المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصحافة الأدبية في دول المغرب العربي
2024-11-24
الصحافة الأدبية العربية
2024-11-24
الصحافة الأدبية في أوروبا وأمريكا
2024-11-24
صحف النقابات المهنية
2024-11-24
السبانخ Spinach (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
الصحافة العمالية
2024-11-24



أول ما خلق الله نور النبي "ص"  
  
459   09:36 صباحاً   التاريخ: 2024-09-04
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص23-35
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / الولادة والنشأة /

1 . عوالم وجودنا قبل هذا العالم

إن وجودنا الفعلي ليس أول وجودنا ولا آخره ، فقد تظافرت الأدلة من القرآن والسنة وكشوف العلم ، على أنا كنا موجودين في عوالم قبل عالمنا هذا ، واشتهر منها عالم الذر الذي قال الله تعالى عنه : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا . .

وقد نصت الآيات والأحاديث على أن الله امتحن الناس في عالم الذر امتحاناً كاملاً شاملاً ، وأن عملنا في هذا العالم تطبيقٌ لما اخترناه بإرادتنا الكاملة هناك .

وورد أن الناس تعارفت أرواحهم في عالم الذر ، فائتلفوا أو اختلفوا .

ويسمى عالم الأظلة أيضاً ، وفي بعض الروايات عالم الأشباح النورانية ، وعالم الأنوار الأولى ، وأنه أول ظلال أو فَئْ خلقه الله تعالى من نور عظمته .

كما ورد اسم عالم الطينة ، بمعنى الأصل الذي خلق منه الناس .

كما أن قوله تعالى : هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ، يشير إلى عالمٍ للإنسان حين كان شيئاً ولكن غير مذكور . راجع العقائد الإسلامية : 1 / 60 .

2 . خلق الله نور نبينا وآله ( ( صلى الله عليه وآله ) ) قبل هذا العالم

وأحاديثه في مصادرنا ومصادر غيرنا كثيرة ، وقد بحثها السيد الميلاني في المجلد الخامس من « نفحات الأزهار » ، ونورد منها :

أ . ما نص على أن الله تعالى خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل خلق الخلق ، كما في الخصال / 481 عن علي ( عليه السلام ) : « إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار ، وقبل أن خَلَقَ آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى « عليهم السلام » . . .

وخلق الله عز وجل معه اثني عشر حجاباً : حجاب القدرة ، وحجاب العظمة ، وحجاب المنة ، وحجاب الرحمة ، وحجاب السعادة وحجاب الكرامة ، وحجاب المنزلة ، وحجاب الهداية ، وحجاب النبوة ، وحجاب الرفعة ، وحجاب الهيبة ، وحجاب الشفاعة . ثم حبس نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة وهو يقول : سبحان ربي الأعلى ، وفي حجاب العظمة أحد عشر ألف سنة وهو يقول : سبحان عالم السر ، وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول : سبحان من هو قائم لا يلهو . . الخ . » .

فهو صريح بأنه ( صلى الله عليه وآله ) خلقه الله تعالى قبل كل شئ .

ب . ومنها أن عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) خلقوا مع نوره ( صلى الله عليه وآله ) ففي الكافي : 1 / 442 : « قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله . قلت : وما الأشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس فبه كان يعبد الله وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ، ويحجون ويصومون » .

ج . ومنها أن نبينا ( صلى الله عليه وآله ) أول من أجاب في عالم الذر عندما خلق الله البشر ، وامتحنهم ، ففي بصائر الدرجات / 83 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن بعض قريش قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بأي شئ سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال : إني كنت أول من أقرَّ بربي ، وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين و : أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، وكنت أنا أول نبي قال بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله » .

