المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05



دعوة النبي "ص" عشيرته واستنفار قريش ضدهم  
  
222   10:37 صباحاً   التاريخ: 2024-09-11
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص216-224
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله قبل البعثة /

1 . بعد بعثته أمره الله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ

بعد بعثت مباشرة أمره الله بدعوة بني هاشم ، وأنزل عليه من سورة الشعراء : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُبِينٍ . . . وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا لَهَا مُنْذِرُونَ . ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ . وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ أَلشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنْبَغِى لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ أَلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ . فَلاتَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ المُعَذَّبِينَ . وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَأَخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ أَتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ . فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِئٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ وَتَوَكَّلْ عَلَى العَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ .

فجمعهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكانوا أربعين رجلاً ، ودعاهم إلى الإسلام واختار منهم وزيره ووصيه وخليفته ، كما أمره ربه . وفي هذه المدة دوَّى خبر البعثة في أندية قريش حتى جاءهم خبر اجتماع بني هاشم وأن محمداً ( صلى الله عليه وآله ) طلب منهم وزيراً يبايعه على نصرته ، فاستجاب له ابن عمه علي فاتخذه وزيراً ووصياً وخليفة ! فرأوا ذلك نبأً عظيماً يؤكد أن نبوة بني هاشم مشروع هاشمي لحكم العرب ، فقرروا بالإجماع العمل لقتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) !

وقد عبَّر صاحب الصحيح : 3 / 59 بتعبير يوهم أن دعوة العشيرة الأقربين كان في المرحلة العلنية ، قال : « بعد السنوات الثلاث الأولى بدأت مرحلة جديدة وخطيرة وصعبة هي مرحلة الدعوة العلنية إلى الله تعالى . وقد بدأت أولاً على نطاق ضيق نسبياً حيث نزل عليه قوله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ » . انتهى .

لكن آية إنذار العشيرة نزلت في أول البعثة ، وأثارهم اختياره وصياً منهم ! وكفى بحديث إسلام أبي ذر دليلاً على خطورة السنوات الأولى على حياته ( صلى الله عليه وآله ) . أما آية المستهزئين فنزلت بعد ثلاث سنين .

2 . غَيَّبَتْ الحكومات حديث الدار

وقد روته المصادر الأصلية ، وصححه علماء الجرح والتعديل ، وألفوا فيه كتباً وفصولاً ، وعرف باسم حديث الدار ، وحديث الوصية ، لكن أتباع الحكومات أفتوا بأنه : يجب إنكاره ، ومنعه من التداول تحت طائلة العقوبة القصوى !

قال المفيد « رحمه الله » في الإرشاد : 1 / 49 : « أجمع على صحته نُقاد الآثار ، حين جمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بني عبد المطلب في دار أبي طالب وهم أربعون رجلاً يومئذ ، يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً فيما ذكره الرواة ، وأمر أن يُصنع لهم فخذ شاة مع مُد من البُر ، ويُعَدَّ لهم صاعٌ من اللبن ، وقد كان الرجل منهم معروفاً بأكل الجذعة « الذبيحة » في مقام واحد ، وشرب الفرق « السطل » من الشراب في ذلك المقام .

وأراد ( صلى الله عليه وآله ) بإعداد قليل الطعام والشراب لجماعتهم إظهارالآية لهم في شبعهم وريهم مما كان لا يشبع الواحد منهم ولا يرويه . ثم أمر بتقديمه لهم فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى تملَّوا منه ، فلم يبن ما أكلوه منه وشربوه فيه فبهرهم بذلك ، وبين لهم آية نبوته وعلامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه .

ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام ورووا من الشراب : يا بني عبد المطلب ، إن الله بعثني إلى الخلق كافة ، وبعثني إليكم خاصة ، فقال عز وجل : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان ، تملكون بهما العرب والعجم ، وتنقاد لكم بهما الأمم ، وتدخلون بهما الجنة ، وتنجون بهما من النار ، شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني عليه وعلى القيام به ، يكن أخي ووصي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي . فلم يجب أحد منهم ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فقمت بين يديه من بينهم وأنا إذ ذاك أصغرهم سناً وأحمشهم ساقاً وأرمصهم عيناً ، فقلت : أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر . فقال : أجلس ، ثم أعاد القول على القوم ثانية فصمتوا ، وقمت فقلت مثل مقالتي الأولى ، فقال : أجلس . ثم أعاد على القوم مقالته ثالثةً فلم ينطق أحد منهم بحرف ، فقلت : أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر ، فقال : أجلس ، فأنت أخي ووصي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي . فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : يا أبا طالب ، ليهنك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك ، فقد جعل ابنك أميراً عليك !

