ما معنى بأن نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله هو الصادر الأوّل ؟ ولماذا كان هو دون غيره ؟ |
888
07:23 صباحاً
التاريخ: 2024-05-18
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-07
577
التاريخ: 2024-05-27
953
التاريخ: 2024-07-11
589
التاريخ: 2024-06-05
767
|
السؤال : عندما يقال بأنّ نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله هو الصادر الأوّل ، فالسؤال المنطقي يقول : لماذا كان هو دون غيره؟ فيقال : بأنّ قابليته هي التي أهلّته لذلك المقام ، فالسؤال هو : أليس هو لم يكن شيئاً قبل ذلك؟
فالعبارة هذه يُفهم منها أنّه كان موجوداً قبل الخلقة ، فنرجو منكم توضيح هذا المطلب ، ولكم خالص الشكر.
الجواب : يجاب على سؤالكم بنحوين كُلّ منهما يصلح أن يكون جواباً مستقلاً في المقام :
الأوّل : إنّ الله تعالى ـ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي ـ كان يعلم بأنّ الرسول صلى الله عليه وآله سيصل بجدّه وجهده في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات ، بعد إعطائه الخيار والاختيار من جانب الباري تعالى ، فعلم الله تعالى وإن كان مقدّماً ولكن التطبيق كان متأخّراً.
وبعبارة واضحة : إنّ الله تعالى كان يعلم بوفاء نبيّنا صلى الله عليه وآله في عالم الوجود بكافّة المتطلّبات التي تؤهّله لهذا المنصب الإلهي ، وعليه فأعطاه تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء ، فالنتيجة : أنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوك وسيرة النبيّ صلى الله عليه وآله في الدنيا ، وإن أُعطيت من قبل.
ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية ، وعلى سبيل المثال ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا : « اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقرّبتهم ... » (1).
وملخّص الكلام : إنّ الفضائل والميزات التكوينية والتشريعية للنبي صلى الله عليه وآله ـ على ضوء هذا القول ـ بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلها الرسول صلى الله عليه وآله في سبيل نشر الدين والعقيدة ، وتبليغ الوحي وزعامة الأُمّة ، وغيرها.
الثاني : عند بدء الخلق وفي أوانه ، عندما تعلّقت الإرادة التكوينية لله تعالى بإنشاء الممكنات ، جاء النور الأوّل ـ أو بعبارة أُخرى الصادر الأوّل ـ كأوّل مخلوق له سمة الخلافة عن الخالق في عالم الخلق ، وهذا هو الفيض الأوّل الصادر إلى عالم الوجود ـ وهنا لابأس بالإشارة إلى أنّ العلاقة بين الممكن والواجب أمر ضروري عقلاً ونقلاً ، فيجب أن تكون رابطة الفيض مستمرة بين الخالق والمخلوق بنحو تام ـ.
ثمّ على ضوء ما ذكرنا ، فإنّ المخلوق الأوّل يجب أن تتوفّر فيه الميزات العالية التكوينية والتشريعية لنيل هذه الرتبة السامية ـ أي الاستخلاف والنيابة عن الله تعالى في دائرة الوجود ـ لأنّ الحكمة الإلهية كانت تقتضي ولا تزال بأن يصدّر الأفضل حتّى تكون متابعة الآخرين له ينسجم مع القواعد العقلية في طريق الكمال والرقي ، وهذا النور الأوّل والمخلوق الممتاز قد سمّي وتعيّن بأنّه محمّد صلى الله عليه وآله ، لا أنّ نبيّنا قد حصل على هذه المكانة في أوّل الخلق ، بل أنّ الصادر الأوّل المميّز قد لقّب وتعنون بأنّه هو الرسول الأعظم أشرف الكائنات محمّد صلى الله عليه وآله.
وممّا ذكرنا يظهر جواب التوهّم المذكور ، إذ لم يكن يوجد أيّ ممكن عند نقطة بدء الخلق حتّى يتوهّم الانحياز والتمييز لمخلوق دون آخر ، بل أنّ الوجود الأوّل قد تعنون وسمّي بأنّه محمّد صلى الله عليه وآله ، ومن الملاحظ أنّه عند خلقه لم يكن هناك مخلوق آخر يوازيه ، حتّى يفرض أنّه صلى الله عليه وآله قد أعطي ما كان بالإمكان أن يعطي غيره.
وبعبارة دقيقة وواضحة : إنّ المرتبة العليا والوحيدة لعالم الممكنات خلق وسمّي محمّداً صلى الله عليه وآله ، لا أنّ التسمية والتعنون سبق إعطاء هذه المكانة السامية ، وفي الواقع أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله هو رمز المُثل والقيم الإلهية بشكل مجسّم في عالم الخلق ، والنموذج الحيّ الوحيد لكافّة الايجابيات في عالم الكون.
وهذا الرأي أيضاً قابل للتأييد بنصوص روائية كثيرة موجودة في مجامعنا الحديثة.
ثمّ لا يخفى أنّ النظريتين لا تتعارضان فيما بينهما ، بل نتمكّن من الجمع بينهما كما هو واضح بأدنى تأمّل.
__________________
1 ـ إقبال الأعمال 1 / 504.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|