أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
275
التاريخ: 2023-07-20
1135
التاريخ: 2024-03-26
815
التاريخ: 2024-08-21
261
|
تقع البقعة التي أقام فيها «إخناتون» مدينته الجديدة «إختاتون» (أفق آتون) على مقربة من مدينة «ملوي« (1) ، وهي جون في هضبة الصحراء الغربية، يبلغ طولها نحو ستة أميال، وأقصى عرضها نحو ثلاثة أميال، ولم تكن العاصمة الجديدة تشغل كل هذه المساحة في عز ازدهارها؛ لأن أنقاض المدينة القديمة تمتد من نقطة على مسافة تقرب من ميل شمال قرية «التل» (وهي التي اشتُق منها اسم تل العمارنة الذي يُستعمل الآن في الكتب العلمية للدلالة على «إختاتون» القديمة)، إلى قرية «الحواطة»؛ حيث نشاهد تنائف الجبل تحيط بهذه البقعة، حتى تكاد تتلاقى مع شاطئ النيل؛ وبذلك تمتد نيفًا وخمسة أميال في اتجاه شمالي فقبلي. ولكننا حين نشاهد أن طول المدينة يشمل كل المساحة التي على امتداد شاطئ النهر، فإننا نجد من جهة أخرى أن عرضها يشمل أكثر من ثلث هذه المساحة؛ إذ يمتد نحوًا من كيلومتر أو أكثر بقليل؛ وعلى ذلك يمكننا أن نتصور عاصمة «إختاتون» في صورة بلد تشغل شريطًا ضيقًا من الأرض تبلغ مساحته نحو خمسة أميال طولًا في نحو كيلومتر عرضًا، وتقع بين منطقة ضيقة من الأرض الخصبة على شاطئ النهر والصحراء الرملية خلفها فتمتد حتى سفح التلال. ويرجع السبب الذي من أجله جاء تصميم طول المدينة غير متناسب مع عرضها إلى أمرين؛ فمن جهةٍ كانت الأراضي الخصبة التي على شاطئ النهر لا بد من الاحتفاظ بها للزراعة، ومن جهة أخرى كان من المستحيل أن تُقام مبانٍ في داخل الأراضي القاحلة في الصحراء لانعدام المياه فيها؛ من أجل ذلك كان «إخناتون» مضطرًّا أن يضع تصميم عاصمته الجديدة على حسب مقتضيات طبيعة الأرض لا على حسب ما يريد. ولقد كان من الجلي الواضح أن فكرة النزوح من العاصمة القديمة قد دُبرت من قبل بزمن، وذلك أنه على الرغم من أن كل ما كان يُحتاج إليه لإقامة هذه المدينة هو اللبن والأيدي العاملة الوفيرة حتى يتمكن الفرعون من أن يبني المدينة بسرعة تفوق الوصف؛ فإنه كان لا بد من إنفاذ هذا العمل الضخم في مدَّة لا تقل عن سنتين على أقل تقدير؛ ليتسنى له أن يجهز على وجه السرعة المساكن اللازمة لكل بلاطه وكل مصالح الحكومة. وقد اشترك الملك وزوجه «نفرتيتي» في وضع تخطيط المدينة، وقد احتفل بهذا الحادث احتفالًا عظيمًا، وسجل الفرعون ذلك على لوحات الحدود التي أقامها في حرم مدينته المقدسة، وما أبقت الأيام عليه من هذه اللوحات أربع عشرة لوحة سُجل على واحدة منها ما يأتي: السنة السادسة، (2) الشهر الرابع من الفصل الثاني، اليوم الثالث عشر (!) (يلي ذلك مديح الملك وألقابه وألقاب الملكة)، في هذا اليوم كان الملك في سرادق من نسيج أمر جلالته بصنعه (له الحياة والصحة والعافية)، في «إختاتون» واسمها «أفق آتون». وقد زار جلالته في عربته العظيمة المصنوعة من الذهب مثل «آتون» عندما يشرق في الأفق، وملأ الأرضين بجماله، وذلك لما بدأ السير في طريقه إلى «إختاتون» عندما يشرق في الأفق، وملأ الأرضين بجماله، وذلك لما بدأ السير في طريقه إلى «إختاتون»، عندما قام جلالته بأول جولة فيها (له الحياة والصحة والعافية) ليؤسسها أثرًا لآتون، وذلك على حسب أمر والده «آتون» معطي الحياة إلى أبد الآبدين، ولأقوم له بعمل أثر في وسطها. ولقد أمر الواحد (الملك) أن تُقدم قربات عظيمة من الخبز والجِعة والثيران، والعجول، والماشية والطيور، والخمر، والذهب والبخور، وكل الأزهار الجميلة، وفي هذا اليوم أُسست «إختاتون» لآتون الحي؛ حتى يمنح الملك «إخناتون» الحظوة والحب. (راجعDavies, Ibid. Vol. V, p. 32 )، ويوجد قبالة «إختاتون» على الضفة الغربية للنيل جون آخر يقع بين النيل وسلسلة جبال صحراء «لوبيا» يحتوي على مساحة عظيمة من الأرض الزراعية يشقها الآن «بحر يوسف»، ولقد أضافها «إخناتون» إلى حرم مدينته المقدسة؛ إذ بدونها يستحيل على المدينة أن تحافظ على كيانها؛ وبذلك أصبح طول المدينة نحو ثمانية أميال شمالًا وجنوبًا، وعرضها يتراوح بين اثني عشر وخمسة عشر ميلًا شرقًا وغربًا، وقد أقام الفرعون سلسلة من اللوحات العظيمة، نُحت فيها صورة للملك والملكة وأسرتهما وهم يتعبدون جميعًا للإله «آتون»، كما نُقش عليها كذلك تفاصيل عن هذا الإقليم المقدس، وقد أُقيمت هذه اللوحات في الشمال والجنوب والشرق والغرب عند المواقع الهامة حتى لا يجهل إنسان حدود الأراضي المقدسة للإله الجديد. وهاك النقش: إنه يمين الصدق الذي أحلف به (وهو اليمين الذي لن أقول عنه إنه كاذب إلى أبد الآبدين)، إنها لوحة بلدة «إختاتون»، وهي التي اتخذت عندها محطًّا، ولن أتخطاها من جهة الجنوب أبد الآبدين، وأقمت اللوحة الجنوبية الغربية مقابلة لها تمامًا على الجبل الغربي لإختاتون. أما اللوحة الوسطى التي عليها جبل «إختاتون» الشرقي، فإنها لوحة (إختاتون)، وقد أُقيم عندها محط، ولن أتخطاها شرقًا أبد الآبدين. وأقمت اللوحة التي في الوسط على الجبل الغربي «لإختاتون» مقابلة لها بالضبط. أما اللوحة الشمالية الشرقية «لإختاتون» التي جعلت منها محطًّا فهي اللوحة الشمالية لإختاتون فلن أتعداها منحدرًا في النهر أبد الآبدين، ولقد أقمت اللوحة الشمالية الغربية التي تقع على جبل إختاتون الغربي مقابلة لها بالضبط. أما مدينة «إختاتون» فإنها تمتد من اللوحة الجنوبية حتى اللوحة الشمالية، ويبلغ طول ما بين اللوحتين على جبل «إختاتون» الشرقي ستة آتر ونصف، وربع خت (3) وأربعة أذرع. وكذلك من لوحة إختاتون الجنوبية الغربية حتى اللوحة الشمالية الغربية في الجبل الغربي لإختاتون تبلغ ستة آتر ونصف ربع حكي وأربعة أذرع بالضبط أيضًا. والمساحة التي تقع بين هذه اللوحات الأربع من الجبل الشرقي إلى الجبل الغربي هي «إختاتون» نفسها، وهي ملك الأب «حور آتون» بما فيها من جبال وصحارٍ ومراعٍ وجزر وأرض عالية ومنخفضة وماء وقرًى ورجال وحيوان وأحراش؛ وكل الأشياء التي سيأتي بها والدي «آتون» إلى الحياة إلى أبد الآبدين، ولن أهمل هذا اليمين الذي أخذته على نفسي لوالدي «آتون» أبد الآبدين، بل سيُوضع على لوحة من الحجر بمثابة حدود جنوبية شرقية، وكذلك بمثابة حدود شمالية شرقية لإختاتون، كما سيوضع على لوحة من الحجر بمثابة حدود جنوبية غربية، وكذلك بمثابة حدود شمالية غربية «لإختاتون». ولن تُمحى، ولن تُزال ولن تُزاح، ولن تُرجم بالحجارة، ولن يُقضى عليها، وإذا حدث أنها فُقدت أو أُتلفت أو سقطت اللوحة التي كانت عليها فإني سأجددها ثانية في المكان الذي كانت فيه. (Ibid. p. 