وهذه منقبة جليلة اختص بها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولم يشركه فيها أحد من المهاجرين الأولين ولا الأنصار ، ولا أحد من أهل الإسلام ، وليس لغيره عِدْلٌ لها من الفضل ولامقارب على حال » .

وفي رواية روضة الواعظين / 52 : « قال لهم : إني بعثت إلى الأسود والأبيض والأحمر ، وإن الله عز وجل أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وإني لا أملك لكم من الله حظاً إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله . فقال أبو لهب لعنه الله : لهذا دعوتنا ؟ !

ثم تفرقوا عنه ، فأنزل الله تعالى : تبَّتْ يَدَا أبي لهبَ وتَبْ . . الخ . ثم دعاهم دفعة ثانية فأطعمهم وسقاهم كالدفعة الأولى ، ثم قال لهم : يا بني عبد المطلب : أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكامها ، وما بعث الله نبياً إلا جعل له وصياً وأخاً ووزيراً فأيكم يكون أخي ووزيري ووصي ووارثي وقاضي ديني ؟ فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو أصغر القوم سناً : أنا يا رسول الله ، فلذلك كان وصيه .

ورويَ أنه جمعهم خمسة وأربعون رجلاً منهم أبو لهب ، فظن أبو لهب أنه يريد أن ينزع عما دعاهم إليه فقام إليه ، فقال له : يا محمد ، هؤلاء عمومتك وبنوعمك قد اجتمعوا فتكلم واعلم أن قومك ليست لهم بالعرب طاقة ، فقام ( صلى الله عليه وآله ) خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله . والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم حقاً خاصة والى الناس عامة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن كما تعلمون ، ولتجزون بالإحسان إحساناً ، وبالسوء سوءً ، وإنها الجنة أبداً والنار أبداً . إنكم أول من أُنذرتم » .

فقد طلب منهم أن يؤمنوا به ، وأن يبايعه رجل على نصرته ويتفرغ معه للدعوة ، فيتخذه وزيراً وأخاً ووصياً وخليفةً . وكان أبو طالب وحمزة يومها مسلمين لكنهما سكتا لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمرهما أن يكتما إيمانهما ، فلو أعلنا لأعلنت قريش الحرب عليهم .

أما جعفر فكان مسلماً ، ولعله سكت ليجيب علي ( عليه السلام ) لأنه يعلم ميل النبي ( صلى الله عليه وآله ) اليه ، فلما أعلن عليٌّ قبوله أعلنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) وزيراً وخليفة ، فأخبربذلك أنه

يعيش بعده !

لكن المخالفين للنبي في أهل بيته ، لا يحبون رؤية وجه الحديث ولا سماع صوته !

لأنه نصٌّ على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) اتخذ علياً ( عليه السلام ) بأمر ربه وصياً وخليفة ! وهو ينقض ما بنوا عليه أمرهم بعد وفاته من أنه لم يوص إلى أحد وتَرَكَ الأمر لهم !

لذا منعوا رواية هذا حديث الدار أو حرفوه ، كالطبري حيث رواه في تاريخه : 2 / 217 بنص المفيد المتقدم ، ثم كتمه في تفسيره : 19 / 148 فقال : « فأيكم يؤازرني على هذا الأمرعلى أن يكون أخي وكذا وكذا ! قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت وإني لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً ، وأخمشهم ساقاً : أنا يا نبي الله أكون وزيرك . فأخذ برقبتي ، ثم قال : إن هذا أخي وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع » !

وتبعه ابن كثير في تفسيره : 3 / 364 والنهاية : 3 / 53 فلم ينقل من تاريخ الطبري كما هي عادته ، واختار تفسيره لأن الحديث فيه محرف !

أما ابن تيمية فقال في منهاج السنة / 299 : « فإن هذا الحديث ليس في شئ من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل : لا في الصحاح ولا في المسانيد . والسنن والمغازي والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يحتج به ، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل فيها الصحيح والضعيف ، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغوي ، بل وابن جرير وابن أبي حاتم ، لم يكن مجرد رواية واحد من هؤلاء دليلاً على صحته باتفاق أهل العلم ، فإنه إذا عرف أن تلك المنقولات فيها صحيح وضعيف ، فلا بد من بيان أن هذا المنقول من قسم الصحيح دون الضعيف . وهذا الحديث غايته أن يوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغث والسمين ، وفيها أحاديث كثيرة موضوعة مكذوبة » .

لكن ابن تيمية معروف بأنه ينفي الواضحات ويرد الأحاديث الصحيحة ، ويكفي في هذا الحديث أنه رواه عدد وفير من أئمة الحديث مثل : ابن إسحاق ، والنسائي ، والبزار ، وسعيد بن منصور ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم في المستدرك ، وابن حنبل ، وابن مردويه ، وأبي حاتم ، والطحاوي ، وأبي نعيم ، والبغوي ، والمقدسي ، وابن عساكر ، والبيهقي في الدلائل . . الخ .

