أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-31
272
التاريخ: 2024-07-22
375
التاريخ: 2024-07-14
478
التاريخ: 2024-07-24
430
|
ولدينا كتاب أدبي من هذا العصر يحتوي على نصائح والد لابنه، وقد نقلته مدارس الكتبة، وهو كتاب النصائح التي وجهها «خيتي بن دواوف» لابنه «بيبي»، وقد ظلت هذه التعاليم أو النصائح تُعرف بتعاليم «دواوف» إلى عهد قريب، والواقع أن صاحبها هو «خيتي بن دواوف» (راجع كتاب الأدب المصري ص207 ج1)، وهذه التعاليم تصف لنا بصورة قاتمة عنيفة البؤس والشقاء الدائم الذي كان يعانيه كل فرد لا يحترف الكتابة (أي غير موظف)؛ إذ كان الموظف يعتبر مسيطرًا على الناس، وكان يغبطه على عمله كل أصحاب الحرف الأخرى، وإذا كانت الأوصاف التي جاءت في هذه التعاليم صحيحة في تفاصيلها؛ فإنها تضع أمامنا صورة تدل على روح يغمره التعصب، ويحيط به ضيق التفكير الشديد، وكذلك تدل على أن كبرياء الموظفين لم ينحنِ أمامه قط الطبقات العاملة، ولا الصناع الذين كانوا يظهرون في كتاباتهم الجنازية كبرياء يعادل كبرياء الكُتاب، ولكنه على حق، وسنورد هذه التعاليم هنا ونعلق عليها لما لها من أهمية خاصة في كشف النقاب عن الحياة الاجتماعية في هذا العصر. تعاليم ألقاها مسافر اسمه «خيتي بن دواوف» لابنه «بيبي» في سفينة حينما سافر مصعدًا في النهر إلى عاصمة الملك ليلحِق ابنه بالمدرسة بين أولاد الحكام. وهذا العنوان وحده يكشف لنا عن حقائق خطيرة من الوجهة التعليمية والتاريخية، فمنه نعلم أنه كان يوجد مدرسة جامعة يتعلم فيها أولاد عِلية القوم في عاصمة الملك، وأن العاصمة كانت وقتئذ في الوجه القبلي؛ لأنه كان على «خيتي» أن يقلع بسفينته مصعدًا في النهر، ومن الجائز أنها كانت وقتئذ «إهناسية المدينة» أو «طيبة». هذا إلى أن هذه المدرسة كان يعلَّم فيها أولاد حكام المقاطعات ومن في طبقتهم، وسنرى أن «خيتي» يقول لابنه وستكون رئيسًا لمجلس «قنبت» وهو ذلك المجمع الذي كان يدير حكومة البلاد في العهد الإقطاعي (راجع كتاب الأدب المصري القديم ص130) وكان معظمه في ذلك الوقت من حكام المقاطعات. ونجد أن أول ما يُلقي «خيتي» على ابنه من النصائح هو أن يرسم له صورة قبيحة للجاهل، ثم يغريه بأن يحب العلم أكثر من حبه لأمه، ويقول له إنه عاجز عن تصوير جماله ثم يشير إليه بأن صناعة الكتابة تفوق كل الحرف، وأنه لو تعلمها هنأه القوم على ذلك فيقول: لقد رأيت من ضُرب، فعليك أن توجه قلبك لقراءة الكتب، ولقد شاهدت من أعتق من الأشغال الشاقة، تأمل! لا شيء يفوق الكتب. اقرأ في نهاية «كمت» (لعله اسم كتاب قديم) تجد فيه هذه: إن الكاتب عمله في كل مكان في حاضرة الملك ولن يكون فقيرًا،(1) والرجل الذي يعمل على حسب عقل غيره لا ينجح، ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر من والدتك، وليت في مقدوري أن أظهر جمالها أمام وجهك، وإنها أعظم من أية حرفة … وإذا أخذ التلميذ في سبيل النجاح، وهو لم يزَل طفلًا، فإن الناس تهنئه، ويكلف تنفيذ الأوامر، ولا يعود إلى البيت ليرتدي ثوب العمل (مثل أرباب الحرف الأخرى). بعد ذلك يصف الأب لابنه الفرق بين مهنة الكاتب وما ينال