د . ومنها : أن الله تعالى بعث نبينا ( صلى الله عليه وآله ) نبياً للناس في عالم الأظلة ، ففي تفسير العياشي : 2 / 126 ، عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( صلى الله عليه وآله ) قالا : « إن الله خلق الخلق وهي أظلة فأرسل رسوله محمداً ( صلى الله عليه وآله ) فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الأظلة ، وجحده من جحد به يومئذ ، فقال : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ » .

وفي بصائر الدرجات / 104 : « سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله تبارك وتعالى : هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى . قال : يعني به محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث دعاهم إلى الإقرار بالله في الذر الأول » .

ه - . ومنها : أن النبي وآله ( صلى الله عليه وآله ) كانوا حول العرش ، وأنهم الكلمات التي تلقاها آدم ( عليه السلام ) ففي شرح الأخبار : 3 / 6 ، عن صفوان الجمال قال : « دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) وهو يقرأ هذه الآية : فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، ثم التفت إليَّ فقال : يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم ( عليه السلام ) أن يرمي بطرفه نحو العرش فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه ، فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ قال : يا آدم صفوتي من خلقي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ، والنار لمن عاداهم . لو أن عبداً من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ، ثم توسل إليَّ بحق هؤلاء لعفوت له . فلما أن وقع آدم في الخطيئة قال : يا رب بحق هؤلاء الأشباح اغفر لي ، فأوحى الله عز وجل إليه : إنك توسلت إلي بصفوتي وقد عفوت لك . قال آدم : يا رب بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم ؟ فأوحى الله إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا الحسن ، وأنا الإحسان وهذا الحسين » .

و . ومنها : أن الله تعالى خلق أربعة عشر معصوماً ( عليهم السلام ) من نور عظمته ، ففي المحتضر / 228 ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن الله عز وجل خلق أربعة عشر نوراً من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا . فقيل له : يا ابن رسول الله عُدَّهم بأسمائهم فمن هؤلاء الأربعة عشر نوراً ؟ فقال : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين ، تاسعهم قائمهم . ثم عدهم بأسمائهم وقال : نحن والله الأوصياء الخلفاء من بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن المثاني التي أعطاها الله تعالى نبينا محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن شجرة النبوة ، ومنبت الرحمة ، ومعدن الحكمة ، ومصباح العلم ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وموضع سر الله ، ووديعة الله جل اسمه في عباده ، وحرم الله الأكبر ، وعهده المسؤول عنه ، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله ، ومن خفره فقد خفر ذمة الله وعهده ، عرفنا من عرفنا ، وجهلنا من جهلنا . نحن الأسماء الحسنى الذين لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا ، ونحن والله الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه .

إن الله تعالى خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه على عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة عليهم بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدل عليه ، وخزان علمه ، وتراجمة وحيه ، وأعلام دينه ، والعروة الوثقى ، والدليل الواضح لمن اهتدى ، وبنا أثمرت الأشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، ونزل الغيث من السماء ، ونبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله تعالى ولولانا لما عرف الله تعالى ، وأيم الله لولا كلمة سبقت وعهد أخذ علينا لقلت قولاً يعجب منه أو يذهل منه الأولون والآخرون » .

ز . ومنها : أحاديث خلق نور علي ( عليه السلام ) مع نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد رواها الجميع ، ففي مناقب علي لأبي بكر بن مردويه / 285 ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزئين ، فجزءٌ أنا وجزء علي » .

كما روى ابن مردويه بسنده عن الباقر ( عليه السلام ) عن آبائه عن جده ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب ، حتى أقره في صلب عبد المطلب ، فقسمه قسمين : قسماً في صلب عبد الله ، وقسماً في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه » .

ومثله الخصال للصدوق / 640 ، وأمالي الطوسي / 183 ، وفيه : « فجعل في عبد الله نصفاً ، وفي أبي طالب نصفاً ، وجعل النبوة والرسالة فيَّ ، وجعل الوصية والقضية في علي ، ثم اختار لنا اسمين اشتقهما من أسمائه ، فالله المحمود وأنا محمد ، والله العلي وهذا علي ، فأنا للنبوة والرسالة وعلي للوصية والقضية » .

