أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2014
2171
التاريخ: 24-04-2015
1672
التاريخ: 25-04-2015
1869
التاريخ: 13-10-2014
2597
|
المصدر اللغويّ احد مصادر التفسير
ينبغي للمفسّر الرجوع إلى المصدر اللغويّ في عمليّة التفسير، وذلك لأنّ القرآن الكريم نزل بلسان عربيّ مبين: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2] ، جارياً في مقام المخاطبة والتفهيم والتفاهم على القواعد والأساليب التي اعتمدها أهل اللغة العربية. ومن هذا المنطلق لا محيص للمفسّر في مقام فهم معاني القرآن وإدراك مقاصده من الرجوع إلى لغة العرب ومعرفة خصائصها وأساليبها وقواعدها، حتى يصل إلى المراد الإلهيّ من آيات القرآن الكريم.
وفي صدد تفسير القرآن، لا بدّ للمفسّر من الرجوع في عمليّة التفسير إلى المعاني المتفاهم عليها في عصر نزول القرآن الكريم، ولا يجوز له الرجوع إلى المعاني غير المستعملة أو غير المعروفة في بيئة النزول، فقد يحتمل أن يكون المعنى المتداول حالياً للفظ من الألفاظ هو غير ما كان متداولاً عليه في عصر النزول، ولا سيّما أنّ اللغة العربية، كغيرها من اللغات، قد خضعت لتغيّرات وتطوّرات على مستوى دلالات الألفاظ، تبعاً للأوضاع والاستعمالات على مرّ العصور والأزمان، لتأثّرها بعوامل وظروف مكانيّة وزمانيّة جديدة حادثة.
والمرجع في هذه الحالة، عند خفاء المعنى المتداول في بيئة النزول للفظ من الألفاظ، يكمن بالرجوع إلى المعاجم والقواميس اللغويّة القريبة من عصر نزول القرآن(1)، أو المعاجم والقواميس اللغويّة المتخصّصة والمتتبّعة للاستعمالات اللغويّة المختلفة للألفاظ وتطوّراتها(2)، وكذلك يمكن الرجوع إلى تفاسير الصحابة، بوصفهم قريبين من عصر النزول، بخصوص إيرادهم تحديد مدلول لغويّ للفظ ما، بشرط أن يكونوا بصدد نقل معنى متداول في عصر النزول، وليس إيرادهم له ناشئاً عن اجتهاد شخصيّ في الفهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّه ليس بين آيات القرآن آية واحدة ذات إغلاق وتعقيد في مفهومها، بحيث يتحيّر الذهن في فهم معناها، وكيف، وهو أفصح الكلام، ومن شرط الفصاحة خلو الكلام عن الإغلاق والتعقيد؟ والقرآن كلام عربيّ مبين لا يتوقف في فهمه عربيّ ولا غيره ممّن هو عارف باللغة وأساليب الكلام العربيّ، وإنّما الاختلاف كلّ الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية من مفردها ومركبها، وفي المدلول التصوّريّ والتصديقيّ، ذلك أنّ الأنس والعادة يوجبان لنا أن يسبق إلى أذهاننا عند استماع الألفاظ معانيها المادية أو ما يتعلّق بالمادّة، فإنّ المادّة هي التي تتقلّب فيها أبداننا وقوانا المتعلّقة بها ما دمنا في الحياة الدنيوية، فإذا سمعنا ألفاظ الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والرضا والغضب والخلق والأمر كان السابق إلى أذهاننا منها الوجودات المادّيّة لمفاهيمها. وكذا إذا سمعنا ألفاظ السماء والأرض واللوح والقلم والعرش والكرسيّ والملك وأجنحته والشيطان وقبيله وخيله ورجله إلى غير ذلك، كان المتبادر إلى أفهامنا مصاديقها الطبيعية. وإذا سمعنا: إنّ الله خلق العالم وفعل كذا وعلم كذا وأراد أو يريد أو شاء أو يشاء كذا قيدنا الفعل بالزمان حملاً على المعهود عندنا. وإذا سمعنا نحو قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35] ، وقوله: {لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الفاتحة: 17] ، وقوله: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ} [آل عمران: 198] ، وقوله: {إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28] ، قيدنا معنى الحضور بالمكان. وإذا سمعنا نحو قوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] ،
أو قوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ} [القصص: 5] ، أو قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] ، فهمنا: أنّ الجميع سنخ واحد من الإرادة، لما أنّ الأمر على ذلك فيما عندنا، وعلى هذا القياس. وهذا شأننا في جميع الألفاظ المستعملة، ومن حقنا ذلك، فإنّ الذي أوجب علينا وضع ألفاظ إنّما هي الحاجة الاجتماعية إلى التفهيم والتفهم، والاجتماع إنّما تعلّق به الإنسان ليستكمل به في الأفعال المتعلّقة بالمادّة ولواحقها، فوضعنا الألفاظ علائم لمسمياتها التي نريد منها غايات وأغراضاً عائدة إلينا. وكان ينبغي لنا أن نتنبّه: أنّ المسمّيات المادّيّة محكومة بالتغيّر والتبدّل بحسب تبدّل الحوائج في طريق التحوّل والتكامل، كما أنّ السراج أوّل ما عمله الإنسان كان إناء فيه فتيلة وشيء من الدهن تشتعل به الفتيلة للاستضاءة به في الظلمة، ثم لم يزل يتكامل حتّى بلغ اليوم إلى السراج الكهربائيّ، ولم يبق من أجزاء السراج المعمول أولاً الموضوع بإزائه لفظ السراج شيء ولا واحد. وكذا الميزان المعمول أولاً، الميزان المعمول اليوم لتوزين ثقل الحرارة مثلاً. والسلاح المتّخذ سلاحاً أوّل يوم، السلاح المعمول اليوم إلى غير ذلك. فالمسميات بلغت في التغيّر إلى حيث فقدت جميع أجزائها السابقة ذاتاً وصفة، والاسم مع ذلك باق، وليس إلّا لأنّ المراد في التسمية إنّما هو من الشيء غايته، لا شكله وصورته، فما دام غرض التوزين الاستضاءة أو الدفاع باقياً كان اسم الميزان والسراج والسلاح وغيرها باقياً على حاله. فكان ينبغي لنا أن نتنبّه إلى أنّ المدار في صدق الاسم اشتمال المصداق على الغاية والغرض، لا جمود اللفظ على صورة واحدة. ومن هنا، كان الاتّكاء والاعتماد على الأنس والعادة في فهم معاني الآيات يشوش المقاصد منها ويختلّ به أمر الفهم، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، وقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 103] "(3).
_____________________
1.من المعاجم والقواميس اللغويّة القريبة من عصر النزول: معاني القرآن لأبي زكريا الفرّاء ت: 207هـ.ق-، مجاز القرآن لأبي عبيدة المثنّى ت: 210هـ.ق-، مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ت: 502 هـ.ق-، وغيرها.
2.من المعاجم والقواميس اللغويّة المتخصّصة: ترتيب كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي 100-170 هـ.ق-، الصحاح لإسماعيل بن حمّاد الجوهري ت: 393هـ.ق-، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس ت: 395 هـ.ق-، وغيرها.
3.نظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص9-11.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|