صاحبها من الشرف وبين المهن الأخرى التي يكون من جرائها تعب الجسم واضمحلاله، وتعرض محترفها للأخطار فيقول: «على أنني لم أرَ قط قاطع أحجار كلف برسالة، ولا صانعًا أرسل في مهمة.» ثم يتناول بالشرح كل مهنة وما فيها من متاعب وحقارة بالنسبة لمهنة الكتابة، ويقدِّم لابنه درسًا في الحياة الاجتماعية، ويستعرض أمامه نواحي مصر الصناعية، ونصيب كل صانع من متاعبها، يذكر ذلك في شيء من المبالغة، ولكنه يكشف لنا في الوقت نفسه عن نوع الحرف التي كان يتخذها أبناء العصر المظلم الذي يتحدَّث عنه. وإذا كان القارئ الأجنبي لا يحفل بهذا العرض كثيرًا فإن القارئ المصري يستهويه أن يراه؛ لأن فيه صفحة مضى عليها أربعة آلاف سنة، يستطيع أن يقرنها بصفحة مصر الحاضرة، فيرى أن الأخيرة تكاد تطابق الأولى مع طول العهد بينهما، وأن هذه المطابقة تشتد وتقوى في الدساكر والقرى حيث يضعف تأثير المدنية الحديثة. فيتكلم أولًا عن صانع المعادن فيقول: ولكني رأيت النحاس يقوم بعمله عند فوهة الأتون، وأصابعه كجلد التمساح (أي إنها مجعدة وخشنة كجلد التمساح)، ورائحته أكثر كراهية من البيض والسمك. ثم ينتقل إلى الخراط والسماك فيقول: وكل صانع يقبض بمهارة على المخرطة (2) يناله الإعياء أكثر مما يفلح الأرض، وميدانه الخشب، وفأسه المخرطة (حرفيا المعدن)؛ وفي الليل حينما يطلق سراحه يعمل فوق طاقة ساعديه؛ وفي الليل يشعل النور (أي يستمر في عمله فلا راحة له). ثم ينتقل إلى الكلام على البَنَّاء وما يناله من التعب الجثماني فيقول: والبناء يبحث عن عمل له (؟) في كل أنواع الأحجار الصلبة، وعندما ينتهي منه تكون ذراعاه قد تكسرتا، ويصبح مضني، وعندما يجلس امرؤ كهذا عند الغبش، فإن فخذيه وظهره تكون قد حطمت. بعد ذلك يتناول حرفة الحلاق فيظهر لابنه أنها مضنية، وصاحبها لا بد أن يجول في الشوارع ليبحث عن عمل يسد رمقه بما يكسبه، فنراه يقول: والحلاق يحلق متأخرًا إلى الغروب … ويجول من شارع إلى شارع ليبحث عمن يحلق له وينهك ذراعيه لأجل ملء بطنه كالنحلة التي تأكل وهي تكد (3). وكذلك يظهر له المتاعب التي يلاقيها التاجر الجوال ليحصل على ثمن سلعته فيقول: والتاجر (؟) يسيح إلى الدلتا ليحصل على ثمن سلعته، ويكد فوق طاقة ساعديه، والبعوض يقتله (لما يحمله من الجراثيم) … ويتناول بعد ذلك أحقر الحرف وهي صناعة اللبن فيقول: وصانع اللبن (ضرب الطوب) الصغير الذي يصنعه من غرين النيل يقضي حياته بين الماشية (؟)، وهو على أية حال مختص بالكروم والخنازير (في المصرية تورية بين كلمة كروم وخنازير، وربما كان ذلك هو السبب في ذكرها هنا)، وملابسه تكون خشنة … وهو يشتغل بقدميه ويدق … والظاهر أن حرفة البَناء كانت شاقة عند المصريين حتى إن حكيمنا هنا قد رصد لها فقرتين، غير ما ذكر، ولكن الفقرة الثانية فيها بعض الغموض فيقول: دعني أحدِّثك فضلًا عن ذلك عن البناء الذي يكون غالبًا مريضًا (؟)