أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-05
742
التاريخ: 2024-03-13
887
التاريخ: 2024-06-18
662
التاريخ: 2023-06-26
1381
|
كان الوزير «رع حتب» من وزراء الفرعون «رعمسيس الثاني» الذين لهم شهرة واسعة، ويدل ما لدينا من الآثار، وبخاصة لوحته المحفوظة في متحف «ميونخ«(1)، ولوحة أخرى عثر عليها في «العرابة«(2) على أن مقر وظيفته كان في شرقي الدلتا في عاصمة «رعمسيس» الجديدة المسماة «بررعمسيس»، ولكن من جهة أخرى وجدت له لوحة أخرى قيل إنها من «منف»، ومنها نستنبط أن مقر وظيفته كان في الأصل في هذه العاصمة القديمة، ثم انتقل فيما بعد إلى العاصمة الجديدة. ولقد ظل قبر هذا الوزير مجهولًا إلى أن كشف عنه الأثريان «بتري»، و«برانتن» في بلدة «سدمنت» الواقعة عند مدخل مدينة «الفيوم «(3)، وقد بقي من هذا القبر حتى الآن بئران، وعدد عظيم من الحجرات شكلها غير منتظم، (4)، أما البناء الذي كان مقامًا فوق حجر الدفن هذه فلم يبقَ منه شيء قط، وقد حفرت حجر الدفن إلى عمق يبلغ نحو خمسة أمتار ونصف متر تحت الأرض. وفي حجرة دفن هذا الوزير تابوتان متجاوران، أحدهما للوزير «رع حتب» نفسه، والثاني للوزير «بارع حتب»، والظاهر كما يقول الأستاذ «شارف» أن مقرَّ وظيفته كانت بلدة تسمى «بررعمسيس» غير العاصمة؛ وذلك لأن اسم «رعمسيس» في تركيب اسم هذه البلدة لم يكن محاطًا بطغراء، بل كان محاطًا برسم يعبر دائمًا عن الحصن، وإن كان ذلك ليس ببرهان مقنع. وما وجدناه من نقوش يمكننا من إثبات الصلة التي بين الوزيرين بوضوح، فقد وجدنا على لوحة العرابة رقم 1138 أن أحد إخوة «رع حتب» كان يُدعى «بارع حتب»، غير أنه كان لا يحمل لقب وزير، ومن جهة أخرى نجد أن «بارع حتب» قد أقام لنفسه لوحة في العرابة (رقم 1160)، وقد ظهر فيها أمام «رع حتب» بوصفه متوفى، هذا إلى أننا نجد كلا الرجلين قد ذُكر اسمه على تمثال صغير عثر عليه «بتري» في «العرابة«(5). وهنا نجد أن «بارع حتب» كان قد أصبح إلهًا؛ أي توفي، أما «رع حتب» فلم يكن يحمل — على الأقل في النقوش الباقية على التمثال بعد — لقب وزير، وكان لا يزال يعمل في «منف» كما يدل على ذلك وجود اسم «بتاح» إله هذه البلدة في كثير من النقوش الخاصة به، ويجب أن ننوِّه هنا بأن الأثري «لجران» لم يميز بين الرجلين، بل وحدهما في بحثه في نقوش هذه الأسرة، وتسلسل النسب فيها (6). ومن أهم الآثار التي عُثر عليها باسم هذا الوزير لوحة محفوظة الآن في متحف «ميونخ»؛ إذ تكشف لنا عن صفحة شيقة في التقاليد الدينية، وبخاصة عبادة «رعمسيس الثاني» لنفسه، وعبادة الشعب له وهو لا يزال على قيد الحياة. وجزء هذه اللوحة الأعلى مستدير، وينقسم سطحها قسمين متساويين تقريبًا، ففي القسم الأعلى نشاهد فرعونًا يتقدم وهو يطلق البخور، ويصب الماء نحو تمثال