أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
3367
التاريخ: 20-10-2015
1742
التاريخ: 2023-10-24
1272
التاريخ: 30-11-2015
1222
|
العباس بن فرناس
(194 – 274 هـ)
أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس التاكرتي، احد عباقرة العالم والفيزياء والادب والفن في الاندلس. لم يرد ذكر تاريخ ولادة هذا العالم في كتب التواريخ، والذين ترجموا له اجمعوا على انه توفي سنة 274 هـ (884 م)، وانه جاوز الثمانين من السنين، فتكون ولادته على هذا الاجماع في نهاية القرن الثاني الهجري، أي حوالي سنة 194 هـ.
يعود اصله الى برارة (تاكرتا)، نشأ في قرطبة وكانت اذ ذاك منارة العلم والفن والادب، يشد اليها الرحال للاقتباس من معارف ابنائها العرب وعلومهم وفنونهم وصناعاتهم التي كانت تأخذ بالعقول وتبهر العيون، وفي هذا الجو العابق بالعلوم والمعارف شب عباس بن فرناس متوقد الذهن شديد الحفظ ناعم النظر دقيقه.
وكعادة ابناء وطنه تعلم القران الكريم ومبادئ الدين الحنيف في كتاتيب قرطبة، وكانت كثيرة عهدئذ، ثم بدأ يرتاد حلقات العلم التي كانت تعقد في مسجد قرطبة، فكان ينصت الى ما يجري فيها من مباحثات ومناظرات ومجادلات علمية، ويستمع الى ما يلقيه العلماء الاندلسيون من طريف ما اخذوه عن علماء المشرق. ثم كان يقصد المجالس الادبية ليستمع الى شيوخها استماعا متبصرا يريد به ان يفيد مما يجري في الحلقات والمجالس من شعر شعراء الاندلس وادب أدبائها في مستحسن الصناعتين النثر والشعر، وما كان يلقى في هذه المجالس من غريب الأخبار ودقائق اللغة التي حملت من بلاد المشرق.
وكان ابن فرناس بالإضافة الى ذلك كثير التردد الى أصحاب الفنون الرفيعة، ينعم السمع الى الاصوات التي يضعونها، ويراقب الآلات الموسيقية التي يوقعون عليها الحانهم. درس مصنفات الطب، وقرأ خصائص الأمراض وأعراضها وتشخيصها ، وطالع طرق الوقاية منها وعلاج المصابين بها ومداراتهم، ودرس خصائص الاحجار والاعشاب والنبات ووقف على خواصها المفيدة في المعالجة، وكان في سبيل ذلك يقصد المتطببين والصيادلة ويناقشهم فيما بدا له من اطلاعه في هذه الصنعة الجليلة التي تحفظ البدن وتقي من آفات الادواء والاعراض.
وقد شهر ابن فرناس بين أطباء عصره، فاتخذه الامراء الأمويين طبيبا خاصا لمعالجة ابناء الاسر الحاكمة والاشراف على صحتهم وطعامهم، وارشادهم الى انجع الطرق في المداواة من الأمراض والاسقام.
وكان الى هذه العلوم قد اضاف دراسة الفلسفة والمنطق والنجوم والعلوم الروحانية، وجمع المصنفات التي تبحث في هذه العلوم، والتي كان يصعب الحصول عليها، فقرأها قراءة علمية دقيقة فاحصة، فاستفاد منها الكثير وافاد بها ابناء قومه وجنسه. ثم اشتغل بعلم النحو وقواعد الاعراب، وشذا طرفا من آراء نحاة العربية في التعليل، فصار من نحا عصره في ربوع الاندلس، يؤخذ عنه ويعول عليه، مما دفع الزبيدي صاحب الطبقات الى تصنيفه في الطبقة الثالثة من نحاة الاندلس، وقد قال عنه "كان متصرفا في ضروب من الاعراب".
وكثيرا ما كان يلم بأماكن أهل الصناعات الرفيعة، فيدقق بأعمالهم وصناعاتهم وفنونهم العجيبة، وكان يسألهم ويشافههم عن سر ما لم يهتد الى معرفته بنفسه، فاقتبس منهم صناعات الآلات العلمية الدقيقة. وهكذا برز ابن فرناس ضليعا في علوم وصناعات شتى وآداب مختلفة، فكان له السبق بين علماء زمنه بما انفرد به من معارف وعلوم لم تتهيأ لغيره من الأندلسيين، مما حمل الناس على ان يطلقوا عليه لقب "حكيم الاندلس".
