أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-04-2015
2219
التاريخ: 25-02-2015
1951
التاريخ: 11-11-2020
2063
التاريخ: 2024-09-04
279
|
يُقسّم القرآن في عرف علماء التفسير إلى مكّي ومدني ، فبعض آياته مكّيّة وبعض آياته مدنيّة.
وتوجد في التفسير اتجاهات عديدة لتفسير هذا المصطلح :
أحدها :
الاتجاه السائد وهو تفسيره على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة.
والاتجاه الآخر :
هو الأخذ بالناحية المكانيّة مقياساً للتمييز بين المكّي والمدني ، فكلّ آيةٍ يُلاحظ مكان نزولها ، فإن كان النبي (صلّى الله عليه وآله) حين نزولها في مكّة سُمّيت مكّيّة ، وإن كان حينذاك في المدينة سُمّيت مدنيّة.
والاتجاه الثالث :
يقوم على أساس مراعاة أشخاص المخاطبين ، فهو يعتبر أنّ المكّي ما وقع خطاباً لأهل مكّة ، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة.
ويمتاز الاتجاه الأوّل عن الاتجاهين الأخيرين بشمول المكّي والمدني على أساس الاتجاه الأوّل لجميع آيات القرآن ، لأنّنا إذا أخذنا بالناحية الزمنيّة كانت كلّ آيةٍ في القرآن إمّا مكّيّة وإمّا مدنيّة ، لأنّها إذا كانت نازلة قبل هجرة النبي إلى المدينة ودخوله فيها فهي مكيّة ، وإن نزلت على النبي في طريقه من مكّة إلى المدينة ، أو كانت نازلةً بعد دخول النبي مهاجراً إلى المدينة فهي مدنيّة ، مهما كان مكان نزولها.
وأمّا على الاتجاهين الأخيرين في تفسير المصطلح فقد نجد آيةً ليست مكّيّة ولا مدنيّة ، كما إذا كان موضع نزولها مكاناً ثالثاً لا مكّة ولا المدينة ولم يكن خطابها لأهل مكّة أو أهل المدينة ، نظير الآيات التي نزلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) في معراجه أو إسرائه.
ترجيح أحد الاتجاهات الثلاثة :
وإذا أردنا أن نقارن بين هذه الاتجاهات الثلاثة لنختار واحداً منها ، فيجب أن نطرح منذ البدء الاتجاه الثالث؛ لأنّه يقوم على (أساسٍ خاطئ) وهو الاعتقاد أنّ من الآيات ما يكون خطاباً لأهل مكّة خاصّةً ، ومنها ما يكون خطاباً لأهل المدينة؛ وليس هذا بصحيح ، فإنّ الخطابات القرآنية عامةً وانطباقها حين نزولها على أهل مكّة أو على أهل المدينة لا يعني كونها خطاباً لهم خاصّة أو اختصاص ما تشتمل عليه من توجيه ، أو نصح ، أو حكم شرعي بهم ، بل هي عامّة ما دام اللفظ فيها عامّاً كما عرفنا.
والواقع أنّ لفظ المكّي والمدني ليس لفظاً شرعيّاً حدّد النبي مفهومه لكي نحاول اكتشاف ذلك المفهوم ، وإنّما هو مجرد اصطلاح تواضع عليه علماء التفسير؛ وما من ريب في أنّ كلّ أحدٍ له الحق في أن يصطلح كما يشاء ، لا نريد هنا أن نخطئ الاتجاه الأوّل أو الاتجاه الثاني ما دام لا يعبِّر كلّ منهما إلاّ عن اصطلاح ، من حق أصحاب ذلك الاتجاه أن يضعوه ، ولكنّا نرى أنّ وضع مصطلح المكّي والمدني على أساس الترتيب الزمني ـ كما يقرّره الاتجاه الأوّل ـ أنفع وأفيد للدراسات القرآنية؛ لأنّ التمييز من ناحية زمنيّة بين ما أُنزل من القرآن قبل الهجرة وما أُنزل بعدها ، أكثر أهميّة للبحوث القرآنية من التمييز على أساس المكان بين ما أنزل على النبي في مكّة وما أُنزل عليه في المدينة ، فكان جعل الزمن أساساً للتمييز بين المكّي والمدني ، واستخدام هذا المصطلح لتحديد الناحية الزمنية ، أوفق بالهدف.
وتتجلّى أهميّة التمييز الزمني من التمييز المكاني في نقطتين :
إحداهما : (فقهيّة) أي أنّها ترتبط بعلم الفقه ومعرفة الأحكام الشرعيّة ، وهي أنّ تقسيم الآيات على أساس الزمن إلى مكّيّة ومدنيّة وتحديد ما نزل قبل الهجرة ، وما نزل بعدها ، يساعدنا على معرفة الناسخ والمنسوخ ، لأنّ الناسخ متأخّر بطبيعته على المنسوخ زماناً ، فإذا وجدنا حكمين ينسخ أحدهما الآخر ، استطعنا أن نعرف الناسخ عن طريق التوقيت الزمني ، فيكون المدني منهما ناسخاً للمكّي لأجل تأخّره عنه زماناً (1).
والأُخرى هي : أنّ التقسيم الزمني للآيات إلى مكّيّة ومدنيّة يجعلنا نتعرّف على مراحل الدعوة التي مرّ بها الإسلام على يد النبي ، فإنّ الهجرة المباركة ليست مجرّد حادثٍ عابر في حياة الدعوة ، وإنّما هي حدٌّ فاصل بين مرحلتين من عمر الدعوة ، وهما مرحلة العمل في ضمن المجتمع الذي تحكمه السلطة الكافرة المهيمنة على جميع الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية ، ومرحلة العمل ضمن دولة الإسلام ، ولئن كان بالإمكان تقسيم كلٍّ من هاتين المرحلتين بدورهما ـ أيضاً ـ إلى مقاطع زمنيّة ، فمن الواضح على أيّ حال أنّ التقسيم الرئيس هو على أساس الهجرة.
فإذا ميّزنا بين الآيات النازلة قبل الهجرة وما نزل منها بعد الهجرة ، استطعنا أن نواكب تطوّرات الدعوة والخصائص العامّة التي تجلّت فيها خلال كل من المرحلتين.
وأمّا مجرّد أخذ مكان النزول بعين الاعتبار ، وإهمال عامل الزمن ، فهو لا يمدّنا بفكرةٍ مفصلّة عن هاتين المرحلتين ، ويجعلنا نخلط بينهما ، كما يحرمنا من تمييز الناسخ عن المنسوخ من الناحية الفقهية.
وسوف يتّضح أيضاً مزيد من الأهميّة عند دراستنا لخصائص المكّي والمدني؛ فلهذا كلِّه نؤثر الاتجاه الأوّل في تفسير المكّي والمدني ، وعلى هذا الأساس سوف نستعمل هذين المصطلحين.
_________________________
(1) هذه النقطة إنّما تكون مهمّة بناءً على المذهب المعروف في علوم القرآن الذي يقول بوجود النسخ بين الآيات القرآنية ، من خلال افتراض وجود حكمين متخالفين أحدهما متأخر عن الآخر زماناً فيفترض أنّ الثاني ناسخ للأوّل؛ وأمّا إذا التزمنا بعدم وجود النسخ بهذا الشكل وإنّما موارد النسخ في القرآن مبيّنة من خلال نظر الآية الناسخة للآية المنسوخة في مضمونها... ، فلا تبقى قيمة لهذه النقطة وإنّما تكون مجرّد فرضيّة ، وللمزيد من التوضيح يراجع بحث (النسخ) . المؤلِّف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|