ورواه العلامة في كشف اليقين / 11 ونهج الحق / 212 ، عن ابن مردويه وابن حنبل ، وابن المغازلي وفيه : « حتى قسمه جزءين ، فجعل جزءً في صلب عبد الله ، وجزءً في صلب أبي طالب فأخرجني نبياً ، وأخرج علياً ولياً » .

ح . ومنها أن الله تعالى خلق نور نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وخلق معه نور علي وفاطمة ( ( صلى الله عليه وآله ) ) .

« ففي الكافي : 1 / 441 » : « عن محمد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) فأجريت اختلاف الشيعة فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرداً بوحدانيته ، ثم خلق محمداً وعلياً وفاطمة « عليهم السلام » فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها ، وفوض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله

تبارك وتعالى .

ثم قال : يا محمد ، هذه الديانة التي من تقدمها مرق ، ومن تخلف عنها محق ، ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد » .

3 . أحاديث خلق نور النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في مصادر السنيين

أ . روت عدداً منها مصادرهم وصححوا بعضها وضعفوا أكثرها ، وجردوه من ذكر العترة ! ففي مجمع الزوائد : 8 / 223 : « عن ميسرة العجر ، قال : قلت يا رسول الله متى كتبت نبياً ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد . رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح » .

ب . وأشهرها حديث : كنت أنا وعليٌّ نوراً بين يدي الرحمان ، رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة : 2 / 262 ، عن سلمان قال : « سمعت حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق‌الله آدم قسم ذلك النور جزءين ، فجزء أنا وجزء علي » .

وقد اجتزأه ابن حنبل ، لأن نصه كما في تاريخ دمشق : 42 / 67 : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله ، مطيعاً ، يسبح الله ذلك النور ويقدسه ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام . فلما خلق الله آدم رَكَزَ ذلك النور في صلبه ، فلم نَزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزءٌ أنا وجزءٌ علي » .

وهذا النص مجتزأ أيضاً ، فقد نقله في شرح النهج : 9 / 171 عن الفردوس وقال : « رواه أحمد في المسند ، وفي كتاب فضائل علي ، وذكره صاحب كتاب الفردوس ، وزاد فيه : ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب ، فكان لي النبوة ولعلي الوصية » .

ولا تجده في مسند أحمد فلا بد أنه حذف ، وبقي في مناقب الصحابة ، أما في الفردوس فنصه الموجود : 3 / 283 كرواية أحمد ، وكذا في الرياض النضرة للطبري / 392 !

ج - . ومنها حديث العرباض رواه أحمد : 4 / 127 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إني لعبد الله وخاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت . وكذلك أمهات النبيين يَرَيْن » . ورواه الحاكم : 2 / 418 و 600 و 608 ، صححه ، وكنز العمال : 11 / 409 ، 11 / 418 و 449 و 450 والدر المنثور : 1 / 139 و 5 / 184 و 207 و 6 / 213 .

وفي مجمع الزوائد : 8 / 223 : رواه أحمد بأسانيد ، والبزار والطبراني . . رجاله رجال الصحيح » .

د . ومنها : حديث : أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ، قال في كشف الخفاء : 1 / 265

« رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء ؟ قال : يا جابر ، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره ، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ، ولا جنة ولا نار ، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جني ولا إنسي ! فلما أراد الله أن يخلق الخلق قَسَم ذلك النور أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول القلم ، ومن الثاني اللوح ، ومن الثالث العرش ، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول حملة العرش ، ومن الثاني الكرسي ، ومن الثالث باقي الملائكة ، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء : فخلق من الأول السماوات ، ومن الثاني الأرضين ، ومن الثالث الجنة والنار . ثم قسم الرابع أربعة أجزاء : فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ، ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله ، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله . . الحديث . .

