غزو قبائل البدو السامية البلاد المتحضرة الآراميون والإسرائيليون. |
835
07:23 مساءً
التاريخ: 2024-06-08
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-24
862
التاريخ: 2024-02-01
1022
التاريخ: 2024-09-03
372
التاريخ: 10-1-2017
2367
|
لقد كانت قبائل البدو العنصر الذي نزح إلى كل أنحاء «سوريا» منذ بداية القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وقد جاء ذكر هذه القبائل في خطابات «تل العمارنة»، والواقع أنهم غمروا هذه البلاد وهدَّدوا مدنها، واتخذهم الأمراء في خدمتهم ليزيدوا من قوتهم، ومد سلطانهم في حروب بعضهم مع بعض، ثم تركوا لهم البلاد المغلوبة على أمرها ليتخذوها مقرًّا لهم ومسرحًا لنهبهم، وقد كان يُطلق على هذه القبائل المغيرة اسم «خبيري «(1) وكذلك كانوا يُسمون «ساجاز» أو «جاز» وحسب. وهذه التسمية وُجدت في البابلية أيضًا، ووردت كثيرًا في المتون «الخيتية»، وعلى الأخص في أسماء مجموعة آلهة في وثيقة معاهدة في نهاية قائمة طويلة بأسماء آلهة خيتية، غير أنها ذُكرت قبل آلهة العالم السفلي، وقبل كل مجموعة الآلهة الذكور والإناث لبلاد «خيتا»، ومُيزت بأنها آلهة «لولاخي» وآلهة «خبيري»، ومما لا شك فيه أنها لا تدل على اسم جنس بل تميز اسم جماعة معينة من السكان. أما عن «لولاخي» فلا نعرف شيئًا أكثر من هذا، ولكن «خبيري» هم قبائل رحل من البدو كما ذُكر في خطابات «تل العمارنة»، وقد استوطنوا آسيا الصغرى مع سكانها الأصليين، وكان من الصعب على «خبيري» وعلى الساميين أن يستوطنوا في سهول «سوريا» وما بين النهرين والصحاري السورية العربية. وقد جاء ذكر قبائل «سوتي» (البدو) مع «خبيري» في وثائق «تل العمارنة»، وقد كانوا يعملون جنودًا مرتزقة أو يجتمعون جماعات للسلب والنهب. وهؤلاء الساميون الذين أغاروا على البقاع المتمدينة في «سوريا» وأرض «نهرين»؛ قد ذُكروا لأوَّل مرة في الوثائق الآشورية في عهد الملك «أريكدنيلو»، وقد حاربهم بوصفهم قبائل «أخلامي» وقبائل «سوتي» (البدو). وفي المتون التي جاءت بعد كانت قبائل «أخلامي» تُسمى كثيرًا الآراميين، يُضاف إلى ذلك أنه قد وصل إلينا متن مهشم جدًّا من خطابات «تل العمارنة» يتكلم عن هؤلاء القبائل بمناسبة الكلام عن «كاردونياش» (راجع خطاب 200)، وكذلك نعرف أن الملك «سلما نصر الأوَّل» ملك «آشور» (1280ق.م) كان متحالفًا مع مملكة «متني» و«خيتا» وقوم «الأخلاميين»، يُضاف إلى ذلك أن «خاتوسيل الثالث» (1281ق.م) ملك «خيتا» يقص في إحدى كتاباته إلى ملك «بابل» غارة «الأخلاميين« (2) على رجال سفارته في أثناء سيرهم في هذه الأصقاع، ثم بعد ذلك الوقت نشاهد أن كل شمالي بلاد «نهرين» و«حران» و«نصيبين» و«شمالي سوريا» إلى ما وراء دمشق ثم إلى منبع نهر «الأردن»؛ قد احتلها «الآراميون»، وأحلوا لغتهم محل اللغات القديمة التي كانت سائدة في هذه الجهات، وكذلك أخذ سلطانهم يمتد بدون انقطاع في بلاد «بابل». وقد تحدثت إلينا خطابات «تل العمارنة» عن بداية طغيان هؤلاء القوم من الساميين الرحل على البلاد المتحضرة عندما هجروا وطنهم المقفر، وتدل ظواهر الأحوال على أن الإسرائيليين كانوا مرتبطين ارتباطًا وثيق العرى مع الآراميين في تقاليدهم القومية، فنجد أن أجداد هؤلاء يرجع أصل تكوين أساطيرهم وعاداتهم الدينية إلى أقصى بقاع جنوبي فلسطين وشرقي