أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2017
2929
التاريخ: 15-6-2017
3533
التاريخ: 22-11-2015
4678
التاريخ: 15-6-2017
2824
|
للسيرة النبوية أهمية خاصة عند المسلم ، فهي إيمانٌ وعلمٌ ، وفقهٌ للرسول والرسالة ، وتعريفٌ له بنبيه الذي ينتمي اليه ، ويتقرب إلى ربه بالاقتداء به ( صلى الله عليه وآله ) .
وأشهر كتاب وصل الينا في السيرة ما عُرف بسيرة محمد بن إسحاق بن يسار « توفي 151 » ثم اختصره وغيَّرَ فيه عبد الملك بن هشام « توفي 218 » فعُرف بسيرة ابن هشام ، وذكر في أوله أنه تارك من سيرة ابن إسحاق : « أشعاراً ذكرها لم أرَ أحداً من أهل العلم بالشعر يعرفها ، وأشياء بعضها يُشَنَّعُ الحديث به ، وبعضٌ يسوءُ بعض الناس ذكره » !
ومعناه أنه أراد كسب رضا العباسيين الذين ألف لهم كتابه ، والذين يزعمون أن جدهم العباس وارث النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ويزعم المنصور أنه رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) في منامه : « وعقد له لواءً أسود وعممه بعمامة من ثلاثة وعشرين دوراً ، وأوصاه بأمته ، وقال له : خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة » !
فأصدر المنصور أمره للمسلمين بتدوين رؤياه وقال : « ينبغي لكم أن تثبتوها في ألواح الذهب ، وتعلقوها في أعناق الصبيان » ! تاريخ بغداد : 1 / 85 ، تاريخ دمشق : 32 / 301 ، رواه ابن كثير في النهاية : 10 / 129 وحكم بصحة المنام !
على أن سيرة ابن إسحاق أيضاً فيها مشكلات ، فقد غَيَّر فيها في مراحل حياته ،
حيث كان أول أمره يتشيع للحسنيين ، ثم صار مع خصومهم العباسيين . وعاش في المدينة ، ثم نفي منها إلى البصرة ، وفارس ، ثم عاش في بغداد . ولهذا صار لكتابه روايات متعددة ، وقد اعتمد ابن هشام على رواية زياد البكائي دون غيرها ، بينما قال في مقدمة القطعة التي عثروا عليها في المغرب : « ولسيرة ابن إسحاق رواة غير البكائي ، وابن بكير ، وبكر بن سليمان ، وسلمة بن الفضل ، أوصلها مطاع الطرابيشي في كتابه : رواة المغازي والسير إلى واحد وستين راوياً » . « ابن إسحاق : موقع الوراق » .
ويظهر أن نسخ هؤلاء الرواة فيها « تعديلات » ابن إسحاق على كتابه ، وأنه حذف منه كثيراً من مناقب أهل البيت « عليهم السلام » ، وما يمس بني أمية وبني عباس !
ومن أمثلة ذلك حذف اسم العباس من أسرى بدر ، مع أنه متواتر ، وحذف ابن هشام لحديث الدار الذي نص على وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) ، عند نزول قوله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ .
لذلك ، فإن القيمة العلمية لسيرة ابن هشام وابن إسحاق منخفضة ، وعلى الباحث فحص روايتها ، ومقارنتها بالروايات الأخرى .
كانت الخلافة تحرق مصادر السيرة !
اتفقت المصادر على أن أول من صنف في السيرة : عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو قبطي : « هو أول من صنف في المغازي والسير » . الذريعة : 17 / 153 .
قال في الشيعة وفنون الإسلام / 84 : « الفصل الثامن في تقدم الشيعة في علم السير ، فأول من وضعه عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، صنف في ذلك على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) » . وكان أبوه أبو رافع « رحمه الله » مرجعاً : « كان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول : ما صنع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوم كذا ؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب فيها » . تقييد العلم لابن عبد البر / 92 والإصابة لابن حجر : 4 / 125 .
فأين هذا الكنز الثمين : كتاب ابن أبي رافع « رحمه الله » ؟ لقد أحرقته الحكومات ، ولا تعجب فقد كان الإحراق من صلب سياساتهم !