ملك أمامه مائدة قربان حافلة بألوان الطعام، ويشاهد خلف هذا التمثال أربع آذان ضخمة، وفي القسم الأسفل من اللوحة نشاهد مهدي اللوحة مرتديًا لباس الوزارة الرسمي، ورأسه عارٍ كما جرت العادة في عهد الدولة الحديثة، ويحمل هذا الوزير في يده اليسرى مروحة ومنديلًا، وينشد تضرعًا مؤلفًا من خمسة أسطر، وهو متجه نحو التمثال الموجود في القسم الأعلى من اللوحة، ومما يؤسف له أن أواخر الأسطر من هذا التضرع قد هُشمت تهشيمًا تامًّا، ومع ذلك يمكننا أن نصل إلى فهم كنه محتويات هذا التضرع بوجه عام، وهاك ما تبقى: «الصلاة لروحك (أي تمثال الملك «رعمسيس») الإله الأكبر الذي يسمع … (أو الذي يرفع التضرع) الرجال، ليته يعطي الحياة والفلاح والصحة والفطنة والمديح و… إلى الأمير الوراثي، وحامل المروحة على يمين الفرعون، وعمدة المدينة، الوزير «رع حتب» … في «بررعمسيس» محبوب «آمون« «. ونجد منقوشًا على التمثال الذي في القسم الأعلى ما يأتي: ««رعمسيس» حاكم الحكام، والإله الأكبر، وسيد السماء مخلدًا». وقد ظهر في الصورة في الجزء الأعلى ملك يخطو إلى الأمام، وفي الجهة الأخرى مائدة القربان، ونشاهد الفرعون «رعمسيس الثاني» لابسًا قبعة الحرب وهو يقدم البخور، ويصب الماء لتمثاله، وقد نقش فوق صورته اسمه ولقبه، وعلى يمينه قرص الشمس يتدلى منه صلَّان، وكذلك النقش التالي: «بحدتى الإله الأكبر «. والواقع أن ما جاء على هذه اللوحة برهان على عبادة «رعمسيس الثاني» لنفسه بوصفه إلهًا في مدة حياته، والحث على هذه العبادة في صورة تمثاله كالتماثيل التي كانت تُنحت للآلهة. وبهذه المناسبة نضع أمام القارئ بعض الأمثلة عن صور التضرع للملك المؤله دون أن ندخل في تفاصيل موضوع عبادة الملك «رعمسيس» بوصفه إلهًا، وهو في الواقع موضوع لا يزال يحتاج إلى إيضاحات كبيرة، ومن المدهش أن الأستاذ «موريه» في كتابه عن الملوك والآلهة لم يشِر إلى هذا الموضوع إشارة صريحة.
(1) ففي معابد بلاد النوبة يظهر أمامنا «رعمسيس الثاني» نفسه مؤلهًا، وهو في كل حالة منها تكون صورته ممثلة كأي إله آخر، غير أنه لم يظهر قط وهو مؤله في صورة تمثال، بل في صورة إله. فمثلًا: في معبد «بو سمبل» نراه في هيئة إله برأس صقر، أي إنه في هذه الحالة يمثل إله الشمس، ويُسمى «رعمسيس الإله الأكبر» (7)، وكذلك يظهر في صورة إنسان، ولكن على رأسه قرص الشمس، ويسمى «رعمسيس الإله الأكبر رب السماء»، وفي معبد «أكشه» ببلاد النوبة مثل في صورة إنسان، ولكن النقوش التي تتبعه تقول عنه: «وسر ماعت رع ستبن رع الإله الأعظم رب النوبة» (8). أي إنه في كل هذه الحالات كان يعد إلهًا خاصًّا لبلاد النوبة، وعلى ذلك نفهم من كل الأمثلة التي ضربناها أنها تتناول العلاقة التي كانت بين «رعمسيس الثاني» الملك، وبين صوره الخاصة بوصفه إلهًا.