نهر الأردن (نهر العاصي)، وهم في ذلك يتصلون في سلسلة النسب إلى الآراميين، وهم على العكس من الكنعانيين الذين لا تربطهم بهم أية رابطة. فالإسرائيليون (3) ليسوا فلاحين متوطنين مثل الكنعانين، بل هم قوم رعاة رحل، فقد نزح إبراهيم — عليه السلام — بعد ولادته إلى حوران، ومن ثم إلى «حبرون»، وقد جاء في كتاب التشبه صحاح 26 سطر 5 فصل القربان، أن جد هؤلاء القوم آرامي (ثم تصرخ وتقول أمام الرب إلهك آراميًّا تائهًا كان أبي). والواقع أننا نعرف أن الإسرائيليين قد تدفقوا على الأراضي الجبلية في فلسطين (افرايم) في القرن الرابع عشر؛ إذ تدل الآثار على أنهم في عهد «مرنبتاح» بن «رعمسيس الثاني» كانوا قد استوطنوا هذه البقاع فعلًا، ومن أجل ذلك لا يمكن أن نرجع غزوهم فلسطين إلى عهد «سيتي الأوَّل» أو عهد «رعمسيس الثاني»، بل لا بد أنهم قد قاموا بغزوهم هذا في عهد قبل «أمنحتب الثاني»، والظاهر أنهم قبل ذلك الوقت كانوا يسكنون الشمال الغربي لبلاد العرب، أي في أرض «مدين»، فكانوا يضربون خيامهم في منطقة سينا البركانية، ومن ثمَّ اعتنقوا عبادة التوحيد في بيت الإله «يهوه» إله النار، وقد كان عرشه على صورة صندوق وهو تابوت «يهوه»، وكانوا يحملونه معهم أينما ساروا ويسكن بينهم أينما حلوا. ويُعد استيطان بني إسرائيل في فلسطين وتوسع الآراميين في احتلالهم بلاد سوريا وبلاد النهرين نتيجة متتابعة لهؤلاء الناس، وقد حفظت لنا وثائق تل العمارنة لمحة عند بدايتها «نهرين»، ولا يبعد إذن أن الإسرائيليين كانوا فيما سبق في الوقت نفسه يتكلمون لهجة آرامية أيضًا، وأن اللغة العبرية قد انتقلت إلى الكنعانيين لأنهم كانوا يقيمون معهم. ومنذ ذلك العهد كان الأجانب الذين على اتصال بالإسرائيليين يطلقون عليهم اسم «عبرين»؛ أي العبرانيين، ومن ثمَّ سُمِّيَت لغتهم العبرية، وهذه التسمية ليست اسمًا لقوم من الناس بل نعتًا لهم، ومعناه: قوم من العبر المقابل لنهر الأردن (وكلمة عبر في العربية معناه شاطئ النهر أو البحر). ومما يدل على أن العبرانيين كان لهم على ما يظهر في الأصل أهمية واسعة النطاق أن قبائل الألواح «يهوا» التي أنزلت على «موسى» قد أطلقوا كلمة «عابر» الجد الأول لجنسهم على كثير من القبائل العربية، وعلى الجد الأول «سام» (سفر التكوين الإصحاح العاشر سطر23 … إلخ): (وسام أبو كل بني عابر). وبنو «سام» هم قوم لهم اسم يتسمى به أشراف البدو الذين لهم سلسلة نسب، كما أن «بني إسرائيل» لهم كذلك سلسلة نسب، وذلك خلافًا لسكان المدن الذين ضاعت أنسابهم على الرغم من أنهم من أصل عريق. ومما سبق نجد أن كلمة «عبري» لها علاقة وثيقة بكلمة «خبيري» من جهة النطق ومن جهة المعنى، لا يمكن التغاضي عنها هنا؛ ذلك أن هناك وجه شبه بين كلمة «عبري» وكلمة «خبيري» في النطق، يُضاف إلى ذلك أن الكلمة تدل على عنصر من الناس في آسيا الصغرى الخيتية. ولكنا لا يمكننا أن نتكلم هنا بنفس المعنى المعتاد الذي نطلقه على العبرانيين، فمن الجائز أن هذه التسمية التي كانت في الأصل تُطلق على قبائل البدو الجائلة في فلسطين قد حرَّف القوم اشتقاقها وجعلوها مشتقة من كلمة عبري؛ أي الذين من العبر المقابل لنهر الأردن. وعلى أية حال فإنه ليس هناك مجال للشك في توحيد كلمة عبرانيين أو إسرائيليين بقوم «خبيري» الذين جاء ذكرهم في خطابات تل العمارنة (4).