33.) مما سبق يتضح أن العاصمة الجديدة كانت مركزًا مقدسًا «لعبادة آتون» حُرِّم دخول أي شيء دنيوي فيه؛ فكان لها من القداسة ما «لملكة» و«بيت المقدس»، ويُلحظ في الفقرات التي اقتُبست من لوحات الحدود أنه قد ذُكر يمين جاء ذكره في اللوحات التي عُملت في العهد الأوَّل من حكم هذا الملك: «لن أتجاوز حدود لوحة «إختاتون» من الجهة الجنوبية، كذلك لن أتجاوز لوحة «إخناتون» من الجهة الشمالية.» وقد رأى البعض في هذه العبارة أن الملك قد أخذ على نفسه المواثيق بأن لا يبرح حدود هذه البلدة طيلة حياته، ولا شك في أن الألفاظ قد تحمل هذا المعنى، وقد تعني أنه لن يتعدى حدود هذا البلد لأنها ملكه الخاص، والأخذ بهذا المعنى يبرره ما جاء في المتن المطوَّل الذي جاء بعد: «لن أتجاوز لوحة «إختاتون» الشمالية نحو الشمال لأقيم فيه «إختاتون»»؛ أي إن ملك «آتون» يبقى فيها وحسب، ولن يُزاد فيها ظلمًا في أي من جهاتها، والواقع أن هذا المعنى أنسب من المعنى القائل إن «إخناتون» أراد أن يحبس نفسه بين جدران مدينته المقدسة طول حياته، ويترك مملكته ترعى نفسها بنفسها. حقًّا كان «إخناتون» متعصبًا، ولكنه لم يكن مأفونًا كما يعتقد بعض نقاده، ولا نزاع في أنه أهمل أمر إمبراطوريته في الخارج كما سنرى بعد، ولكن السبب في ذلك أنه كان يعلم أنه لن يتسنى له ذلك إلا بالحرب التي كان يكرهها من أعماق قلبه. على أن عدم قيام ثورات في داخل مصر نفسها لَأكبر دليل على أنه لم يتهاون في واجباته التي يفرضها عليه الملك كما يعتقد بعض المؤرخين. ولقد كان اختيار موقع «إختاتون» من عمل الملك نفسه، كما أن فرحه بتأسيس مدينته المقدسة كان عظيمًا جدًّا، وقد أوضح لنا ذلك في لوحات الحدود الأولى: لقد وقف جلالته أمام الأب «حور آتون»، وأضاء عليه «آتون» بالحياة وطول العمر، ومقوِّيًا جسمه كل يوم.» وقال جلالته: «آتوني بأصحاب الملك الوجهاء العظماء وضباط الجنود … في كل البلاد.» وقد أُتي بهم إليه في الحال؛ فسجدوا على بطونهم أمام جلالته، وقبَّلوا الأرض خضوعًا لإرادته، وقال لهم جلالته: «انظروا «إختاتون» التي يريد «آتون» أن أجعلها له أثرًا باسم جلالتي أبديًّا، وإن «آتون» والدي الذي أتى بي إلى «إختاتون» فلم يقدني إليها شريف قائلًا إنه يجدر بجلالته أن يقيم «أفق آتون» (إختاتون) في هذه البقعة، لا بل إنه «آتون» والدي الذي أرشدني إليها لأجعلها له «أفق آتون»؛ وعليه سأقيم «إختاتون» لآتون والدي في هذه البقعة، ولن أتخذ له «إختاتون» جنوبيها ولا شماليها ولا غربيها ولا شرقيها: ولن أتجاوز حدود لوحة «إختاتون» الجنوبية نحو الجنوب، ولن أتجاوز حدود لوحة «إختاتون» الشمالية نحو الشمال لأقيم له فيها «إختاتون»، وكذلك لن أقيمها له في الجهة الغربية «لإختاتون»، بلى، ولكن سأقيم «إختاتون» لآتون والدي في الجهة الشرقية، وهو المكان الذي أحاطه لنفسه بالصخر، وسأقيم له معبدًا في وسطها؛ حتى يتسنى لي أن أقدم له فيه القربان.