أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2018
9264
التاريخ: 2023-05-10
1275
التاريخ: 2024-07-31
338
التاريخ: 2023-05-02
2171
|
2-2- مكونات (متغيرات) الموازنة الاقتصادية
نقطة البداية في تكوين تصور مبدئي عن الصورة الكلية للاقتصاد الوطني، محاولة تركيب معادلة الناتج / الدخل القومي للفترة القادمة، التي تعد عنها الموازنة القومية، وهذا يستدعي بدوره التفرقة بين المكونات (أو المتغيرات)، كما يلي :
أ. المكونات التي تمثل قيم معطاة للمتغيرات بناءاً على تقديرات مستقلة، وتسمى هذه المكونات معطاة (Autonom).
ب. المكونات التي تتغير قيمها بتغير قيم المتغيرات الأخرى، وهي التي تسمى متغيرات " تابعة " (Dependent)، حيث أن القيم التي تأخذها تلك المكونات أو المتغيرات تشتق من حركة قيم المتغيرات الأخرى.
ويمكن على سبيل التبسيط الشديد إعتبار متغيرات كلية مثل مستوى الإنفاق العام الحكومي (Cg) ومستوى الصادرات الكلية (X)، ومستوى الاستثمار الكلي (I) على أنها معطاة، وهذه تنتمي إلى المجموعة الأولى، أي تمثل قيم معطاة بناءاً على توقعات وتقديرات مستقلة للخبراء والمسؤولين.
بينما توجد متغيرات أخرى مثل مستوى استهلاك القطاع العائلي الخاص (Ch) ومستوى الواردات الكلية (M)، وهذه تنتمي إلى المجموعة الثانية، أي تتوقف على القيم التي تأخذها المتغيرات الأخرى الأولى (المعطاة).
ووفقا لهذا التصور، يمكن كتابة معادلة المستوى المتوقع للناتج القومي خلال الفترة القادمة على النحو التالي:
(1) Y= Ch + Cg + I + (X - M)
حيث أن
Y= الناتج القومي.
Ch الاستهلاك العائلي
Cg= الاستهلاك الحكومي
X= صادرات
M= واردات
وعلى سبيل التبسيط يفترض - أن الإنفاق الاستهلاكي للقطاع العائلي يمثل نسبة ثابتة من الدخل الشخصي القابل للتصرف (أي بعد إستبعاد خصم الضرائب المباشرة)، كذلك يمكن افتراض أن مستوى الواردات هو الآخر نسبة ثابتة أيضاً من استهلاك القطاع العائلي*، فإذا ما أعطي الدخل الشخصي القابل للتصرف قبل الضرائب الرمز (Yf)، وهو ليس سوى مجموع دخول عوامل الإنتاج (المتولدة محلياً أو خارجياً) الدخل القومي، وكذلك إذا ما افترض غياب أي إدخار لقطاع الأعمال المنظم في صورة (أرباح محتجزة)، وعدم وجود ضرائب مباشرة على دخول الأعمال وضرائب غير مباشرة على السلع والخدمات، وإذا ما أعطيت نسبة الاستهلاك العائلي إلى الدخل الشخصي القابل للتصرف )الميل المتوسط للاستهلاك) الرمز (C)، وأعطي إلى معدل الضريبة على الدخول الشخصية الرمز (t)، والتي يفترض أنها نسبة ثابتة لا تختلف باختلاف مستويات الدخل - فيمكن التعبير عن العلاقة بين مستوى الإستهلاك العائلي ومستوى الدخل القومي القابل للتصرف )بتكلفة عوامل الإنتاج) على النحو التالي :
(2) ( Ch = c (Yf-t Yf) = c Yf (1-t الاستهلاك العائلي
وكذلك يمكن تصوير العلاقة بين سلوك الواردات وبين سلوك استهلاك القطاع العائلي على النحو التالي:
M= m Ch= mc Yf (1-t) (3)
وذلك باعتبار أن (m) ترمز إلى الميل المتوسط للاستيراد بالنسبة لحجم الاستهلاك العائلي، فإذا ما تم تعويض المعادلة الأصلية للناتج القومي الإجمالي بدلالة العلاقتين السلوكيتين (2) و (3) يمكن الوصول إلى المعادلة التالية:
Y=c Yf(1-t)+Cg+I+X-mc Yf (1-t) (4)
وفي ظل هذا التصور المبسط تكون (t) معدل الضريبة المباشرة على الدخول الأداة الرئيسية للتدخل، والتي تخضع لتحكم رسمي للسياسة الاقتصادية، أداة من أدوات السياسة الاقتصادية المالية (Variable Instruments)، نظرا لأن كلاً من m و c هي معاملات سلوكية ثابتة في الأجل القصير على الأقل.