.............................................
..............................................
1- جاء اسم هؤلاء القوم بلفظة «عبرو» في اللوحة التي كشف عنها الدكتور «أحمد بدوي» في «منف»، وهم «خبيرو» الذين ذُكروا في خطابات تل العمارنة (راجع الجزء الرابع، Meyer, “Gesch. Albright, “From the Stone Age to Christianity”, p. 182( إن البراهين تتراكم تباعًا؛ بما يشعر أن العبرانيين القدامى كان لهم صلة بالعبرو (خبيرو) الذين قاموا بدور هام في الوثائق المسمارية التي يرجع عهدها إلى القرنين التاسع عشر والثامن عشر، وكذلك في الوثائق النوزية، والخيتية، وخطابات تل العمارنة في القرنين الخامس عشر والرابع عشر. ففي «مسوبوتاميا» وسوريا ظهروا بأنهم جنود لا وطن لهم؛ إذ كانوا ناهبين وأسرى وعبيدًا من أجناس مختلفة، وقد ذُكروا كثيرًا في فلسطين في الرسائل الكنعانية من القرن الرابع عشر بوصفهم مغيرين وعصاة على السلطة المصرية، وقد كان ينضم إليهم أحيانًا الكنعانيون. أما لفظة «خبيرو» فقد جاءت في الخطابات التي كان يرسلها «عبدي خيبا» للفرعون (راجع الخطاب 286 سطر 19، 56). أما عن توحيد لفظة خبيري بلفظة «ساجاز» فقد فحصه الأستاذ «بول» Bôhl (راجع “Kanaanâer und Hebraier”, p. 87(، وأثبت في النهاية أنهما كلمتان مترادفتان وحسب، وإن كانت كلمة «ساجاز» تدل على معنى أوسع (راجع Mercer, “The Tell el Amarna Tablets” , II, p. 844 ).
2- راجع : Keilschrifttexte aus Boghaz Koi. I, 10. ZI. 37, Winckler, “Mitteilungen der Deutschen Orient gesellschaft”, 35, 22.
3- وتدل البحوث على أنه من الجائز جدًّا أنه كانت تُوجد روابط بين العبرانيين و«خبيري»، وهذه الروابط لغوية وتاريخية. غير أننا مع ما لدينا من معلومات في هذا الصدد لا يمكننا أن نجزم في هذه الصلة بصفة قاطعة، ومن المحتمل أن أحسن مخرج من هذا المأزق أن نؤكد بوجود علاقة بين العبرانيين (خبيرو) والإسرائيليين، وفي الوقت نفسه نميز بينهما بأن كل الإسرائيليين كانوا من العبرانيين (خبيري) ولكن ليس كل العبرانيين إسرائيليين (راجع Selin, “Gesch. Des Israelitisch-Judischen Volkers”, I, p. 16–23.(.
4- راجع ما كُتب عن «خبيري» و«ساجاز» في خطابات تل العمارنة في كتاب: Mercer, “The Tell el Amarna Tablets”, II, p. 838ff
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|