(2) والواقع أن الصور التي على لوحة «رع حتب» تقرب من الصور التي ذكرناها؛ لأننا نشاهد هذا الوزير في هذه اللوحة يتعبد ﻟ «رعمسيس» كما يتعبد أي موظف لأي إله، وكما يتعبد كذلك لروح الملك «كا»؛ غير أن الروح كان لا يرسم قط، بل يستدل عليه من النقوش التي كانت تدون خلف الآلهة، مثال ذلك ما نجده في نقوش «السلسلة» في تعبيرات صيغ القربان فيقال مثلًا: «قربان يقدمه الملك والإله «حور اختي» إلخ، والنيل والد الآلهة، وروح الملك «مرنبتاح» حتى يمكنهم أن يعطوا إلخ لفلان» (9). وكذلك نجد بالعكس أن الآلهة كان يتضرع إليهم ليهبوا إلى روح الملك الحياة (10). وفي مثل هذه الحالة قد يخالج الإنسان الشك فيما إذا كان روح الملك هنا يمثل بكل بساطة الملك العائش، أو أن الآلهة قد وهبوا الملك المؤله — في صورة روح ملكي — الحياة الأبدية، ولكن لدينا نقش في «السلسلة» يقرب من النقش الذي على لوحة «رع حتب»، وهو على الجدار الخارجي لمقصورة «حور محب»؛ إذ نرى في هذا المنظر وزيرًا يصلي لروح الإله «بتاح»، ولروح الملك «رعمسيس الثاني»، ويُرى هنا الملك «رعمسيس الثاني» واقفًا بين الوزير المتضرع والإله «بتاح»، ولكن هذا الإله الذي يصلي له الوزير قد ولَّاه ظهره، وقد عُرف الملك هنا بأنه: «الإله الطيب ابن الإله «بتاح» «رعمسيس الثاني».» وبذلك لم يكن يقوم بدور إله أو بدور الروح الملكي. والتفسير المعقول لهذا المنظر هو أن الوزير كان يوجه تضرعه بوساطة الروح الملكية إلى الإله «بتاح»، وبهذه الكيفية يصبح هذا التضرع له قيمته عندما ينقل الملك الحي للإله تضرع وزيره. وعلى ذلك نعلم من هذه المجموعة أن تمثال الملك المؤله كان يلعب دورًا بجوار الملك الحي. ولدينا تمثال آخر يمكن الإدلاء به غير لوحة الوزير «رع حتب»، وهو لوحة عثر عليها في «هربيط»، وهي في نقوشها وتوزيع أشكالها تشبه لوحتنا، وصاحبها يُدعى «موسى «(11). ومن ثم يمكننا أن نقرر هنا أن الصلاة التي على لوحة «رع حتب» كانت موجهة للروح «كا»، وللتمثال الملكي معًا؛ أي إن الروح يتقمص أو يسكن الملك المؤله. ولما كانت الصلاة التي على نقوش مقصورة «السلسلة» يوجهها الوزير للفرعون لأجل أن يوصلها «بتاح» بدوره؛ صار من المسلَّم به إذن أن الملك يقوم بالصلاة التي على اللوحة التي نحن بصددها للإله «بتاح» بوصفه المحامي عن الوزير المتضرع، مطلقًا البخور لتمثال روحه هو «الملك»، ومن الجائز أن الآذان الأربع التي نشاهدها خلف التمثال؛ اثنتان منها للملك، واثنتان لتمثال الروح. وعلى أية حال فإن الأذن كان لها هنا نصيب في رفع هذا التضرع للإله، على أنه يمكن تفسير وقوف الملك أمام تمثال روحه بصورة أخرى؛ إذ قد يكون ما يتطلبه الوزير بتضرعاته فائدة مادية، أو حظوة خاصة، كما نشاهد ذلك فعلًا على لوحة «موسى» الآنفة الذكر. وعلى ذلك يمكن للإنسان أن يفهم أن رفع التضرع كان ينفذ بوساطة تمثال الروح المؤله، وأن الملك كان يشترك في إجابة تضرع الوزير، ولذلك نجد أن تمثال الروح، وصورة الملك قد رُسما في القسم الأعلى من اللوحة كما شرحنا، وإذا نظرنا بعين فاحصة وجدنا أن تقسيم اللوحة بهذه الكيفية قسمين له مدلوله المنطقي المتناسق، ففي القسم الأسفل من اللوحة من جهة اليمين نجد الوزير راكعًا يقرأ التضرع لأذني تمثال الروح، وفي أعلى اللوحة نشاهد صورة الملك الحي يحقق رجاء الوزير، كما نشاهد مثل هذا على لوحة «موسى «. ولدينا