أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-03
1440
التاريخ: 2024-08-06
497
التاريخ: 2024-07-22
449
التاريخ: 2023-06-26
1194
|
ومما سبق نعلم أنه يوجد لدينا حجج تدل على أن ثقافة الهكسوس كانت سائدة في «فلسطين» على أقل تقدير حتى منتصف عهد الأسرة الثامنة عشرة، وبالعكس لا نجد أي تأثير للحكم الإمبراطوري المصري في أي طبقات أرضية قبل عهد «تحتمس» الثالث فيما كُشِف عنه حتى الآن. والعصور التي مرت بها بلدة «مجدو» تعد ضابطًا ممتازًا لمعرفة ذلك؛ إذ من المعلوم أن «تحتمس» الثالث قد حاصَرَ هذه المدينة، واستولى عليها في حملته الأولى إلى فلسطين (1479 ق.م)، ونعلم من نتائج أعمال الحفر أن الطبقة الحورانية الرئيسية المعلمة برقم 9 تُنسَب إلى طراز فن الهكسوس المتأخر المحض، ولكن الطبقة التي فوقها وهي الثامنة، يدل ما وُجِد فيها بوضوحٍ على أنها من آثار أواخر الأسرة الثامنة عشرة،(1) ولا شك في أن المدينة التي استولى عليها «تحتمس» كانت تمثل آثار عهده في الطبقة التاسعة، ومنذ ذلك العهد نلحظ أن ثقافة الهكسوس قد تغيَّرت تغيُّرًا محسوسًا، والصورة الأثرية العامة لعهد «تحتمس» الثالث في «فلسطين» تمثل أمامنا القضاء على ثقافة الهكسوس. ويمكن وضع تواريخ تقريبية لعهد الهكسوس المتأخر في فلسطين، وهو العهد الذي مُيِّز بوجه خاص بالفخار الحوراني؛ إذ يظهر لنا من المصادر المدونة ومن المصادر الأثرية أن هذا العهد قد استمر نحو قرنين من الزمان، أيْ من حوالي عام 1650 ق. م حتى عام 1445 ق.م، وذلك عندما أخمد «أمنحتب الثاني» ثورة أوقد نارها القوم الذين حاربهم والده سنين عدة. وقد يكون من الأمور التي يظهر فيها التكلف أن يرسم الإنسان خطًّا فاصلًا بين عهد الهكسوس والعهد الذي جاء بعده؛ وذلك لأن نفوذ الهكسوس لم يُقْضَ عليه في سنة معينة، ولكن يمكن القول بوجه عام إن عمود الهكسوس الفقري قد كُسِر، وأن ثقافتهم قد قُضِي عليها بالحروب الطاحنة التي شنَّها «تحتمس» الثالث، ومن بعده ابنه «أمنحوتب الثاني «. ولقد حاولنا فيما سبق أن نوضِّح أن كلمة «حوراني» قد استُعمِلت بسبب أن بعض المظاهر الأشد تمييزًا لثقافة الهكسوس المتأخرة، يمكن قرنها بالصور المادية التي كان يستعملها قوم الحورانيين القاطنين شمالي «مسوبوتاميا»، وهم الذين كانوا يعاصرون الهكسوس، على أنه ليس من الضروري في هذه الحالة أن يكون قوم الهكسوس المتأخرين، يتكلمون اللغة «الحورانية»؛ وذلك لأن الثقافة يمكن نقلها بطرق ملتوية. وعلى أية حال فإن انتشار المواد الحورانية في بلاد الهكسوس يدل على حركة هجرة أقوام حدثت، ولدينا دليل أكيد في أحد الأسماء، وهو كلمة «خارو «(2) وهي التي استُعمِلت في عهد الإمبراطورية المصرية لتدل على «سوريا» وفلسطين، ولدينا حجج تدعم هذا الرأي فيما وجدناه في شكل بعض أسماء العبيد الذين وُجِدت أسماؤهم على قطعةٍ من الحجر الجيري عُثِر عليها في مصر، ويُحتمَل أن تاريخها يرجع إلى النصف الأول من الأسرة الثامنة عشرة (3). وإذا وُجِدت متون أخرى زيادة على ما ذكرنا، يمكن أن توضِّح الموقف كثيرًا، فإن الاسم الجديد الذي أُطلِق على «فلسطين» و«سوريا» وحده ذو أهمية بالغة في توضيح الموقف، ويُلاحَظ أن انتشار الثقافة الحورانية في شكلها الثابت نسبيًّا في أنحاء أجزاء كبيرة من فلسطين وسوريا في عهد الهكسوس المتأخر (ومن المحتمل حتى حوالي عام 1445 ق.