قال الزبير بن بكار في الموفقيات / 222 ، وهو من علماء السلطة : « قدم سليمان بن عبد الملك إلى مكة حاجاً سنة 82 ه - ، فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومغازيه فقال له أبان : هي عندي قد أخذتها مصححةً ممن أثق به . فأمر سليمان عشرة من الكتاب بنسخها فكتبوها في رق ، فلما صارت إليه نظر ، فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وفي بدر ، فقال : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل ! فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم ، وإما أن يكونوا ليس هكذا ! فقال أبان : أيها الأمير لايمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق ، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا ! فقال سليمان : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين لعله يخالفه ، ثم أمر بالكتاب فحُرِق ! ورجع فأخبر أباه عبد الملك بن مروان بذلك الكتاب ، فقال عبد الملك : وما حاجتك أن تَقْدِمْ بكتاب ليس لنا فيه فضل ، تُعَرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها ! قال سليمان : فلذلك أمرت بتحريق ما نسخته » !
فالميزان عند الخليفة : أن يكون في الكتاب مدحٌ لبني أمية ، أما إذا كان فيه مدحٌ لآخرين فيقول لابنه : « وما حاجتك أن تَقْدِم بكتاب ليس لنا فيه فضل » !
وترى في هذا النص أن الخلافة تتبنى سياسة التعتيم والتجهيل ، فقد قال لابنه : تُعَرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها ! وقد طبقها الابن وحرق ما كتبوه له !
كنوزٌ من السيرة وعلوم الإسلام أحرقتها السلطة !
حرصت الحكومات القرشية على إحراق كتب شيعة أهل البيت « عليهم السلام » وإبادتها ، ومع ذلك سلمت من نارهم ثروة كبيرة ، تغطي كثيراً من فصول السيرة النبوية وليس كلها ، ونراها أحياناً تستفيض بأوسع من السيرة الحكومية .
ويكفيك مثالاً على سياستهم في إبادة العلم : كُتب جابر بن يزيد الجعفي ، وكُتب أحمد بن عقدة ، وكُتب سليمان الأعمش ، وهم علماء موثقون عندنا وعندهم ! فقد أحرقوا كتبهم أو فقدت من تلاميذهم في سنوات تشريدهم وتقتيلهم ! وقد بلغت مؤلفاتهم نحو أربع مئة ألف حديث ، أي مئتي مجلداً !
قال مسلم في مقدمة صحيحه / 15 : « الجراح بن مليح يقول : سمعت جابراً يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر « الباقر ( عليه السلام ) » عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كلها » !
وقد أحضر المنصور سليمان الأعمش ليلاً ليمنعه من رواية مناقب علي ( عليه السلام ) وقال له : « فأخبرني بالله وقرابتي من رسول الله كم رويت من حديث علي بن أبي طالب وكم من فضيلة من جميع الفقهاء ؟ قلت : شئ يسير يا أمير المؤمنين ! قال : كم ؟ قلت : مقدار عشرة آلاف حديث وما يزداد ! قال : يا سليمان ألا أحدثك بحديث في فضائل علي يأكل كل حديث رويته عن جميع الفقهاء ؟ فإن حلفت لا ترويه لأحد من الشيعة حدثتك به » ! فضائل علي ( ( ع ) ) لابن المغازلي / 226 .
وقال الشهيد نور الله التستري في الصوارم المهرقة / 214 : « إن أهل بغداد أجمعوا على أنه لم يظهر من زمان ابن مسعود إلى زمان ابن عقدة ، من يكون أبلغ منه في حفظ الحديث . وأيضاً قال الدارقطني : سمعت منه أنه قال : قد ضبطت ثلاث مائة ألف حديث من أحاديث أهل البيت وبني هاشم « عليهم السلام » ، وحفظت مائة ألف حديث بأسانيدها ! ونقل الذهبي عن عبد الغني بن سعيد أنه قال : سمعت عن الدارقطني قال : إن ابن عقدة يعلم ما عند الناس ، ولا يعلم الناس ما عنده !
وقال الثلاثة : إن ابن عقدة كان يقعد في جامع براثا من الكوفة ، ويذكر مثالب الشيخين عند الناس ، فلهذا تركوا بعض أحاديثه ، وإلا فلا كلام في صدقه » .
وقد اشتبه الراوي فمسجد براثا في بغداد ، ومسكن ابن عقدة الكوفة .
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ : 3 / 840 : « قال الحاكم ابن البيِّع : سمعت أبا علي الحافظ يقول : ما رأيت أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة .
وعن ابن عقدة قال : أنا أجيب في ثلاث مائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم . حدث بهذا عنه الدارقطني . وعن ابن عقدة قال : أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها . . وقال أبو سعد الماليني : أراد ابن عقدة أن ينتقل ، فكانت كتبه ست مائة حملة » . وذكر نحوه في وسائل الشيعة : 20 / 131 وذكر قول الشيخ الطوسي فيه : « أمره في الثقة والجلالة والحفظ أشهر من أن يذكر » .
