناخ التفصيلي في الوقت الحاضر من أهم العلوم التي توجه إليها الدول المتحضرة عناية بالغة لما لها أهمية اقتصادية خطيرة يبدو أثرها واضحا بالنسبة لتوزيع مظاهر الإنتاج المختلفة سواء منها ماهو زراعى أو ما هو صناعي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Kraus, Cregor. Boden und Klima auf Kleinstem Raum
Jenz, Fischer 1911
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|