م)، يحمل معنًى أوضح لوجهة النظر إلى الحوادث التالية؛ إذ نجد بعد انقضاء جيلين من ذلك التاريخ (1411–1375 ق.م) أن «أمنحوتب الثاني» قد واجَهَ في هذه البلاد عصيانًا علنيًّا أو سريًّا، وقد كان كثير من رؤساء الثورة يحملون أسماء حورانية كما هو معلوم من قبلُ(4). وفضلًا عن ذلك نجد أن مملكة «متني» وإن كانت في ذلك الوقت قد تحالَفَتْ مع مصر، كان لها مطامع في قطر مصبوغ بالصبغة الحورانية، على أن هذا البحث وإنْ كان ليس له اتصال بالمسألة التي نفحصها الآن، فإن الغرض منه إبراز نقطة خاصة هي أن العنصر الهكسوسي الحوراني الذي كان يعيش في فلسطين وسوريا في منتصف القرن الخامس عشر، يمكن أن يكون منتسبًا إلى عنصر حوراني في نفس البلاد في نهاية هذا القرن. والواقع أنه يُحتمَل أنَّ أهل متني والحورانيين الذين كانوا يقطنون سوريا وفلسطين كانوا ذوي قرابة وطيدة منذ حوالي منتصف القرن السابع عشر، وانتشروا جنبًا لجنب (5). وقبل أن نترك هذا الموضوع، ورغبة في تأكيد وجهة نظرنا، يُستحسَن أن نقيِّد هنا براهينَ أثريةً عن العلاقة بين الهكسوس المتأخرين، وعصور العمارنة، والواقع أن الروابط عديدة ومشجعة لتقرير حقيقة وجود علاقة كبيرة من الوجهة الثقافية، والوجهة الجنسية بين العهدين، ولا بد أن يُعتبَر ذلك طبعيًّا، ولا يكاد يكون فيه ما يناقض الرأي العام القائل بأن ثقافة الهكسوس كانت قد تغيَّرت من أساسها حوالي منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وهذه العوامل الخاصة التي لا يمكن تقديرها الآن تمامًا، ولكنها في الوقت نفسه تظهر على أعظم جانب من الأهمية؛ قد نشأت من فحص بقايا العهدين، وهي التي وُجِدت في «مجدو». فقد وُجِد في العهد الأخير أن الرسوم التي على الفخار الملون لا تخرج عن أنها رسوم «حورانية» محورة، وكذلك يظهر أن طراز الأختام الأسطوانية المستخرج من كركول-نوزي، كان من خصائص العصر الأخير، كما كان من خصائص العصر الأول، هذا ويدل فحص الهياكل التي وُجِدت هناك على أن نفس العنصر في كلا العهدين كان واحدًا، (6) وكان العالم «الكنعاني» الذي واجَهَ العبرانيين عندما دخلوا هذه البلاد يرتكز إلى حدٍّ بعيد على شعب أساسه من الهكسوس.
.............................................
1- راجع: Loud, Ioc. cit. & S. A. O. C. No. 17.
2- راجع: Breasted. A. R. § 420 (Thutmose III), 798 A. (Amenhotp II) & 821-22 (Thutmose II). & cf. Griffith, “The Demotic Pap. In the John Rylands Library”, p. 421 etc.
3- وقد نشر محتويات هذا الأثير الأستاذ ستينورف الذي اعتبرهم أسماء سامية؛ راجع: (A. Z. XXXVIII p. 15–18) غير أن جتساف في (A. Z. LXIV p. 54–8) يلاحظ أنه وإن كان معظمها ساميًّا، فإن بعضها حوراني؛ وكذلك يقترح أن اسم «سمقن» أحد ملوك الهكسوس في مصر يحمل اسمًا حورانيًّا.
4- راجع: Gustavs, “Die Personennamen in den Tontafeln von Tell Ta-annek” (Deutscher Palestina. Verein Zeitschrift L. (1937) p. 1–18).
5- راجع: A. A. S. O. R., XIII, p. 44 & Reveue Biblique XLIV (1935) p. 34–41.
6- راجع (لأجل التفاصيل التي لا يمكن سردها هنا) O. I. p. XXXIII, 156 (Pottery) 182–84. (Cylinder Seals) & 192.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مكتب المرجع الديني الأعلى يعزّي باستشهاد عددٍ من المؤمنين في باكستان
|
|
|