وفي مجلة تراثنا : 21 / 180 : « أفرد الذهبي رسالة عن حياته ، مذكورة في مؤلفاته في مقدمة سير أعلام النبلاء باسم : ترجمة ابن عقدة . ترجم له أعلام العامة بكل تجلة وتبجيل ووثقوه ، وأثنوا على علمه وحفظه وخبرته وسعة اطلاعه ، وأرخوا ولادته ليلة النصف من المحرم سنة 249 ، ووفاته في 7 ذي القعدة سنة 332 . ومن المؤسف أن هذا الرجل العظيم لم يبق من مؤلفاته الكثيرة الكبيرة سوى وريقات توجد في دار الكتب الظاهرية بدمشق ، ضمن المجموعة رقم 4581 ، باسم : جزء من حديث ابن عقدة من الورقة : 9 - 15 » !
أما اليوم فلا تجد حتى الترجمة التي كتبها الذهبي لابن عقدة !
ويتضح حجم جريمة الحكومات في تضييع علم العترة « عليهم السلام » لوعرفت أن كل ألفي حديث تبلغ مجلداً تقريباً ، وأن صحيح بخاري ومسلم وبقية الكتب الستة مع حذف المكرر تبلغ : 9780 حديثاً ، وكل ما في الصحيحين : 2980 حديثاً .
فتكون أحاديث جابر بن يزيد الجعفي خمساً وثلاثين مجلداً ، أو سبعة أضعاف البخاري ومسلم وبقية الكتب الستة . والعشرة آلاف حديث التي يرويها سليمان الأعمش في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحدها أكثر من مجموع الكتب الستة !
أما أحاديث أحمد بن عقدة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتبلغ خمسين مجلداً ، وأحاديثه عن أهل البيت « عليهم السلام » وبني هاشم ، مئة وخمسين مجلداً !
ولم تكتفِ السلطة بمصادرة الكتب وإحراقها ، حتى أفتى علماؤها بأن كل من روى شيئاً فيه نقد ولو بسيط لأبي بكر وعمر ، فحكمه أن يدفن حياً !
قال الذهبي في ميزان الإعتدال : 2 / 75 ، عن العلل لأحمد بن حنبل : 3 / 8 : « قال عبد الله بن أحمد : سألت ابن معين عنه » « زكريا بن يحيى الكسائي » « فقال : رجل سوء يحدث بأحاديث سوء . قلت : فقد قال لي : إنك كتبت عنه ؟ فحول وجهه وحلف بالله إنه لا أتاه ولا كتب عنه . وقال : يستأهل أن يحفر له بئر فيلقى فيها » !
وقال عنه ابن تيمية في منهاج السنة : 7 - 232 : « لا يحتج به باتفاق أهل العلم ، فإن زكريا بن يحيى الكسائي قال فيه يحيى : رجل سوء يحدث بأحاديث يستأهل أن يحفر له بئر فيلقى فيها . قال ابن عدي : كان يحدث بأحاديث في مثالب الصحابة » .
فهل يجوز أن تخسر أجيال الأمة ثروة عظيمة بسبب روايات تنتقد بعض الصحابة ؟ أمَا كان الواجب على علماء الأمة أن يرووها ويردوا عليها ؟ ! لكنهم صاروا أعداء العلم ، لأنهم أطاعوا سياسة التعتيم والتجهيل الأموي التي قال عنها الخليفة لابنه : « تُعَرِّف
أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها » !
فحضرة الخليفة الذي يحدد ما يسمح بمعرفته للناس ، ويحرق كل ما لم يعجبه !
القرآن مصدر للسيرة لكنهم ضيعوا أسباب نزوله !
كان جبرئيل ( عليه السلام ) ينزل بآيات القرآن فيبلغها النبي ( صلى الله عليه وآله ) للصحابة ، لكنهم لم يحفظوا أسباب نزولها وأوقاتها ! بل نرى أن الصحابة صلوا مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على مئات الجنائز ، ثم اختلفوا هل كان يُكَبِّر على الجنازة أربع تكبيرات ، أو خمساً !
إن هذه الحالة من عدم الضبط في الأمة ، تستوجب وجود إمام بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) عنده علم الكتاب ليبينه للأجيال بعلمٍ ويقين ، لابظنون واحتمالات كما فعل الصحابة ! ولذا أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) فأعدَّ علياً ( عليه السلام ) وصياً وخليفة وإماماً ، وعلمه علم الكتاب ، فجمعه بأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حياته ، وأكمل جمعه عند وفاته .