واذا كان جل الذين قنعوا من المعارف بالأمور الظاهرة المبسطة التي يمكن فهمها. وبالنظريات المجردة المنقولة عن تواليف المتقدمين، فلم يكلفوا انفسهم عناء البحث والتمعن فيما تعلموه، او الغوص في تحقيق ما فقهوه، ولم يحاولوا تطبيق النظريات العلمية على منهج علمي صرف للتأكد من صحة ما نقل اليهم وما وصل اليهم. وبالنظريات المجردة المنقولة عن تواليف المتقدمين، فلم يكلفوا انفسهم عناء البحث والتمعن فيما تعلموه، او الغوص في تحقيق ما فقهوه، ولم يحاولوا تطبيق النظريات العلمية على منهج علمي صرف للتأكد من صحة ما نقل اليهم وما وصل اليهم، فان ابا القاسم لم يكن من هؤلاء القانعين بما دون من هذه العلوم يتعلمونها ويعلمونها. بل كان مثال العالم المدقق المحقق، فكان يطبق عمليا ما يحتاج الى العمل ليتأكد من صحة المنقول. ويستفيد مما اخذه، وكان بذلك احد العلماء العالمين الذين اسسوا قواعد الحضارة العلمية العملية في الاندلس. فقد عكف على تحقيق المسائل العلمية التي درسها، وهي لنفسه ما يحتاج اليه عمله من دقيق الآلات ومختلف الادوات والاجهزة التي مكنت له اظهار نبوغه وألمعيته عمليا. وهو في هذا المضمار رائد محاولة تطبيق العلم على العمل، فقد فاق أهل عصره في طريقته العلمية وبرز في علوم ومعارف شتى اوجدها من تجاربه في التوليد والاختراع والابتكار. وكان مما سبق اليه.
صناعة الكيمياء :
فقد قام بتجارب وتحاليل مختلفة، واهتدى الى حقائق علمية لم تكن معروفة عند الاندلسيين، ومنها انه استنبط صناعة الزجاج من نوع من الحجارة، وسهل بعمله هذا على الاندلسيين صناعته من مادة بخسة الثمن، سهلة المتناول، فانتشرت بعده صناعة الزجاج في ديار الاندلس وتفوقوا بها.
ابن فرناس ومحاولة الطيران.
قام عباس بن فرناس بتجارب كثيرة، درس في خلالها ثقل الأجسام ومقاومة الهواء لها، وتأثير ضغط الهواء فيها اذا ما حلقت في الفضاء، وكان له خير معين على هذا الدرس تبحره في العلوم الطبيعية والرياضية والكيمياء، فأطلع على خواص الأجسام، واتفق لديه من المعلومات ما حمله على ان يجرب الطيران الحقيقي بنفسه، فكسا نفسه بالريش الذي اتخذه من سرقي الحرير (شقق الحرير الأبيض) لمتانته وقوته، وهو يتناسب مع ثقل جسمه، وصنع له جناحين من الحرير أيضا يحملان جسمه اذا ما حركهما في الفضاء. وبعد ان تم له كل ما يحتاج اليه هذا العمل الخطير، وتأكد من ان باستطاعته اذا ما حرك هذين الجناحين، فانهما سيحملانه ليطير في الجو، كما الطيور ويسهل عليه التنقل بهما كيفما شاء.
بعد ان اعد العدة اعلن للملأ انه يريد ان يطير في الفضاء، وان طيرانه سيكون من الرصافة في ظاهر مدينة قرطبة، فأجتمع الناس هناك لمشاهدة هذا العمل الفريد والطائر الادمي الذي سيحلق في فضاء قرطبة. وصعد أبو القاسم بآلته الحريرية فوق مرتفع وحرك جناحيه وقفز في الجو، وطار في الفضاء مسافة بعيدة عن المحل الذي انطلق منه والناس ينظرون اليه بدهشة وإعجاب عندما هم بالهبوط الى الارض تأذى في ظهره، فقد فاته ان الطائر انما يقع على زمكه (ذيله)، ولم يكن يعلم موقع الذنب في الجسم في أثناء هبوطه الى الارض، فأصيب في ظهره بما اصيب من اذى.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|