(4) هذه هي «إختاتون»، ولن تقول لي الملكة: انظر، يوجد مكان آخر لإختاتون في جهة أخرى، وأستمع لما تقول. ولن يقول لي أي شريف من القوم الذين في الأرض: انظر، إنه يوجد مكان طيب «لإختاتون» في جهة أخرى، وأسمع لهم، سواء أكان ذلك المكان في الشمال أم في الجنوب أم شرقًا أم غربًا، ولن أقول سأهجر «إختاتون» أو سارع عنها وأقيم «إختاتون» في ذلك المكان الآخر الطيب أبد الآبدين. بلى، ولكني قد أسست «إختاتون» هذه للإله «آتون» وهي التي رغب فيها بنفسه والتي فرح بها أبديًّا. وبعد أن يعدد الملك المعابد المختلفة والمقاصير التي عقد النية على إقامتها «لآتون» في مدينته الجديدة يصرح الملك بتصريح له رنة أسًى في النفس منقطعة النظير؛ حينما يذكر الإنسان كيف أن النهاية التي كان يتنبأ لنفسه بها قد جاءت على عكس تنبئه: وسيُنحت لي ضريح في الجبل الشرقي ويُحتفل بدفني في الأفراح العديدة التي أمر بها والدي «آتون»، وكذلك سيُحتفل بدفن الملكة زوج الملك الشرعية «نفرتيتي» في تلك السنين العدة … كذلك سيحتفل ببنت الملك «مريت آتون» فيها بعد سنين عدة، فسيُؤتى بي وأُدفن في «إختاتون»، وإذا ماتت كذلك الملكة «نفرتيتي» في أية بلدة في الشمال أو الجنوب أو الغرب أو الشرق بعد سنين يخطؤها العد فإنه سيُؤتى بها وتُدفن في «إختاتون»، وإذا ماتت بنت الملك «مريت آتون» في أية بلدة في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب فإنه سيُؤتى بها وتُدفن في «إختاتون». ولا يسع المرء هنا إلا أن يقرن بين النهاية المرجوة والنهاية التي لاقاها بعد موته؛ فبدلًا من أن يُدفن بإقامة الأفراح والاحتفالات الضخمة التي تليق بمقامه وهي التي تنبأ لنفسه بها في «إختاتون» مدينته المقدسة التي أحبها بكل قلبه؛ نجد أنه قد قُذف به في قبر دنس من مقابر وادي الملوك في «طيبة»، تلك المدينة التي كان يمقتها من أعماق قلبه. ولعمري فإن ذلك لَمَثَل من الأمثلة القليلة التي سخر فيها القدر ولعب فيها دوره المعكوس بين الحقيقة والنبوءة. وليس لدينا من النقوش ما يدل على الشجار الذي قام بين «إخناتون» وكهنة «آمون» إلا جملة في لوحة من لوحات الحدود الأولى. وهي تظهر لنا بجلاء روح البغضاء المريرة التي كان يشعر بها هذا الفرعون حتى وهو في وسط السرور الذي كان ينعم به من عمله الجديد؛ فيذكر لنا المقابلة السيئة التي قُوبلت بها تعاليمه على يد من يُعلِّمون الناس والصدق. كذلك يشير إلى الصراع الذي قام بين هؤلاء الكهنة وبين جده «تحتمس الرابع»: إني أقسم بحياة والدي «حور آتون» … الكهنة، كانوا أشد إثمًا من الأشياء التي سمعتها حتى العام الرابع، وأشد ضررًا من الأشياء التي سمعتها في عام … أشد ضررًا من الأشياء التي سمعها «منخبرو رع» تحتمس الرابع … في فم العبيد، وفي فم أي قوم … والأشياء الفظيعة التي سمعها «تحتمس الرابع»، وقد سبق الكلام عنها؛ لأنه كما ذكرنا من قبل قد حارب كهنة «آمون» وأخضعهم على يد «حور محب «.
.....................................
1- راجع: Peet and Woolly, “The City of Akhenaton, I, P. Iff.
2- راجع ما قاله «ويجول» عن هذا التاريخ في كتاب Weigall, “Life and Times of Akhenaton”, p. 82; Schafer, “Die Anfange der Reformation Amenophis des IV”, in Sitzungsberichte der Preussischen Akademie der “Wissenschafien”, XXVI, (1919) p. 477Ff .
3- خت = 100 ذراع (راجع Gardiner, “Egyptian Grammar”, p. 199 ).
4- راجع: Sandman. Text From the Time of Akhenaton p. 106, and Davies, Ibid, p. 29.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|