أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
5263
التاريخ: 26-09-2014
5083
التاريخ: 15-7-2022
1677
التاريخ: 12-8-2022
1334
|
التسبيح [1]
1- حقيقة التسبيح:
التسبيح، تنزيه الشيء ونسبته إلى الطهارة والنزاهة من العيوب والنقائص.
والله تعالى تُسبِّحه وتُنزِّهه الموجودات السماويّة والأرضيّة، بما عندها من النقص، الذي هو متمِّمه، والحاجة التي هو قاضيها، حيث إنّها قائمة الذات به، لو انقطعت أو حُجِبَت عنه طرفة عين، لفنت ولانعدمت. فما من نقيصة أو حاجة، إلا وهو تعالى المرجوّ في تمامها وقضائها، فهو المُسبَّح المُنزَّه عن كلّ نقص وحاجة. وقوله تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾[2]، يثبت لأجزاء العالم المشهود التسبيح، وأنّها تُسبّح الله وتُنزّهه، عمّا يقولون وينسبون إليه تعالى من الشركاء.
والمراد بتسبيحها، حقيقة معنى التسبيح، دون المعنى المجازي، فالمجاز لا يُصار إليه إلا مع امتناع الحمل على الحقيقة.
2- التسبيح بالتنزيه:
بدلالة كلّ موجود على تنزّهه تعالى، إمّا بلسان القال، كالعقلاء، وإمّا بلسان الحال، كغير العقلاء من الموجودات، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ﴾، حيث استدرك أنّهم لا يفقهون تسبيحهم، ولو كان المراد بتسبيحهم دلالة وجودهم على وجوده، وهي قيام الحجّة على الناس بوجودهم، أو كان المراد تسبيحهم وتحميدهم بلسان الحال، وذلك ممّا يفقهه الناس، لم يكن للاستدراك معنى.
فتسبيح ما في السماوات والأرض، تسبيح ونطق بالتنزيه، بحقيقة معنى الكلمة، وإنْ كنّا لا نفقهه، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾[3].
فالتسبيح، تنزيه قوليّ كلاميّ، يكشف عمّا في الضمير بنوع من الإشارة إليه، والدلالة عليه، غير أنّ الانسان لمّا لم يجد إلى إرادة كلّ ما يريد، الإشارة إليه من طريق التكوين، طريقاً، التجأ إلى استعمال الألفاظ، وهي الأصوات الموضوعة للمعاني، ودلّ بها على ما في ضميره، وجرت على ذلك سنّة التفهيم والتفاهم، وربّما استعان على بعض مقاصده بالإشارة بيده، أو رأسه، أو غيرهما، وربّما استعان على ذلك بكتابة، أو نصب علامة.
وبالجملة، فالذي يُكشَف به عن معنى مقصود الشيء، هو قول منه وتكليم، وإنْ لم يكن بصوت مقروع، ولفظ موضوع، ومن الدليل عليه: ما ينسبه القرآن إليه تعالى، من الكلام، والقول، كما في قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾[4]، والأمر، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾[5]، والوحي، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾[6]، ونحو ذلك، ممّا فيه معنى الكشف عن المقاصد، وليس من قبيل القول والكلام المعهود عندنا معشر المتلسّنين باللغات، وقد سمّاه الله سبحانه قولاً وكلاماً.
وعند هذه الموجودات المشهودة من السماء والأرض ومن فيهما، ما يكشف كشفاً صريحاً عن وحدانيّة ربّها في ربوبيّته وينزّهه تعالى عن كلّ نقص وشين، فهى تُسبّح الله سبحانه، وذلك أنّها ليست لها في أنفسها، إلا محض الحاجة، وصرف الفاقة إليه في ذاتها وصفاتها وأحوالها، والحاجة أقوى كاشف عمّا إليه الحاجة، لا يستقلّ المحتاج دونه، ولا ينفك عنه. فكلٌّ مِنْ هذه الموجودات يكشف بحاجته في وجوده ونقصه في ذاته عن مُوجده الغنيّ في وجوده، التامّ الكامل في ذاته، وبارتباطه بسائر الموجودات التي يستعين بها على تكميل وجوده، ورفع نقائصه في ذاته، أنّ مُوجِده هو ربّه المتصرّف في كلّ شيء المدبّر لأمره.
3- التسبيح بالتحميد:
كما أنّ الأشياء كلّها تُسبّح ربّها بالتنزيه، فكذلك هي تُسبّحه بالتحميد، قال تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، وذلك أنّه كما أنّ عند كلّ من هذه الأشياء شيئاً من الحاجة والنقص، عائداً إلى نفسه، كذلك عندها من جميل صنعه ونعمته تعالى شيء راجع إليه تعالى، موهوب من لدنه، وكما أنّ إظهار هذه الأشياء لنفسها في الوجود إظهار لحاجتها ونقصها وكشف عن تنزّه ربّها عن الحاجة والنقص، وهو تسبيحها بالتنزيه، كذلك إبرازها لنفسها إبراز لما عندها من جميل فعل ربّها الذي وراءه جميل صفاته تعالى، فهو تسبيحها بالتحميد، فليس الحمد إلا الثناء على الجميل الاختياري، وليس غير الله تعالى واجداً بالذات للجميل الاختياريّ، وكلّ ما دونه ينتسب إليه تعالى في اكتساب الجمال الاختياري المستوجب للحمد والثناء، فكلّ الأشياء - إذن - تُسبّح بحمد ربّها، كما تُسبّحه بالتنزيه.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|