لكن قريشاً أبعدت علياً والعترة « عليهم السلام » عن السلطة ، ولم تقبل منهم حتى نسخة القرآن التي جاءهم بها علي ( عليه السلام ) ، خوفاً من أن تكون في غير مصلحتها : « فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وهذا الكتاب وأنا العترة ! فقام إليه الثاني فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما ! فحمل الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة » ! المناقب : 1 / 320 .
فقد كان ( عليه السلام ) مأموراً من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يعرضه عليهم ، فإن لم يقبلوه احتفظ به عند الأئمة من ذريته « عليهم السلام » حتى يظهره المهدي ( عليه السلام ) ، وتركهم يجمعونه كما يريدون ، حتى لا يكون للأمة قرآنان . راجع : تدوين القرآن / 182 ، ألف سؤال وإشكال : 1 / 243 .
ولهذا السبب تخبطت الأمة في علوم القرآن وأسباب نزول آياته ، فانظر من باب المثال إلى تهافت كلامهم في آخر آية نزلت ، مع أنهم كانوا يومها ألوفاً :
1 . روى أحمد : 1 / 36 في مسنده عن ابن المسيب أن عمر سئل عن آية الربا فلم يعرفها فقال إنها آخر آية ! « وإن رسول الله قبض ولم يفسرها » !
2 . وفي البخاري : 5 / 115 : « وآخر آية نزلت : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ » .
3 . وفي البخاري : 5 / 182 : « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ، آخر ما نزل » . !
4 . وفي مستدرك الحاكم : 2 / 338 وصححه على شرط الشيخين : « آخر ما نزل من القرآن : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ » . يقصد الآيتين : 128 و 129 من سورة التوبة .
5 . وفي صحيح مسلم : 8 / 243 : « تَعْلمُ آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً ؟ قلت نعم ، إذَا جَاءَ نَصْرُ الله والفَتْح . قال : صدقت » .
6 . وفي الطبراني الكبير : 12 / 19 : « آخر آية أنزلت : وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ » . يقصد الآية : 281 من سورة البقرة !
7 . وكأن السيوطي استحى من تهافت أحاديثهم الصحيحة في آخر ما نزل فأجملها في الإتقان : 1 / 101 ، ولم يعددها كما عدد الأقوال في أول ما نزل !
وهذا التناقض يوجب سقوط رواياتهم ، فلا يبقى للباحث في أسباب النزول إلا ما قاله أهل البيت « عليهم السلام » أو المجمع عليه وهو قليل ، كآية : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ ، المجمع على نزولها بعد ثلاث سنين من البعثة ، وأن الدعوة قبلها كانت لبني هاشم خاصة حتى كفاه الله المستهزئين . وهي مقطع مهم في السيرة ، لأنها تعين سنة هلاك عدد من الفراعنة ، وتنفي وجود دعوة عامة قبل ذلك التاريخ .
شعر أبي طالب ( ( ع ) ) مصدر للسيرة
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يعجبه أن يُرْوَى شعرأبي طالب وأن يُدَوَّن وقال : تَعَلَّمُوهُ وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله . وفيه علمٌ كثير » . وسائل الشيعة : 17 / 331 ، إيمان أبي طالب للمفيد / 10 ومكاتيب الرسول للأحمدي : 1 / 378 .
وقد وصلنا منه نحو ألف بيت ، وهي تكشف حقائق مهمة من سيرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) من قبل البعثة ، في كفالة عمه ، وآياته التي شاهدها الراهب بحيرا ، ومحاولة اليهود قتله ، ثم بِعثته وتكذيب قومه له ، إلى قرب هجرته ( صلى الله عليه وآله ) !
قال الصالحي الشامي في سبل الهدى : 2 / 142 : « وقال أبو طالب في هذه السفرة قصائد ، منها ما ذكره ابن إسحاق ، وأبو هفان في ديوان شعر أبي طالب . . الخ . » .
وأبو هفان أقدم من جمع شعر أبي طالب « رحمه الله » وشَرَحَه ، وهو عبد الله بن أحمد بن حرب بن مهزَّم البصري النحوي ، صاحب كتاب أشعار عبد القيس . « الذريعة : 14 / 195 وإيضاح المكنون : 2 / 49 » . وذكره النجاشي كتبه في رجاله / 218 ، وقال : « مشهور في أصحابنا وله شعر في المذهب . وبنو مهزم بيت كبير بالبصرة في عبد القيس » .
وقد اشتهر من شعر أبي طالب لاميته الرائعة ، التي أرخ فيها لهيجان طغاة قريش ضد النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مطلع نبوته ، وقد مدحها العلماء حتى النواصب ، لكنهم لم يستشهدوا بها في تدوينهم السيرة النبوية ، لأنها تفضح زعماء قريش !