كذا في المواهب ، وقال فيها أيضاً : واختُلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي أم لا ؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني : الأصح أن العرش قبل القلم ، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قدر الله مقاديرالخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء . فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش . . .

وقيل : الأولية في كل شئ بالإضافة إلى جنسه ، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري ، وكذا باقيها . وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : كنت نوراً بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام . . . قال الشبراملسي : ليس المراد بقوله من نوره ظاهره من أن الله تعالى له نور قائم بذاته لاستحالته عليه لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام ، بل المراد خلق من نور مخلوقٍ له قبل نور محمد ، وأضافه إليه تعالى ، لكونه تولى خلقه . ثم قال : ويحتمل أن الإضافة بيانية ، أي خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالى ، لكن لا بمعنى أنها مادة خلق نور نبيه منها ، بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شئ في وجوده ، قال : وهذا أولى الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، حيث قال : أضافه إلى نفسه تشريفاً وإشعاراً بأنه خلق عجيب ، وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية » .

ه - . وروى في كنز العمال 12 / 427 ، حديث ابن عباس وشعر حسان قال : سئل النبي : « فداك أبي وأمي أين كنت وآدم في الجنة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : كنت في صلبه وركب بي السفينة في صلب أبي نوح وقذف بي في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق أبواي قط على سفاح ، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة ، مصفى مهذباً ، ولا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما ، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالإسلام عهدي ، ونشر في التوراة والإنجيل ذكري ، وبين كل نبي صفتي ، تشرق الأرض بنوري ، والغمام لوجهي ، وعلمني كتابه ، ورقى بي في سمائه ، وشق لي إسماً من أسمائه ، فذو العرش محمود وأنا محمد . ووعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر ، وأن يجعلني أول مشفع ، ثم أخرجني من خير قرن لأمتي ، وهم الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . قال ابن عباس : فقال حسان :

من قبلها طبت في الظلال * وفي مستودع حيث يُخصف الورق

ثم سكنت البلاد لا بشرٌ * أنت ولا نطفة ولا علق

مطهر تركب السفين وقد * ألجم أهل الضلالة الغرقُ

تنقل من صلب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق »

ومجمع الزوائد : 8 / 217 ، نحوه المناقب : 1 / 27 ، نسبو ه إلى العباس والصحيح أنه لحسان .

4 . ملاحظات على أحاديث نور النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

1 . إن ابتداء خلق الكون بخلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) حقيقةٌ كبيرة في تكوين الكون وإدارته ، وتسمى الحقيقة المحمدية . وهي تدل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مشروع خاص لا يقاس به أحد حتى الأنبياء « عليهم السلام » . ومعه عترته المعصومون علي وفاطمة والحسنان والتسعة من ذرية الحسين « عليهم السلام » ، الذين خلق نورهم مع نوره أو اشتقه منه ، فهم جزءٌ لا يتجزأ من الحقيقة المحمدية . وهذا يفتح باباً لتفسير مقاماتهم « عليهم السلام » .

2 . لا يمكن لأحد أن ينفي أن الله تعالى بَدَأَ خلق الكون بنور محمد ( صلى الله عليه وآله ) لأن قدرتنا المعرفية لا تسمح لنا بالنفي أو الإثبات ! فلم نكن حاضرين عندما بدأ الله تعالى خلقه ، ولا وسائل عندنا لمعرفة ذلك ، إلا بما أخبرنا به الوحي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

فيجب أن نعترف بأن معلوماتنا محدودة رغم تطور العلم وكشفه الكثير عن النور والأشعة ، واستفادة العلماء منها في الطب والحرب . ورغم اكتشاف آينشتاين نظرية النسبية الخاصة والعامة ، اللتين تجعلان الزمن ركناً في وجود المادة ، وتقدمان حقائق جديدة عن النور والحركة ، وعن تحولها إلى طاقة وبالعكس ، وإمكانية سفر الإنسان في المستقبل وفي الماضي !