فإذا إفترض على سبيل التوضيح أن هناك ضرورة طرأت استدعت زيادة الإنفاق الحكومي (ولا سيما نفقات الدفاع) عن مستواه المحدد (Cg) لأسباب غير متوقعة، فإن مثل هذه الزيادة سوف تخل التوازنات الأساسية، فإذا كانت الزيادة المطلوبة في حدود (50) مليون دينار مثلاً، فإنها ستؤثر أولاً على المستوى العام للأسعار، من خلال تغذية الفجوة التضخمية، لأن هذه الزيادة في الإنفاق العام لا تقابلها زيادة في حجم المعروض من السلع والخدمات.
كذلك فإن هذه الزيادة في الإنفاق العام سيتولد عنها زيادة في حجم الواردات، نظراً لارتفاع الدخول النقدية القابلة للتصرف، وبالتالي ارتفاع مستتر للاستهلاك العائلي، وما يترتب عليه من زيادة في الواردات وفقاً للعلاقة الخطية رقم(3).
فإذا ما أريد تحقيق الأهداف الأساسية للسياسة الاقتصادية، ولا سيما في مجال المحافظة على استقرار الأسعار ومكافحة الضغوط التضخمية، من ناحية، والتقليص من حدة العجز في ميزان المدفوعات من ناحية أخرى، فليس أمام راسم السياسة الاقتصادية من أمل في إعادة التوازن للاقتصاد الوطني، في ظل الأوضاع الجديدة ، سوى من خلال:
أ. تحقيق زيادة في مستوى إنتاجية العمل في الاقتصاد لزيادة المعروض من السلع والخدمات.
ب. حدوث تحسن في شروط التبادل الدولية لصالح الصادرات الوطنية.
وكلاهما يمثل هامش للمناورة متاح لراسمي السياسة الاقتصادية :
الأول يقع تحت سيطرته، والثاني يخرج تماماً عن دائرة سيطرته.
كذلك يمكن لراسمي السياسة الاقتصادية اللجوء لرفع معدلات الضرائب المباشرة على الدخول (t)، إذا لم تكن قد وصلت بعد إلى الحد الأعلى الذي يجعلها تفقد حدود فعاليتها الاقتصادية... إذ أن هناك دائماً حدود قصوى للقيم التي يمكن أن تأخذها تلك الأدوات، دون أن يترتب على ذلك آثار اجتماعية أو سياسية غير مرغوبة ولا يحمد عقباها.
إن هذا النموذج التوضيحي السابق يظل شديد التبسيط لدرجة أن العديد من عناصر الحركة الاقتصادية تبدو وكأنها مقيدة أكثر مما يجب، فإذا كان حجم الخارجي على الصادرات محكوم بعوامل خارجية يصعب التحكم فيها، وبالتالي لا يمكن أخذها كقيمة معطاة، فإنه يصعب أن ينطبق نفس الشيء على مستوى الاستثمارات، فالاستثمارات العامة والخاصة تتأثر بالعديد من المتغيرات السياسة الاقتصادية الأخرى، مما يجعلها متغيراً غير مستقل وعنصر من عناصر الحركة والتعديل في مجرى العملية الاقتصادية.
كذلك فإن الواردات بمكوناتها المختلفة قابلة للزيادة والنقصان باستخدام أدوات وتدابير معينة، وبالتالي يصعب اعتبارها دالة فقط للإنفاق الاستهلاكي للقطاع العائلي، وهكذا فإن هذا النموذج التوضيحي كان هدفه مجرد تكوين فكرة مبدئية مبسطة عن المنهج الأساسي لأسلوب إعداد الموازنات الاقتصادية القومية ، دون أن يكون الهدف هو تركيب صورة حقيقية لعناصر الحركة في الاقتصاد القومي، وهذا ما سوف يتضح بدرجة أكبر من التفصيل في المبحث التالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الغرض التبسيطي هنا هو أن الواردات في معظمها هي واردات تخدم أغراض استهلاكية، حيث أن هذه العلاقة المفترضة لا تأخذ سلوك الواردات من السلع الاستثمارية، والسلع الوسيطة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|