وأوردها ابن كثير في النهاية : 3 / 70 برواية ابن هشام ، ورد تشكيك بعضهم في نسبة بعض أبياتها إلى أبي طالب ، وقال عنها : « قلت : هذه قصيدة عظيمة بليغة جداً ، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه ، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعاً ، وقد أوردها الأموي في مغازيه مطولة بزيادات أخر » . ويقصد بالأموي المؤرخ الوليد بن مسلم صاحب الأوزاعي مولى الأمويين توفي سنة 195 ، له مصنفات في الحديث والتاريخ والمغازي . الديباج : 1 / 34 .
لكن أتباع السلطة أعرضوا عنها متعمدين لأنهم يبغضون علياً ( عليه السلام ) ، وقد يصل بغضهم بسببه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولاعذر لهم في ترك شعر أبي طالب حتى لو اعتبروه كافراً « رحمه الله » ، لأن شعره وثائق من شاهدٍ على أحداث السيرة .
أهل البيت ( ( عليهم السلام ) ) أدرى بسيرة جدهم ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وأصدق
يشهد الجميع بأن الأئمة من أهل البيت « عليهم السلام » : علياً والحسنين وزين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي « عليهم السلام » أعرف بسيرة جدهم ( صلى الله عليه وآله ) وأصدق من غيرهم ، ومع ذلك يُعرضون عنهم متعمدين ويأخذون السيرة من رواة مغرضين ويجعلون قولهم ديناً يدينون به ! وكمثال على ذلك ما نسبوه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنه اقتص من أشخاص قتلوا رعاة إبل الصدقة ، ففقأ عيونهم بمساميرمحماة ، ثم أحرقهم بالنار أو تركهم ينزفون !
فقد رواه بخاري عن أنس : 1 / 64 قال : « قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة « مرضوا من هوائها » فأمر لهم النبي بلقاح « نوق حلوبة » وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا ، فلما صحوا قتلوا راعي النبي ( صلى الله عليه وآله ) واستاقوا النعم ، فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم ، فلما ارتفع النهار جئ بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسُمِّرَتْ أعينهم ، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون » !
وفي : 4 / 22 : « أمر بمسامير فأحميت فكحَّلهم بها ، وطرحهم بالحرة حتى ماتوا » !
وقد رووا استنكار أهل البيت « عليهم السلام » لهذه التهمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) لكنهم لم يقبلوا منهم !
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « إن أول ما استحل الأمراء العذاب لكذبة كذبها أنس بن مالك على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه سمَّرَ يد رجل إلى الحائط ! ومن ثَم استحل الأمراء العذاب » !
علل الشرائع : 2 / 541 ، راجع ألف سؤال وإشكال : 2 / 440 .
وقد أفتى الشافعي بجواز التعذيب . « الأم : 4 / 259 » قال : « وكان علي بن حسين ينكر حديث أنس في أصحاب اللقاح . . قال : والله ما سمل رسول الله عيناً ، ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم » .
وهكذا جعلت السلطة أنس الصحابي كذاباً على النبي ( صلى الله عليه وآله ) لإثبات مشروعية تعذيب مخالفيها ، وانتزاع الاعتراف منهم لقتلهم ! ولو قبلوا من أهل البيت « عليهم السلام » تبرئة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وكذبوا رواة السلطة لكانوا علماء بحق !
هدف الكتاب وفروقه عن السيرة الرسمية
1 . اهتم علماؤنا بالسيرة وألفوا فيها كتباً وفصولاً . وكتب أخيراً العالم الصديق السيد جعفر مرتضى العاملي موسوعته : الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، في أكثر من ثلاثين مجلداً ، حاكم فيها بتفصيل مسائل السيرة الرسمية عند حكومات الخلافة القرشية . لكن بقيت الحاجة إلى سيرة تركز على أحاديث أهل البيت « عليهم السلام » وكلمات علماء مذهبهم . لذا قمت بتدوين أحداث السيرة متتبعاً أولاً رواية أئمة أهل البيت « عليهم السلام » ثم كلام علماء مذهبهم ، أو ما ارتضوه من رواية غيرهم .
وكان لابد أحياناً من محاكمة الرواية المشهورة بما يناسب الكتاب ، لتكتمل الصورة الناصعة لسيرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) منزهةً عن أهواء الحكام ، وتخليط رواتهم .