، وملابسه قذرة، وما يأكله هو خبز أصابعه، ويغسل نفسه مرة واحدة … وهو أتعس ما يمكن أن يتحدَّث عنه الإنسان بحق (؟) فهو كقطعة حجر (؟) في حجرة طولها عشر أذرع في ست … والخبز يقدِّمه إلى بيته، وأطفاله يضربون ضربًا … (وهذه القطعة غامضة في الأصل). ثم يصف الحكيم لابنه حالة البستاني، ويظهر أنه يقصد به زارع الخضر والفاكهة على السواء فيقول: «أما البستاني فيحضر أثقالًا، وذراعه ورقبته تتألمان من تحتها، وفي الصباح يروي الكرَّاث، وفي المساء الكروم (لأن ذلك أحسن وقت لريها عندما تكون محملة بالفاكهة … فحرفته أسوأ من أية حرفة). ثم ينتقل إلى وصف حالة الفلاح وهو الذي ينطبق على حالة فلاح مصرنا؛ الذي تفتك به الأمراض، وصاحب الأملاك يستنفد كل محصوله، فهو كالحيوان الضعيف الذي يعيش بين الأسود، فهو لا بد مأكول فيقول الحكيم: أما الفلاح فحسابه مستمر (أي إن صاحب الأرض يُطالبه دائمًا بتأدية ما عليه من الديون) إلى الأبد، وصوته أعلى من صوت الطائر «آيو» … (دائمًا يشكو)، وهو كذلك أكثر تعبًا ممن يمكن التحدث به، وحالته كحالة الذي يعيش بين الأسود، وهو في غالب الأوقات مريض (؟) وعندما يعود إلى بيته في الغروب، فإن المشي يكون قد مزقه إربًا إربًا (أي إن طول الطريق يجهده إجهادًا كبيرًا فوق ما لاقى من التعب خلال اليوم). يتناول بعد ذلك «خيتي» حكيمنا الناسج الذي يعمل وهو جالس طول اليوم، فيشبهه بقعيدة البيت، فهو لا يتمتع بالهواء الطلق، وهو مراقَب دائمًا، فإذا تباطأ عن العمل يومًا ضُرب بالسوط، وفي رواية أخرى انتُزع من مكان راحته كما تُنتزع زهرة السوسن من البركة، وإذا أراد أن يخرج من مصنعه ليستنشق الهواء، فلا يصل إلى ذلك إلا بالرشوة فيقول: وحال الناسج داخل مصنعه أتعس من حال المرأة، فركبتاه تكونان في بطنه، وهو لا يمكنه أن يستنشق الهواء، وإذا أمضى يومًا دون عمل انتُزع (من مكان راحته)، كما تُنتزع زهرة السوسن (وفي رواية أخرى فإنه يُضرب بسوط ذي 50 شعبة) أو (فإنه يُضرب كسائمة الضحية 51 سوطًا)، وهو يقدم لحارس الباب خبزًا ليسمح له في ضوء النهار بالخروج. بعد ذلك يصف الحكيم المحنك لابنه «حرفة» من الحرف التي كانت شائعة في ذلك العصر، ولكنها قد اختفت في عهدنا تدريجًا بانتشار المدنية؛ وأعني بذلك صناعة «السهام» التي لم يفتأ يستعملها المصري؛ لأنها كانت من أهم أسلحة الحرب، فيصف كيف يحتم على صاحبها أن يذهب إلى الصحاري والجبال، حيث الظران الذي تُصنع منه السهام، وما في ذلك من بُعد المسافة، وما يعانيه هو وحماره، وما يستلزمه من المال لمن يرشده إلى الطريق في وسط تلك الفيافي والقفار، وما يتطلبه كل ذلك من وقت ونصب فيقول: وصانع السهام يكون تعسًا عندما يرحل إلى الصحراء، وإن ما يعطيه حماره لكثير، هذا فضلًا عن أنه عمل يستغرق وقتًا طويلًا، ويعطي كذلك الذين في الحقول، والذين يرشدونه إلى الطريق كثيرًا أيضًا، ويصل إلى بيته في المساء بعد أن يكون السير قد أنهكه. ثم يتناول بعد ذلك حرفة أخرى من التي أخذت تتلاشى في مصر، وإن كانت لم تزَل باقية في بعض الجهات المتطرفة التي لم تصلها المدنية الحديثة، وأعني بها نقل البريد برجال خُصوا بذلك، فيصف لنا كيف أن عامل البريد عند ذهابه إلى بلد أجنبي يترك وصيته خوفًا من عدم عودته، لما في رحلته من المخاطر، وحتى إذا عاد إلى مصر ثانية فإنه لا يعود مرتاح النفس؛ لأن التعب يكون قد أضناه فيقول: وحامل البريد عندما يسافر