إلا أنا مع كل ذلك ، لا نعرف كيف بدأ الله تعالى خلق الكون ، وغاية ما توصل اليه العلماء مرحلة الغيوم السديمية ، ثم وصلوا إلى أنه كان قبلها بحرغاز سائل .

فمسائل بدء الخلق ثم تنويعه وتطويره ، من الأسرار التي هي فوق قدرتنا !

3 . حاول أتباع الخلافة تحريف أحاديث خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآله « عليهم السلام » ، فجعلوها في أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة ومعاوية ، أو في قريش كلها ، لتشمل الذين اتخذوهم أئمة مقابل أهل البيت « عليهم السلام » . ثم حذفوا منها ما يشهد بإيمان آباء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمهاته إلى إبراهيم ثم إلى آدم « عليهم السلام » ، كالذي رواه السيوطي في الدر المنثور : 3 / 295 : « ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، حتى أخرجني من بين أبويَّ ، لم يلتقيا على سفاح قط » .

وسبب حذفهم لها أنها تثبت وراثة النبي لآبائه المؤمنين « عليهم السلام » ووراثة عترته له ، فلا يبقى محل لزيد وعمرو ! وأشد نص عليهم حديث نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) وإن رووه هم ، لأن فيه : « ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب فكان لي النبوة ولعلي الوصية » . فهو يعني أن علياً وصي النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأمر الله تعالى ، فتكون بيعة السقيفة مخالفة لوصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) !

رواياتهم التي تحاول تحريف أحاديث النور

قال السيوطي في الدر المنثور : 3 / 295 : « عن ابن عباس أن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه ، فلما خلق الله آدم ألقى ذلك النور في صلبه . قال رسول الله : فأهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم ، وجعلني في صلب نوح ، وقذف بي في صلب إبراهيم ، ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، حتى أخرجني من بين أبويَّ لم يلتقيا على سفاح قط » .

ورواه في ذيل تاريخ بغداد : 2 / 94 والخصائص : 1 / 66 ، وقال : « ويشهد لهذا ما أخرج الحاكم والطبراني عن خريم بن أوس قال : هاجرت إلى رسول الله منصرفه من تبوك فسمعت العباس يقول : يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك . . . » . وذكر شعر حسان . .

وقال القاضي عياض : 1 / 82 : « ويشهد بصحة هذا الخبر شعر العباس المشهور » .

ويلاحظ أن القسم الأول من الحديث كلام ابن عباس وقد جعلوه للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فصارت قريش كلها بمن فيها أئمة الكفر كأبي جهل وأبي لهب ، نوراً قبل خلق آدم ( عليه السلام ) !

ولذا قال الحلبي في سيرته : 1 / 48 : « قوله : فأهبطني ، ينبغي أن لا يكون معطوفاً على ما قبله من قوله : إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى . . الخ . فيكون نوره من جملة نور قريش ، وإنه انفرد عن نور قريش ، وأودع في صلب نوح . . » !

ولهم تحريف آخر لمصلحة خلفاء قريش !

ففي تفسير الثعلبي : 7 / 111 والقرطبي : 12 / 286 : « قال رسول الله : إن الله تعالى خلقني من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر وعائشة من نور أبي بكر ، وخلق المؤمنين من أمتي من الرجال من نور عمر ، وخلق المؤمنات من أمتي من النساء من نور عائشة ، فمن لم يحبني ويحب أبا بكر وعمر وعائشة فما له من نور ، فنزلت عليه : وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ » .

وقال في السيرة الحلبية : 1 / 241 : « وفي رواية : لما انتقل النور إلى سبابته قال يا رب هل بقي في ظهري من هذا النور شئ ؟ قال : نعم نور أخصاء أصحابه . فقال : يا رب اجعله في بقية أصابعي ، فكان نور أبي بكر في الوسطى ، ونور عمر في البنصر ، ونور عثمان في الخنصر ، ونور علي في الإبهام . فلما أكل من الشجرة ، عاد ذلك النور إلى ظهره » !