أما فروقها عن السيرة الحكومية الرسمية فتعرفه بمقارنة فهرسها بفهارس السِّيَر الرسمية ، لتجد أولاً التسلسل المنطقي والعمق العلمي والحداثة في كل فصل ، وتجد العنونة حيث لم يعنونوا ، وفروقاً في أسباب الأحداث ، وإظهاراً لحقائق كثيرة ، وكشفاً لتحريف الرواية الحكومية .
2 . نعتقد بعصمة نبينا ( صلى الله عليه وآله ) عصمة شاملة قبل البعثة وبعدها ، في تبليغ الرسالة ، وفي أموره الشخصية ، بدليل : قوله تعالى : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . وقول علي ( عليه السلام ) : ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم . فقد كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) من طفولته نبياً ، أما في الأربعين فبعث رسولاً .
أما قوله تعالى : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ، وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ، وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى « الضحى : 6 ، 7 ، 8 » : فمعناه أن من نعم الله عليك أنه هيأ لك جدك عبد المطلب وعمك أبا طالب ( صلى الله عليه وآله ) فكفلاك في يتمك ونشأتك . ومن نعمه عليك أنه هداك من صغرك ، لكنك كنت متحيراً ضالاً فيما يجب عليك عمله ، فهداك بالرسالة إلى دعوة الناس إلى دينه . ووجدك عائلاً عليك نفقة بيتك ومن تريد مساعدتهم ، فأغناك بخديجة فوهبتك ثروتها ، كما وهبت سارة ثروتها لإبراهيم ( عليه السلام ) .
وأفرط بعض أتباع السلطة ففسروا : وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ، بأنه ( صلى الله عليه وآله ) كان كافراً والعياذ بالله ! ورده الرازي في تفسيره : 31 / 216 ، وفسره بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان ضالاً عن النبوة ، لأنه لم يكفر بالله تعالى طرفة عين . ومذهبنا أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان نبياً من صغره ، وكان يرافقة ملك من لدن أن كان فطيماً ، فلا بد أن يكون معنى الضلال الحيرة فيما يجب أن يفعله لهداية الناس ، وليس الحيرة في ربه عز وجل .
قال الشريف المرتضى « رحمه الله » في تنزيه الأنبياء « عليهم السلام » / 150 : « في معنى هذه الآية أجوبة : أولها : أنه أراد وجدك ضالاً عن النبوة فهداك إليها ، أو عن شريعة الإسلام التي نزلت عليه وأمر بتبليغها إلى الخلق . لأن الضلال هو الذهاب والانصراف فلا بد من أمر يكون منصرفاً عنه » . وقال أهل البيت « عليهم السلام » إن معنى آوى : آوى إليك المؤمنين ، ومعنى فهدى : هداهم إليك » . تنزيه الأنبياء / 151 . عيون أخبار الرضا ( ( ع ) ) : 2 / 177 ، كتاب عصمة الأنبياء للفخر الرازي / 92 ، أخذ أكثره من تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ( ( رحمه الله ) ) !
3 . نعتقد بإيمان آباء النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى إسماعيل وإبراهيم وآدم « عليهم السلام » ، وأن أجداده وعمه أبا طالب كانوا على ملة إبراهيم ( عليه السلام ) الحنيفية ، ولم يكونوا مكلفين باليهودية ولا بالمسيحية .
4 . كان اليهود ينتظرون بعثة النبي الخاتم من الجزيرة ، وجاءت لذلك مجموعات منهم بعد عيسى ( عليه السلام ) ، وسكنت في وادي القرى ، وخيبر ، والمدينة ، ومكة ، وغيرها .
5 . في السابعة والثلاثين من عمره ( صلى الله عليه وآله ) كان يأتيه جبرئيل ( عليه السلام ) ويعلمه ، وفي الأربعين بدأ نزول الوحي عليه ، وكان في أفق مبين واضح كما نص القرآن ، ولم يكن في جو عُنفٍ وشكٍّ كما يرويه البخاري ، بل نعتبر ذلك من طعن قريش في نبينا ( صلى الله عليه وآله ) أو من جهالة الراوي .
6 . انتشر خبر بعثته ( صلى الله عليه وآله ) فاستشاط زعماء قريش غضباً ، واتخذوا قراراً بقتله قبل أن يسمعوا حجته ! لأنه نقض اتفاقية توزيع مناصب الشرف بين قبائل قريش ودعا إلى زعامة بني هاشم ! ثم أمره الله تعالى أن يدعو عشيرته الأقربين ويتخذ منهم وزيراً ووصياً ، فقام بذلك ، فزاد ذلك من غضب قريش واعتبروه نبأ عظيماً ، لأنه جعل وصيه من عشيرته بني هاشم !