إلى بلد أجنبي يوصي بأملاكه لأولاده خوفًا من الأسود والأسيويين، وهو يعلم ذلك وهو في مصر، وعندما يعود إلى بيته يكون تعسًا؛ لأن المشي قد كسره، وسواء أكان بيته من النسيج أو اللبن (؟) فإنه لا يعود منشرح القلب (4) (وفي رواية أخرى: وعندما يصل إلى بيته مساء فإن قلبه يكون فرحًا). ويعقب ذلك كلام على حرفة لم نصل إلى كنه معناها، والغرض من ذكرها هنا هو أن يُظهر له بشاعة رائحة محترفها؛ ولذلك سنورد الكلمة هنا بأصلها المصري. أما اﻟ «سثناوي» فإن رائحة إصبعه تكون نتنة، والرائحة التي تتصاعد منها هي رائحة جثة، وعيناه تكونان مثل … (؟) … بسبب المسوح … وهو لا يقصي عنه «سثناوي» وهو يقضي وقته في تقطيع الخرق (؟) وما يمقته هو الملابس. ثم يشفع ذلك بالتحدث عن حرفة يظهر أنها تشبه السابقة في قذارتها، وأعني بها حرفة الإسكاف، فيصف الحكيم لابنه كيف أن هذا التعس يحمل أوانيه التي فيها آلاته وجلده، وكيف أن صحته تسوء وجسمه يهزل، وقد يُجبر على قطع الجلد بأسنانه فيقول: والإسكاف يحمل أوانيه إلى الأبد (وفي نسخة أخرى يحمل آلاته إلى الأبد) وصحته تكون كصحة الجيفة؛ وما يعض عليه هو الجلد. ثم يأتي بعد ذلك الكلام على حرفة الغسال، ومجازفة صاحبها بنفسه أمام خطر التمساح — مما يدل على كثرة هذا الحيوان في ذلك العصر في النيل — وما يلاقيه بسببها من تعب جثماني، وما يشعر به من تعس عندما يضع مئزر سيده ليؤدي فيه عمله، فيقول: والغسال يغسل على الموردة، وإذ ذاك يكون جارًا قريبًا للتمساح (في صورة إله)، وعندما يخرج الوالد «الغسال» متجهًا نحو الماء المضطرب، يكون ابنه وابنته في عمل هادئ منعزل عن كل عمل آخر، وعندئذ يقول ابنه وابنته: إن هذا ليس بعمل يجد فيه الإنسان راحة، وهو منفصل عن أي عمل آخر، وغذاؤه يكون مختلطًا بمكان حساباته، وليس فيه عضو سليم، وإذا ارتدى مئزر المرأة فإنه وقتئذ يكون تعسًا، وهو يبكي حينما يمضي وقته حاملًا اﻟ «مكاتن» … ويقال له «الغسيل» أسرع إليَّ … ويعقب هذا بحرفة أخرى ليست من نوع الحرف السابقة بل هي حرفة لهو؛ ولذلك يقول عنها إنها تجعل صاحبها يهمل أعماله، وأعني بها حرفة صيد العصافير، فيقول: وصائد العصافير تراه في منتهى التعس عندما يشاهد ما في السماء ويهمل أعماله، (وفي رواية أخرى)، وعندما تطير الطيور المتنقلة (5) في السماء يقول: ليت عندي شباكًا هنا، ولكن الله لا يهيئ له نجاحًا (؟). بعد ذلك ينتقل إلى حرفة صيد السمك، ويصف الحكيم لابنه ما فيها من أخطار التمساح، فيقول: إني مخبرك كيف أن حرفة صياد السمك أكثر تعسًا من أية حرفة أخرى، فإنه يشكو منها، أليس عمله على النهر حيث يختلط بالتماسيح (؟)، وإذا لم يقُل له الإنسان يوجد تماسيح فإن خوفه يعميه. وهنا ينتقل الكاتب الحكيم إلى إطراء حرفة الكتابة، فيقول: إن صاحبها هو الذي يصدر الأوامر. ثم يصفها بأنها أحسن من كل الحرف التي استعرضها أمامه، فيقول: تأمل! فإنه لا توجد حرفة من غير رئيس لها إلا صناعة الكاتب، فهو رئيس نفسه، (6) فإذا عرف الإنسان الكتب فإنه يقال عنه بحق: إنها مفيدة لك … وما أقوم به في سياحتي إلى الحاضرة، تأمل! إني أقوم به حبًّا فيك، ويوم في المدرسة مفيد