لهذا الوزير آثار أخرى وقفنا منها على ألقابه كلها، وأسماء أسرته (12). وفي المتحف المصري نجد له لوحة عدَّد في نقوشها كل الألقاب والنعوت التي كان يتحلى بها (13)،وقد ظهر في الجزء الأعلى من هذه اللوحة بملابس الوزير، وفي إحدى يديه مروحة، أما الأخرى فقد رفعها تضرعًا للإله «بتاح» الذي كان يقف أمامه، وخلف «بتاح» نشاهد الإله «ست» واقفًا، وهاك ألقابه كما جاءت على هذه اللوحة: الحاكم الوراثي، قائد العظماء، والوزير «رع حتب» المرحوم يقول: «إني وزير القطرين، وباب قصر الفرعون، والكاهن الأول، والمشرف على الكهنة، ومدير كل فراء (لقب كهنوتي)، وأعظم الرائين، والرئيس الأعظم للصناع، والكاهن «سم» للإله «بتاح»، ومدير عيد من يسكن جنوبي جداره «بتاح»، والكاهن الأكبر للإلهة «وازيت»، ورئيس التشريفات الأعظم لرب الأرضين، ومدير الأعمال، ومدير الحرف، والمشرف على قوانين الإله الطيب (الملك) في ساحة العدالة، وفم الملك وحاجب ملك الوجه القبلي والوجه البحري، ومن يسر جلالته في قصره الفاخر، ومن يرفع سبيل العدالة لجلالته، والمقدم أمام كل الرجال، وحاسب كل جزية في الأرض قاطبة (أي المشرف على خزائن مصر) وعمدة المدينة، والوزير «رع حتب».» ونجد كذلك على هذا التمثال وغيره من الآثار التي تركها لنا الألقاب التالية:
رئيس الأرضين، وصندوق العدالة، وأعظم رجال المجلس الثلاثيني العظيم، ورئيس أسرار بيت الفرعون، ورئيس الأرض كلها، ووزير الشعب (أهل الوجه البحري)، ووزير أهل الشمس (الإنسانية)، ورئيس النحت لبيت «بتاح»، ومن يسر قلب «حور» في الأفق أبديًّا، والكاهن الأول للإله «رع»، ورئيس الفرعون لبلاد «خيتا» (14)، وكاهن «آمون» ملك الآلهة، ورئيس أسرار بيت «رع»، وعينا ملك الوجه القبلي، وأذنا ملك الوجه البحري، ومن يحمل ميزان الأرضين، وفم الفرعون في كل أرض أجنبية، ومدير أعمال الفرعون للوجهين القبلي والبحري، والمدير لكفتي الأرضين، وباب نوت (السماء)، ومدير الأقاليم والمدن إلخ.
وتدل شواهد الأحوال على أن «رع حتب» هذا هو نفس الرجل الذي يوجد تمثاله في «نورود سري» بإنجلترا، وقد مثل جالسًا على كرسيه، ويحمل طغراء «رعمسيس الثاني»، وهو من أسرة عريقة في المجد، وهاك أفراد أسرته وألقابهم (15):
(1) والده يُدعى «باحم نتر»، ويلقب الكاهن الأكبر للإله «بتاح».
(2) والدته تسمى «خعي نسوت»، وتلقب رئيسة نساء الإله «أنحور».
(3) وأخته تسمى «حنورا»، وتلقب رئيسة نساء الإله «حرشفي».
(4) وأخوه يسمى «منمسو»، ويحمل لقب الكاهن الأول للإله «آمون».
ويدل لقب رسول الفرعون لبلاد «خيتا» على أنه كان وزير الفرعون في السنة الحادية والعشرين من حكم «رعمسيس الثاني «.
......................................
1- راجع: A. Z., 70 pp. 47 ff..
2-راجع: Mariette Abydos No. 1138.
3- راجع: Sedment II, 28 Tomb B, 201.
4- راجع: Ibid. pl. 84.
5- راجع: Petrie, Abydos II, 45, pl. 37.
6- راجع: Rec. Trav. 32, p. 35 ff..
7- راجع: L. D. III, 191 ff..
8- راجع: L. D. III, 189 e.
9- راجع: L. D. III, 191 n.
10- راجع: L. D. III, 200 a.
11- راجع: Ibid. 200. C.
12- راجع: A. Z., 61, pp. 62-3.
13- راجع: Weil, Die Viziere p. 96 ff..
14- راجع: Brugsch Thesaurus V, 950-1.
15- راجع: Rénouf. P. S. B. A., XIV, p. 163.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|