وقد أشكل بعضهم بوجود الراوي أبي مريم الأنصاري فيه ، وهوعن عبد الغفار بن القاسم ، وهو شيخ شعبة بن الحجاج الذي يلقبونه بأمير المؤمنين في الحديث وكان يوثقه ويمدحه .

وأشكل بعضهم بربيعة بن ناجذ الأزدي في طريق له ، لكن وثقه الألباني في صحيحته : 4 / 582 . راجع تناقضات الألباني : 2 / 212 وحديث الدار للميلاني والصحيح : 3 / 158 .

وأما محمد حسنين هيكل فأورده سليماً في كتابه : حياة محمد ، في الطبعة الأولى في صفحة 104 ، ثم حرفه في الطبعة الثانية صفحة 139 ، لقاء شراء الوهابية ألف نسخة من كتابه بخمس مائة جنيه ! راجع : فلسفة التوحيد والولاية / 179 للشيخ مغنية .

3 . خلافة علي ( ( ع ) ) كانت محسومة من أول البعثة

وقد اتضح ذلك من آية : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ، ومن حديث الدار .

وكانت محسومة من يوم كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يعرض نفسه على قبائل العرب ، ويطلب منهم أن يحموه ليبلغ رسالة ربه ، فيطلبون منه أن تكون لهم خلافته ، فيجيبهم إن الأمر لله وقد اختار له أهلاً ، وعليهم أن لا ينازعوا الأمر أهله !

قال ابن هشام : 2 / 289 : « أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم نفسه ، فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس : والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ، ثم قال له : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال : الأمر إلى الله ، يضعه حيث يشاء . قال فقال له : أفنهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ! لا حاجة لنا بأمرك ! فأبوا عليه » .

وكانت الخلافة محسومة بعشرات الأحاديث النبوية ، التي صرح فيها بمكانة علي ( عليه السلام ) وأوصى به الأمة بعده .

وكانت محسومة برفعه بيده في حجة الوداع وقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه !

وكانت محسومة بأعماله وأقواله العديدة ، في مرض وفاته . لكن قريشاً لا تريد أن تَقنع ، ثم أتباعها الذين عاندوا مثلها ، أو أحسنوا فيها الظن .

4 . النبأ العظيم وصية محمد ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لابن عمه

اتفق الرواة على أن سورة النبأ نزلت في الثلاث سنوات الأولى ، ويؤيد ذلك أنها لاتتضمن إلّا عن التساؤل عن النبأ العظيم الذي حيرهم ! قال تعالى : عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ . الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ . كَلا سَيَعْلَمُونَ . ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ . أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَادًا . وَالجِبَالَ أَوْتَادًا . وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً . وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا . . الخ . « النبأ : 1 - 9 » فقد كانت البعثة عند نزولها في أولها ، وكان زعماء قريش يتساءلون عن النبأ العظيم ، وهو عندهم أن بني هاشم انشقوا على قريش ، وادعى ابنهم النبوة واختار ابن عمه خليفةً له ، ولم يحسب لهم حساباً ، وكأن غير بني هاشم لا وجود لهم !

فزعماء بطون قريش لا يهمهم مضمون دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا معجزاته ، لأنهم لا يفهمون من النبوة إلا أنها انشقاق بني هاشم على قريش !

كما أنهم حساسون فيمن يستخلفه للنبوة ، هل هو من بني هاشم أو من غيرهم ؟ وقد أرادوا التأكد ، فكلفوا أبا سفيان بأن يستطلع الأمر ، كما روى في المناقب 2 / 276 عن تفسيرالقطان ، بسند صحيح عندهم ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد هذا الأمر بعدك لنا أم لِمَنْ ؟ قال : يا صخر ، الأمر بعدي لمن هو بمنزلة هارون من موسى ! قال : فأنزل الله تعالى : عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ . الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ . منهم المصدق بولايته وخلافته ومنهم المكذب بهما ! ثم قال : كَلَّا . وردَّ عليهم : سَيَعْلَمُون : خلافته بعدك أنها حق . ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُون : يقول : يعرفون ولايته وخلافته إذ يُسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا في بر ولا في بحر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن الولاية لأمير المؤمنين بعد الموت يقولان للميت : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك ، ومن إمامك ؟ » !

وفي الكافي : 1 / 207 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال له الثمالي : « جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية : عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ . قال فقال : هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، كان أمير المؤمنين يقول : ما لله عز وجل آيةٌ هي أكبر مني ، ولا لله من نبأٌ أعظم مني » .

وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 9 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي أنت حجة الله ، وأنت باب الله ، وأنت الطريق إلى الله ، وأنت النبأ العظيم ، وأنت الصراط المستقيم » .

وفي المناقب : 2 / 277 : « قال السوسي :

إذا نادت صوارمه سيوفاً * فليس لها سوى نعمٍ جواب

طعام سيوفه مهج الأعادي * وفيض دم الرقاب لها شراب

وبين سنانه والدرع صلحٌ * وبين البيض والبيض اصطحاب

هو النبأ العظيم وفلك نوح * وباب الله وانقطع الخطاب

وفي المزار للمفيد / 78 : « السلام عليك يا سيد الوصيين ، السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين ، السلام عليك أيها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه مسؤولون » . وفي عيون المعجزات / 136 : « من ألقابه ( عليه السلام ) : النبأ العظيم » .

وورد عن أهل البيت « عليهم السلام » أن معنى : كَلا سَيَعْلَمُونَ . أنهم سيعلمون عند ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، ثم يعلمون يوم القيامة أن الإسلام حق بإمامة العترة « عليهم السلام » .

راجع : معجم أحاديث الإمام المهدي ( ( ع ) ) : 5 / 377 وتفسير القمي : 2 / 401 .

أقول : هذا هو التفسير الصحيح للنبأ العظيم ، وهذا الذي أرَّق القرشيين وتساءلوا عنه واختلفوا فيه ، وتداولوا الموقف منه . وليس النبأ العظيم الآخرة ، كما زعم بعضهم فإن لسان حال المشركين : فليقل محمد إنه يوجد خمسون آخرة ! ولا هو القرآن ، فلينزل عليه خمسون قرآناً ! ولا هو سب أصنامهم ، فإنما هي أحجار نصبوها ، وهم مستعدون أن يبيعوها بثمن جيد !

بل ليس النبأ العظيم النبوة بنفسها ، فهم مستعدون لأن « يقبلوا » النبوة على صعوبتها عليهم ، لكن بشرط أن يعطيهم القيادة بعده !

أما قيادة بني هاشم بعده ، فهي الكفر العظيم والنبأ العظيم !

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « النَّبَأ العَظِيم : الولاية » . الكافي : 1 / 418 .

وقد فسرأتباع الخلافة النبأ العظيم بالقيامة أو القرآن ، بدون مستند إلا أقوال مفسري الدولة الأموية ! فقال مجاهد هو القيامة وروي عن قتادة ، وقال قتادة هو القرآن ، وروي عن ابن زيد ، والحسن البصري ! « عبد الرزاق : 3 / 342 والطبري : 30 / 4 » . فتراهم أبعدوا تساؤل قريش واختلافهم عن أحداث البعثة !

ونلاحظ أنهم رووا ربطها بالبعثة ، لكنهم أعرضوا عنها ! قال الطبري : 30 / 3 : « عن الحسن قال : لما بعث النبي جعلوا يتساءلون بينهم فأنزل الله : عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ ، يعني الخبر العظيم » !

والعجيب أن بعض مفسرينا ترددوا بين التفسيرين ! قال في جوامع الجامع : 3 / 710 : « وهو نبأ يوم القيامة والبعث ، أو أمر الرسالة ولوازمها » .

ووافق بعضهم مفسري الحكومات ، ففي الميزان : 17 / 223 النبأ العظيم في سورة صاد بالقرآن ، قال : « وهو أوفق بسياق الآيات السابقة المرتبطة بأمر القرآن » ثم فسره في سورة النبأ : 20 / 163 بالقيامة وقال : « في بعض الأخبار أن النبأ العظيم علي ( عليه السلام )

وهو من البطن » .

وتبعه صاحب تفسير الأمثل : 14 / 555 و 19 / 317 وعقد عنواناً : « الولاية والنبأ العظيم » ذكر فيه أن تفسير النبأ العظيم بالولاية من الباطن ، وأورد بعض رواياته وحاول أن يجمع بينه وبين تفسير النبأ العظيم بالمعاد !

وقد فاتهم أن الذي كان يؤرق زعماء قريش ويتساءلون عنه إنما هو نبأ بعثة النبي واتخاذه وصياً من بني هاشم ، فهذا هو الظاهر الأنسب بالسياق ، وليس من الباطن ! أما القرآن والقيامة وكل عقائد الإسلام ، فكانت أقل وقعاً عليهم من النبوة والوصاية ، فكيف تصير ظاهراً ، وتصير النبوة والإمامة بعدها باطناً .

بل كيف تكون أحاديث أهل البيت « عليهم السلام » الصريحة المستفيضة تفسيراً بالباطن ؟ !




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.