فالمرحلة الأولى من الدعوة ، كانت خاصة ببني هاشم وتوحيدهم لحماية النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومدتها ثلاث سنوات ، لم يَدْعُ فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) غيرهم ، حتى أهلك الله الفراعنة المستهزئين الخمسة وأوحى اليه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ، فبدأ بالدعوة العامة .
وقد حرَّف رواة السلطة سِرِّيَّة الدعوة ، لأن سريتها انحصرت بمن كتموا إسلامهم خوفاً من قريش كعمار ، أو كتموه حرصاً على نجاح الدعوة كأبي طالب وحمزة .
أما النبوة وآيات القرآن وسوره فكانت علنية .
7 . ضخَّم رواة السلطة دار الأرقم وجعلوها مرحلة في دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لإثبات مناقب لبعض القرشيين ، وادعوا أن المسلمين خرجوا من دار الأرقم إلى المرحلة العلنية ، ولا وجود لمرحلة دار الأرقم أصلاً ، ولا لإسلام عمر وأبي بكر في الفترة الأولى .
8 . كانت الهجرة إلى الحبشة مرة واحدة ، ولم يرجع المسلمون خطأ كما زعموا لما مدح النبي ( صلى الله عليه وآله ) أصنام قريش ، ووصفها بأنها الغرانيق العلى وأن شفاعتها ترجى .
9 . بيَّنا الرواية الصحيحة لمحاصرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبني هاشم في شعب أبي طالب ، ومدتها ، ورددنا ما ادعوه لبعض زعماء قريش أنهم عملوا لنقض صحيفة المحاصرة !
10 . بينا أن الصحيح أن وفاة أبي طالب وخديجة « عليهما السلام » كانت قبل هجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسنة وأشهر ، وليس بثلاث سنوات ، كما قيل .
11 . عرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) نفسه على نحو ثلاثين قبيلة ليحموه من قريش فيبلغ رسالة ربه ، وقبلت بعضه القبائل حمايته بشرط أن تكون لها الخلافة بعده فرفض ، وأخذ البيعة من الأنصار على أن يحموه وأهل بيته كما يحمون أنفسهم وذراريهم ولاينازعوهم الأمر .
12 . زاد الخطر على حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاة عمه أبي طالب « رحمه الله » حتى اختبأ لفترة في الحجون ، وتصاعد عملهم لقتله حتى طوقوا بيته فخرج مهاجراً بدون أن يشعروا ، وأنام علياً ( عليه السلام ) مكانه . وفي طريقه ( صلى الله عليه وآله ) وجد أبا بكر وغلامه فأخذهما معه ، وجاء علي في اليوم التالي إلى الغار وجهزهم فهاجروا ، ومعهم دليلهم عبد الله بن أريقط الجهني .
13 . أدى علي ( عليه السلام ) أمانات النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكة ، ونجا من محاولة اغتيال ، وكانت هجرته ببقية أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) الهجرة العلنية الوحيدة ، وبعثت له قريش مجموعة فرسان ليردوه ، فقتل قائدهم وانهزم الباقون . وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) في انتظاره في قباء ، ولما وصل اليه أخبره أن الله أنزل فيه وفي الفواطم آيات تمدحهم .
14 . طلب أبو بكر من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يدخل المدينة ولاينتظر علياً ( عليه السلام ) في قباء ، فأصر على انتظاره ، فغضب أبو بكر وتركه في قباء وذهب إلى السنح ، ولم يحضر هو ولا عمر في قُباء ولا في دخول النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة .
15 . أرسى النبي ( صلى الله عليه وآله ) أسس دولته في المدينة ، وعقد معاهدات مع اليهود ، وآخى بين المسلمين واختار علياً ( عليه السلام ) فآخاه .
16 . كان انتصار المسلمين في بدر كاسحاً ، وقامت المعركة على أكتاف بني هاشم ، وكان بطلها الأكبر علي ( عليه السلام ) ، حيث قتل أكثر نصف السبعين فارساً ، وقتل المسلمون أقل من نصفهم . ونزلت آية تأكيد الخمس لبني هاشم ، وكان تشريع الخمس قبل بدر .
17 . نزلت سورة الأنفال بعد بدر وفيها ذم مرضى القلوب ، وتوبيخ بعضهم لفرارهم من الصف الأول ، واختلافهم على الغنائم ، واتهامهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنه أخفى عباءة !
ولم يستفد الصحابة من توبيخهم في بدر فانهزموا في أحُد وتركوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) لسيوف المشركين ، وطعنوا في قيادته وإدارته وقالوا : لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ! وثبت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبو دجانة ونسيبة فجرحا ، وثبت عليٌّ ( عليه السلام ) وقاتل وحده حتى
دفع الله المشركين وهزمهم !