لك، وما تعمله فيه يبقى مثل الجبال. ويعقب هذه الكلمات الحكيمة بعض فقرات غير مفهومة وتدل مقدمتها هذه: «دعني ألق عليك فضلًا عما سبق كلمات لأعلمك» أنها تبحث في موضوع جديد؛ ومن المحتمل أنها إضافات قد أُدخلت على المتن الأصلي فيما بعد، فمنها فقرة تعلِّم الإنسان حسن السلوك في حضرة العظيم، فيقول حكيمنا: وإذا دخلت ورب البيت مشغول بآخر قبلك، فعليك أن تجلس ويدك في فمك، ولا تسألن عن أي شيء، وفضلًا عن ذلك لا تتكلمن بكلمات غامضة، ولا تنطق بلفظة وقحة … ثم إذا حضرت من المدرسة وقد أعلن وقت الظهر لك وأنت سائر تصيح فرحًا في الطرقات، فحينئذ … وإذا أرسلك رجل عظيم برسالة فأدِّها كما ألقِيت عليك ولا تنقِص منها ولا تزِد … ويلي ذلك نصيحة غالية في القناعة في المأكل والمشرب من أحسن ما قيل في هذا الباب؛ إذ يقول: «كن قنوعًا بطعامك، إذا كان يكفيك ثلاثة رغفان، وشرب قدحين من الجعة، فإذا لم يكن بطنك قد اكتفى بعد فحاربه (؟).» ثم إن الحكيم يحض ابنه على أن يستمع لكلمات الرجل العظيم ويتخذ لنفسه صديقًا من سنه، فيقول: انظر، إنه لحسن أن تفض الجمهور وتستمع منفردًا إلى كلمات العظيم … اتخذ لنفسك رجلًا صديقًا من جيلك. وفي النهاية نرى «خيتي» يقول لابنه: إنه قد وضعه على الطريق الإلهية وإن ربة «حصاد الكتاب» على كتفه منذ ولادته؛ أي إنه لن يقاسي آلام الحاجة، وأنه بفنه يصل إلى أعلى وظيفة في البلاط، بأن يصبح عضوًا في المجلس الأعلى للحكام «قنبت»، بل قد يكون الرئيس فيه بما أوتيه من علم وحكمة، ثم يخبره أن هذه الطريق ممهدة أمامه وأمام أولاد أولاده، فيقول: انظر، إني قد وضعتك على طريق الإله، وإن «رننوتت» الكاتب (أي ربة الحصاد للكاتب) قد أصبحت على كتفه منذ ولادته، وهو يصل إلى باب مجلس «القنبت» عندما يصل إلى سن الرجولة، تأمل! إنه لا يوجد كاتب قد حُرم القوت الذي هو متاع بيت الملك (عاش في صحة وفلاح)، و«مسخنت» (إلهة الكتابة) هي سعادة الكاتب، وهي التي تضعه على رأس المجلس الأعلى «قنبت»، ويجب على الإنسان أن يشكر والده ووالدته اللذين وضعاه على طريق الأحياء، والآن تأمل! فإن هذا (أي ما نصحتك به) ما أضعه أمام وجهك ووجه أولادك، وقد انتهى هذا بسلام. ويستنتج مما ذكر أن الكُتاب كانوا كثيرين، وأن الكاتب كان صاحب القدح المعلى، والرأي المتبع (Chronique d’Egypte, No. 43, P. 50 ff.).
...............................................
1- قد يحتمل أن كل وظيفة يشغلها لها صلة بالبلاط، وعلى ذلك فللكاتب نصيب قبل غيره في الأرزاق التي توزع هناك.
2- لا شك أن حكيمنا يبالغ في هذه الصورة التي يضعها أمام ابنه؛ لأنه مما لا شك فيه أن بعض أصحاب هذه الحرف كان يحب مهنته لذاتها، وإلا لما وصلت إلينا تلك القطع الفنية النادرة في إتقانها من أيدي هؤلاء الصناع.
3- أي إنه يأكل أثناء عمله، وهذا ما نشاهده الآن في القرى المصرية.
4- لأن أولاده يكونون قد قسموا ملكه ظنًّا منهم أنه قد مات في طريقه.
5- تؤلف الطيور المتنقلة عنصرًا هامًّا في طعام المصريين.
6- هذه الفكرة هي الغرض الذي يرمي إليه الكاتب من أقواله.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|