وقال السيد الميلاني في نفحات الأزهار : 5 / 190 :

« حديث موضوع آخر في فضل الشيخين : قال السيوطي : أبو نعيم في أماليه . . عن أبي هريرة مرفوعاً : خلقني الله من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر من نور أبي بكر ، فخلق أمتي من نور عمر ، وعمر سراج أهل الجنة . قال أبو نعيم : هذا باطل . . وقال في الميزان : هذا خبر كذب ، ما حدث به واحد من الثلاثة ، وإنما الآفة عندي فيه المنبجي لا يعرف . . . فإذا كان هذا الحديث موضوعاً باعتراف أبي نعيم والذهبي والسيوطي وابن عراق ، فإن خبر خلق الثلاثة قبل آدم ( عليه السلام ) وكونهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على يمين العرش ، كذب بالأولوية » .

أقول : ومثله في تاريخ دمشق : 30 / 164 : « قال : حدثني جبريل أن الله لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر الصديق من بين الأرواح ، وجعل ترابها من الجنة وماءها من الحيوان ، وجعل له قصراً في الجنة من درة بيضاء ، مقاصيرها فيها من الذهب والفضة البيضاء ، وإن الله تعالى آلى على نفسه ألا يسأله عن حَسَنة ولايسأله عن سيئة » !

هذا ، وقد كثرت مكذوباتهم في فضائل أبي بكر وعمر حتى زكمت أنوفهم ! قال في كشف الخفاء : 2 / 419 : « وباب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات ، كحديث : إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة ! وحديث : ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصببته في صدر أبي بكر ! وحديث : كان إذا اشتاق إلى الجنة قبَّل شيبة أبي بكر ! وحديث : أنا وأبو بكر كفرسي رهان ! وحديث : إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر » !

راجع : نفحات الأزهار : 5 / 13 و 11 / 208 والوضاعون للأميني / 387 .

4 . نلاحظ أن أخبار خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) مغيبةٌ عند أتباع الخلافة ، فلا تسمعها في مساجدهم وخطبهم ، ولاتراها في مناهجهم التربوية . اللهم إلا ما أخذه منها بعض الصوفية ، وبنوا عليه بناءاتهم . وهذا السلوك المتعمد في الإعراض عن ذكر مقامات النبي ( صلى الله عليه وآله ) موروث من طلقاء قريش الذين كانوا في زمنه ( صلى الله عليه وآله ) يسمون خيار الصحابة « عُبَّاد محمد » ! ويتهمونهم بالغلو فيه لأنهم يؤمنون بمقاماته ( صلى الله عليه وآله ) ويتعبدون بأوامره ونصوصه !

وقد ورثهم في عصرنا بدوٌ أجلاف متعصبون لقريش وبني أمية ، فقالوا « محمد طارش ومات » أي مبعوث أوصل رسالة وانتهى ، وهو الآن لا ينفع !

بل قال شيخهم « عصاي هذه أنفع من محمد » ! وقد ناقشني أحد مشايخهم في نسبة هذا الكلام لابن عبد الوهاب ، فقلت له لا بأس : أنت هل ترى أن عصاك أفضل أم النبي ( صلى الله عليه وآله ) الآن ؟ فبَكِمَ ولم يجب !

وقد حرم هؤلاء القساة الجفاة زيارة قبره ( صلى الله عليه وآله ) ! وحكموا على المسلمين بالغلو والشرك لمجرد قولهم : « يا رسول الله إشفع لنا عند الله » !

وقد بحثنا ذلك في المجلد الخامس من العقائد الإسلامية ، والمجلد الثاني من ألف سؤال وإشكال ، وذكرنا أن طعن « القرشيات » في شخصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) أسوأ من طعن الإسرائيليات في أنبياء الله الماضين « عليهم السلام » .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.