18 . وفي غزوة الأحزاب طالت محاصرة المشركين للمدينة نحو شهر ، فخاف المسلمون وفرَّ أكثرهم من المرابطة وتسللوا إلى المدينة بأعذار مختلفة ! حتى بقي مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذات ليلة في حراسة الخندق اثنا عشر شخصاً فقط ! وتواطأ بعضهم مع المشركين فعبَّروا فرساناً منهم من نقطة من الخندق بقيادة فارس العرب عمرو بن ود العامري ، فدعا النبي ( صلى الله عليه وآله ) الصحابة إلى مبارزته فخافوا ، فبرز اليه علي ( عليه السلام ) وقتله وقتل بعض رفاقه ، فهرب الباقون ووقع الرعب في المشركين ، وأرسل الله عليهم الريح فتمت هزيمتهم .
19 . في غزوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليهود بني قينقاع والنظير وقريظة ، كان بطل الإسلام عليٌّ ( عليه السلام ) فقتل عدداً من أبطالهم ، فخضعوا لشروط النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالجلاء عن المدينة .
20 . وكان لعلي ( عليه السلام ) أدوار في غزوة الحديبية ، فعتَّم عليها رواة السلطة ، وبيَّناها !
21 . وكانت خيبر قسمين : حصون النطاة وأهمها حصن ناعم ، وحصون الشق وأهمها حصن القموص . فحاصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) حصن ناعم وهاجمه علي ( عليه السلام ) فدحا بابه وفتحه ، ثم أبقاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) هناك لترتيب وضعها ، واتجه إلى حصن القموص فحاصره لمدة شهر أو نحوه ، فكان المسلمون يهاجمونه يومياً تقريباً ويرجعون مهزومين ! حتى طلبوا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يحضر علياً ( عليه السلام ) فأحضره وأخبرهم أنه سيفتح الحصن ، فهاجم علي ( عليه السلام ) الحصن وحده ودحا بابه الحديدي الثقيل ، وقتل بطلهم مرحباً ، وفتح الحصن !
22 . وفي غزوة حنين انهزم المسلمون ، وكانوانحو عشرة آلاف ، فثبت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنو هاشم فقط ، وقاتل علي ( عليه السلام ) وحده فقتل أربعين من حملة الرايات ، وحقق النصر !
ثم حاصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) حصن الطائف ، وكان المسلمون يهاجمونه فلم يستطيعوا فتحه ، وكان علي ( عليه السلام ) في مهمة عسكرية ، فاتفق النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع ثقيف وأنهى حصار الطائف .
23 . بعد حنين أرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) إلى اليمن مرات ، فاستكمل فتحها وترتيب أوضاعها ، وكانت له فيها جولات وبطولات ، أخفاها رواة السلطة .
24 . تتميز هذه السيرة بتسليط الضوء على خلافة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وإثبات أنها كانت مطروحة من أول بعثته لما أمره الله تعالى بأن يدعو عشيرته الأقربين ، ويطلب منهم وزيراً يبايعه على دعوته ليتخذه أخاً ووصياً ، فاستجاب له علي ( عليه السلام ) فأعلنه : « أخاه ووزيره ووصيه وخليفته من بعده » وأمرهم بطاعته ، فقال أبو لهب لأبي طالب : لقد أمرك بأن تطيع ابنك هذا !
وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يعرض نفسه على القبائل لتحميه ، فاستجابت له عدة قبائل ، لكنها اشترطت أن تكون لها الخلافة بعده ، فلم يقبل .
ثم كانت الخلافة مطروحة عند منافسي علي ( عليه السلام ) فانقسم المسلمون في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى شيعة علي ومبغضيه ، وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يمدح علياً ( عليه السلام ) وشيعته ، ويذم من أبغضهم .
ثم كانت مطروحة بعد فتح مكة ، وكانت الشغل الشاغل لقريش وحلفائها اليهود ، فحاولوا اغتيال النبي ( صلى الله عليه وآله ) مراراً ، ليأخذوا دولته ويفرضوا خليفة منهم !
في الختام ننبه إلى أن مصادرنا هي من طبعة برنامجنا « مكتبة أهل البيت « عليهم السلام » - الإصدار الثاني » . وننبه إلى أنا قد نذكر الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) كاملة وهي في المصدر ناقصة .
نسأل الله تعالى بجاه أحب خلقه اليه محمد وآله الطاهرين ( صلى الله عليه وآله ) أن يتقبل منا هذا العمل ويشملنا بشفاعته صلوات الله عليه وآله المعصومين .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|